46/11/12
تعدد الشرط والجزاء في الجملة الشرطية
الموضوع: تعدد الشرط والجزاء في الجملة الشرطية
وصل بنا المقام في هذا التنبيه في انحلال الحكم في الجزاء الى خصوصية المثال الفقهية حيث ذكر الميرزا النائيني انه لو لم يقرر المفهوم الثاني في الجملة الشرطية لبنينا على المفهوم من جهة القرائن الفقهية وهو عدم القول بالفصل بين المتنجس والمتنجس الآخر فإذا بني على ان احد المتنجسات يندرج في المنطوق بالتالي فينفعل منه الماء القليل في الجملة فيستلزم من ذلك انفعال الماء القليل ببقية المتنجسات.
في قباله السيد الخوئي ذكر ان عدم القول بالفصل في اعيان النجاسات صحيح. مثلا اذا ثبت ان الماء القليل يتنجس بأحد اعيان النجاسة فالانواع الأخرى من الاعيان النجاسة أيضا ينجّس الماء القليل وان كان الدليل وارد في الدم مثلا. أما في المتنجسات فليس هناك القول بعدم الفصل لان المتنجس الأول يختلف عن المتنجس الثاني والثالث عرفا وارتكازا وأيضا اختلاف الاعلام في الآراء. فلا يمكن القول بعدم الفصل.
فالنجاسة في الدم وفي البول والغائط نجاسة في بقية أنواع النجاسة وفيها قول بعدم الفصل. مثلا اذا ورد دليل في انفعال الماء القليل او الأشياء الأخرى بعين نجسة خاصة فلا نطالب بالدليل بالنسبة الى بقية أنواع النجاسة من الاعيان. للقول بعدم الفصل بخلاف المتنجسات فهناك اختلاف الآراء.
مر بنا في الجلسة السابقة ان النجاسة في الأبواب المختلفة فيها قابل وفاعل والفعل في نفسه ومثلا هناك موضوع والأدلة الواردة قد تكون في صدد الفعل وقد تكون في صدد القابل وقد تكون في صدد الفاعل.
فلا يمكن التمسك بدليل «اوفوا بالعقود» في جواز بيع سلعة او امتعة معينة لا يعلم أن لها مالية او أنها سحت او لا. لان الأدلة الواردة في الفعل لا يتمسك بها في القابل. وهو يحتاج الى ادلة أخرى مثل «احل لكم الطيبات» كما ان الأدلة الواردة في القابل لا يمكن ان يتمسك بها في الفاعل فنقول ان دليل حلية مالية هذه العين دليل على حلية البيع والاجارة والجعالة لان الدليل الوارد في احد الشؤون الثلاثة لا يتمسك به في الجانب الاخر. هذا محصل كلام الاعلام.
في بحث الاجماع قلنا ان عدم القول بالفصل قيمته العلمية بشكل أساسي بقطع النظر عن كونه أساسيا او كاشفا عن سيرة عقلائية لكن غالب الاجماعات كونها قطعية فيه كلام. فماذا الفائدة بالاجماع؟ لان عدم القول بالفصل نوع من الاجماع. فيه فرق بين التسالم والقول بعدم الفصل والاجماع والاتفاق وعدم الخلاف وهذه درجات من صياغة الاجماع. هذه الأنواع والصياغات أيا ما كان من الدرجات ما الثمرة العلمية فيه؟ حتى المشهور ما الثمرة العلمية فيه؟ انها منبهة على وجود دليل استند اليه المجمعين والدليل واصل. على خلاف كثير منهم السيد اليزدي حسب ما نقل عنه شفاهيا ان هناك ثلاثمأة من المسائل الاجماعية ليس عليها دليل الا الاجماع. بتخيلي القاصر على العكس. كل هذه الاجماعات اذا نفحص ونفتش سنرى ان لها وجه واصل سواء تاما او غير تام. ربما نقف عليه ولا نوافق المجمعين على ذلك وربما نفهم غير ما فهموه. لكن المادة الاستدلالية الواصلة لهم ولنا متوفر ولابد من الفحص له.
شبيه الزنا بذات البعل ومتاخروا هذا العصر قالوا لا دليل ولا رواية الا رواية مرسلة اسندها السيد المرتضى في استفتاءاته في مسائل الطبريات والحال نحن راجعنا 13 مصدرا من المتقدمين او الطبقات المتقدمة و13 كلاما من الاعلام ونبهوا على الدليل الموجود لديهم وهو سهل المأخذ وتام الا ان متاخري العصر غفلوا عنه. فالاجماع والشهرة اجمالا منبه عقلائي ملزم بالفحص وهذا كفى به الثمرة العلمية ولا يسوغ لنا التمسك بالاطلاقات والعمومات او الأصل العملي قبل الفحص. بالتالي يجمد الدليل حتى لو كان الدليل اجتهاديا عاما او خاصا فلابد في قباله دليل آخر وقف عليه المجمعون ولو لم يكن تاما لكن لابد من وجدانه.
هنا لما يقال ان في باب النجاسات عدم القول بالفصل والنكتة ترجع الى عنوان النجاسة. مصاديق النجاسة بالتعبد من الشارع امر ولكن نفس عنوان النجاسة عنوان موحد الا ان يثبت ان بعض النجاسات لها آثار خاصة مثل نجاسة الإناء وكيفية التطهير فيها او النجاسة البولية او الدماء الثلاثة والا الأصل في وحدة عنوان النجاسة انه عنوان واحد والاثار تترتب على هذا العنوان وإن يكون لبعض المصاديق اثر خاص تعبدنا الشارع به. فالنكتة في عدم الفصل هذه.
حينئذ نأتي للمتنجس كما قال جماعة كثيرون ان التنجس والانفعال بالوسائط يختلف عن التنجس بقلة الوسائل حتى عرفا ترامي الوسائط الى ماشاء الله يضعف التأثير فلا يمكن مقايسة النكتة الموجودة في عنوان النجاسة مع النجاسات عرضا وبين نفس المتنجس اذا اريد به الوسائط. نعم في نفس العرض يعني المتنجس الأول والثاني ينجس في كل المتجسات. حتى عند السيد الخوئي. بعدم القول بالفصل. لان في عرض واحد المتنجس اذا كان من واسطة ثانية او ثالثة ورد دليل في بعض الأمثلة وفي بعض الأشياء وفي بعض أنواع النجاسات لكن لا يقال بالفصل عرفا وفهما. المتنجس الأول في الأشياء المختلفة من أنواع النجاسات اذا ورد دليل في منجسيته فيدل على منجسيته في باقي أنواع النجاسات. والمتنجس الثاني اذا ورد دليل او الثالث الكلام الكلام . وفي الرابع لا دليل. فلا يمكن ان نتعدى من الدليل في الثاني والثالث الى الرابع او الخامس عرفا. سيما ان النجاسة تتخفف عرفا وارتكازا. اذا نكتة عدم الفصل صحيح في الجملة عرضا في الأشياء والنجاسات المختلفة وليست صحيحة بلحاظ الطول والترامي. اجمالا هذا اصل نكتة التقسيم الى ثلاث ونكتة الفصل وعدم الفصل. هذا تمام الكلام في تحرير هذا المطلب فقهيا.
التنبيه اللاحق: اذا تعدد الشرط هل يتعدد الجزاء ام لا؟ مثل اذا خفي الاذان فقصر واذا خفي الجدران فقصر.
فهل الشرط مجموع الشرطين «خفاء الاذان والجدران» او ان الشرط احدهما او ان الشرط هذا او هذا او لا مفهوم في البين؟ وجوه
قبل ان ندخل في هذا البحث الاصولي من باب الشرح الفقهي. المسافة حسابها شرعية من آخر سور المدينة او القرية يعني آخر بيت لها. ضواحي المدينة ليست من المدينة. مثل لو كانت المقبرة في غالب البلدان كانت خارج المدينة فكانت من ضواحي المدينة او مراعي الدواب حيث كانت خارج المدن وبساطين المدينة غالبا. فضواحي المدينة ليس من المدينة فهنا في باب صلاة المسافر المسافة عند المشهور لا عند الصدوق والسيد الخميني تحسب عند آخر بيت من المدينة ويسمونها السور. فالمسافة تحسب من آخر الجدار وليس من الضواحي الى اول جدار من المدينة الأخرى وان كان المسافر قصده ليس الحي الأول في تلك المدينة بل ربما يكون مقصوده الحي الأخير من تلك المدينة. مثل من يذهب الى البغداد ومقصوده الكاظمية لا اول البغداد من هذا الطرف من النجف.
طبعا بعض الاعلام عندهم المدن الكبيرة لا تحسب المدينة الواحدة بل تحسب الاحياء. هذا بحث آخر لكن المشهور على خلافهم وحتى المدن الكبيرة في حكم مدينة واحدة.
في حساب المسافة عدة مباني وعدة زوايا. المسافة تقاس بين نهاية المدينة المبدأ وبداية المدينة المنتهى. وهي اربع فراسخ او ثمان فراسخ.
لكن القصر لا يبدأ بالمسافة وفيه تفكيك بين بدء القصر الذي يسمون حد الترخص وبين المسافة. فترخيص الشارع للقصر ليس معناه هو مبدأ المسافة بل هو مبدأ الحكم. فلاحظ حكم القصر المسافة فيه متقدمة وحد الترخص متزامن وقيود أخرى فيه متأخرة وبعض قيوده متقدمة وبعض قيوده متزامنة. الاحكام الشرعية هكذا. بعض قيود الوجوب شرط متقدم وبعض قيوده متاخرة وبعضها متزامنة. من يسترسل في تصور ذهني بساذجة ان كل القيود للوجوب كلها متزامنة اكبر خطأ في الأبواب الفقهية. يعني اشكال من القوالب لقيود الوجوب اذا لم يتفطن الباحث قد يخلط في هذه الأبحاث. ليست كلها على شاكلة واحدة.
اذا بين مبدأ المسافة وبين مبدأ الترخيص فيه تمييز وتفكيك.
تقريبا خفاء الجدران بعض المراكز البحثية في بعض الحوزات العلمية حسبوه الى كيلومتر ونصف في ارض مسطح عادي بنظر عادي. المدار على البيوت طابقين او ثلاث او اربع وليس المدار على عشرين طابقا. كما ان المدار في الصوت هو الاذان القوي بصوت قوي جهري. اما السماعات فليس المدار عليه. فالاعلام حسب عندهم المعدل الوسطي على عصر النص. فاخذوا خفاء الاذان وخفاء الجدران ليس لموضوع بحطة بل عنوان مشير بقدر القدرة في عصر النص الى مسافة معينة والان حسبوها كيلومتر وثلاثمأة وخمسين مترا.
كما ان حد الترخص قد ينتهي عنده جواز القصير اذا كان المقصد وطنا او محل إقامة. اما اذا كان المقصد وليس محل الإقامة يبقى التقصير مستمرا ما بعد حد الترخص وداخل المدينة طبعا. هذه نكات لابد من الالتفات اليها. كما انه يحصل ربما غفلة او خلط في جملة من الاستفتاءات عكس السفر. من كثير السفر وهو سبب للاتمام. ولكن محل العمل ومقر العمل سبب للاتمام ولاربط له بكثير السفر. مقر العمل ليس وطنا وقد يقر فيه المكلف سنتين او ربما ستة اشهر لسنين فيصير مقرا للعمل وعرفا يقال له المقر للعمل وهو سبب للإتمام لا صلة له بكثرة السفر.
كثرة السفر توجب الاتمام ولكن يقطعها الإقامة عشرة أيام سواء في الوطن او غير الوطن. اذا قام عشرة أيام تنقطع الكثرة لا انها تباد وتزال مطلقا. فرق بين انقطاع كثرة السفر وبين زوال كثرة السفر. هذه البحوث تدقيقات في الموضوع والاحكام ولابد من التدقيق فيها. لان الأسباب والموضوعات والاحكام مختلفة. فمقر العمل غير كثرة السفر. فلو لم يكن الانسان كثير السفر فيتم فيه ويصوم وما فيه اشكال. ومقر العمل ادنى درجات الوطن كانما وطن مخفف. والوطن درجات. هذه البحوث يجب ان يدقق الانسان في المواد الفقهية.
نأتي الى البحث الاصولي: «اذا خفي الجدران فقصر» و«اذا بدت الجدران فلا تقصر» وينتهي التقصير. وكذلك «اذا خفي الاذان فقصر» وان لم يخف الاذان فلا تقصر.
فكيف العلاج بين هاتين الشرطيتين؟
قول: هذان متعارضان فيسقط المفهوم فلا يكون في البين مفهوم.
قول يجمع بنحو «الواو» يعني اذا خفي الاذان والجدران فقصر
قول يجمع بنحو «او»
هذا القيد الواوي او الاطلاق المقابل للواو وهو يعني الاستقلال. مر بنا ان الاستقلال غير الانحصار. وبينهما فرق دقيق.وهناك اطلاق «او» والتقييد ب «او» هذا مبحث الانحصار.
الاستقلال يعني لا يحتاج الى ضميمة مقابل التقييد بالواو. والتقييد بالواو تصرف في المنطوق. اما الانحصار وعدم الانحصار تصرف بالدقة في المفهوم وليس تصرفا في المنطوق.
وهناك وجه آخر غير هذه الثلاثة ان يقال ان الشرط هو الجامع بين الشرطين. فيه صياغات متعددة. ماذا الفرق بين او وبين هذا الجامع سنذكر.
المهم ان نقف على هذه النكتة. هنا كلام عند السيد الخوئي ردا على ما احتمله صاحب الكفاية من تساقط المفهومين. وطبعا عند الميرزا النائيني. هذا الكلام من السيد الخوئي ثمين جدا ومطابق للمشهور في مطلق التعارض.
هنا بعبارة أخرى محصل كلام السيد الخوئي هو الجمع مهما امكن يتعين ومتقدم على الطرح والطرح خلاف اقتضاء الأدلة. يا ليت بنى عليه السيد الخوئي في باب التعارض. هنا بسطه في الموضعين في هذا التنبيه بشكل مدلل ومبرهن ولكن للأسف نسيه السيد الخوئي في باب التعارض. وتقريبا النائيني تنظيرا ولكنه لم ينساه عملا.
المسألة ما هو مقتضى القاعدة الأولية في التعارض ووهذا بحث مهم يحفظ أهمية معالجة وصيانة التراث