« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

النهي عن العبادة والمعاملة (31)/ النواهي/الالفاظ

الموضوع: الالفاظ/ النواهي/ النهي عن العبادة والمعاملة (31)

 

الشهادة الثالثة والنهي عن جزء العبادة

 

تتمة للمسألة السابقة من قضية ما نقلناه مما قد يعترض من ان الشهادة الثالثة لما لم تكون جزء الاذان فكيف يبسم الاذان بها؟ وهذا متسالم عليه عند علماء الامامية.

هذه المعلومة الخاطئة للأسف منتشرة في كلمات الاعلام.في الحقيقة جملة من الاعلام قديما وجملة من الاعلام حديثا يخطئون هذه المعلومة. ان الشهادة الثالثة بضرروة المذهب ليست جزءا من الا ذان وانما المجيء بها من باب الاستحباب العام وهو استحباب اكمال الشهادتين بالشهادة الثالثة.

طبعا هذا الاستحباب ليس مدركه كما يقوله السيد الخوئي مرسلة الاحتجاج. هذه مسامحة بل مدركه نص الاية الكريمة.

المهم ان المعلومة بأن الشهادة الثالثة ليست جزءا من الاذان بتسالم علماء الامامية او بضرروة المذهب معلومة خاطئة جدا عند فريق من علماء الامامية قديما وحديثا.

سبق في بداية مسألة النهي يقتضي الفساد ان الميرزا النائيني ادعى الضرورة في زاوية من زوايا هذه المسألة والحال ان دعوى الضرورة رد عليها بانها ليست ضرورة.

بعبارة أخرى هذه منهج صناعي: هناك بعض ادعات الضرورة من بعض الاعلام استنباطي. يعني هو من كلمات الاعلام او من مفاهيم كلامهم ان المعادلة ضرورة. ربما اول من وقع في هذا الوهم كان الشهيد الثاني ان الشهادة الثالثة ليست جزءا من الاذان بضرورة المذهب. بالتالي يأتي بعده ويجري على هذا التوهم.

الضرورة ليست شيئا سهلا ولذلك لابد من الالتفات والتدقيق الجيد. الان نذكر بعض النصوص من الاعلام التي تنص ان المسألة خلافية قديما وحديثا. ليس تسالما فضلا عن ان يكون ضرورة.

الشيخ الطوسي رحمة الله عليه في المبسوط يذكر حول الطوائف الروائية الثلاثة التي ذكرت ان الشهادة الثالثة جزءا واجبا من الاذان بمعنى الوجوب الوضعي. وروى متنها الصدوق من دون ان يروي سند تلك الطوائف. لكن صرح الصدوق انها طوائف وليست روايات. وفرق بينهما. كل لسان طائفة يعني عدة روايات. هذا نبه عليه المجلسي الأول وان كان حسب ان الطائفتين طوائف والثالثة رواية وليست طائفة. راجعنا كلام الصدوق واستظهرنا انه يقول ان كلاً من الالسن الثلاث طائفة.

الشيخ الطوسي عندما يشير الى هذه الطوائف يقول من عمل بها لم يأثم وان كان مخطئاً. لم يأثم يعني العمل بهذه الروايات الدالة على الجزئية على موازين الاجتهاد. فليس خلاف الضرورة. وصادق على كلام الشيخ الطوسي ابن براج لانه افتى بمضمون بعض هذه الطوائف في مستحبات حكاية الاذان. بعد ذلك العلامة الحلي نص في كتبه واقر كلام الشيخ الطوسي ان العامل بهذه الطوائف من الروايات لم يأثم وان كان مخطئاً. اذن المسألة اختلافية في الجزئية الواجبة. كما هو مفاد هذه الطوائف.

بعد ذلك الشهيد الأول في جملة من كتبه يقر كلام الطوسي والعلامة بنفس العبارة.

الشهيد الاول وان كان يخطئ لكنه يفتي بنحو الاستحباب. يخطئ الوجوب اجتهاديا ولكن يفتي بالاستحباب في الذكرى تبعا لابن براج.

هذه المسيرة للأسف في التراكمات الفقهية يأتي مثل الشيخ جعفر كاشف الغطاء يلتبس عليه الامر وادعى ادعاء الشهيد الثاني. بينما بحر العلوم يتنبه بهذا المطلب ويقول ان كلمات العلماء بانه ليس بجزء بحسب الأدلة الخاصة. لكنهم يقرون بانه جزء من باب الأدلة العامة. هذه الدعوى يختلف عن دعوى الشهيد الثاني مأة وثمانين درجة.

الان لسنا في تصحيح وتخطئة الاستظهارات. لكن نقول ان العلماء في طيلة القرون منقسمون في جزئية الشهادة الثالثة وعدمه. المجلسي الأول والثاني كانوا يفتون بالجزئية المستحبة.

الاعلام بين من يرى الجزئية الواجبة وبين من يرى الجزئية المستحبة وبين من يرى عدم الجزئية وبين من يدعي الضرورة بالعدم. عدم الفحص والتتبع الدقيق يورث هذه الأوهام في كلمات الاعلام. فكونه متسالم عند علماء الامامية توهم سراب محض. مع تعظيمنا لعلماءنا الاعلام.

كثير من الاعلام منهم الشهيد الصدر يقولون من هذا القبيل من الأوهام في النسبة الى المشهور او الاجماع قد يتوهم فيه الناسب. يجب على الباحث والمجتهد الفحص.

مثلا ابن الزنا اذا تراجعون كلمات الاعلام في جل الأبواب ينفون البنوة مطلقا. بينما في باب واحد يقولون مرادنا من نفي البنوة ليس نفي طبيعة البنوة بل نفي البنوة الحلال. هو ابن تكويني لكن من طريق نجس. والشارع رتب كثيرا من الآثار للابن التكويني. وكثيرا من الاثار للابن الطاهر.

بتعبير صاحب الجواهر يغرك كلماتهم وبدون الإحاطة بالابواب دعوى الشهرة والتسالم والضرورة قد يوجب التوهم والخطأ. لابد من تتبع كلماتهم في جميع الأبواب. لا باب واحد او أبواب معدودة.

هذه المعلومة بالتسالم والضرورة في عدم جزئية الشهادة الثالثة جدا خاطئة حتى عند علماء العصر. تصحيح الأخطاء والاوهام ضروري.

أتذكر في الاتمام في كل مراقد المعصومين الوحيد البهبهاني وابن اخته السيد علي الطباطبايي قالوا ان صحيحة ابن مهزيار دالة على التعميم لكن لانه خلاف المشهور فنتوقف في التعميم.

ونحن راجعنا القدماء رأينا ان بن قولويه في كامل الزيارات والشيخ المفيد في المزار وجل من القدماء قالوا بالتعميم ولم يرد هذه الاقوال عند صاحب الجواهر ولا عند صاحب مفتاح الكرامة رغم انهم عظماء في التتبع. نحن وقفنا عليها بالصدفة.

واللطيف ان هناك روايات أخيرة أخرى لم يقف عليها الوحيد البهبهاني ولا صاحب الوسائل لكن موجودة في الأبواب الأخرى. قد تخفى على الاعلام وجيل منهم. تبويب الروايات من القدماء او القدماء يخادع يعني اذا لا تتتبع في كل الأبواب لا يمكن ان يوجد كل الروايات في المسألة.

مسألة أخرى الزنا بذات البعل. قالوا ليس فيها دليل ومجرد الاجماع عند الاعلام في القرون الأخيرة. والحال اننا راجعنا القدماء وكلماتهم وجدنا ۱۳ نفرا من الاعلام ذكروا المسألة ودليله الواضح بالتأمل والتأني في المعنى اللغوي للفظة وردت في الآيات والروايات الدالة على الحرمة.

بينما المعاصرين حفظهم الله ورحم الله الماضين قالوا لا دليل عليه. وبعضهم قالوا يجوز لكن يستحب تركه. هذا من عدم التتبع.

المقصود ان التتبع سيد الموقف. هذه الدعاوى والنسب لا يركن عليه الانسان. هذه وصية صاحب الجواهر وكاشف اللثام والعلامة الحلي. عندما ينقل لا تتثبت عليه بل انظر المصدر وتتبع.

المقصود من هذا القبيل الى ما شاء الله من المسائل والقواعد. ربما في شرح العروة في بداية كل مجلد اشرنا الى قواعد قالوا ليس فيها دليل الا الاجماع ووجدنا عليها روايات لكن ما مذكورة في الباب المناسب فغفل عنها المتأخرون. فرق بين الغفلة والشذوذ. سيما اذا تجد جملة من الفحول بنوا وعملوا بذلك.

من ثم نحن صناعيا في مبحث الحجج في الاجماع والشهرة بنينا على ان الاجماع اذا لم يبلغ القطعية ليس بحجة لكن له ثمرة وهي ان يلزم الانسان بالفحص. يعني منشأ عقلائي ملزم للفقيه ان يفحص في الأدلة. وان ادعى متاخروا الاعصار عدم وجود الدليل. حتما كان منشأ حكمهم دليل لم يصل الينا. ربما لا نوافقهم في الاستظهار لكن لابد من دليل عندهم يجب علينا فحصه. الاجماع او الشهرة صناعيا في الدورتين السابقتين احد الفوائد العلمية لها انه ملزم للفحص ولا يمكن ان نتمسك بالعموم والاصل العملي قباله الى ان نقف على الدليل. يمكن ان نوافق القدماء او لا. هذا بحث آخر.

كون الشهادة الثالثة بضرورة المذهب او التسالم ليس جزءا من الاذان دعوى خاطئة جدا. بل علماء الامامية قديما وحديثا منقسمون فريقين.

عندنا قرائن على ان الصدوق كان يعمل بهذه الطوائف وان طعن فيها تقية من الحاكم السني في السمرقند. قرائن دامغة قطعية.

بعد ذلك اذكر لكم اقمنا الشواهد على ان سيرة الامامية في القرن الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع المجيء بالشهادة الثالثة في تشهد الصلاة. وان هناك صحيحة فضل بن شاذان المعتبرة عن الامام الرضا ان ماهية التشهد في تشهد الاذان والإقامة والصلاة ماهية واحدة.

فيجب التثبت في المعلومات وهذه المعلومة.

فيه تتمة أخرى في كلام السيد الخوئي: هو ناقش الميرزا النائيني في المجيء بذكر عبادي اثناء الصلاة ليس عليه دليل او عليه نهي زيادة على عدم الدليل. هو يرد بعدة ردود على ان هذا الجزء مبطل للصلاة.

اول رد: ان النهي في آية العزائم حتى لو لم تقصد الجزئية فمن اين نجعلها زيادة.

ثاني: غاية الامر يفسد الجزء لا الكل. لا يصيره الى كلام آدمي. فاذا ترك السورة المتضمنة لآية العزائم واتى بسورة أخرى هذه الزيادة لا تبطل الصلاة.

نكتة صناعية في خلل الصلاة. يقول: في كل مورد من خلل الصلاة اذا تستدرك الخلل هذا الاستدراك لا يعد تكرار للزيادة. بل هذا تكرار للعلاج. بتعبير الشيخ الانصاري. بتعبير السيد الخوئي. الجزء الأول لم يقصد به الزيادة والجزء الثاني لم يقصد به الزيادة بل قصد به التدارك. نعم هذه الزيادة قهريا تقع للتكرار. لكن هو ليس قاصدا للزيادة. في الثاني قاصد للعلاج وفي الأول قاصد المعية لا الجزئية. فالزيادة ليس عمدية. والزيادة غير العمدية ليست مبطلة الا في الركن.

الذكر العبادي الذي ليس عليه دليل او عليه نهي. أولا لا يصير بالنهي الى انه كلام آدمي. ولا ينقلب ماهيته. والثاني لا يقصد به الجزئية فلا ربط به بالصلاة. لذلك يفتي في الاذان والإقامة باستحباب الشهادة الثالثة الضرورية لا بقصد الجزئية.

لو قصد الزيادة كعلاج ليس زيادة مبطلة لان هذه الزيادة قهرية وليست زيادة عمدية. وهي لا تبطل الصلاة الا في الأركان.

هذا محصل كلام السيد الخوئي كبرويا. من ثم اذا جمعنا هذا الكلام في الدورات الثلاث وان كان المقرون يتفاوتون في فهم كلامه.

 

logo