46/08/05
النهي عن العبادات والمعاملات (30)/ مبحث النواهي/الالفاظ
الموضوع: الالفاظ/ مبحث النواهي/ النهي عن العبادات والمعاملات (30)
الشهادة الثالثة والنهي عن جزء العبادة
كنا في مبحث استدراك النهي عن جزء العبادة يقتضي الفساد. بمناسبة الوجوه التي تعرض لها الميرزا النائيني بسطا نتعرض الى ذلك وتعرض لها السيد الخوئي أيضا.
احد الوجوه التي تمسك الميرزا النائيني في خصوص الصلاة بل هو كلامه ظاهرا عام في كل مركب عبادي: انها زيادة. وبالتالي الزيادة مبطلة. يعني هذا الجزء الذي لا يصح بسبب النهي يكون مبطلا من جهة انه زيادة.
وجه آخر انه كلام آدمي وسبق ان السيد الخوئي منع عن ذلك حيث ان الماهية الذاتية للشيء لا ينقلب بالنهي عنها في الصلاة فضلا عن أن لا يكون عليها دليل. كما مر بنا ثلاث مراتب من النهي وعدم الدليل والنهي الخاص عن المركب. والكلام في القسمين الاولين. اذا كان الشيء لم يدل عليه دليل في المركب العبادي وهو ذاتا عبادة وراجح او نهي عنه بالنهي الأجنبي.
هنا الميرزا النائيني عنده خمسة وجوه للبطلان. منها ان النهي يصيره كلاما ادميا. فأجاب السيد الخوئي ان الماهية الذاتية لا تنقلب بوجود النهي الأجنبي عنها. طبعا هذا مر بنا انه يستفاد منه بضميمة كلام آخر للسيد الخوئي من ان الشهادة الثالثة ذكر ايماني بضرورة المذهب أن المجيء بها اثناء الصلاة لا يصيرها كلاما آدميا وذاتيها لا يتغير. ونسبته الى كل علماء الامامية صحيحة.
طبعا في خصوص الشهادة الثالثة او الخطاب مع النبي ان النائني لا يدعي انها كلام آدمي. كلامه في مثال سورة آية العزائم. بالتالي البحث الصناعي واحد وان كان يفرق النائيني صغرويا بين الشهادة الثالثة حيث يعتبرها من الاذكار. الاشكال من الجهة الكبروية.
فالماهية بالنهي لا ينقلب عن كونها ذكرا فكيف بك اذا لم ينهى عنها بل لم يدل عليه دليل فقط.
سنبين ان شاء الله ان السيد الخوئي وكل المعاصرين في المنهاج فتواهم هكذا ان الشهادة الثالثة من دون قصد الجزئية يجوز المجيء بها اثناء تشهد الصلاة. نص العبارة التي افتى بها السيد محسن الحكيم في الاذان وعينها ما تبناه السيد الخوئي وكل تلامذته الا ما استثني.
لانهم اذا يبنون في باب الزيادة انها لا تتحقق الا مع قصد الجزئية فكيف تكون مبطلة. لا محذور الزيادة موجودة ولا محذور كونها كلاما آدميا.
أما محذور الزيادة فسجل السيد الخوئي عدة أجوبة عن ذلك. سورة العزائم الامر بها اشد من الشهادة الثالثة لانها منهي عنها في الصلاة بالنهي الأجنبي. بخلاف الشهادة الثالثة لانها لم يدل عليها دليل. مع ذلك السيد الخوئي يرفض ان قرائة سورة العزائم مبطلة للصلاة ويقول لو تدارك واتى بسورة أخرى لا مانع من الصلاة ولا تبطل الصلاة.
الرد الأول من السيد الخوئي: محل البحث في سورة آية العزائم وكذلك في الشهادة الثالثة اعم من قصد الجزئية وعدمه. فكيف تقول انه زيادة. الزيادة متقومة بقصد الجزئية.
هذه المحطة حساس. ذكرنا ان صاحب الشبهة في الكاظمية عنده دليلان في اعتراضه على الشهادة الثالثة في الاذان. اعتراضان صناعيان.
الاعتراض الأول: انتم كيف تقحمون في الاذان شيئا ليس من الاذان؟ هذه بدعة.
الان نرى بعض المحاضرات من الطرف الاخر يقولون ان علماءكم يقرون انها ليست بجزء فلماذا تأتونها في الاذان؟ فهذا بدعة. نفس تقرير اشكال الشبهة في الكاظمية.
الاعتراض الثاني: انتم اذا قلتم بالشهادة الثالثة الجائزة فقولوا بجوازها في تشهد الصلاة. انتم ملزمون بجواز الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة كما هي جائزة في الاذان.
هنا السيد الخوئي يجيب عن هذين الاعتراضين في بحث الأصول في هذا البحث: ان الجزئية قوامها بقصد الاقحام والارتباط. محل البحث هنا ليس منحصرا بقصد الجزئية. مثلا السورة المتضمنة لايات العزائم اعم من ان يأتي بها المصلي لا بقصد الجزئية. يأتي بها خارج الصلاة ارتباطا لا زمانا. شبيه ما اذا يرد السلام اثناء الصلاة ولا يقصد انه جزء الصلاة ومرتبط بالصلاة.
لذلك يقول السيد الخوئي: لو ان كل واجب اتى به المكلف اثناء الصلاة حسب من الصلاة هذا ما لا يلتزم به الفقيه (مر بنا الفرق بين المانع العقلي والمانع الشرعي، حيث ان المانع العقلي يفسد الشيء ولا يفسد المركب وهذا اذا قصد به الجزئية والمانع الشرعي والفساد الشرعي يعني ان الشارع يقول هذا الشيء مبطل للمركب حتى لو لم يقصد بالجزئية. مثلا صدور الحدث ولو قهرا من الانسان مانع عن الصلاة. لكنه ليس زيادة. فليس كل مانع زيادة. وليس كل زيادة مانع)
من ثم ردود كل علماء الامامية على الوهابية عندما يقول المؤذن الشهادة الثانية يستحب له أكيدا ان يصلي على النبي وآله. صحاح واردة عندنا صحيحات زرارة. كلما ذكرت النبي فصل عليه ولو في الصلاة. هذه الصحيحة هل هي مفادها ان الصلاة على النبي جزء للصلاة؟ لا ليس جزءا. لكن من شئون اسم النبي ان يصلى عليه. مر بنا مثال: اعمال منى يوم تشريق حادي عشر وثاني عشر وثالث عشر. لا صلة لها ارتباطا جزئية بالحج ابدا. لكنها واجب مسبب عن الحج ولا صلة له بالحج. لو ترك الانسان عمدا اعمال منى ولم يبت عصى وعليه كفارات عديدة ويجب عليه القضاء من العام القادم او في ذي حجة اذا يمكن. لكنها ليست مرتبطة بالحج وماهية الحج لا جزئية ولا شرطية. هذا اتفاق فتوى بين الاعلام.
فكون شيء واجب بمعية واجب آخر لا يقحمه ارتباطيا وجزئية معه. هذا كلام السيد الخوئي في رد استاذه النائيني وفي رده على الوهابية وفي رده على صاحب الشبهة في الكاظمية. ب
بعين ذلك لو اتى بالشهادة الثالثة في الاذان وتشهد الصلاة بفتوى السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي وتلامذته.
السيد محسن الحكيم ووافقه السيد الخوئي وتبعهما كل تلامذة السيد الخوئي الا من صرح المنع عن الشهادة الثالثة في الصلاة. حتى هؤلاء الذين منعوا سنقول ان فتاواهم متناقضة او لا؟ في الشهادة الثالثة السيد محسن الحكيم في المنهاج في اذان الصلاة يقول ان الشهادة الثالثة ذكر ايماني بضرورة الدين ولا يرتاب فيه احد من علماء الامامية. هذه نقطة أولى
المعادلة الثانية: ان اتباع الشهادتين بالشهادة الثالثة بضرورة الدين مكملة على الاطلاق. بنص الآية الكريمة. مكملة لا يعني انها جزء. بل تبع. هذه أيضا ضرورة الدين. ليس فتوى ظنية. بل ضرورة الدين ونص الآية الكريمة.
نقطة ثالثة: انت لم تقصد الجزئية بل اتباع. انا اشرح كلام الاعلام والا انا ابني على انها جزء خاص. انا اشرح كلام الاعلام السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي ومأة فتوى جمعها السيد عبدالرزاق المقرم. هذه غير قصد الجزئية.
فمن اين الزيادة ومن اين البدعية؟ لا في الاذان ولا في تشهد الصلاة. ردا على الشبهة الأولى والشبهة الثانية.
صرف الذكر خارج المركب في المركب لا يوجب البدعة. المسلمون عندهم رجحان ذكر النبي والصلاة عليه في الاذان لا بقصد الجزئية. بل تبعا.
على هذا التبيان: ذاتا عبادة وهي اتباع وعدم قصد الجزئة.
في الصحيحة: كلما ذكرت اسم النبي فصل عليه في الاذان وغيره.
مأة فتاوى جمعها السيد عبدالرزاق المقرم انه يستحب اكمال الشهادتين بالشهادة الثالثة. على سبيل الاتباع لا بقصد الجزئية. فاين البدعة.
من ثم يستظهر بشكل جازم من فتوى السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي ان الاشكال في الشهادة الثالثة انه اذا تقصد الجزئية لا مطلقا.
الشهادة الثالثة لم ينهى عنها بل أمر بها ذاتا كما ذكره السيد الخوئي في شرح العروة ا نها ذكر ايماني وأيضا أمر بها اتباعا واكمالا للشهادتين وهذا مبنى كل علماء الامامية. النقطة الثالثة انها لا يستلزم قصد الجزئية وليس جزئية والنقطة الرابعة ولم ينهى عنها. فمن اين يكون كلاما آدميا.
انا انسب الى السيد محسن الحكيم و السيد الخوئي وتلاميذه عدا الثلاثة المعاصرين ان هؤلاء يفتون ان الشهادة الثالثة تأتي بها في تشهد الصلاة من دون قصد الجزئية راجحة جزما.
لا نستدل بمرسلة الاحتجاج. بل نستدل بالقرآن. هذا الاتباع دليله ضرورة القرآن وانت ما تقصد الجزئية وليس كلاما آدميا. السيد الخوئي يفتي في المنهاج. انما تأتي امتثالا للامر الإلهي فلا يكون مبطلا.
فكل علم من الا علام افتى ولم يمنع صريحا.
ننتقل ان شاء الله الى النهي عن المعاملات.