46/08/04
النهي عن العبادات والمعاملات (29)/ مبحث النواهي/الالفاظ
الموضوع: الالفاظ/ مبحث النواهي/ النهي عن العبادات والمعاملات (29)
الشهادة الثالثة والنهي عن جزء العبادة
كان الكلام في النهي التكليفي الأجنبي عن جزء العبادة هل يقتضي إبطال الصلاة ام لا؟ مر بنا ان الميرزا النائيني رحمة الله عليه يذهب الى الفساد الشرعي للعبادة بخمسة وجوه.
بين القوسين: محل البحث في النهي عن الشيء وليس محل البحث عدم الدليل عليه.
بعبارة أخرى: النهي عن جزء العبادة مرتبة متشددة اكثر من عدم الدليل على الشيء في العبادة. تارة الشيء لم يدل عليه دليل في المركب وتارة زيادة على عدم الدليل هناك نهي عنه ولو نهيا اجنبيا. مرتبة اكثر من هذه المرتبة الثانية مرتبة النهي الخاص بالمركب عن الشيء. النهي الخاص بالمركب العبادي يعني الفساد الشرعي لان النهي الخاص بالمركب العبادي الخاص يعني ان النهي يتعرض الى ماهية المركب الخاص. فعندنا ثلاث مراتب.
مرتبة عدم الدليل على الشيء. لو اتي به في المركب. تارة بمعنى اتي به في المركب بمعنى الظرفية وتارة اتي به بمعنى المرتبط والجزئية. كلمة الاتيان تحمل معنيين بحسب الصناعة الأصولية والفقهية. معنى الظرفية يعني الاثناء وليس مرتبطا وليس بقصد الجزئية. والمعنى الثانية يعني المرتبط وقصد الجزئية.
النائيني هنا ذكر مثال سورة آية العزائم او نفس آية العزائم لو لم يأت بالسورة. واخرون مثلوا بالشهادة الثالثة في الاذان او تشهد الصلاة.
بين القوسين ان الميرزا النائيني لا يرى في الشهادة الثالثة غضاضة في المجيء بها في تشهد الصلاة والاذان. مثال الميرزا النائيني في آية العزائم ورد السيد الخوئي فيها بناء على ان النهي الوارد في آيات العزائم تكليفي محض اجنبي عن باب الصلاة وملاكه مرتبط بباب آخر. هذا النهي هل يقتضي فساد الصلاة ام لا؟ لانه نهي عن المجيء بآية العزائم في الصلاة مع الاستظهار بان النهي اجنبي عن باب الصلاة.
عندنا ثلاث مراتب:
تارة هذا الشيء ليس عليه دليل في المركب.
تارة هذا الشيء علاوة على عدم الدليل فيه نهي اجنبي.
ومرتبة ثالثة: هذا الشيء فيه نهي خاص بالمركب الخاص. هذه المرتبة واضحة. مثل من احدث في صلاته فعليه الإعادة. او من استدبر في صلاته فعليه الإعادة ومن هذا القبيل. فمانعية شرعية تفسد المركب.
الكلام في المرتبة الثانية والأولى.
أوضح بالدقة وقالب قالب لان هذه المباحث يحتاج الى دقة. سيما اذا كانت مرتبطة بقضية الشعائر. هذه المسألة لها ارتباط صميمي مع بحث الشهادة الثالثة سواء في الاذان او التشهد في الصلاة.
كلام الميرزا النائيني: عنده خمسة وجوه للمرتبة الثانية أي وجود النهي.
الوجه الأول: النهي يقتضي فساد الشيء المضاف. واذا اقتصر عليه لم يأت بتمام المركب التام.
الوجه الثاني: النهي الأجنبي اذا تعلق بشيء في الصلاة تلقائيا يكون المستفاد منه المفاد الوضعي. يعني المانعية. لان مقتضى النهي عن سورة العزائم اخذ عدمها يعني جعل سورة الحمد مع سورة بشرط عدم كونها سورة العزائم.
يعني بعبارة أخرى هذا النهي سيكون دليلا على مبطلية الاقتران. الاقتران يسمى القران في الاصطلاح في باب الصلاة والطواف. يعني القران والاقتران بين الجزئين والطوافين. يعبرون عنه القران في الفتوى والرواية. النكاح يسمى عقد القران يعني فيه اقتران بين الشخصين. فالنهي عن القران في الطواف يعني ان تطوف طوافا ولا تفصل بينه وبين الطواف الآخر بصلاة الطواف او بفاصل زمني طويل. جماعة كثيرة ذهبوا في الطواف الفريضة مع القران مع الفريضة او المستحبة انه يبطل الطواف.
اما القران في الاطوفة المستحبة مكروه وليس مبطلا. بحث طويل في القران في الطواف في العمرة والحج ولسنا في صدد البحث الفقهي. القران في سور الصلاة أيضا منهي عنه. نهيا كراهتيا او نهيا عزيميا قولان لدى الفقهاء.
الميرزا النائيني يقول ان النهي الوارد عن جزء العبادة وهو سورة العزائم هو بنفسه يشكل دليل خاص على تحريم خاص وضعي للقران مع سورة العزائم. يعني حتى لو لم نلتزم ككثير من المتأخرين ان القران مبطلا ومنهم الميرزا النائيني لكن القران مع سورة العزائم مبطل للصلاة.
في الروايات علل للنهي عن القران في الطواف بان لكل طواف استحقاقا لصلاة الطواف. لما لم تأت بصلاة الطواف فانت سببت القران بين الاطوفة ولم تأت بكل طواف استحقاقه. في سور الصلاة علل النهي عن القران بينها بان لكل سورة استحقاق الركوع لعظمتها والثناء على الله فيها. فاذا اتيت بسورتين ولم تركع فلم تأت استحقاقها.
نرجع الى البحث الاصولي: الميرزا النائيني يقول في الوجه الثاني: لو لم نلتزم بان القران مانع وضعي في كل السور سنلتزم به في سور العزائم. هذا النهي نتيجته مانعية وضعية عن القران في خصوص سورة العزائم.
ويقول:ان القران سواء المطلق او خصوص القران مع سور العزائم يعني بالدقة ان الشارع اخذ السورة في الصلاة بشرط الوحدة او قل بشرط لا عن سور أخرى. سواء القران بين مطلق السور او خصوص سور العزائم وسواء ان يكون النهي عزيمة او كراهة.
مر بنا ان الفساد العقلي غير الفساد الشرعي. الفساد العقلي يعني فساد الجزء لكن فساد المركب يحتاج الى دليل آخر بمفاد وضعي. هذه نكتة صناعية مهمة. ان الفساد العقلي يعني فساد الشيء في نفسه. اما فساد المركب يحتاج الى دليل آخر.
الوجه الثالث: النهي عن الشيء اذا لم يقتصر عليه ويريد ان يكرر فسوف تكون زيادة عمدية في الصلاة وهي مبطلة.
الوجه الرابع: صيرورة هذه السورة مع النهي كلاما آدميا. والكلام الادمي مبطل.
السيد الخوئي ما قبل هذا الوجه. وكلامه متين كما مر بنا.
ذكر السيد الخوئي ان النهي عن هذا الذكر القراني لا يخرجه عن كونه ذكرا لله تعالى. والقرآن في أي موضع من مواضع الصلاة تأتي به لا اشكال بذلك. وان كان قراءة القران في السجود مكروه.
يدعي الميرزا ان النهي عن سورة العزائم يصيرها بمنزلة كلام آدمي. ورد عليه السيد الخوئي ان النهي لا يقلب ماهية الذكر العبادي الى كلام آدمي. وسابقا مر بنا. والسيد الخوئي في كل دوراته اصر على هذه الردود.
من ثم ذكرنا انه بناء على هذا الرد بضميمة ما ذكره في شرح العروة ان الشهادة الثالثة ذكر عبادي بضرورة الدين ليس باجتهاد ظني. هذا يقتضي ان الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة لا تندرج في كلام آدمي. لانها ذكر راجح ايماني بضرورة الدين. لما يقول بضرورة الدين يعني ينسب ذلك الى كل علماء الطائفة. وفعلا عندهم انها من اقوال الايمان.
فليس كلام آدمي يعني كل ما لم يأمر به في الصلاة. بل يعني مخاطبة المخلوقين كما في الرواية. عدا سيد الرسل والانبياء وهلم جرا. لذلك مقتضى هذا الكلام من السيد الخوئي ان الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة ليس كلاما آدميا. يعني ليس محل الاجتهاد لانه من ضروريات الدين.
نرجع الى الزيادة. لاحظوا الان كلام السيد الخوئي في الشيء الذي نهي عنه. لا مثل الشهادة الثلاثة. لانها لم ينهى عنها. غاية ما يمكن ان يدعى فيها انها لم يأمر بها. فمن المرتبة الأولى وعدم الدليل لا المرتبة الثانية.
في المرتبة الثانية لم يلتزم السيد الخوئي بالفساد فكيف بك في المرتبة الأولى. يعني سورة العزائم حالها عند السيد الخوئي اشد اشكالا من الشهادة الثالثة. لانها لم يأمر بها لا أن ينهى عنها.
قد يلتزم السيد الخوئي بالبطلان لا من جهة سورة العزائم بل من جهة أخرى في الفقه ويقول انه مأمور بالسجود بعدها واذا سجد بعدها فيكون زيادة في الصلاة. فلاحظ في سورة العزائم لا تفسد الصلاة لو اتي بها اثناء الصلاة. خلافا لاستاذه الميرزا النائيني. مع ان الحال في سورة العزائم اشد من الحال في الشهادة الثالثة.
لماذا لا يلتزم السيد الخوئي بان هنا زيادة عمدية ومبطلة؟ ينقح: يقول أولا الذي يأتي بآية العزائم. محل البحث ليس خصوص ما اذا قصد الجزئية. بل بحث عام قصد الجزئية او لم يقصد. آية العزائم منهي عنها اثناء الصلاة بنهي خاص. مع ذلك يقول: لا تبطل الصلاة. لانه لا يبدل النهي ماهية القران الى كونها كلاما آدميا. هذا اشكال على جملة من المعاصرين حيث يقولون ان كل ما ينهى عنه كلام آدمي.
هل هي زيادة؟ أولا يستشكل فيه بان الزيادة لا يمكن ان تتحقق الا مع قصد الجزئية والارتباط. بدون القصد لا تتحقق الزيادة. هذه نكتة جدا مهمة.
الان في بحث خلل الصلاة امر مسلم. ان الزيادة متقومة بقصد الجزئية والارتباط. الان لو سلم على المصلي مسلم. فيجب ان يرد سلامه. هل يقصد ان الرد جزءا من الصلاة؟ لا. هو واجب اثناء الصلاة بلا ارتباط مع الصلاة. اذا ليس كل ما يأتى به اثناء المركب العبادي هو قصد به الجزئية. انما تقصد الجزئية اذا قصدت الارتباط. هذا البحث مسيري في الخلل.
هذا كلام كثير من المحققين في بحث خلل الصلاة.
عدة شرائط في تحقق الزيادة.
في شبهة الكاظمية رد عليه علماء النجف بان الزيادة تتحقق اذا تقصد به الجزئية. الصلاة على النبي وآله اثناء الاذان ليس بقصد الجزئية. مجرد مجيء الشيء اثناء الشيء الآخر لا يجعله جزءا من المركب. واذا لم يكن جزءا من المركب بالتالي ليس زيادة.
بتعبير السيد الخوئي اذا آتي بواجبات اثناء الصلاة لادليل على انها مبطلة للصلاة. لانها ليس مرتبطة. الزيادة بالارتباط.
ان شاء الله نواصل اكثر بقية البحث.