« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/03/16

بسم الله الرحمن الرحيم

مفهوم الشرط تداخل الأسباب والمسببات/ مبحث المفاهيم/باب الالفاظ

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث المفاهيم/مفهوم الشرط تداخل الأسباب والمسببات

 

زوايا في حكم تداخل الأسباب والمسببات

كان الكلام في قاعدة تداخل الأسباب والمسببات ومر ان البحث في هذه القاعدة والتداخل وعدمه او التفصيل او الجهات العديدة التي تبحث فيها غير مختص بالجملة الشرطية بل يعم الجمل الحملية الاسمية. فالبحث بالتالي في تعدد الأسباب وتعدد الموضوعات المستقلة في الوجوب كموضوع او كقيود الوجوب وتعدد المسببات أي المحمول والحكم وهناك أيضا متعلق الحكم وهو الفعل غالبا وطبيعة الفعل التي يتعلق به الحكم التكليفي او الوضعي.

فالبحث في التداخل على مراحل على صعيد الدلالة اللفظية في التنبيه السابق وعلى صعيد الحكم الانشائي الكلي وعلى صعيد الموضوع وعلى صعيد المتعلق في الذمة قبل الامتثال.

مثلا جملة من الاعلام ربما يقال مشهور من الاعلام، اختاروا تداخل المسببات في الاغسال للنصوص بمعنى انك تستطيع ان تغسل غسل الجمعة وغسل الجنابة وغسل النفاس وغيرها وتنوي الاغسال جميعا في امتثال واحد. هذا نوع من التداخل يعني تجتمع الامتثالات المقصودة التعبدية في وجود واحد. هذا نمط من تداخل المسببات في الامتثال على هذا المبنى. لا انك تنوي غسلا واحدا.

هناك من يذهب في تداخل المسببات ان تنوي غسلا واحدا وهذا قول آخر في تداخلها. بينما جماعة كالسيد الكلبايكاني او جملة من محشي العروة ان تداخل المسببات وهي احكام في الذمة متعددة كما في النص الوارد «يكفيك غسل واحد» فسروها بان تنوي الاغسال المتعددة وان لم تنوها لا تتداخل. فاذا في مقام الامتثال تنوي المتعدد، غاية الامر هذا المتعدد من المسببات في مقام الامتثال أيضا وجوده متعدد بمعنى لكنه تستطيع ان توجده في وجود واحد مجمعي. هذا مبنى من مباني تداخل المسببات.

بينما نحن استظهرنا من الأدلة ان التداخل يعني انه يكفي غسل واحد. خلافا لمشهور المتأخرين حيث لهم تفاصيل في التداخل. المقصود ان تداخل الأسباب والمسببات له مراحل وكل مرحلة لها معاني ومباني.

ان التداخل وعدم التداخل ليس بمعنى وروية واحدة. ان القول بالتداخل او لا تداخل في كل مرحلة له مباني ومعاني كل يختار حسب استنباطه الذي يقف عليه. هذه النكتة جدا مهمة وهذا بيت القصيد في هذه القاعدة ان التداخل ليس على وتيرة واحدة إما بحسب المراحل او بحسب المعاني في المراحل.

كما اذا اسقط احد الوراث حقه في القصاص فيسقط حقه لكن الحق ليس وحدانيا. حق القصاص للورثة متعدد. اذا كان وحدانيا فيسقط بإسقاط احد الوراث.

اذا كان حكم القتل لأجل الحدود كحد الشهادة او حد الإقرار وتعدد الأسباب وتعدد المسببات وكيفية الامتثال هذه كلها لابد ان تكون ملحوظة في الأبواب الفقهية وآثارها. فالقضية ليست على وتيرة واحدة ولابد للباحث المستنبط يخطو خطوة خطوة وزاوية زاوية.

دعني اذكر لكم هذا المطلب: ربما السيد الخوئي بنى عليه وهو مبنى السيد اليزدي ويفيد في أبواب كثيرة. وهذه صناعة فقهية ويفيد في الصناعة الأصولية.

امس مر بنا ان طبيعة المتعلق الفعل التي يتعلق به الحكم لها تأثير وتشخيص هذه الطبيعة انها اول الوجود او الوجود البدلي او الاستغراقي الانحلالي او غيرها من البحوث المهمة الحساسة. هذه احد الزوايا المهمة.

في موارد الاستنباط الشرعي يجب ان تراعي الخطوات العديدة وتخطو خطوة خطوة حتى يكشف الحكم الشرعي. الاستنباط عادة له زوايا عديدة يجب ان تراعيها. شبيه المسألة الرياضية كما ان علم القانون علم رياضي. علم القانون تؤثر فيه اشتباك قواعد عديدة. وبدون هذا التنسيق والتناسق والترتيب في المعادلات النتيجة لن تكون سديدة وسليمة. مثل المعادلات الرياضية ولو انك راعيت القواعد في غالب المعادلات ولكن لم تراعيها في معادلة او اثنين يصير خاطئة. هذه نكتة مهمة في المنهج الصناعي في الاستنباط. لا يغرنك قدرتك على حلحلة مراحل الاستنباط. يجب ان تراعي السداد والدقة في مراحل الاستنباط من البداية الى النهاية. كما في العملية الرياضية ذات عشر مراحل. هذا في علم الاستنباط الكلام الكلام. سواء في علم الكلام او علم الفقه او علم الاخلاق والرياضيات الروحية.

على كل بنى الاعلام اكثرهم على ان مقتضى القاعدة عدم التداخل لا في الأسباب ولا في المسببات في كل المراحل وكل المعاني. الا ما دل الدليل عليه وهذا المدعى سيأتي شرحه ا كثر.

دعوني اذكر زاوية من الزوايا مؤثرة جدا. احد الزوايا قضية طبيعة الفعل انها الوجود البدلي او اول الوجود او الوجود الانحلالي.

زاوية أخرى في طبيعة الفعل التي يتعلق بها الحكم اثارها السيد اليزدي وربما قبلها كثير ممن تأخر بعده. بنى السيد اليزدي في أبواب عديدة ان الفارق بين طبيعة الفعل المندوب مع الفعل الواجب ما هو؟ مثلا عندنا حج مندوب وعندنا حج واجب ولدينا صلاة مندوبة ونافلة وصلاة واجبة. لا سيما الكلام على صعيد الندب المطلق. الندب الخاص له علاج خاص في هذه الزاوية.

طبيعة المندوب المطلق في الصلاة والصوم والحج وهلم جرا كالزكاة وطبيعة الواجب وكذلك للواجب أنواع كما ان الواجب للصلاة أنواع والواجب للصيام أنواع. على كل ما هو الجامع بين الندب المطلق والواجب؟

ستقول: ان الجامع هو الطبيعة المشروعة الراجحة. فلابد ان تقول ان الجامع هو الجنس. هنا عند السيد اليزدي مداقة ويقول ان هذه الطبيعة المشروعة الراجحة الجامعة بين المندوب المطلب والواجب ما فرقها عن المندوب المطلق؟ اذا ندقق ليس فرقا. يعني غاية الامر ستقول: ان المندوب المطلق هو الطبيعة ليس فيه الزام بشرط لا. بينما هذا الجامع هو لا بشرط والوجوب بشرط شيء.

فالواجب بشرط اللزوم و المندوب المطلق بشرط عدم اللزوم والجامع لا بشرط. السيد اليزدي يقول: ان الجامع الذي هو لا بشرط (شرط اللزوم وشرط عدم اللزوم) هو نفسه ندب. ان الندب بالدقة ليس بشرط لا. الندب يعني مطلق الطلب. جامع حتى الطلب الجنسي. يعني بعبارة أخرى هذا الطلب المندوب المطلق بالدقة ينطبق عليه وينطبق على الجامع. غاية الامر في الوجوب بشرط شيء. فعند السيد اليزدي هذا المقسم لا بشرط هو نفسه مندوب. لكن فيه مندوب لا بشرطي وفيه مندوب بشرط لا وهو المندوب بالمعنى الأخص والا هو نفسه.

على هذا الكلام من السيد اليزدي مثلا يندب للإنسان ان يصلي كل لحظة. «الصلاة خير موضوع» أي خير موضوع شرع للناس والجن والملائكة. وكذلك في زيارة سيد الشهداء عليه السلام نفس البيان «الزيارة خير موضوع». فيستحب في كل لحظة الصلاة. ويعبر عنها النافلة المبتدأة. نعم هناك استحباب خاس ان يصلي الانسان في اربع وعشرين ساعة الف ركعة. وأيضا هناك استحباب خاص ان يصلي الانسان في الليل الف ركعة. التي كان يأتي بها امير المؤمنين عليه السلام. هذا استحباب خاص اخص. الف ركعة يسمى النافلة ذات سبب خلافا للنافلة المبتدأة.

السيد اليزدي يقول: هذا المندوب في كل لحظة بالدقة ينطبق على الصلاة الفريضة. يعني ينطبق ويلتحم ويسري حتى في الصلاة الفريضة. «الصلاة خير موضوع من شاء فليكثر ومن شاء فليقل» ينطبق على الصلاة الفريضة كما ينطبق على الصلاة النافلة ذات السبب الخاص كصلاة جعفر او صلاة غفيلة وصلاة الف ركعة.

يعني نفس هذه الماهية الكلية لطبيعة الصلاة «الصلاة خير موضوع» يعني الندب المطلق يقول السيد اليزدي هذا الندب المطلق جنس جامع وشامل للفرائض والمندوبات.

مثلا الانسان يقضي الصلاة عن الميت فيشملها الصلاة خير موضوع. شيءً فشيء يتوسع السيد اليزدي ويقول ان صلاة الليل والإقامة في السحر والتهجد في الليل وصلاة القضاء لنفسه او غيره من الأموات ينطبق عليه (ان ناشئة الليل هي اشد وطئا) على روح الانسان (وأقوم قيلا) فيصدق على من قام صلاة الليل ويقضي الصلوات انه صلى صلاة اليل بالمعنى الاعم. لا انه ينوي الامرين لكن يقول ان الملاك صلاة الليل وهو أتى بها والملاك هو التهجد في الليل وهو أتى به.

هذا البحث في التداخل وعدم التداخل احد الزوايا المؤثرة فيه هو طبيعة الفعل التي هو متعلق الحكم. هل هو ندب مطلق او ندب خاص او الوجوب.

مثلا لاحظ في الاعتكاف يشترط في صحة الاعتكاف الصوم. أي صوم؟ هل الصوم الواجب او الصوم المندوب؟ هل يشترط الصوم المندوب الخاص بالاعتكاف؟ أي صوم هو مقوم لصحة الاعتكاف؟ هو مطلق الصوم الجامع. لا مانع ان تجيء بالصيام القضاء. لان الاعتكاف بطبيعة الصوم الجنسية واخذ جنس الصوم في الاعتكاف تلقائيا يسبب الاتحاد في المسببات . هذه الزاوية في المتعلق والطبيعة في الاعتكاف توسع المجال في طبيعة الصوم. لان الاعتكاف متقوم بمطلق طبيعة الصوم. ههنا تداخل المسببات في مقام الامتثال او أي مرحلة أخرى تلقائي لسبب زاوية اخذ جنس الطبيعة في الاعتكاف. اذا بعض الاحكام طبيعة الفعل المتعلق جنسية وهذا الجنس يتصالح ويتحد مع الكل.

الحج مطلوب كما ان الذهاب الى زيارة المعصومين أيضا مطلوبة وراجحة. هذا الرجحان في الحج كل عام طبيعة مطلقة. فيها طبائع متعددة. عمارة المسجد الحرام والشعائر وغيرهما. هذه البحوث جدا مهمة في هذه القاعدة من زاوية الصناعة الفقهية وقد يغفل عنها الكبار حسب كلام السيد اليزدي. هذا الحج الذي هو طبيعته مطلق يتعدى للحج الواجب والحج الاستيجاري والحجة الإسلام والحج الندبي لنفسه والنيابي عن الغير كل هذه المصاديق يسري فيها مطلق الحج المشروع الراجح.

عندنا ادلة كثيرة على ان الحجة كل عام واجب كفائي. هذه زاوية أخرى. لإقامة شعيرة احياء بيت الله الحرام. فتأتي بواجبين. حجة الإسلام وإقامة احياء شعيرة الحج. هذا ليس في الحج فقط. كذلك في الزيارات. زيارة السيد الشهدا مطلقا طبيتها راجحة. اصل طبيعة زيارة سيد الشهداء او زيارة سيد الأنبياء او زيارة فاطمة سلام الله عليها او زيارة الأئمة طبيعة راجحة.

 

logo