46/07/06
الفساد العقلي او الشرعي في المركب العبادي صناعيا/ النهي عن العبادات والمعاملات (14)/النواهي
الموضوع: النواهي/ النهي عن العبادات والمعاملات (14)/الفساد العقلي او الشرعي في المركب العبادي صناعيا
كان الكلام في ان النهي يقتضي الفساد العقلي او الفساد الشرعي. ومر بنا ان الفساد الشرعي يعني أخذ الشيء مانعا في مقام التشريع فإذا وجد في المركب يفسده. أما عدم انطباق المأتي به مع المأمور به ففساد عقلي وليس فسادا شرعيا. فعدم التطابق بين الامتثال والمأمور به لا يعني ان المأتي به غير قابل للعلاج او التصحيح بل يمكن ان يكون قابلا للتصحيح والعلاج كيف ما امكن ليطابق المأتي به مع المأمور به.
شبيه إتيان المأمور به في البداية قبل ان يستتم. الى الان لم يتم تمام الأجزاء ولكن الأجزاء فيها صحة تأهلية بمعنى قابلية التصحيح. اذا عدم التطابق قابل للعلاج بخلاف ما اذا اخذ شيء من الأشياء مانعا مثل صدور الحدث او استقبال القبلة فهذا المانع يسبب انتفاء المركب من رأس فغير قابل للعلاج.
فهنا يقع الكلام في القسم الثاني من النهي. القسم الأول واضح ان النهي تعلق بالمركب برمته وهذا غير قابل للعلاج لان المأتي به لا يمكن ان يتقرب به لانه مبغوض للمولى. فمن ثم هنا فساد عقلي وليس فسادا شرعيا باعتبار ان المأتي به لا يمكن ان يتقرب به فغير مطابق للمأمور به.
يمكن ان يقال بعبارة أخرى ان عموم «اقيموا الصلاة» شامل لهذا المورد كطبيعة لكن لا يمكن ان ينطبق عليه لمانع عقلي أنه لا يمكن ان يتقرب به فمن ثم لا يكون التطابق بين المأتي والمأمور به. هذا في النهي عن الكل وفيه فساد عقلي.
من ثم نستطيع ان نلاحظ ان هناك فرق بين الخلل في النية والخلل في المركبات في الأجزاء والشرائط. الخلل في الأجزاء والشرائط نقص ويمكن ان يعالج اما الخلل في النية مانع عقلي عن انطباق المأمور به على المأتي به مع ان الأجزاء صورة كلها موجودة. ان الذي غير موجود هو الصورة النوعية والهوية النوعية للمركب. فبالتالي لنلاحظ كما يقول الشيخ جعفر كاشف الغطاء ان دخالة النية وصحة النية في المركب ليس من قبيل بقية الأجزاء وانما هي تغيير نوعي وهو الذي مر بنا في الفرق بين الاتمام والإكمال. في الاتمام ليس تغييرا نوعيا كآجر يصف فإذا تم يقال تم الجدار واذا لم يتم يحتاج الى التتميم لكن كل عنصر من عناصر الجدار لا تتغير هويته. هذا في الاستتمام «﴿اتممت عليكم نعمتي﴾» لكن الإكمال يختلف. مثلا ان الصلاة كل الأجزاء فيها موجودة لكن اذا لم يكن النية موجودة فهذه الأجزاء لا تعنون بالصلاة. فالنية دورها في الصلاة ليس على حذو بقية الأجزاء بل تغير نوعية الأجزاء من نوعية معينة الى نوعية أخرى. فصلاتية الصلاة كفصل نوعي في الهوية قائم بالنية. فالنية لها دور ركني كصورة نوعية.
اذا ليس كل ما له دخل في الأجزاء من قبيل الأجزاء والشرائط والموانع. ركن اركان الصلاة وهي النية نمطية دخالتها في الصلاة ليس من قبيل الأجزاء والشرائط والموانع. اذا كان هكذا فمن ثم اخذ ولاية الله وولاية الرسول وولاية اهل البيت في العبادات يغير الماهية النوعية للعبادة ان هذه العبادة عبادة لله او عبادة للطاغوت ولا يمكن ان تكون العبادة عبادة لله الا عبر ان يكون طاعة لله ولا يكون طاعة لله الا عبر ان يكون طاعة للنبي ولا يكون طاعة للنبي الا عبر ان يكون طاعة لأولي الامر. فالولاية التي هي شيء واحد ولاية الله وولاية الرسول وولاية القربى هذه الولاية نمط دخلها في العبادات دخالة الصورة النوعية في الشيء وليس كدخالة الأجزاء والشرائط والموانع. فمن ثم لسان الدليل فيه لسان آخر وليس كلسان الأجزاء والشرائط والموانع. فمن ثم قد يستغرب على ذهنية متاخري الاعصار انه كيف الولاية شرط. هي شرط بمعنى انها تغير هوية العمل.
مثلا الرياء ليس فقط يفسد الصلاة. بل يغير الهوية النوعية وزيادة على ذلك يعاقب المرائي على عمل الرياء. يعني عقوبتان عقوبة لترك الصلاة وعقوبة ثانية ان هذا العمل ليس عبادة لله بل عبادة لغير الله.
تارة عبادة الله ما تمت وتارة تتبدل هذه العبادة لعبادة غير الله. يترك عبادة الله ويعبد غير الله. كيف الرياء هكذا ليس فقط يفسد العمل بل يجعل العمل في نفسه معصية. فليس فقط ترك الطاعة. وفيه وعيد شديد ومن الكبائر. بتعبير ينادى يا فاجر ويا مشرك يا منافق يا غادر. نداء شديد للمرائي. الرياء ليس فقط يفسد العبادة ويغير الهوية بل يجعلها معصية وعبادة الطاغوت. «والذين كفروا اولياءهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات» كل من يعبد من دون الله طاغوت. سواء كان الطاغوت حاكما او منهاجا منحرفا عن سبيل الله. طبعا الطاغوت يعبر عنها بالاشخاص في القرآن.
اذا النية نحو دخالتها في العبادة تختلف عن بقية الأجزاء والشرائط وتغير ماهية النوعية كما ان الايمان يغير ماهية الإسلام من الإسلام الصوري الى الإسلام الحقيقي. بينما في بقية الأركان هذا اللسان لعل ما موجودة. مثلا الصلاة عمود الدين لكن هل يغير الماهية النوعية للاسلام والاعمال. فالولاية تغير الماهية النوعية للعمل العبادي. هذا بحث معترض بمناسبة الفساد العقلي والفساد الشرعي.
اذا كان الجهاد لإعلاء راية الضلال ورايات أخرى فلا يثاب بسفك دمه ويأثم أيضا. من ثم كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت بهذا اللحاظ. اذا كان المركزية لغير اهل البيت.
اذا فيه فساد عقلي وفيه فساد شرعي. هذا الوجه الذي ذكره الاعلام في العبادة المنهي عنها فلا تكون مطابقا ومصداقا للمأمور به فساد عقلي مع تغير الهوية النوعية.
اذا كان النهي عن الجزء او الشرط: هذا التقريب الذي ذكر في الكل يأتي في الجزء والشرط. ولكن هذا التقريب بناء على الفساد العقلي يقتضي فقط فساد الجزء وفساد الشرط. بحث الشرط مستقل وله جهة اشتراك مع الجزء وسيأتي. فيه جانب مشترك فيه جانب متميز والان كلامنا في الجانب المشترك مع الجزء.
فالنهي عن الجزء يعني ان الجزء لا يمكن ان يكون مطابقا للمأمور به. الكلام في القسم الثاني من الأقسام الخمسة في تعلق النهي بالعبادة. النهي عن الجزء اذا تقرر فيه نفس البيان الذي ذكر في النهي عن الكل.
في النهي عن الكل لا يمكن تصحيح العبادة لان الكل نهي عنه ولو لنهي طارئ واتفاقي. فلا يمكن التقرب به ولا يمكن علاجه ولا تصحيحه. ماذا عن النهي عن الجزء؟ النهي عن الجزء غاية ما في البين ان هذا الجزء المأتي به ضمن الكل لا يمكن التقرب به ولا يمكن ان يكون عبادة وما الضير على بقية الأجزاء؟ بعبارة أخرى في الفساد العقلي يعني ان هذا المأتي به غير مطابق للمأمور به والمفروض ان المنهي عنه هنا جزء فهذا الجزء غير مطابق للمأمور به لكن بقية الأجزاء ما فيه اشكال لكن هذا العمل ناقص. فلابد ان الكل يتمم بجزء ويستبدل بجزء بديل عنه فيقرأ سورة أخرى. هل هذا صحيح على القاعدة؟
الاعلام يقولون على القاعدة صحيح لان هذا الجزء المنهي عنه فسد عقلا فيستبدل بجزء غير منهي عنه ويلتئم مع بقية المركب ويستتم المركب فيكون صحيحا. هذا اذا كان الفساد عقليا.
لو كان الفساد شرعيا يعني ان الشارع جعل هذا مانعا يعني اخذ في الكل قيد عدم تواجد هذا الشيء والجزء. واذا اخذ عدمه يفسد كل العمل. مثلا صدور الحدث في الصلاة يفسد الكل. هو فاسد ومفسد. يفسد الكل لان الكل اخذ عدم هذا المانع في صحته فاذا اقترن هذا المانع بها افسدها يعني ان عموم الامر بالصلاة لا يشمل هذا المورد من رأس ولا يمكن علاجه حينئذ.
اذا فيه فرق بين الفساد العقلي والفساد الشرعي. في الفساد العقلي والنهي الذي تعلق بالجزء فالجزء فاسد لكنه ليس مفسدا اما الفساد الشرعي فحيث اخذ في الجميع عدم هذا الجزء فيفسد الجميع. ويكون غير قابل للتصحيح كمن فرط المركب كله. هذا في الفساد الشرعي والمانع الشرعي.
اذا المانع العقلي بالدقة الصناعية دليل الممانعة العقلية لا يرتقي الى التصرف في التشريع الكلي بحيث يأخذ السورة المنهي عنها عدمها في المتعلق مثل اخذ عدم الحدث وعدم الاستدبار. ليس من هذا القبيل. اذا المانع العقلي يمانع عن انطباق المأمور به على المأتي به من دون ان يتصرف في المأمور به في التشريع الكلي. فإنما يمنع عن انطباق المأمور على المأتي به.
اما المانع الشرعي اخذ في ماهية الصلاة عدم التكلم وعدم الاستدبار وعدم القهقهة. بعض الموانع اركان وبعض الموانع ليست باركان. كالشرائط والاجزاء بعضها اركان وبعضها ليس بأركان.
الركنية تفرض في الجزء والشرط وفي المانع. ليس كل مانع ركنا. غير الركن يعني الخلل الغير العمدي فيه لا يخل بالعبادة. جزء غير ركني اذا صار خلل فيه لا يفسد الكل مع عدم العمد. مانع غير ركني كالتكلم السهوي. رواية موجودة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى ركعتين وسلم وقالوا أيحدث في الصلاة شيء وقال أ ولا اتممت قالوا لا. فقام فأتم ركعتين. مضمون الرواية الصحيحة السند لكن المتن ليس صحيحا والعمدة صحة المتن. روايات عديدة لكن ليست صحيحة متنا. اما في الخلل في جهة الصدور او المتن. بغض النظر عن امتناعه على رسول الله لكن صورة المسألة صحيحة. مثلا افترض ان إمام الجماعة سلم ويسألون عنه بانه كيف اتممت وتكلم سهوا لا يترك الصلاة بل يقوم ويتم صلاته. لان السلام سهوي والتكلم مع الاخرين سهوي ولا يبطل الصلاة. هذا بحث في خلل الصلاة وليس كلامنا فيه.
المقصود ان المانع منه مانع ركني ومنه مانع غير ركني. والمانع غير ركني لا يبطل الصلاة مع غير العمد.
وكذلك الشرط والجزء. الكلام هنا بالدقة ان الميرزا النائيني رحمة الله عليه كعادته في مبانيه يقول ان المانع العقلي يرتقي به الى دعوى اخذ عدمه في المأمور به وفي الشرط أيضا هكذا. وهذا خلاف المشهور. والعجيب ان السيد الخوئي في اجتماع الامر والنهي يجعل المبحث على الامتناع من التعارض لكن هنا يرفض السيد الخوئي انه من التعارض حتى بالمعنى الاعم. بل يقول ان هذا فساد عقلي وا لفساد العقلي لا يتصرف في الدليل الانشائي الكلي.