46/08/02
النهي عن العبادة و المعاملة (27)/ مبحث النواهي/الالفاظ
الموضوع: الالفاظ/ مبحث النواهي/ النهي عن العبادة و المعاملة (27)
استدراك النهي عن جزء العبادة والنائيني
قبل ان نخوض في النهي عن المعاملات نستدرك شقا من الشقوق بيناه بالاجمال وفصل فيه النائيني والسيد الخوئي وهو بحث مهم في النهي عن جزء العبادة. وقد يكون الشرط والوصف في بعض صورهما ملحقين به.
الميرزا النائيني بنى على ان النهي عن الجزء مع إتيان الجزء المنهي عنه مبطل للصلاة من اربع وجوه او خمسة. الجزء المنهي عنه مثل ما اتى بسورة العزائم.
هذا البحث في السورة المتضمنة لآيات العزائم يبحث فيها الاعلام بحسب مقتضى القاعدة لا بحسب الدلالة الخاصة في النصوص الخاصة في القران او النصوص الخاصة في آيات العزائم.
النصوص الواردة في آيات العزائم في النهي عن قرائتها وهذا بحث آخر وليس كلام الاعلام فيها. مختارنا مختار المشهور وليس مختار السيد الخوئي ولا النائيني. كلام الاعلام ليس في الدلالة الخاصة كما مر بنا مرارا ان البحث في النهي عن العبادة او المعاملة هو النهي الأجنبي بمعنى انه من باب آخر غير العبادة والمعاملة. لان النهي الخاص او المرتبط بالعبادة او المعاملة له ظهور وضعي في الفساد علاوة على التكليفي وربما يتمحض في الوضعي. اذا كان نهيا خاصا منبثقا من ملاك في نفس العبادة او المعاملة ومتعلقا بالمركب فتلقائيا يكون له ظهور في الفساد.
طبيعة كل دليل وجوبي كالامر او تحريمي كالنهي يتعلق بالمركب يكون له ظهور في الحكم الوضعي وهذا بحث آخر في النهي الخاص.
الكلام هنا في النهي الذي اتى من باب آخر وهو اجنبي، هل يقتضي الفساد ام لا؟ مثل النهي من ملاك آخر. مثل النهي عن مكان معين بملاك الفتنة بين الجنسين. هذا لا ربط لها بالصلاة. فمسألة النهي هل يقتضي الفساد عقلية يعني ليس دلالة خاصة وليس مرتبطا بالعبادة او المعاملة بل من باب آخر وملاك آخر وارتبط صدفة او دائما بالعبادة. مثل النهي عن البيع وقت نداء صلاة الجمعة. هذا ليس صدفة بل نهي دائم. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسعوا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ يقولون هذا النهي مما نحن فيه مع انه نهي دائم. عموم وخصوص من وجه لكنه دائم. وهو ليس نهيا خاصا بباب البيع. ليس من قبيل ﴿احل الله البيع وحرم الربا﴾ هذه الآية في التحريم المعاملي. ﴿لا تأكلوا اموالكم﴾ تحريم معاملي. فإذا محل البحث في النهي الأجنبي سواء تعلق بالعبادة او جزءها صدفة او دائميا. نكرر تأكيدا لنقطة البحث.
الميرزا النائيني في هذا المركز وهو النهي الأجنبي يدعي بطلان العبادة بوجوه أربعة او خمسة. ويمثل بآية العزائم في الصلاة. فجملة من الوجوه سبق ان استعرضنا كلامه ونقاش السيد الخوئي التمام.
بقي وجه اشرنا اليه فهرسيا ولم نخض فيه تفصيلا. وحري ان نخوض فيه تفصيلا لانه من مباحث الصلاة او العبادات ويترتب عليه ثمار اكثر.
من الوجوه التي ذكرها الميرزا النائيني في هذا المطلب ان هذا الجزء المنهي عنه إما يكتفي به مع انه منهي عنه فسوف تكون العبادة ناقصة اذا أصبحت العبادة ناقصة فستكون ناقصة ولو بترك جزء غير ركني لانه عمدي. ولأن تعلق النهي به يستلزم اخذ عدمه فيكون مانعا. وهذا بحثنا عنه سابقا أن صرف النهي لا يقتضي اخذ عدمه وضعيا. لان النهي تكليفي ولا ملازمة له مع النهي الوضعي.
وجه آخر عند الميرزا النائيني مر بنا وهو الفرق بين الفساد الشرعي والفساد العقلي والشرعي يعني اخذ عدمه في المركب وسبق ان مر بنا في الفرق بين الفساد العقلي والشرعي. فالنهي عن العبادة يقتضي الفساد العقلي لا الشرعي ومكثنا فيه طويلا. هذا بحث آخر.
يقول مضافا الى ما مر: أنه اذا لم يقتصر بالجزء المنهي عنه ويأتي بجزء آخر غير منهي عنه مثل ما اتى بسورة منهي عنها ثم يأتي بسورة أخرى. «هذا البحث بحسب مقتضى القاعدة لا الدلالات الخاصة» حتى قراءة آية العزائم بمفردها. هذا النهي في باب الصلاة في تخريجه الصناعي الفقهي فيه اقوال لدى الاعلام ولسنا في صدد الخوض فيه. ولعلنا نذكر المختار فيه خلافا للميرزا النائيني والسيد الخوئي.
الكلام الان في قراءة سورة العزائم او الآية بحسب مقتضى القاعدة لا بحسب الأدلة الخاصة. لان الكلام بحسب مقتضى القاعدة مؤثر حتى في استظهار الأدلة. فلما نحرر القاعدة فيها ليس تنقيحا نهائيا بل بحسب مقتضى القاعدة وليس بحسب الدلالة الخاصة.
أي مسألة فقهية تدخل فيها يحتاج في استنباط الحكم فيها الى زوايا عديدة. فالان تنقيحنا بحسب القاعدة الأصولية مع هذه المادة الفقهية. وهذا يجب ان يلتفت اليه المستنبط ان زوايا البحث متعددة. لابد من تنقيحها.
محل البحث في النهي الأجنبي ونتعامل مع آيات العزائم معاملة النهي الأجنبي لا النهي الصلاتي. اذا استظهر واحد ان النهي فيها نهي صلاتي ليس الكلام فيه. الكلام في النهي الأجنبي. وكثير من الفقهاء استظهروا ان النهي عن آيات العزائم نهي غير صلاتي. فعلى هذا الفرض نبحث لا النهي المرتبط بملاكات باب الصلاة.
حينئذ الميرزا النائيني يقول: اصل النهي يقتضي الفساد الوضعي. مر بنا انه ليس صحيحا لانه غاية الامر يقتضي الفساد العقلي لا الشرعي.
وجه آخر انه يندرج في الكلام الآدمي. كل ذكر منهي عنه ينقلب الى كلام آدمي. رده السيد الخوئي ورده في محله. ان الذكر العبادي بصرف كونه منهيا عنه لاينقلب الى كلام آدمي. ولا يخرج عن مطلق الذكر.
الوجه الاخر: ادعى انه زيادة والزيادة في الصلاة مبطلة. وكلام الميرزا النائيني ليس عن خصوص ايات العزائم. أي جزء منهي عنه اذا لم يقتصر به المكلف فيأتي بجزء آخر غير منهي عنه. يقول هذا الأداء الثاني سوف يكون زيادة عمدية مبطلة. هذا احد الوجوه للبطلان عنده.
هذا التقريب من التقاريب العديدة ما فصلنا فيه القول. هو بحث صناعة أصولية وفقهية وترتبط ببعض فتاوى السيد الخوئي والسيد محسن الحكيم. لننتقل الى هذه الضابطة الصناعية.
النهي اجنبي والمنهي عنه جزء صلاتي ولا يقتصر عليه المكلف ويأتي بجزء آخر. يقول الميرزا النائيني احد الوجوه للبطلان زيادة عمدية تبطل الصلاة.
هنا السيد الخوئي عنده اعتراض على كلام الميرزا النائيني. هذا البحث في الزيادة العمدية في الصلاة او الطواف او السعي او الرمي صناعي معقد. كيف تتحقق الزيادة؟ يظهر من النائيني انه بمجرد التكرار يتحقق الزيادة. لكن الشيخ عبدالكريم الحائري وربما قبله الشيخ الانصاري لم يرتضوا ان مطلق التكرار زيادة. فعندهم هنا نقطتان صناعيتان مهمتان.
مثلا اذا رميت عشر مرات في الرمي بدل عشر مراتب. هل يبطل الرمي؟ تصوير الزيادة له نكتة مهمة في المركب العبادي. الاذان بزيادة الفصول يبطل؟ اذا اكرر الفصول اكثر من اثنين هل مرخص فيها او ممنوع؟ هل زيادة او تشريع؟ هذا بحث حساس ومهم.
النقطة الأولى: تقصد الجزئية. ان لم تقصد الجزئية ما يعقل ان تتحقق الزيادة. هذه ضابطة جدا ثمينة. يعني ليس كل ما تأتي به اثناء الصلاة او اثناء الطواف او السعي او الاذان والمركب العبادي هو جزء. اذا اتيت بالشيء في الاثناء قصدت الجزئية فيكون جزءا. سواء الجزء الصحيح او الزيادة او غير الزيادة بحث آخر. بدون ان يكون الشيء جزءا كيف يكون زيادة؟ لان الأجنبي ليس زيادة. ليس ضمنا. انما يكون زيادة اذا كان ضمنيا. هذا بحث صناعي عجيب ومهم. ان الشيء لا يكون زائدا في المركب العبادي الا بالنقطة الأولى وهي ان تقصد به الجزئية وتضمينه في المركب. والا لا يكون جزء المركب. بل يكون شيئا اتيت به مقارنا اثناء مجيئك بالمركب. فالزيادة ليس جزافا.
من زاد في المكتوبة فعليه الإعادة. من زاد في طوافه فيجب عليه الإعادة. بدون القصد ما زدت في الطواف. مثلا القيام بحركة دورانية حول الكعبة بلا قصد الجزئية لا يتحقق الزيادة في الطواف. فالزيادة تتقوم بقصد الجزئية والتضمين. صرف المشاكلة في الصورة للطواف او السعي لا يعني الجزئية والإدخال والتضمين.
رد علماء النجف قبل سبعين سنة او اكثر على الشبهة التي أثيرت في الكاظمية في المجيء بالشهادة الثالثة في الاذان. صاحب الشبهة اشكل ان هذه زيادة في الاذان والإقامة وبدعة. واشكل باشكالين معروفين في كتبه ومقالاته. الشبهة الأولى هي انها زيادة وبدعة. جواب الاعلام انه كيف تتحقق الزيادة ولم تقصد الجزئية. والا شبهة الوهابية صحيحة. اذا قلت بالشهادة الثانية وذكرت اسم النبي وصليت على النبي وآله يقولون ان الصلاة على النبي و آله زيادة وبدعة وحرام. ليست زيادة. ما قصدت ان الصلاة جزء الاذان. بل اتيت بمستحب مؤكد او واجب آخر اثناء الاذان. لم اقصد انه جزء الاذان. الوهابية قتلوا مؤذن المدينة والكعبة لانه زاد قبل الاذان بسبحان الله والحمدلله. مع انه ليس بدعة بل تسبيح مطلق قبل الاذان. اذكار قبل الاذان او اثناء الاذان لم يقصد بها الادخال في الاذان. يعني هذه المحاذير الوهمية انها جزء انها زيادة او انها بدعة. عجيب وغريب. ورد النص الصحيح بالصلاة على النبي وآله في الاذان لا من باب انه جزء بل من باب انه واجب او مستحب مقارن الاذان. هذه بحوث صناعية معقدة.