46/07/11
النهي عن الجزء في العبادة لا يقتضي المانعية/ النهي عن العبادات (17)/النواهي
الموضوع : النواهي/ النهي عن العبادات (17)/النهي عن الجزء في العبادة لا يقتضي المانعية
كان الكلام في ان النهي هل يقتضي تخصيص المأمور به المركب على مستوى التشريع ام لا؟ سواء في النهي عن الكل او الجزء او الشرط.
مر بنا ان المشهور غاية ما التزموا به هو عدم مطابقة المأتي به مع المأمور به من دون ان يكون النهي تصرفا تقنينيا تشريعيا على مستوى الانشاء. فهذا النهي التكليفي المحض كما هو فرض البحث (وليس وضعيا) هل مقتضاه التقنين والتشريع؟
الوجه الذي ذكره المشهور غايته عدم انطباق المأتي به مع المأمور به لا ان مقتضاه التصرف والتقييد وهكذا الجزء. هذا الوجه الذي استدلوا به فيما اذا كان في العبادة بجملته او جزءه او شرطه لان المغضوب لا يمكن ان يتقرب به. أما اذا كان الشرط توصليا هذا المقدار من الاستدلال لا يمانع حتى انطباق المأمور به على المأتي به. او اذا كان الجزء توصليا كذلك. لان الامر التوصلي دخالته ليس بنحو ان يأتى به لان يتقرب به بل يأتى به في نفسه ليس الا.
الميرزا النائيني ذهب الى ابعد من ذلك كعادته في المحاذير التي تقع في المراحل العقلية ويصاعد بها الى التشريع والمراحل الانشائية ذهب الى ان مقتضى النهي هو تقييد المأمور به بعدم هذا الشيء يعني بعبارة أخرى يعني المخصص و مر ان المخصص يقتضي العدم فاذا لم يتوفر العدم يكون المركب باطلا.
النهي عن الجزء او عن الكل او عن الشرط يوجب ان يأخذ عدم المنهي عنه في المأمور به فاذا اخذ عدمه فوجوده يكون مبطلا. لان ما أخذ عدمه يعني مانعا ووجوده مانع. فبالتالي اخذ العدم جعل ومؤونة زائدة. يعني ان مجرد النهي التكليفي يعني هذا العمل مبغوض. اما كون المبغوض عدمه قيدا وضعي في المركب مفاد آخر.
بغض النظر عن هذا المفاد وان النهي هل يتكفل جعله ام لا، لكنه مفاد آخر وضعي وجعل آخر والا النهي التكليفي المحض ليس الا الزجر عن الشيء. حينئذ مؤونة زائدة ومفاد آخر. حينئذ صرف المبغوضية في مقام الفعل والامتثال وبالتالي تنافر انطباق المأمور به على المأتي به لا يجعل من وجوده مفسدا مخلا ببقية الأجزاء لان هذا الدليل الذي استدل به المشهور غاية حده أن هذا المأتي به الجزء والشرط المبغوض لا ينبطق مع الجزء المأمور به. هذا يختلف عن كون هذا الجزء المنهي عنه مفسد لبقية الأجزاء. مثلا سورة منهي عنها فيأتي بسورة غير منهي عنها ويتدارك اذا كان المحذور مجرد عدم انطباق السورة المأمور بها على السورة المأتي بها. مثل السور العزائم.
الميرزا النائيني يقول حتى مع التدارك مشكل. لانه يدعي ان النهي عن سور العزائم او عن القران في السورة يعني اخذ العدم ومفاد وضعي زيادة على المفاد التكليفي المحض. هذه دعوى الميرزا النائيني.
مثلا يقرب الميرزا هكذاويقول: القران هناك من يذهب الى انه مانع عن الصلاة وهو يعني اقتران السورتين بعد الحمد. قولان في المسألة قول بانه مانع عن الصلاة او مانع عن السورة وقول بانه مكروه. فيقرب الميرزا النائيني: لو بنينا على ان الاقتران بين السورتين مكروه ففي خصوص سور العزائم نبني على البطلان. هذه السورة غير مجزءة عن السورة في الصلاة وزيادة على ذلك مجيءها مبطل للصلاة. فلا يستطيع ان يتدارك بسورة أخرى. هنا القران يكون مانعا. سورة مانعة والاقتران بسورة أخرى لا يفيد. لان المبغوض وهو لا يتقرب به ليس هذا فقط فحسب. بل هنا النهي التكليفي له مفاد وضعي. بحيث يكون السورة المنهي عنها اخذ عدمها في الصلاة. يعني حتى لو تأتي بسورة ثانية واقترنتها بسورة العزائم يكون مبطلا حتى لو بنينا على ان الاقتران مكروه. هذا بحسب قاعدة ان النهي عن العبادة يقتضي الفساد.
ثم قال ان هناك وجها آخر للبطلان من القواعد الخاصة بباب الصلاة خلافا لما مر بنا ان المنهي عنه يأخذ عدمه في العبادة فيبطل العبادة وهي قاعدة عامة. في المركبات العبادية بعض الفذلكات الصناعية ما مختصة بعبادة دون عبادة وبعضها مختصة.
هنا يذكر تقريبا آخر مختصا بباب الصلاة: ان هذه السورة المنهي عنها المجيء بها اذا لم يكن مرخصا به في الصلاة فسوف يكون كلاما آدميا وهو في نفسه مبطل. هذا وجه ثاني خاص بباب الصلاة
الوجه الثالث: لو أراد ان يتدارك تكون هذه السورة التي اتى بها ومنهية عنها زيادة عمدية مبطلة في الصلاة. فثلاث وجوه مختصة بباب الصلاة من الاقتران والكلام الادمي والزيادة ووجه عام من النهي عن العبادة.
السيد الخوئي اشكال على استاذه الميرزا النائيني مع انه يوافق استاذه في اصل كون المحاذير في المراحل العقلية للحكم الشرعي التطبيقية هي محاذير تتصاعد الى المرحلة الانشائية كالتزاحم مع ان التزاحم اهون من النهي عن العبادة. بينما هنا في خصوص هذه المسألة والنهي عن العبادة رفض السيد الخوئي ان يكون المحذور يرتقي الى مرحلة الانشاء بل يبقى في مرحلة التطبيق والفعل. وهذا يناقض صريح كلامه في اجتماع الامر والنهي. لان اجتماع الامر والنهي مع الامتناع اعتبره السيد الخوئي من التعارض مع انها صغرى هذا الباب. على كل غفلة لانها تدافع واضح. والصحيح ان هذه المحاذير في باب الضد والتزاحم والنهي عن العبادة كلها محاذير في مراحل التطبيق ولا ترتقي الى محاذير اصل الجعل والتشريع.
فهنا السيد الخوئي يشكل ان مفاد النهي التكليفي او كونه مبغوضا لا يتولد منه حكم وضعي بل هو مفاد تكليفي وهذا المفاد التكليفي يتنافر مع الانطباق لا انه يتولد منه مفاد وضعي واخذ العدم. هذا متين ومر ان هذا البحث اللب المركزي لكل مسألة النهي يقتضي الفساد ان النهي تكليفي محض ولا يقتضي الفساد الشرعي. انما الفساد عقلي في مقام التطبيق.
رد اخر من السيد الخوئي للوجوه الخاصة بباب الصلاة: الكلام الكلام ويقول ان غاية الامر ان النهي عن سورة العزائم تكليفي ومن اين نستفيد المفاد الوضعي؟ المشهور التزموا في صلاة الجماعة مثلا ان تقدم المأموم في الأفعال عمدا على الإمام لا بمقدار فاحش لا يخل بهيئة الجماعة وصحة الجماعة لكنه يأثم تكليفا. والسيد الخوئي التزم بذلك في الجملة. المقصود ان هذا المثال وامثلة أخرى عندنا نواهي تكليفية محضة في الصلاة لكنها ليست وضعية. فلا يكون ركوعه حرام لكن تقدمه حرام. مع انه نهي خاص بصلاة الجماعة ولم يستظهروا منه المفاد الوضعي. نعم لو تقدم بمقدار فاحش كركعة فلا تبقى صورة الجماعة هيئتها. المقصود ان السيد الخوئي يقرر ان صرف النهي التكليفي لا يستفاد منه المفاد الوضعي حتى لو كان خاصا بباب الصلاة فكيف ا ذا كان عاما. فالاقتران يبقى مكروها وليس ممنوعا.
الوجه الثاني أيضا عند السيد الخوئي غير تام. هذا الوجه تخدم الشهادة الثالثة ويقول: صرف كون هذه السورة المتضمنة لآية العزائم غير مأمور بها ومنهي عنها وغير مرخص في باب الصلاة لا يغلب هذا الذكر القراني الى كلام آدمي. بل يبقى ذكرا محرما ومنهيا عنها مثل صلاة الحائض. صورتها صلاة لكنها منهي عنها من الحائض. كونه حرام لا يعني ان هذه الحركات غير الصلاة. ولذلك السيد الخوئي وجماعة في بداية هذه المسألة ذكروا انه كيف يمكن النهي عن العبادة؟ قالوا ان المراد من العبادة ليس العبادة بالفعل بل العبادة ان هذا الفعل لولا النهي لكان يتعبد به لان صورته صورة العبادة. فمعنى العبادة ماهويا يعني انها شأنية العبادة موجودة فيه. فاصل فرض المسألة ان النهي يقتضي الفساد في ما كان شأنه الماهوي عباديا. هنا يقول ان السورة العزائم لا يعني يقلبها من سورة الى كلام آدمي. ماهيتها ذكر الله.
مثلا الحائض قراءة آيات العزائم لها حرام. كون آية العزائم قراءتها حرام لا يقلبها الى كلام آدمي بل يبقى ذكر الله. لكن هذا الذكر حرمه الشارع على الحائض. وقد التزم بعض القدماء ان قراءة القرآن حين الجماع محرمة او مكروه شديد. هذا لا يقلب القرآن لغير القرآن. لكن في هذه الحالة حرمه الله او كرهه الله. ولسانه لسان التهديد ويناسب الحرمة. المقصود ان هذا الذكر او هذ االمنهي عنه لا يقلبه الى كلام آدمي. بل يبقى ذكر الله. غاية الامر محرم.
يقول: أما النقطة الخامسة: فمضافاً إلى اختصاص تلك النقطة بالصلاة و لا نعم غيرها من العبادات انه لا دليل على بطلان الصلاة بالذكر المحرم فان الدليل انما يدل على بطلانها بكلام الآدميين و من المعلوم ان الذّكر المحرم ليس من كلامهم على الفرض.
ليس كلاما آدميا ولا مبطلا ولا ينقلب عن ماهيته. هذا ما نقوله بعينه في الشهادة الثالثة. يقول السيد الخوئي ان الشهادة الثالثة بضرورة الدين ذكر. فليس كل ذكر محرم ينقلب عن كونه ذكرا الى كلام الادميين. كيف غفل عن هذا المطلب الذي يصر عليه هنا بشكل كلي ان السورة او الآية المحرمة لا ينقلب الى كلام آدمي. ولا يكون مبطلا للصلاة لانه لادليل على بطلان الصلاة بالذكر المحرم. فما باله وافق السيد المحسن الحكيم في احتماله. اذا الصحيح ان الشهادة الثالثة أيضا هكذا.
صرف ما امر بها لو سلمنا جدلا لا يدل على بطلان الصلاة بها. والحال ان الشهادة الثالثة امر بها بضرورة الدين على كلام بحر العلوم. لذلك السيد الخوئي عنده احتياط وجوبي بالبطلان. ولا يفتي بالبطلان. اذا الصحيح لو غمضنا اعيننا عن مأة وجها لشرعيتها والوجوه الخاصة والعامة وعن وجوبها صرف انه يدعى انه غير مأمور بها فيكون كلام آدمي ومبطلا ينكره السيد الخوئي بجزم في رده على الميرزا النائيني.
ان الذكر المحرم لا دليل على مبطلته ولا دليل على انقلاب ماهيته ولا دليل على اندراجه في الكلام الآدمي. فكيف ان الشهادة الثالثة ما فيها نهي. ليس فيها امر لو سلمناه جدلا. فيكف يدعى انها مبطلة. مصادرات
هذا الكلام نعم الكلام.