46/12/05
باب الالفاظ/ مبحث المفاهيم/ مفهوم الشرط/ تداخل الأسباب والمسببات
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث المفاهيم/ مفهوم الشرط/ تداخل الأسباب والمسببات
مقامات أربع لتعدد الأسباب والمسببات
كان الكلام في مقتضى القاعدة والظهور الاولي حسب ما بيّنه الميرزا النائيني وجملة من الأعلام في مسألة تداخل الأسباب المتعددة. كما مر بنا ان مسألة تداخل الأسباب او عدم تداخلها بعد المفروغية عن تعدد الأسباب تقنينا. مثلا النوم سبب مستقل بنفسه وخروج الغائط والبول كل منهما سبب مستقل بل حتى أفرادها كل منها سبب مستقل. فتعدد الأسباب افرادا او نوعا او جنسا او صنفا هل يستلزم عدم تداخل الأسباب او تداخلها ومر ان معنى تداخل الأسباب في المسبب، هل تستدعي الأسباب المتعددة لمسببات متعددة او انها تستدعي مسببا واحدا.
طبعا لو وصلنا الى نتيجة تداخل الأسباب إما مطلقا او في بعض الموارد ينتفي البحث عن تداخل المسببات او عدم تداخلها. لان بحث تداخل المسببات بحث متفرع على تعدد المسببات في الذمة، هل المسببات المتعددة تتداخل في الامتثال والأداء او لا؟ أما لو كان في الذمة مسبب واحد فلا معنى لتداخله لان ما في الذمة مسبب واحد.
فهذه البحوث مترتبة على بعضها البعض. المرحلة الأولى مبحث تعدد الأسباب تقنينا ثم المرحلة الثانية تداخل الأسباب في المسبب واثبات عدم تداخلها ثم المرحلة الثالثة تداخل المسببات في الامتثال.
الوجه الذي مر بنا امس عن الميرزا النائيني ووافقه كثير من الاعلام وخلافا لصاحب الكفاية هو ان تعدد الأسباب وقيود الوجوب المستقلة او موضوعات الوجوب المستقلة تقتضي عدم تداخل الأسباب في تأثيرها في المسببات فكل سبب يستقل بإيجاد مستقل على حده فلا تتداخل الأسباب في إيجاد مسبب واحد في الذمة.
لبس الثوب عمدا فكل قطعة من الثوب يلبسها المحرم تقتضي شاة وكفارة والأسباب المتعددة وهي لبس قطع من الملابس كل منها سبب يقتضي مسببا على حده. فلو لبس ثلاث قطع ولو صغيرة بعضها يقتضي تعدد المسببات والكفارات. فلا تتداخل الأسباب في تسبيبها لمسبب في الذمة.
كذلك التظليل في الإحرام يقتضي شاة ولا تتداخل مع لبس الثوب والتظليل في إحرام الحج أيضا يقتضي شاة أخرى. فلا تتداخل الأسباب في ايجاديتها وتسبيبها اشتغال الذمة بنحو كلي للمسببات.
يقول الميرزا النائيني ليس الواجب هنا صرف الوجود للتصدق للشاة، إنما الواجب رفع عدم الطبيعة. وهو يمكن ان تتعدد وليس من قبيل صرف الوجود اول الوجود كي لا يتعدد. الوجوب هو المسبب وهو يتعلق بناقضية العدم.
عدم تداخل الأسباب في المسببات لنكتة في المسبب بيّنها الميرزا النائيني والمسبب وجوب تصدق الشاة والتصدق طبيعة عامة ورفع العدم يمكن ان يتعدد لان الطبيعة لها افراد معدومة وكل سبب يقتضي وجوب رفع العدم عن فرد عن طبيعة. وليس الوجوب يتعلق بأول الوجود كي يقال ان اول الوجود وصرف الوجود لا يتعدد.
فالمتعلق في الاحكام الشرعية ليس صرف الوجود وان اشتهر في الالسن بل الوجوب يتعلق بنقض العدم وهو يمكن ان يتكرر.
هذا الوجه الذي يذكره الميرزا النائيني لعدم تداخل الأسباب بعينه وجه لعدم تداخل المسببات. ان تعدد الأسباب يستلزم تعدد المسبب في الذمة وهو يعني عدم تداخل الأسباب وتعدد المسببات في الذمة يستلزم التعدد في الامتثال وهو بحث تداخل المسببات.
فعندنا أربع مراحل من التعدد. تعدد الجملة الشرطية في المرحلة الاولى اثباتا يقتضي تعدد الأسباب ثبوتا في المرحلة الثانية وتعدد الأسباب يقتضي تعدد المسببات في المرحلة الثالثة وتعدد المسببات يقتضي تعدد الامتثال في المرحلة الرابعة. اربع مراحل من التعدد وهو يعني عدم التداخل.
في التنبيه السابق بحث عن تعدد الأسباب واستقلاليتها بتعدد الجمل الشرطية.
تعدد الأسباب ثبوتا يقتضي تعدد المسببات في الذمة وتعدد المسببات في الذمة يقتضي تعدد الامتثال. أربعة تعددات يستلزم بعضها البعض.
يستلزم التعدد يعني لا يتداخل في التأثير في التعدد الذي بعده. الا ما دل عليه دليل خاص. القاعدة الأولية تقتضي عدم التداخل. التعدد في مرحلة سابقة يقتضي التعدد في المرحلة اللاحقة ليس امتناعا عقليا وانما يراد به مقتضى الطبيعة والطبائع. قد يدخل على الخط مانع او شرط او يدل عليه دليل خاص ولا امتناع في ذلك.
مثلا احد الإشكالات من الاخباريين على الأصوليين ان الاحكام العقلية عندكم تخصص فكيف حكم العقل يخصص؟ هذا بحث طويل الذيل ان كيف الحكم العقلي يتخلف سيما اذا كان الاحكام العقلية تبعية للحكم الشرعية ويعبر عنها الميرزا النائيني الاحكام العقلية غير المستقلة. وهذا الاصطلاح صحيح. تابعة للحكم الشرعية وهي التحويل والتغيير فيها سهل لانها تابعة للشرع وليست مستقلة. فقابلة للتحوير والتغيير فيها بسهولة.
بل في الاحكام العقلية المستقلة للشارع ان يتصرف ولا ينافي حجية العقل. لكن كيف بحث آخر. يعني يعقد البحث في أوائل الحجج ان شاء الله. انما الكلام الان نأخذه كإرسال المسلمات.
هذا البيان الذي ذكره الميرزا النائيني بيان عقلي لكن ليس بيانا مستقلا بل بيان عقلي غير مستقل وهو تابع للحكم الشرعي. سوا ء أي تعدد من هذه التعددات.
قد يدل الشرع بدليل خاص على تداخل الأسباب او المسببات يعني على عدم التعدد للمرحلة اللاحقة وان تعددت المرحلة السابقة. التعدد او عدم التعدد في كل مرحلة له مراتب ومعاني. ليس على وتيرة واحدة. هذا يجب الالتفات اليه ويسمونه التعقيد فوق التعقيد. نفس هذا المبحث معقد ومحل الابتلاء لانه كما مر ان هذا المبحث في تداخل الأسباب والمسببات لا يختص بالجمل الشرطية بل يعم الجمل الحملية وما أكثرها في الأبواب الفقهية. فهذا البحث محل الابتلاء اليومي في الاستنباط الفقهي حتى القانون المدني كما اذا ضرب ضريبة في كل يوم.
التنبيه السابق في الجمل الشرطية مختص بالجمل الشرطية وهو تعدد الجمل الشرطية هل يقتضي تعدد الأسباب او لا. اما اذا جاوزنا من التنبيه السابق ووصلنا الى التعدد الثاني والثالث والرابع فلا يختص بالجمل الشرطية.
التنبيه السابق في الجمل الشرطية مختص بالجمل الشرطية وهو تعدد الجمل الشرطية هل يقتضي تعدد الأسباب او لا. اما اذا جاوزنا من التنبيه السابق ووصلنا الى التعدد الثاني والثالث والرابع فلا يختص بالجمل الشرطية ولها معاني ولها أنماط وليست على وتيرة واحدة وهذا تعقيد آخر يواجهه المستنبط في الأبواب الفقهية. التعدد الثاني في التقنين والثالث في المسببات في الذمة والرابع في الامتثال وهو غير التداخل وان كان مترابط. من الخطأ الاسترسال غفلة في الأبحاث الفقهية. لانه قد يدل الدليل على عدم التعدد بمعنى وبدرجة لا بكل الدرجات وهذه نكتة مهمة.
مثلا قتل الانسان المجرم والجاني بسبب تعدد القصاص كمن قتل انفس محترمة او ارتكب فجور وجنايات أخرى في حقوق الله عديدة والقتل لا يتعدد خارجا. فيكون في الذمة مسبب واحد وهو القتل. لكن نفس الفقهاء يقولون ان هذا تداخل في الأسباب حيث تتداخل في المسبب الواحد في الذمة لكن يقولون ان هذا تداخل في الأسباب لمسبب واحد ليس تداخلا بقول مطلق. بل تداخل نسبي. هذا المسبب لا يتعدد بمعنى ويتعدد بمعنى. كيف؟ كيف يتعدد في الذمة؟ بلون معين يتعدد وبلون آخر لا يتعدد. فالتعدد وعدم التعدد أزياء واشكال وانماط. يجب الالتفات الى ذلك. هذا مبحث اصعب آخر بعد بحث تداخل الأسباب او عدم تداخلها ويأتي بحث صناعة فقهية. الأدلة التي يقيمها الاعلام في عدم التداخل لعدم التداخل بقول مطلق او لا بل بنمط آخر. هذا البحث اكثر تعقيدا من البحث السابق.
المهم ان هذا البحث الخامس دعوه للفقه وصناعات الفقه ولكن لابد من التنبه اليه واليقظة. ففي مثل القتل يقولون انه ليس تداخلا في الأسباب بقول مطلق بل تداخل بدرجة. مثلا لو عفى أولياء دم لمقتول واحد فيبقى سبب آخر للقتل. القتل كمسبب لا يسقط. افترض ان المكلف ارتكب جناية أخلاقية تسبب القتل واقر على نفسه بذلك وفي موارد الإقرار اذا رأى الوالي الحاكم الشرعي يعني الامام المعصوم او نائبه اذا رأى المصلحة في الدين او التربية او ابعاد أخرى للمجتمع او رأوا التوبة منه صادقا قد يعفو عنه. هذا اذا كان سبب القتل في الإقرار. ولكن قد يكون سبب القتل شيء آخر وليس إقرار بل كان سبب القتل الشهود والبينة وهنا لا يستطيع ان يعفو.
هذه الأسباب متداخلة وليس بقول مطلق. نمط من التداخل لها ونمط من عدم التداخل لها. فاذا الباحث يجب ان يكون على يقظة ان تداخل الأسباب بأي نمط؟
الان يبحثون عن التداخل بقول مطلق وهذا ليس حكما عقليا غير قابل للتخصيص وقد يأتي دليل خاص يخصص. هل الدليل الخاص يخصص ويبين التداخل بقول مطلق او بدرجة؟ يجب ان يكون الباحث في الفقه يقظا في هذا البحث وكذلك في تداخل المسببات.
الخلل في أبواب الحج او الصيام او الصلاة يرتبط بالتداخل المطلق او النسبي وان لم ينبه عليه الاعلام هنا بشكل مبلور هنا ولكنهم نبهوا عليه بشكل مركز في أبواب الفقه. هذه ماوراء هذا البحث.
اذا هذا الوجه الذي ذكره الميرزا النائيني في المسبب وهو الوجوب في الذمة او الحكم الوضعي. الصديقة سلام الله عليها ملكت فدك بملكية الإمامة والقيادة والولاية لشخصها الشخيص المعصوم. المقام مع ذات المعصوم يندمج ولا يتفكك. فهي ملكت فدك وولاية فدك من قبل الله تعالى وشرع الله تعالى لفاطمة ثروات الأرض في حكومة النبي وهي اعظم من حكومة امير المؤمنين عليهم السلام. في حكومة سيد الأنبياء امر الله سيد الأنبياء ان يعطي حقيبة وزارية خطيرة لفاطمة بالفعل سلام الله عليها في حياته. كيف نزل التأكيد على ولاية امير المؤمنين في غدير خم؟ بنفسه بشكل اخف قليلا نزل على النبي التأكيد الى ولاية فاطمة. «فآت ذا القربى حقه» في سورتين. في سورة الحشر في آية الفيء مرة ثالثة. فاعطى رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة سلام الله عليها مسؤولية ثروات الدولة النبوية. خصصها الله بفاطمة مع ان امير المؤمنين موجودا. أيها المنكرون لحاكمية فاطمة وولاية فاطمة وإمامة فاطمة. ما هذه الحكومة التي أعطاها النبي لفاطمة للفيء وهي ثروات الأرض. هذا العطاء من الله لفاطمة استحقت هذا المقام والمنصب من قبل الله بأربع أسباب في التقنين. الميرزا النائيني ذكر ثلاثة لكنها اربع أسباب في التقنين وربما اكثر. بعدة أسباب ولاية فاطمة على ثروات الأرض وهو مسبب واحد في زمن النبي. ليس للنبي ان يتصدى هذه الحقيبة من دون فاطمة مع انه فوق فاطمة وولي فاطمة لكن الله امره ان يستوزر فاطمة. هذه حكومة النبي فضلا عن حكومة امير المؤمنين. هذا جعل من الله جعله لفاطمة بأسباب ثلاث او اربع مستقلة ان لم يكن اكثر. أسباب الهية. كما ان امير المؤمنين عليه السلام استحق الامامة وإمارة المؤمنين بأسباب عديدة. هذه النكات مهمة في باب أبواب الفقه والمعارف. ان التعدد واللاتعدد بأي درجة.
نكات جدا مهمة يستلزم التنبه اليها.