47/03/24
النقاط الأربع الكلية في ابواب الأصول و المفاهيم
الموضوع: النقاط الأربع الكلية في ابواب الأصول و المفاهيم
كنا في هذه النقطة الثالثة من النقاط التمهيدية في مفهوم الوصف ومر بنا النقطة الاولى ان القيد في اصطلاح الاصوليين يعم كل اقسام المفاهيم لانها اقسام وادوات كلامية مذكورة في تركيبة الجملة اسم حرف كلمة فالقيد في اصطلاح الاصوليين والمناطقة وعلماء البحوث العقلية وعلماء المعاني لا يختص بالوصف ولا بالتوابع فقط وانما كل عنصر في تركيب الجملة يسمى قيدا والنقطة الاخرى ان المفهوم للقيد بالمعنى الاعم المفهوم الصغير عند الاعلام كلهم ففي كل اقسام المفاهيم يقرر الاصوليون والبلاغيون وجود مفهوم صغير انما نزاعهم في المفهوم الكبير .
النقطة الثانية ان القيد اما هو قيد للحكم مباشرة او قيد لموضوع الحكم مع ان موضوع الحكم هو ايضا قيد الحكم لكن ليس هو قيد للحكم مباشرة وانما قيد قيد الحكم فهناك فارق كبير بين القيد المباشر وبين قيد قيد الحكم وهناك ثمرات كبيرة ذكرها الميرزا في كتابه اللباس المشكوك ومر بنا ذلك في صلاة المسافر فهو يختلف في الاستظهار وفي بنية الظهور للقضية القانونية الشرعية وغيرها فهو اما قيد الحكم مباشرة او قيد قيد الحكم فيرتبط بالحكم عبر واسطة او هو قيد المتعلق كالصلاة مثلا فالساتر او الستر هو ليس قيد الصلاة كما يقول النائيني وانما قيد قيد المتعلق فهو قيد المصلي والمصلي هو قيد المتعلق وقيد المتعلق هو اقسام وانواع والاستقبال هو قيد الصلاة نفسها او قيد المصلي ؟ فقيود المتعلق هي على انواع واقسام اما قيد مباشرة او قيد المتعلق عبر وسائط ولها اثار وثمار .
مثلا لو صلى المأموم حينما كان الامام راكعا ولكنه شك ان الامام رفع رأسه قبل ان يصل الى الركوع فحينئذ لا تحسب له ركعة اما اذا وصل الى الامام في الركوع فتحسب له ركعة سواء كان الامام في الركعة الاولى او غيرها ، طبعا عند المشهور هو في احتساب الركعة اولى ، واما عند المتأخرين فهو في اصل انعقاد الصلاة جماعة وفرق بينهما فالقيود ليست على وتيرة واحدة حتى قيود المتعلق .
طبعا المتعلق عند الاصوليين هو نوع قيد للحكم ولكنه قيد للحكم وهو وجوب الصلاة كاقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر فالقرآن يذكر ثلاث مواعيد للصلاة وليست خمسة وفي اية اخرى تذكر ثلاث مواقيت للصلاة وهذا دليل على مذهب اهل البيت ان الظهرين لهما وقت واحد وكذلك المغربين فنفس المتعلق هو قيد للحكم ولكنه قيد للحكم سنخا يغاير الزوال والدلوك ، فالاصوليون يقولون ان قيد الوجوب هو قيد الواجب وقيد الواجب هو قيد الوجوب مع انهم يبنون على كونهما سنخا متخالفين فلماذا يقولون قيد الوجوب كالزوال هو قيد في الصلاة والساتر ايضا هو قيد للوجوب ؟ مقصودهم ان قيد الوجوب سنخا يختلف عن قيد الواجب فقيد الوجوب لا يجب تحصيله بخلاف قيد الواجب ولكن ماذا يعني انه يرجع احدهما الى الاخر؟ مرادهم مطلق التضييق يعني لا محالة الزوال هو قيد الحكم والحكم يتعلق بالمتعلق فتلقائيا يكون الحكم ضيقا وسيضيق الصلاة ولذا لو صلى قبل وقت صلاة الظهر لا تكون صلاته صحيحة .
فقيد الوجوب نتج منه تضييق الصلاة يعني هو تقييد بالمعنى الاعم فقيد الوجوب هو قيد للواجب بالمعنى العام لا بالمعنى الاخص كما ان قيد الواجب وهو الاستقبال هو قيد للوجوب لان الوجوب يتعلق بتلك الصلاة التي فيها استقبال للكعبة لا مطلق الصلاة فبهذا اللحاظ قيد الواجب تلقائيا يضيق الوجوب بالمعنى الاعم وبالمعنى الاعم له اثر يختلف عن التقييد بالمعنى الاخص فبالمعنى الاعم هو مطلق التضييق كما مر اما بالمعنى الاخص فقيد الوجوب يغاير قيد الواجب . هذه هندسة صناعية وهذا البحث ليس مقتصرا على المفاهيم وانما كل ابواب الالفاظ او الحجج او ابواب الفقه هذا البحث ابجدي واساسي فيه كما لو اردت ان تقيم مسجدا او بيتا او حسينية فكل هذه فيها جانب مشترك وهو الاعمدة والجدران فهذا بحث عام في ابواب الاصول والفقه .
النقطة الرابعة ان الاصوليين يقولون في المفاهيم واعني المفهوم الكبير لا الصغير حيث المفهوم الصغير يقولون به في كل اقسام المفاهيم كمفهوم الغاية والعدد واللقب والوصف والحصر والتحديد فالمفهوم الصغير متفق على ثبوته وانما النزاع في المفهوم الكبير فالمفهوم الصغير هو نفي الحكم عن الطبيعة المجردة فقط اما المفهوم الكبير زيادة على ذلك هو نفي الحكم عن الطبيعة المجردة وعن الطبيعة المقيدة بقيد اخر فالنفي يتسع بالمفهوم الكبير مثلا اكرم رجلا عادلا مثلا تشك لو كان عالما هل يكرم ام لا؟ فهذا قيد اخر فنفي المفهوم للعادل لو قيل به هذا مفهوم كبير، فالمفهوم الكبير هو نفي الحكم عن الطبيعة المجردة وعن الطبيعة المقيدة الاخر مقابل المفهوم الاكبر ونادرا ممن يلتزم به كالغنم السائمة حيث تجب الزكاة فيها فنفي قيد السوم ينفي الزكاة حتى عن غير السائمة او الابل غير السائمة مع انه موضوع اخر فنفي الزكاة بانتفاء وصف السائمة هذا يسموه مفهوم اكبر وهذا عادة لا يلتزمون به الا نادرا ونسب الى بعض العامة .
الاصوليون في المفهوم الكبير سواء في الوصف او الشرط او الغاية او العدد او اللقب قالوا انما يثبت المفهوم اذا كان القيد بالمعنى العام قيد الحكم مباشرة وليس قيد الموضوع يعني قيد قيد الحكم فقيد قيد الحكم او قيد الموضوع او قيد المتعلق المفهوم الكبير لا يتقرر وانما يتقرر اذا كان القيد مباشرا للحكم سواء شرط لقب وصف عدد او غير ذلك .
اذن المسألة عند الاصوليين ليس في كونه شرط غاية او عدد وانما بالدقة في كل اقسام المفاهيم كالمفهوم الكبير كون القيد قيدا مباشرا اما قيد الموضوع او قيد المتعلق فلا يثبت المفهوم الكبير فيه ، فقيد المتعلق او قيد الموضوع يثبت فيه المفهوم الصغير اما المفهوم الكبير لا يثبت الا اذا كان القيد قيد الحكم مباشرة .
فبالدقة الاصوليون لا يفصلون بين الشرط وغير الشرط يقولون لان مفهوم الوصف والعدد واللقب والغاية غالبا لا يكون قيدا للحكم مباشرة وانما غالبا يكون قيدا للموضوع او قيد المتعلق ، فعدم القول بتقرر المفهوم الكبير فيها بهذا السبب والقول بالمفهوم الكبير في بهذا السبب والا اذا انت التفت في مورد الى قرائن خاصة في الرواية او الاية الكريمة دالة على ان الوصف او الغاية او العدد او اللقب قيد للحكم مباشرة لا للموضوع ولا للمتعلق ، قيد الحكم يعني يصير جزء الموضوع فالموضوع هو القيد المباشر للحكم .
فاذن تفصيل الاصوليين بالدقة ليس يدور مدار الشرط وعدمه وبقية المفاهيم وانما يدور مدار ان القيد ليس للحكم مباشرة فلا يتقرر المفهوم الكبير وغالبا الوصف والغاية والعدد واللقب يكون قيد الموضوع او قيد المتعلق فلا مفهوم كبير فيها .
اذن عندما يقولون مفهوم الوصف لا يتقرر فيه المفهوم الكبير هل هو بقول مطلق لا يتقرر او بلحاظ الغاية ؟ انه بلحاظ الغالب ، كذلك مفهوم الغاية او الوصف او العدد او اللقب اذا كانت هناك قرائن دالة انه قيد مباشر للحكم وهذه نكتة نفيسة نلتفت اليها ، فكثيرا ما تجد علماء العلوم المختلفة لا يصحصح حقيقة مرامهم بظاهر فيجب ان لا نغتر بظاهر الكلام وكثير من كلمات العلماء تقية او مواربة من ثم يقول المجلسي الاول كيف خفي عن الاعلام ان كلام الصدوق حول الشهادة الثالثة في كتاب من لا يحضره الفقيه هو صادر تقية بقرائن دامغة .
فلب كلام الاصوليين في المفاهيم هو هذا ان الشرط غالبا قيد مباشر للحكم فيثبت فيه المفهوم الكبير ولو فرض في مورد قيد الموضوع او قيد الحكم او قيد المتعلق فلايثبت فيه المفهوم الكبير ومر بنا ان المفهوم الصغير يتقرر لكل قيد سواء كان قيد الحكم مباشرة او قيد الموضوع او قيد المتعلق فيثبت المفهوم الصغير ويتقرر انما هذا التفصيل فقط في خصوص المفهوم الكبير .
فاتضح لدينا ان قيد الحكم فرقه عن قيد الموضوع فالموضوع هو قيد الحكم فلما يكون قيد قيد الحكم فمن جهة القيدية للحكم لا فرق ولكن قيد الموضوع غير مباشر للحكم اما قيد الحكم فهو قيد مباشر والا قيد موضوع الحكم هو قيد حكم ايضا بالمعنى الاعم واشرنا في صلاة المسافر الى موارد عديدة كقصد المسافة فهو ليس قصد الحكم مباشرة وانما قيد الموضوع فلو طويت اربعمئة كيلومتر لكن من دون قصد السفر يعني تمادى بك ميلا بعد ميل فلم تقصد المسافة مجموعا فلابد ان تقصد مجموع المسافة من اول المسافة وقيود الحكم الثمانية في صلاة المسافر متباينة في هذا القالب من ثم تختلف احكام صلاة المسافر بشكل عجيب وغريب لذلك كل قيد يجب الانسان ان يضبط القالب بنفس ادلة ذلك القيد ولا يقايس قيد يشابه مع قيد اخر لان قالب كل قيد بحسب نطاق ومنطوق ادلته الخاصة فلا يكيل كل قيد بكيل واحد وانما كل قيد له كيل خاص .
كذلك في ابواب اخرى كالارث والقضاء فسبب التعقيد في المسائل المعقدة هو عدم التدقيق في قالب القيد كما يقول الميرزا النائيني مثلا الانسان وسط غسل الجنابة احدث فهل يكمل غسله او يعيد غسله من الاول وهل الغسل يجزي عن الوضوء ام لا؟ هناك معركة اراء بين الاعلام .
فتحصل اربع نقاط :
اولا معنى القيد عند الاصوليين وهذا البحث لا يختص بالمفاهيم وانما في كل ابواب الفقه والاصول وعلم الكلام فالقيد يراد به عام من المفاهيم .
النقطة الثانية ان هناك مفهوم صغير ومفهوم كبير .
الثالثة : ان القيد اما قيد حكم مباشر او قيد موضوع او قيد متعلق .
النقطة الثالثة والاولى لا تختص بالمفاهيم وانما في كل الابواب .
النقطة الرابعة ان تفصيل الاصوليين ليس بين الشرط وغير الشرط وانما بالدقة بين قيد الحكم اما قيد الموضوع وقيد المتعلق ليس فيه مفهوم كبير وانما فيه مفهوم صغير.