« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الالفاظ/ مبحث المفاهيم/ الضوابط في مفهوم الشرط / المعنى التحليلي في الاستنباط والظهور

الموضوع: الالفاظ/ مبحث المفاهيم/ الضوابط في مفهوم الشرط / المعنى التحليلي في الاستنباط والظهور

 

مر بنا ان الاعلام ذكروا خمس او ست او سبع شروط او ضوابط لتثبيت وتقرير وتحصيل مفهوم الشرط وبدون هذه الضوابط لا يتحقق للجملة الشرطية مفهوم.

الضابطة الأولى: ان الشرط كجملة مؤولة بمفرد كقيد فهذا القيد قيد للحكم في الجزاء. بحث تأويل الجمل مهم. العلوم اللغوية قائمة على تصيد المعاني المنطوية والغير البارزة بشكل صريح. كما ان المعنى الحرفي منطوي في غيره. إعراب الجملة اخفى من كلمات الجملة ومعنى كل كلمة وإعرابها اخفى من المعنى الوضعي لكل كلمة باعتبار انه منطوي. طبيعة المعنى الإعرابي معنى شبيه المعنى الحرفي كالفاعل والمفعول ومنطوي آلي في غيره. ثم إعراب الجملة برمتها وهذا أخفى من إعراب كل كلمة بمفردها. مما يدل على انه اجمالا الغور في معاني الكلام طبيعته يتحمل طبقات خلافا لمن يريد السذاجة في الاستنباط والاستظهار. الاستنباط والاستظهار قائم على المعاني المطوية. وهذا هو الشرط الأول.

القيد راجع الى الجملة برمتها او راجع الى الحكم او راجع الى الموضوع؟ هذه نوع من التحليلات الدقية المجهرية وليست ساذجة تصريحية. فالذي لا يوطن نفسه على المداقة والعمق في الكلام لا يستطيع ان يوفي الاستنباط والاستظهار.

فكل علم الأصول قائم بالتحليل والتدقيق والتعمق والمعاني المنطوية وتفكيك الدلالات ونظامها وليس كلها جليا ولا صريحا بل كلها بتحليل وامعان النظر. فمن يجمد على الدلالة التصريحية ويدعي انه اصولي فادعاء باطل. تقدر ان تبدي النقاش في الشواهد والموازين لكن لا تقدر ان تناقش في غور وغوص المعاني بالشواهد. والا تسد باب الفقاهة والاجتهاد.

الضابطة الثانية: ان بينهما تلازم

الضابطة الثالثة: ترتب الجزاء على الشرط.

الضابطة الرابعة: ان الترتب هو ترتب المعلول على العلة.

الضابطة الخامسة: ان العلة منحصرة

الضابطة السادسة: ان الجزاء هو حكم كلي طبيعي وليس حصة من الحكم.

هذه الضوابط كلها معاني تحليلية غامضة منطوية وليست مصرحة. فكيف نستظهرها من الجملة الشرطية؟

لابأس ان اذكر كلام المحقق التقي صاحب هداية المسترشدين الذي يفصل في الجملة الشرطية ووافق عليه استاذنا السيد محمد الروحاني ولا بأس بهذا التفصيل ولعله موجود عند البلاغيين.

طبعا وقع الكلام في ان المفهوم هل هو مفهوم للجملة الشرطية؟ مع ان الجملة هي معنى حرفي لانه غير مفردات الجملة. الجملة مثل الهيئة الاتصالية في الصلاة. المبتدأ مفرد والخبر مفرد والجملة هيئة غير مرئية وذاك من المعاني الحرفية.

ليس معنى الجملة صريحا ولا اللفظ الدالة عليها صريح. بل مندك في المفردات. الدال على معنى الجملة دال اندكاكي وغير جلي والمدلول معنى اندكاكي غير جلي. الدال خفي والمدلول خفي أيضا. مثل اعراب الجملة وهو أخفى من الجملة. وهذا على صعيد الدال فضلا عن صعيد المدلول. إعراب الجملة يلزم ان تؤول الجملة الى مفرد ثم تستظهر المعنى المفرد منه وتعطيه الاعراب. هذا خفي في خفي. المقصود ان درجات الخفاء لا يخرج الشيء دالا ومدلولا عن الظهور.

هذا لطيف، عندنا الخفاء في الدال أيضا علاوة على الخفاء في المدلول. «فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه» ارسل الله رسالة الى قابيل لا بشكل يلتفت الى المرسل وان الرسالة ممن. حالة من الارسال في الخفاء الأمني لحكمة معينة وفي المدلول أيضا نفس الكلام. وهو الله عزوجل يريد ان يتنبه منها فقط. كثيرا ما هناك خفاء في الدال فضلا عن المتكلم بالدال. وهذه طبقات فيمن جعل الدلالة وتكلم بالدلالة او خلق الدلالة والدلالة غير الدال ثم المدلول. كما نبه عليه البلاغيون ان الدلالة غير ذات الدال والمدلول. الدال ذات وفعل له دلالة. ذات الشيء يختلف عن الشيء بوصفه دالا ثم الدلالة ثم المدلول. هذه التفكيكات يحرس عليها البلاغيون والاصوليون والمفسرون وضروري في باب الاستنباط نوع من المجهرية في التحليل ولازم ان نلتفت اليه.

حجية الظهور حجية المتكلم او حجية الدلالة؟ حجية الظهور هي حجية الدلالة بغض النظر عن المتكلم. مثل لقمان بغض النظر عن كونه حجة نفس الدلالة وحكمة لقمان هي حجة لا ان لقمان حجة. هذه الهندسة تصطاد من علم الأصول وعلوم اللغة.

لما يقال ان آباء النبي وآباء امير المؤمنين حجج الله فالمراد ان الحكم التي يجرونها في قريش وتربية قريش حجة. ويتباهى اليها الله عزوجل. «لإيلاف قريش» هذا الفعل من هاشم فعل يمن الله عزوجل به كمنة اعجازية لقريش. هذا مدح لهاشم. فكرة اقتصادية وحركة اجتماعية بين الجنوب والشمال. هذا معناه حجية هاشم بغض النظر عن ان تعرف هاشم. فعله حجة وفعله معجزة يمن الله به على عباده. بغض النظر عن ان تعرف عبد المطلب او لا تعرفه. نفس هذه السورة تباهي الله عزوجل بفعله.

سورة الضحى فعل ابي طالب وفعل فاطمة بنت اسد وفعل خديجة حجة معجزة يمن الله به على نبيه. فكك بين الفعل والفاعل. هذه البحوث لازم ان نلتفت اليها.

هذه الشروط والضوابط في مفهوم الشرط عبارة عن تحليل مجهري. فهم الرسالة العملية بالدقة يحتاج الى مجتهد متبحر. لان فيها قواعد ومعادلات رياضية وعميقة. لذلك الميرزا النائيني في زمانه واحد قدم عليه رسالة عملية وقال ان هذا مجتهد. هذا النظم والهندسة يعرفه انه مجتهد. هذه درجة الاجتهاد.

فهذه المعاني والضوابط التي ذكرها الاعلام كلها تحليلية وغامضة ومنطوية وليست جلية. وكل ضابطة بالنسبة الى الضابطة قبله اكثر غورا. يغوصون درجة درجة. هذا معنى التحليل في الاستظهار والاستنباط.

دعوني اذكر كلام البلاغيين والمحقق التقي والذي وافقه جماعة منهم السيد محمد الروحاني. هل المفهوم هو مفهوم الجملة وهي الهيئة او هو مدلول أداة الشرط؟ هذا نزاع موجود عند البلاغيين والاصوليين. الشرط منطوقا ومفهوما هل هي مدلول أداة الشرط او مدلول الجملة وهي هيئة حرفية دالا ومعنى. على اقل التقدير ثلاث جمل في الجملة الشرطية. ذات الشرط وذات الجزاء وارتباط الشرط بالجزاء جملة أخرى. كما ان الجزاء كجملة لا يسمى جزاء الا اذا ارتبط بالشرط. فالجملة الشرطية يعني ذات الجملة مع هيئة شرطية. الان هذا النزاع عند البلاغيين هل المعنى المنطوقي مدلول الجملة الثالثة التي ربطت بين الجملتين وغير مرئية ام ان الدال على المعنى هو أداة الشرط وبعضها اسمية وبعضها حرفية؟

وثمرة هذا النزاع ان البلاغيين وجماعة من الأصوليين يذهبون الى ان أدوات الشرط بعضها معنى اسمي مثل «إذا» وهو ظرف اسمي والظرف معمول به يعني كلمة أخرى وجملة أخرى تكسبه معنى زائدا. كما أن المفعول به كلمة مفردة كزيد كسب معنى زائدا بسبب ارتباطه بكلمة «ضرب»

فهنا الكلام عند الاعلام ان «إذا» اسم ومعمول به متقدم على العامل والنسق الطبيعي عادة ان يكون العامل متقدما على المعمول. مثلا الفعل يؤثر في المفعول وهو مقدم. هذه النقاشات عند النحويين كلها معاني تحليلية منطوية وليست سطحية.

اذا تقول ان هذه المعاني استحسانات نقول ان عالم الإعراب كلها استحسان. السيد الخوئي رحمه الله يقول ان احد الوجوه في القراءات انها وجوه الإعراب وتصريح بالمعنى التحليلي الغامض في إعراب الآية. تضاف كلمة اسمية تمثل هذه القراءة. هل هذا المعنى بالجملة او في الجملة بحث آخر. اذا الإعراب تغير شاكلة معنى الجملة والتفنن في الإعراب عبارة عن الغور في المعاني الغامضة غير المرئية في الجمل والكلمات.

هذا النزاع: هل هو مدلول أداة الشرط او مدلول الجملة الشرطية؟ ثم الأدوات الشرط بعضها اسمية وبعضها حرفية.

القائلون بالتفصيل بين التعليق والتقدير قالوا ان أداة الشرط اذا كانت لفظية اسمية فليس للجملة الشرطية مفهوم بل هي جملة حملية مؤولة. وليست جملة شرطية حقيقة. بل تقدير ثبوت الجزاء في ظرف ثبوت الشرط مثل الجملة الحملية.

أما اذا كانت الأداة حرفا فالجملة الشرطية لها مفهوم. فيكون معناها التعليقي.

ما هو الفرق بين المعنى التعليقي والتقديري؟ الميرزا النائيني في مقدمة الواجب استظهر ضابطة لغوية منطقية مختلطة بينهما واصولية انه يرجع كل جملة شرطية الى حملية وكل جملة حملية الى شرطية.

اشكلوا عليه بان هذا الكلام في الجملة الشرطية التي ليس لها مفهوم صحيح اما الجملة الشرطية التي اداتها الحرف بمعنى التعليق فليس صحيحا. فلا يرجع الى الحملية. لانها بمعنى التعليق. هذه مؤاخذة أصولية استظهارية على الميرزا النائيني في مبناه.

الضابطة الأولي مرتبطة بالمعنى اللغوي الوضعي. عندنا معنى وضعي لادوات الشرط بمعنى التعليق ويكون حرفيا غالبا ان لم يكن دائما. هذا هو له مفهوم الشرط وهو الدال على المفهوم وليس الهيئة. وهناك أدوات اسمية وتدل على الثبوت عند الثبوت وليس فيها مفهوم الشرط.

ما الفرق الجوهري بين ماهية التعليق وماهية التقدير والثبوت عند الثبوت؟ هذا البحث حساس. في هذه الدورة استجد عندنا الالتزام بمرحلة من مراحل الحكم وهي مرحلة الحكم التعليقي. او قل مرحلة من المراحل الفعلية للحكم ولم نلتزم به في كل الاحكام بل في موارد التي جعل الشارع الحكم بنحو التعليق نلتزم بانها مرحلة من مراحل الحكم ومن ثم نفصل في الاستصحاب ونلتزم باستصحاب الحكم التعليقي ان جعله الشارع. بحر العلوم التزم بالحكم التعليقي مطلقا حتى من الجملة الحملية. ونحن لا نلتزم به. التعليق غير التقدير والثبوت للثبوت.

logo