« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

اصطلاحات للظهور والدلالة اللفظية/ بمحث المفاهيم/الالفاظ

الموضوع: الالفاظ/ بمحث المفاهيم/ اصطلاحات للظهور والدلالة اللفظية

 

كان الكلام في دلالة المفهوم بأحد الاصطلاحات عند الأصوليين وهو انتفاء الحكم بانتفاء الشرط او القيد او الوصف او كذا. وبالتالي دلالة التزامية او دلالة منطوقية مطابقية او دلالة برزخية.

بالتالي مر انه بالتأمل واعمال الفكر يفتق المعنى الموجود في المنطوق كمنشأ للمفهوم وهو مأخوذ من خصوصية موجودة في المنطوق او في المفاد المطابقي.

بعد قليل سيأتي بحث الشرط وعند الأصوليين فيه ادق التدقيقات والبحوث التحليلية في المفاد الادبي ولا يكتفون بالمفاد الارتكازي الإجمالي بل يوزنون المفاد الارتكازي بالمعادلات الموجودة في العلوم اللغوية سواء في العربية او غيرها. لان هذا البحث مرتبط بعلم المعاني واقتبسته كافة لغات العالم بسبب ان هذا البحث مشترك بين كل لغات البشر واللغة العربية صار فيها اثراء ببركة القرآن والوحي في علم البلاغة وعلم المعاني بشكل كثير جدا.

فعلم المعاني عبارة عن بحث تحليلي في قواعد علوم اللغة وهو امر مشترك بين لغات البشر. هنا الاعلام يعملون فكريا وتحليليا ادق التحليلات ولا يخرجه عن الظهور ولا يخرجه عن الاستنباط والحجية. حتى علماء اللغة في علم المعاني في البلاغة يعملون فكريا وتحليليا ادق النكات والخصائص ولا يخرجه عن الظهور وليس تكلفا.

المقصود ان التركيز على هذا المنهج في مقابل منهج سطحي باسم الأصول ولا صلة له بعلم الأصول بل له صلة بمنهج الحشوي والجمودي. لابد من التحليل ولابد ان يكون ضمن الشواهد والدلالات.

ان المرحوم النراقي وغيره يستفيدون من «كل شيء لك حلال» ثلاث قواعد قاعدة دليل اجتهادي وقاعدة الاستصحاب وقاعدة الحلية كأصل عملي. واحد دليل اجتهادي وواحد اصل محرز وواحد اصل تنزيلي. ثلاث اسناخ من الحكم من جملة واحدة. مع ان هذا الاستظهار من النراقي وصاحب الكفاية لم يلتفت اليه القدماء من عشرات الفقهاء والاساطين.

الكلام ان هذا المنهج التحليلي والدقي ليس تكلفا بل علم الأصول قائم عليه وعلم البلاغة عليه والقواعد الصرفية والنحوية قائمة عليه. هذا باب واسع مهم في الاستنباط الفقهي والكلامي والتفسيري.

المقصود ان التحليل في المعاني بالدقة دأب العلماء من اول مباحث الالفاظ الى آخره كالتحليل في المركب العبادي ولا ينافي توقيفيته.

اذا يناقش واحد على هذه التحليلات يناقشها في القرائن والدلالات ولا يناقشها في انها تحليلات ولا عبرة به.

كما قال صاحب الفصول ان هناك منهجين لابد منهما معا. منهج اجمالي ارتكازي حدسي في كل العلوم وربما يلتفت الانسان بالنتائج في هذا المنهج اكثر من المنهج التحليلي وكذلك لابد من المنهج التحليلي ولكل من هذين المنهجين ثمار وتداعيات إيجابية ليست في الآخر. الذوق والعارضة مهم وهي ادراك اجمالي ولكن لابد من البيان التحليلي والتفصيلي.

نأتي الى الاصطلاحات التي ذكروها العلماء وهي مهمة في عموم مباحث الالفاظ والحجج.

مثلا عبارة السيد الخوئي قد يظهر منها أن الاطلاق ومقدمات الحكمة وهذه الدلالة الجدية (كما مر الدلالات ومراتبها من التصورية و الاستعمالية والتفهيمية والجدية ولكل مراتب قرائن) دلالة عقلية منضمة الى الدلالة اللفظية وليست دلالة للفظية بحتة وحتى أنها ليست بينة. هذه القرائن في مرحلة الدلالة الجدية تنضم الى المدلول التفهيمي ليست دلالة لفظية بينة لا بالمعنى الاعم ولا بالمعنى الأخص مع ذلك من الظهور.

إما الان نجاري الاعلام ونقول ان الظهور اعم من الدلالة اللفظية بالمعنى الأخص والاعم الى الدلالة التي تنضم الى القرائن العقلية والمقدمات الخارجية وبالتالي كلها ظهور. فهل يعني ان الظهور طبقات؟ كيف نقف على الاصطلاح عندهم؟

شاهد آخر على توسعة بنية الظهور عن الدلالة اللفظية البينة بالمعنى الأخص او الاعم. لانه مر بنا في الجلسة السابقة ان الدلالة البينة ما المراد من البينة؟ البينة عند من؟ هل البينة عند الذهن الساذج العرفي او عند العلماء او عند فحول العلماء او بحسب قواعد علوم اللغة او العلوم الأخرى؟ والمفروض هي هكذا بحسب القواعد. فحتى لو كان الدلالة مجملة عند العلماء لكنها بحسب القواعد ضروري وواضح وبرهاني ويستنتج من الدال فهي دلالة بينة. كما مر بنا الفرق بين اليقين والجزم. اليقيني يعني بحسب العلوم والقواعد والدليل. وكذلك الضروري. هذه الأبحاث تترتب عليه احكام فقهية وغيرها من الاحكام.

الضروري والبديهي بحسب من؟ هل بحسب الواقع وقواعد العلم او بحسب الاذهان؟ مثل المغالطة التي يذكرونها الحداثويين او العلمانيين في حجية العقل. أي عقل؟ العقل بلا شك هو حجة. لكن أي عقل؟ العقل يحتاج لمعلم. المهم العقل الكل والعقل الواقعي وفيه عاقل والأعقل والعقلاء يحتاجون الى الاعقل وهو الوحي.

هل هيئة الامر تدل على الوجوب بالدلالة اللفظية او الدلالة العقلية؟ مقصودهم من الدلالة اللفظية يعني الظهور الوضعي في مقابل الظهور غير الوضعي. فاذا الظهور او الدلالة اللفظية لها اطلاقان ان لم يكن اكثر. اطلاق بحسب الوضع والقرائن الداخلية وهو ظهور داخلي في الدليل. وفيه ظهور ليس بحسب الدلالة الداخلية بل مجموع الأدلة اللفظية يستنتج منها ولو بمؤونة العقل. لذلك الاطلاق من الدلالة الجدية وبقرائن العقل او الوجوب في هيئة الامر دلالة جدية لكنها أيضا من الظهور. فبنية الظهور في اصطلاح علماء الظهور مبحث مهم. كي نتنبه ان الظهور الحجة ما هو المراد منه؟ هل الظهور الاستعمالي او يشمل اقسام الدلالات.

لذلك ترى الاخباريين بعضهم لا يستشكلون في الدلالات الجدية والبلاغية مع انها قائمة على تحليلات عقلية ولكنهم يستشكلون في الدلالات العقلية.

اذا الظهور يشمل استعمالا الدلالة اللفظية وتارة يستخدم في المعنى الوضعي او القرائن الداخلية والاستعمالية وإذا تخرج الدلالة عن القرائن الداخلية كالدلالة التفهيمية بقرائن خارجية يقولون انها ليست دلالة بينة يعني انها ليست ظهورا ذاتيا او موضوعيا لنفس الرواية. بل بمجموع الدلالات تصل الى النتيجة وهذا أيضا ظهور.

لذلك تلاحظهم في انقلاب النسبة وهو مبحث معقد جدا وله صور متعددة وابتكره المرحوم النراقي والان كلهم يخوضون فيه وهو طوائف من الآيات والروايات تهندس في معادلاتها الى ان تصل الى النتيجة. ومع ذلك هو من بنية الظهور.

اذا استعمال الظهور عند الاعلام تارة يستعمل في الدلالة الوضعية الداخلية من الوضعية والاستعمالية او التفهيمية بالقرائن الداخلية وتارة يستخدم بمعنى أوسع حتى بالقرائن الخارجية.

تعبير من النائيني ووافق معه السيد الخوئي ان الدلالة البينة يقصد منها الدلالة الداخلية وهي التي تكون بينة بالمعنى الأخص او الاعم. يعني بحسب متن الدليل الواحد.

تتمة لتوضيح كلامه: صاحب الكفاية عنده الظهور بحسب متن الدليل الواحد وفيه ظهور لنفس الرواية والآية نصل اليه بضميمة الروايات او الآيات او الاحكام العقلية الأخرى والمجموع المحصل من متن الظهور الأول والأدلة الخارجية هو ظهور ولكنه هذا ظهور في الجدي الثاني.

الجدي الأول هو الذي ينبثق من القرائن الداخلية في الرواية والنص الواحد. النائيني عنده الجدي شيء واحد وهو محصل من مجموع القرائن الداخلية والخارجية. لكن هنا استعمال الميرزا النائيني كانما رجع الى كلام صاحب الكفاية من ان الظهور ظهوران. ظهور داخلي وظهور مجموع الداخلي والخارجي.

هذه الاصطلاحات مهمة لكي نشخص بنية الظهور التي عمود الاعمدة في العلوم الدينية باي نظام وهيكلة. بعضهم يناقش في مناهج التفسير والاستنباط تحت ذريعة بنية الظهور.

بلاشك ان الجدي النهائي لا يكون حجة الا من حيث مجموع الأدلة بما فيها حكم العقل. هذه النكات قالوا لا ثمرة فيها وهي واضحة. لكن فيها ثمرات. هي واضحة لكن قد يسبب الخلط في المناهج.

هنا نقطة أخيرة وندخل في مفهوم الشرط. ذكر الاعلام ان هذه المسألة أصولية لفظية او أصولية عقلية؟ هنا المراد من اللفظية هي اللفظية بالمعنى الأخص والظهور بالمعنى الأخص أي الداخلي. يقولون لا ثمرة فيه. ونقول له ثمرة. لان هناك من ينازع في ضابطة الدلالة اللفظية والدلالة العقلية وهلم جرا.

فاذا هذا الاصطلاح له ثمرة انها دلالة لفظية او عقلية والمقصود من العقلية يعني ان قرينة خارجية تنضم الى الدلالة اللفظية.

من هذا يظهر ان استعمال صاحب الكفاية وحتى النائيني ان الدلالة اللفظية ولو ترامت الى طبقات تبقى دلالات لفظية بشرط ان القرائن سليمة ومرتبطة مع بعضها البعض. من ثم في الدورات السابقة تتبعنا كلمات الاعلام من أن الظهور احد مصاديقه هو التأويل الموزون لا بالهلوسة. على كل هذه الأبحاث حساسة وان شاء الله في الجلسة القادمة ندخل في هذه التفاصيل.

 

logo