« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/09/15

بسم الله الرحمن الرحيم

 دلالة الإشارة والإيماء والتنبيه والاقتضاء/ مبحث المفاهيم /باب الألفاظ

الموضوع: باب الألفاظ/ مبحث المفاهيم / دلالة الإشارة والإيماء والتنبيه والاقتضاء

 

كان الكلام في شرح لغوي لدلالة الايماء والاقتضاء والتنبيه والاشارة.

دلالة الإشارة تارة باليد او غيره وهي قد تمتزج مع الدلالة اللفظية. الإشارة ليست هي اللفظ. مثل اسم الإشارة.

اما دلالة التنبيه فهي يعني ان هناك تعاهد ذهني بين الطرفين على معنى معين فينبه احد الطرفين الاخر على ذاك المعهود بينهما. مثلا يشير بالساعة أي ان عندك موعد او ان الوقت انتهت. فهذا تمتزج فيها الإشارة والتنبيه. وقد يعتبرون لغة الجسد من التنبيه فبالتالي هذه الدلالات تندك في الدلالة اللفظية او تنضم بها وتفيد المعاني. مثل أن يقول: رأيت رسول الله مغضبا» أي حدث شيئا او رأيته مسرورا ومن هذا القبيل. فهذه إشارات او تنبيهات. أنواع الإشارة مع التنببه كثيرة. والبعض يرى ان التنبيه والاشارة غالبا يكونان معا. لتسهل التواصل الفعال بين الافراد. والتنبيه دائما تتكأ على معنى معهود.

مثلا الفقهاء يستظهرون هكذا ان السائل سأل سؤالا عنده ارتكاز في ذهنه. ينقب الفقهاء في السؤال عن منشأ السؤال والمرتكز له. لماذا الحلبي الفقيه يسأل عن الامام الصادق عن الاعتقاد بالامامة وذكرها في الصلاة. مقال الامامة اين موضعها في الصلاة؟ يسأل: اذكر أسماء الائمة في الصلاة؟ احد الائمة أجاب اجملهم. استظهر منه العلامة الحلي الوجوب في بحث أجزاء التشهد. وكذلك النراقي وفي جواب آخر قال عليه السلام سمهم جملة أي تفصيلا. وهو أيضا امر. دائما الفقهاء ينقبون عن منشأ السوال والمرتكز عن السائل فيفهم منه الظهور في السوال والجواب. هذه الدلالة بالإشارة والتنبيه وليس مصرحا في اللفظ.

الإعلانات والتحذيرات واللافتات كلها من باب التنبيه والاشارة. يعني علاوة على انه يحدث معنى ينبه. في القرآن قد يكون «ذكرهم» بمعنى «نبههم»

فيه تنبيه غير لفظي باشارات مختلفة كالالوان وحتى دلالة الرموز في أوائل السور قد يكون من التنبيه قد تكون إشارة أي معاني عظيمة.

بعض الكلمات في اللغة موضوعة لهذا المعنى. مثل الفجئة والحدث يقولون ان هذه الكلمة مخلوط من المعنى اللفظي الوضعي والتنبيه. يعني بعض الكلمات طبيعتها فيها اثارة ايقاظية وأيضا كلمة التحذير. واغراض التنبيه والاشارة كثيرة.

فهذه معاني غير ملفوظ لكنها موجودة. ومعول عليها. نعم لابد في الاستنباط لهذه المعاني المطوية بالشواهد كي لا يكون عملية الاستذواق. لا نظن ان الظهور يتشكل كل بنيته من الالفاظ. كثير من الاليات الدلالية الحالية السياقية لا تلفظ بها.

كثيرا ما الامام يجيب لسائل يسأل عن فرض معين لحكم معين والامام يكرر نفس كلام السائل. والذي لا يلتفت الى دلالة الإشارة والتنبيه يقول ان الامام يقرر الحكم. بينما هو ليس تقريرا للحكم بل هو استنكار ال حكم. لكن الفقهاء يلتفتون. مثل يسأل ويقول: يحرم كذا كذا؟ والامام يسأل انكاريا بنفس الالفاظ ويقول: يحرم كذا كذا؟ فلاحظ كلمة التقرير والاستنكار من اين تفهم؟ مع انها ليست ملفوظة. هذه من قرائن الحال.

«فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتي ...» ارسل المعنى بفعل الغراب وقابيل فهم المعني.

مثل ان السماء مطر دما وهذا متواتر عند الفريقين عند قتل سيد الشهدا وعند قتل امير المؤمنين. الفان رواية في ان السماء مطر دما وكل حجر وحصية كان تحته دما عند قتل سيد الشهدا. هذه رسالة. ما معناها؟ ولازالت هذه الرسالة مقرونة بمصاب عاشورا ومعروفة. لكن من القارئ ومن المعتبر؟ ان الله تعالى كثيرا ما يعتمد على رسالة غير لفظية ولا بد من قرائتها. في بعض المصادر عند الجمهور ان بعض مدن المسلمين الى اربع سنين ما رفعوا حجرا الا كان تحته دما. وكانت اذا ادمي ثيابهم ما كان يمكن غسلها وكان تبقى الدم. اذا نشر ثيابهم يرون ان عليها آثار الدم وما كان يمكن إزالة الدم. ان الله تعالى كان يريد يريهم عظمة الحسين عليه السلام.

وفعلا ما هي رمزية الدم في مصاب سيد الشهداء عند الله؟ ولا زالت هذه رمزية عند الله عزوجل؟ رسائل كثيرة من الله عزوجل ولكن ما نقرأها. فالمعاني ليس ضروريا ان يكون بالالفاظ. ان السماء قد يكون وسيطا بيننا وبين الله والأرض قد يكون وسيطا. كما ان الغراب كان وسيطا بين الله وقابيل.

فاذا عالم التنبيه والاشارة ليست هلوسة بل هي دلالات منضبطة قد تصل الى الاعجاز والبرهان وقد تكون ظنا معتبرا كما اذا قبلها العرف ويفهمها.

أما دلالة الايماء فهي قد يعتبرون منها حركات الجسم وحركات العين كما اذا نظر نظرة المغضب. ومعناها ان هذا العمل كبيرة من الكبائر. او ان النبي صلى الله عليه وآله في مصادر الجمهور وصحاحهم حتى اغمي عليه عند جسمان حمزة بن عبد المطلب عدة مرات.

إبراهيم ابن نبي قبض في حياة سيد الأنبياء وبكى عليه الرسول لكن لم أغمي عليه عند ابنه لكن اغمي على رسول الله صلى الله عليه وآله عدة مرات. الموجود كلمة أخرى معناها شدة البكاء الى حد الاغماء. سيما اذا كانت صفية بنت عبد المطلب لانها هي اخت حمزة من الاب والام. كانت تبكي ويبكي لبكاءها. ولهذه الرواية عدة طرق وروايات وتقريبا مستفيض عندهم ان النبي اغشي عليه عدة مرات. هذه دلالة واضحة من الايماء والتنبيه على موقعية حمزة. واللطيف في زيارة رسول الله لحمزة ثلاثة اسطر او أربعة اسطر يذكر حمزة باوصاف عظيمة وفيها كاشف الكرب عن وجه رسول الله. دلالات اصطفائية على مقام حمزة وللأسف هذه الزيارة لم تذكر في زيارات حمزة.

كذلك باب لسان الحال بالنسبة الى قضية عاشورا وكربلاء من باب الايماء والاشارة. المعاني كلها ليست ملفوظة. هذه الدلالات لنقل معاني المشاعر. جملة من لسان الحال يندرج في دلالة الايماء وا لتنبيه والاشارة ويتعاطى معها العقلاء. الدلالة ما منحصرة في دلالة الالفاظ. لسان الحال يفتهمه من له المشاعر.

لذلك ذكروا في تعريف دلالة الايماء لنقل المشاعر. وهذا نوع من الجواب لهؤلاء الموسوسين في قضايا مقتل عاشورا او احداث السيرة.

دلالة الايماء أيضا من الدلالات الرمزية وخفية. هي دلالة في حين أنها خفية وهي حجة ويستخدمها العقلاء. دلالة في لسان الحال والايماء والاشارة والتنبيه لنقل المعلومات والأفكار بشكل خفي لانهم يضطرون الى نقل هذه الأمور بشكل خفي للمشاعر. من عنده مشاعر يلتفت الى هذه الأمور. كما يعبر الان ان دلالة الايماء تعتبر جزءا أساسيا من تواصل البشر غير اللفظي. وغالبا ما تكون مكملا للكلام بل بديل عنه في بعض الحالات المحتاجة الى الترميز لان التكلم باللفظ قد يكون لها عواقب سلبية. كمن يشير بإشارة بعيدة الى حادثة ويخفف من ثقل النبأ. وهذه مستخدمة عقلائيا وبشريا. يشير بالإشارة كي لا يلتفت غير المخاطب.

لذلك اهل البيت يقولون ان وجود الحروف المقطعة في بداية السور له عدة فلسفات وحكم ومنها ان الله عزوجل يريد ان يقول ان المسلمين ليسوا كلهم مخاطبين بالقرآن. بعض القرآن يخاطب به اهل البيت فقط. يبين هذا الترميز على أساس ان يبين هذا المطلب. فيه رموز بين الله وبين سيد الأنبياء وورثته من الاوصياء. لكي يبرهن الله ان المسلمين محتاجون الى معلم الهي في القرآن. طرف منه عند الناس وهذا صحيح أما الابعاض اللا متناهية ليست عند الناس. هذا برهان وليس لفظيا بل بتوسط دلالة الايماء والتنبيه. وهذا البرهان قد ترتقي الى اليقين والبرهان والاعجاز وقد ترتقي الى الظن المعتبر. هذا عالم كبير يلتفت اليه.

مثلا في عام الفتح أتت امرأة واشترط النبي انها تسلم وان لا تزني فقالت يا رسول الله أ تزني الحرة؟ هذه إشارة وتنبيه.

مثل الابتسامة والرضى وسروره صلى الله عليه وآله يدل على رضاه وسخط فاطمة سلام الله عليها واضح انها غير راضية. كما في بخاري انها ماتت مغضوبة. وهذا يدل على سخطه بلا كلام.

الايماء نوع من الدلالة لتعزيز التواصل لان الفظ لا يمكن له ان يحمل كل المعاني والمشاعر. أيها الموسوس في مقاتل عاشوراء تنبه الى ان كثيرا من الايماءات فيها احداث ومعاني لا تشعر انت به. لابد من المشاعر عندك. نقل المشاعر صعب وكذلك حالات الروح.

حركات كثيرة لبدن الانسان تفيد هذه المعاني مثل النظر الى الساعة للدلالة على العجلة. هذه سيرة عقلائية لا يمكن انكارها من زمن الآدم الى الان. بل تصل الى حد المعجزة أي برهانا يقينيا. وتلعب دورا مهما في التواصل الإنساني. ومكملة ضرورية للغة المنطوقة.

ماذا رمزية الدم في عاشورا؟ المعاجز التي يرسلها الله عزوجل كثير منها غير لفظية مثل معجزة النبي موسى وعيسى وصالح وهي فعل واشارة تنطوي على معاني كثيرة وعجيبة. كم من آية يمرون عليها هم غافلون ولا يتدبرون في معناها. آية ورسالة من الله للبشر لكنهم لا يتدبرون فيها.

logo