« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/07/14

بسم الله الرحمن الرحيم

النهي عن الشرط في العبادة على اقسام/ النهي عن العبادة (20)/النواهي

الموضوع : النواهي/ النهي عن العبادة (20)/النهي عن الشرط في العبادة على اقسام

 

كان الكلام في ان النهي عن الجزء غاية ما يستلزم الفساد العقلي وهو النقص في المركب ولا يستلزم المانعية العامة ولا الخاصة كما مر. طبعا ذكرية الشهادة الثالثة هناك فتوى للسيد محسن الحكيم حول ذكر «يا علي» انه لو اتى المكلف به الف مرة في اليوم وعند السيد انه من اشرف الاذكار. أيضا عبادية هذا الذكر لا كلام منه مع ان «اشهد ان عليا حجة الله» اصرح في الذكرية. وكذلك الشهيد الثاني وغيره من الاعلام نسبوا انها من احكام الايمان وعبادية الايمان اعظم من الصلاة.

محذور آخر ربما يذكره المرحوم النائيني في النهي عن الجزء من انه يستلزم فساد هذا الجزء واذا أراد إتمام هذاا لمركب لابد من المجيء بجزء آخر وغير منهي عنه واذا أراد ان يأتي بجز آخر ستكون زيادة والزيادة مبطلة في خصوص الصلاة.

أجاب السيد الخوئي انه ليس كل زيادة مبطلة في الصلاة. مثلا الدعاء ليس زيادة والذكر أيضا ان كل دعاء وذكر الله ليس بزيادة. كذلك ما ورد في الصلاة على النبي وآله. فالزيادة لابد ان تفرض في جزء اخذ بشرط لا. والا اذا اخذ الجزء لا بشرط فلا تحقق الزيادة موضوعا.

مضافا الى ان الزيادة ما تحقق بقصد التكرار والا اذا يكون ساهيا عن الالتفات الى الزيادة فإذا تحققت الزيادة عمدا وقصدا لكن اذا كانت الزيادة لا عن قصد وعمد حتى في موارد الجزء الذي اخذ بشرط لا مع ذلك ليس كل زيادة مانعة ركني. المانع غير الركني ليس مبطلا في الصلاة. انما الأركان زيادتها او نقيصتها مخلة بالصلاة اما اذا لم يكن اركان لا يخل بالصلاة.

اجمالا هذا تمام الكلام في الجزء وكلام السيد الخوئي وبقية الاعلام.

اما النهي عن الشرط صاحب الكفاية فيه فصل نفس تفصيل الجزء. اذا كان الشرط عباديا فالنهي عن العبادة يفسدها وبالتالي لا يتحقق الشرط. وان كان الشرط توصليا فالنهي عن التوصلي لا يخل بتحقق الشرطية.

طبعا مثاله البارز ثوبا الاحرام اذا كان غصبين فالستر شرط في صحة الطواف فهل يصح الطواف او لا. والستر توصلي في الطواف فبالتالي لا يخل بصحة الطواف لان النهي عن التوصلي لا يضر بوجوده. ولا يخل بالمشروط لان المشروط ليس منهيا عنه.

اما النائيني فصل بتفصيل آخر وقال اذا كان النهي تعلق بالمصدر فلا يكون فيه اشكال لان الشرط هو اسم المصدر. يعني بعبارةاخرى فصل الميرزا النائيني بين الشروط التي هي اسم المصدر والشروط التي هي المصدر.

اذا كان الشروط من اسم المصدر فالنهي لانه يتعلق بالمصدر والفعل الاختياري فلا يسبب ذلك اشكالا في اسم المصدر. لان الشرط ليس منهيا عنه. وان كان الشرط هو المصدر حينئذ يتعلق النهي بالمصدر وبماهو شرط فلا يصح. فاذا فصل بين الشرط اذا كان اسم مصدر او اذا كان مصدرا.

طبعا اذا نريد ان ندخل في دوامة الشروط لا بأس. هنا السيد الخوئي اعترض ان اسم المصدر والمصدر فلسفيا وعقليا وجود واحد وفرقها بالاعتبار فهذا التفريق من النائيني فيه اشكال.

لكنه ظاهرا تعبير الميرزا النائيني تعبير مسامحي. مراده شيء آخر كما يذكر في المثال. هو عبر بالمصدر و اسم المصدر لكن حقيقة مبناه في الشرط شيء آخر.

مثل هكذا: «لا تصل في الساتر الكذائي» هنا يستلزم البطلان. وان كان النهي عن التستر لا يستلزم البطلان كما يقول «لا تتستر بالساتر الكذائي» فيقول في الأول يستلزم البطلان والنهي عن ذلك اما في الثاني فالستر امر توصلي وبالتالي نهي عن التوصلي لا يخل بأداء غرض التوصل فلا يستلزم منه البطلان.

فاذا كلام النائيني لم يعبر عنه بالبيان العقلي. بل مراده شيء آخر. ان النهي تارة يتعلق بالطبيعة في ضمن هذا الشرط والقيد فيستلزم البطلان اما اذا تعلق النهي بنفس التستر فهو توصلي ولا يخل بالصلاة.

لطيف ان السيد الخوئي مع اشكاله على استاذه لكنه في بحث النهي عن الوصف والقسم الرابع فصل بهذا التفصيل. لكن لم يعبر باسم المصدر والمصدر.

دعونا ندخل في بحث التقييد والشرط وهو شيء معقد.

المعروف ان الشرط جزء عقلي وليس جزءا خارجيا. الأجزاء خارجية. اما الشروط فهي أجزاء عقلية وليست أجزاء خارجية.

بالدقة ما هو الشرط؟ فلفسيا الشرط هو تقيد الطبيعة بشيء. كتقيد طبيعة الصلاة بالستر. هذه نظرة فلسفية عقلية. وليس هو الساتر. بينما في المنهج الفقهي او الاصولي جملة من الأصوليين يعتبرون ان الشرط هو الساتر.

عندنا الساتر وعندنا التستر وعندنا تقيد الصلاة بالساتر. فذات الساتر شيء والتستر الذي هو فعل شيء وتقيد وضيق الصلاة بالساتر شيء آخر.

بالتالي ما هو الشرط؟ التقيد عبارة عن ضيق الطبيعة وتحصص الطبيعة يعني معنى انتزاعيا او معنى حرفيا ما شئت فعبر. اذا كان معنى التستر له معنى آخر واذا كان معنى الساتر معنى اخر.

مثلا الاستقبال: الكعبة شيء وتقيد الصلاة بالقبلة او الاستقبال شيء آخر عقلي. فقع بين الاعلام الأصوليين والفقهيين اختلاف في ان الشرط هل هو وصف او لا، بل هو التقيد.؟ قالوا اذا كان وصفا يعني التركيب النعتي واذا لم يكن وصفا فتركيب انضمامي.

ما هو التركيب الانضمامية وما هو التركيب النعتي في الشروط؟ التركيب الانضمامي شبيه بالاجزاء والتركيب النعتي يختلف مثلا في الاستصحاب العدم الازلي لا يجري. مثلا «كل امرأة تحيض الى الخمسين الا القرشية» هل المراد «كل امرأة تحيض غير القرشية» على سبيل النعت او «كل امرأة تحيض وليست بقرشية» على سبيل التركيب الانضمامي. صاحب الكفاية تعرض اليه في العام والخاص. فلاحظ تتذكرون انه مر بنا ان الخاص في التخصيص يكسبه عنوانا عدميا. هذا العنوان العدمي مثل الشرط. لكن هذا الشرط تارة بنحو التركيب الانضمامي وتارة بتركيب النعتي. المهم هذا بحث غاص فيه الاصوليون والفقهاء. ان الشرط تركيب انضمامي او تركيب نعتي.

لذلك في تقيسيم النهي قسموه الى اقسام منها النهي عن الوصف. فقابل الاصوليون بين النهي عن الوصف والنهي عن الشرط. ففرق بين الوصف والشرط.

فغالب المتاخري هذا العصر يقولون الشرط قد يكون نعتيا وقد يكون انضماميا. مع انه شرط وليس بجزء. فكيف تتصور الانضمامية في الشرط؟ لان الانضمامية خاصية الأجزاء. لان العلاقة بين الأجزاء انضمامية اما العلاقة بين الشرط والمشروط المفروض ان يكون نعتية لكن الاصوليون يقولون ليس هكذا دائما بل الشروط بعضها تركيب انضمامي. كيف نتصور التركيب الانضمامي في الشروط؟ ففيه خلاف وتحريره صعب حتى بين الفلاسفة. مثلا الشرط في العلة متمم لفاعلية الفاعل والشرط في القابل متمم لقابلية القابل فما هو فرق بين لاشرط و الجزء. اجمالا الذي يبنون في الشروط قد تكون كالاوصاف بنحو التركيب النعتي وقد تكون غير الاوصاف بنحو التركيب الانضمامي. مقصودهم من التركيب الانضمامي ليس بنحو الجزئية.

مثلا «لا صلاة الا بالطهور» لان الطهور سواء يكون السبب او المسبب شرط ليس ليس داخلا في الصلاة بل الصلاة مقيدة بها. يعتبر الاصوليون الطهارة تركيبا انضماميا للصلاة. مع انه ليس جزءا. بدليل انه اذا شككت الوضوء او الطهارة تستصحب الطهارة واستصحاب الطهارة يثبت وجود الطهارة والوضوء ولا يثبت ان الصلاة منعوتة بالطهارة. مع انه شرط لكن يتعاملون معه تعامل الأجزاء والتركيب الانضمامي. بينما لباس المصلي كونه مما يؤكل لحمه شرط لكن من قبيل النعت والمنعوت. وليس تركيبا انضماميا. هذا جريان الأصول العملية له ثمرة وكذلك غيرها. فبعض الشروط مع انها خارجة عن الصلاة لكن بتعاملون معها معاملة التركيب الانضمامي.

الميرزا النائيني رحمه الله في رسالة اللباس المشكوك وأيضا في باب العام والخاص يبحث عن استصحاب العدم الازلي لان العقدة فيه في موضوع الاستصحاب لانه ماذا يصنع الخاص بالتخصيص في العام. هل يكسبه وصفا نعتيا او يكسبه تركيبا انضماميا. مع ان القرشية من قبيل الوصف لكن هذا الوصف تارة يأخذ وصفا بنحو التركيب الانضمامي وتارة بنحو التركيب النعتي.

اجمالا اتفق كلمة متاخري الاعصار من الأصوليين ان الشرط يمكن بنحو الصياغتين. النعتي والانضمامي.

ضم هذا الكلام مع كلام الفلاسفة ان الشرط تقيد وليس قيدا. لكن كلام الأصوليين في نفس القيد ان القيد مأخوذ كنعت وهو مأخوذ بنحو الانضمام. التستر هو الشرط واما الساتر هو متعلق الشرط وهما غير تقيد الصلاة بالتستر. حيثيات متعددة. موجودة اما بسبب اختلاف الأنظار العقلية والعرفية. اجمالا الاصوليون والفقهاء لم يبنوا على ان الشرط هو التقيد فقط بل ذات الشرط أيضا. وهو اما مأخوذ بنحو النعت او بنحو الانضمام.

التقيد دائما توصلي واذا كان توصليا فليس عندنا شرط تعبدي والتوصلي. لكن هذا استعمال للشرط بالمعنى الفلسفي. لكن الشرط بالمعنى الفقهي و الاصولي المراد منه ذات الشرط. خلاصة الكلام في النهي عن الشرط. يجب ان نلاحظ مركز النهي. هل متعلق النهي هو عبادي فيفسد ولا يتحقق الشرط واذا كان متعلق النهي توصليا فلا يخل به الحرمة. لكن مع ذلك هذا التفصيل علميا التزم به الاصوليون لكنهم في الفتوى يحتاطون.

مثلا التستر بثوبي الاحرام المغصوبين في الطواف. باعتبار ان الطواف شرطه التستر. فاذا كان الساتر غصبيا على كلامهم ان التستر توصلي والنهي عن الساتر الغصبي لا يشكل مع ذلك قالوا ان الطواف فيه اشكال او الصلاة فيه اشكال مع الالتفات. لماذا؟ لان الفرض ان النهي لم يتعلق بالصلاة لانه ليس فيه «لا تصل في الثوب الغصبي» بل فيه « لا تستعمل الثوب الغصبي» لو كان النهي من قبيل الأول صحيح انه يخل. لكن النهي من قبيل الثاني ما المانع في ذلك؟ مع ذلك لم يصححوا الصلاة. هذا التفصيل الذي ذكروه في التعبدي والتوصلي لم يلتزموا به في الفتوى.

السبب هو أنه مر بنا ان معنى الشرط هو ضيق الحصة فهم يستشكلون بان ضيق الحصة والتحصص هل يمكن أن ينطبق على التقيد الناشئ من الغصب؟ فيه اشكال. تتمة الشرح غدا ان شاء الله.

logo