46/06/27
الصحة والفساد شرعا وعقلا من النهي عن المركب/ النهي عن العبادات والمعاملات (9)/النواهي
الموضوع: النواهي/ النهي عن العبادات والمعاملات (9)/الصحة والفساد شرعا وعقلا من النهي عن المركب
كان الكلام في مسألة ان النهي عن العبادة او المعاملة هل يقتضي الفساد؟ والفساد تارة عقلي وتارة شرعي. الفساد الشرعي له آثار كما مر تختلف عن آثار الفساد العقلي. الفساد الشرعي يعني المانع الشرعي بينما الفساد العقلي يعني عدم انطباق المأمور به على المأتي به وهذا الاختلاف في المعنى كبير لان المركب سواء في المعاملات او العبادات اذا انضم اليه مانع شرعي سوف يبطله المانع ويفسده من رأس وأما اذا لم يبتلى المركب بمانع شرعي فالفساد العقلي بمعنى عدم اكتمال العناصر المأتي به مع المأمور به ويمكن اكماله ان لم يكن محذور آخر في البين. اذن في الفساد العقلي النقص قابل للتدارك او الصحة العقلية اما في الفساد الشرعي مقابل الصحة الشرعية الابتلاء بالمانع ويجعل المركب كالعدم. ففرق بين الفساد الشرعي انه يبطل المركب كله وبين الفساد العقلي الذي هو عبارة عن النقص الذي يمكن تداركه طبعا اذا تعلق النهي لا بكل العبادة والا اذا تعلق النهي بكل العبادة لا يمكن تداركها.
من ثم بالدقة هناك فرق بين ابتلاء المركب بنقص في الشرط الوجودي او الجزء فيمكن تداركه وأما اذا ابتلي المركب بمانع فلا يمكن قلعه فيفسد كل المركب. طبعا اذا كان المانع الشرعي مانعا عن مجموع المركب والا لو كانت مانعيته عن جزء المركب فيسبب فساد الجزء لا الكل. وهذا اخذها الاعلام بحسبان ان المانع عن الكل شيء والمانع عن الجزء شيء آخر. فاذن تلخص ان الفساد الشرعي يعني المانع عن الكل والا المانع عن الجزء بمثابة الفساد العقلي والفساد العقلي بمعنى النقص في المركب.
كما مر ان التنافي والمحذور في الضد او التزاحم او اجتماع الامر والنهي والنهي يقتضي الفساد مسائل ترتبط بالمراحل العقلية للحكم الشرعي والاطوار العقلية والتكوينية للحكم الشرعي يعني من الفعلية الى المراحل الأخيرة والمراحل العقلية عبارة عن ملابسات ومشخصات فردية للحصة من الطبيعي للحكم الشرعي المنحل. فالاختلال او النوع من التنافي او الخلل في الاطوار العقلية او التكوينية للحكم لا يخل بأصل ذات طبيعة حصة الحكم الشرعي. يعني فرق بين مرحلة الانشاء وانحلاله للموارد وبين الاطوار العقلية والتكوينية.
المانع الشرعي تقييد للمركب في مقام الانشاء للمركب اما الفساد العقلي نوع من المحذور في مقام الامتثال والاطوار العقلية والاعلام كل كلامهم يصب في ان المحاذير او المنافيات او الموانع التي يبتلى بها متعلق الحكم في مقام الاطوار العقلية ليست من سنخ ونوع المانع الذي يأخذه الشارع مانعا في مقام التشريع الانشائي. الحدث مبطل للصلاة مانع للصلاة وهذا مانع شرعي والاستدبار مبطل للصلاة والقهقهة العمدية مبطلة للصلاة والتكلم عمدا مبطل للصلاة. بعض المبطلات التي اخذها الشارع مبطلة هي اذا كانت عمدية فليست مانعيتها ركنية يعني في حال السهو والجهل ليس مبطلا وكذلك الخبث ليس مانعا ركنيا اما الحدث مانع ركني سواء جهل او سهى او نسى والاستدبار كذلك مبطل ومانع. بعض الموانع تزيل المركب وتعدمه.
الكلام هنا ان الفساد الشرعي بمعنى المانع الذي يأخذه الشارع في مقام الانشاء واهذا محذوره شديد. مثلا نهى النهي عن بيع الغرر» فتعاقد البيعان بغرر و الغرر مانع ركني فارادا ان يتفادا المانع ما فيه فائدة بل لازم ان يعيدا الصيغة. لان هذا المانع اذا تواجد يبدد الايجاب والقبول ولابد من تعاهد وانشاء مرة أخرى. حتى لو غلبت هذا المانع من الغرر الى استعلام المبيع. يعني ليس مثل الاجازة. مثل الرباء انه مبطل للقرض او البيع. طبعا الربا المعاوضي بلا شك يبطل البيع. فيه نوعان من الربا. الربا الديني فيه اختلاف بين الفقهاء قديما وحديثا ان الربا الديني هل يبطل العقد من الأساس او يبطل الشرط؟ يعني مانعية الربا الديني لانه شرط وليس داخلا في كنه العقد هل يفسد او لا يفسد لسنا في صدد الدخول فيه بل اجمالا في هذا الصدد ان الفساد الشرعي يعني مانعا عن الكل فيهد من كيان المركب المعاملي او العبادي. اما اذا كان الفساد عقليا فغالبا يؤول الى النقص وقد يكون فساد عقلي بسبب الكل وهذا أيضا يبدد الكل طبعا. اجمالا لب البحث في هذه المسائل العقلية الخمس او كذلك في مسألة النهي عن العبادة ان هذا الفساد عقلي او شرعي؟
احد الاخوة سأل: هل نبحث عن ان النهي له دلالة وضعية ام لا؟ لا ليس له دلالة وضعية وليس أيضا جعل وضعي في الجعل التكليفي. بحثنا في موارد تشريع الحكم التكليفي المحض لكن العقل يستكشف ان هناك فساد شرعي او فساد عقلي. الفساد سواء عقلي او شرعي محذور وان اختلفا في شدة المحذور وعلاجه.
اللطيف هنا الاعلام يبنون على ان الفساد العقلي محذور وفي بحث المقدمة يبحثون عن الامر بذي المقدمة هل يقتضي الامر بالمقدمة ام لا؟ يقتضي الوجوب العقلي وهو مسلم والاختلاف في اقتضاء الوجوب الشرعي وله الاثار. لكن هنا الأثر يترتب على الفساد العقلي او الشرعي. فالفساد الشرعي بمعنى المانعية والفساد العقلي بمعنى عدم التطابق.
القول الأخير ان الصحة شرعية في الحكم الظاهري واما الحكم الواقعي فليس شرعية. هذا التفصيل لا يمكن مساعدته لان هناك صحة شرعية بالنسبة الى الواقع كما مر بيانه.
الان لنتناول هذا المعنى في الصحة الظاهرية وهي تعني امارية الامارة والظن على صحة الامتثال. فالصحة بمعنى اعتبار الامارة على الصحة. مثل قاعدة التجاوز والفراغ واصالة الصحة. فهنا للصحة معنى آخر بمعنى اعتبار الامارة على الصحة الواقعية. وكما يقول الاعلام ان اصالة الصحة التي هي امارة على الصحة ليست قاعدة واحدة بل قواعد عديدة متباينة يجمعها اشتراك لفظي في الصحة واصالتها. هذا بحث موكول في الفقه.
اجمالا الصحة الظاهرية بمعنى الامارية وهذا صحيح ان الشارع يجعلها. فعندنا صحة والفساد بمعنى وجود والعدم وعندنا الصحة بمعنى التمام والنقص وعندنا الصحة والفساد بمعنى الامارية وهناك الصحة والفساد في باب الصحيح والاعم بمعنى توفر ووجود الملاك والفساد بمعنى عدم وجود الملاك. هذا معنى من معاني الصحة
معنى آخر للصحة هو امضاء الشارع للتقنين العقلائي وترشيده وتصحيحه بينما نهي الشارع او عدم امضاءه او تخطئته يسمى الفساد
نفس هذا المعنى باختلاف يسير ذكره المحقق العراقي ان الشارع يخطئ التقنين العقلائي او يصححه في وجود الملاك او عدم الملاك او في كون هذا التقنين العقلائي موزونا ومتوفرا على أصول القانون.
طبيعة علم القانون علم رياضي يعني ان القانون ثبوتا شبيه المعادلات التكوينية الرياضية. الاحكام ثبوتا وعالم الدلالة من عالم الظاهر والاستظهار ومرتبطة بعلم البلاغة والبيان والنحو الصرف والاشتقال والمعاني وهلم جرا ويتدخل فيها الاحكام العقلية أيضا. اما الاحكام والقوانين على صعيد الواقع من قبيل نظام المعادلات التكوينية الرياضية. ففيه فرق بين العالمين من الاحكام. قوة الدلالة وقوة الاستظهار من عالم آخر وان كان كل منهما يؤثر على آخر.
الشهيد الأول وكاشف الغطاء كثيرا ما سباحاتهم في عالم الثبوت والشهيد الاول قلما يتعرض للسند والترجيح الدلالي بل غالبا يتعرض الى المنظومة والملازمات في الثبوت سواء في الدروس او اللمعة وغاية المراد. بل عمدة بحوث الشهيد الأول في كتبه في المعادلات الرياضية للقوانين وكاشف الغطاء أيضا هكذا. ذكرنا مفصلا في كتاب مناهج صناعة الاستنباط. هذا هو الذي يسمونه متن الحكم والقانون الدستوري واعظم من قضية الظهور والسند.
اجمالا فاحد معاني الصحة ان الشارع يخطئ العقلاء ان هذا القانون عندكم لا تطابق الأصول الدستورية في القوانين. مثلا البرلمان تخطئه المحكمة الدستورية لانها لا تطابق الدستور والقوانين الفوقية وهذا هو بالدقة معنى العرض على الكتاب والسنة ومحكماتها. حتى متشابهات الكتاب والسنة والعقل والكشف تعرض على محكمات الكتاب ومحكمات السنة ومحكمات العقل ومحكمات الوجدان. الوجدان ادراك قلبي وضميري وروحي وفطري. حتى المناطقة ذكروا ان من مصادر اليقين الفطريات والجبليات.
هذه معاني عديدة للصحة والفساد ذكرها الاعلام في الصحيح والاعم.
متن مسألة ان النهي يقتضي الفساد.
قسموا النهي الى اقسام: هذا البحث ليس بحثا في الدلالة اللفظية أصلا واذا كان بحثنا في الدلالة اللفظية زيادة على الدلالة التكليفية ليس هذا البحث بل بحث آخر. مثلا النهي في المركب تكليفي او وضعي او تكليفي ووضعي هذا غير ما نحن فيه. ذاك البحث في الدلالة غير ما نحن فيه. ذاك البحث يعني هل هو ارشاد للفساد او ليس فيه دلالة على الفساد. هذه المسألة حصرا في موارد التي قام الدليل على ان النهي تكليفي محض رغم ذلك هل يستنتج العقل الفساد العقلي او الشرعي؟ الحاكم بالملازمة هو العقل وطرفا الملازمة قد يكونان عقليين وقد يكونان عقليا وشرعيا.
مثلا «لا تقرن بين الصورتين في الصلاة» هل هذا النهي تكليفي او وضعي؟ هذا الاختلاف في النهي لوارد عن اقتران الصورتين في الصلاة ليس من بحثنا هنا. هذا بحث في استظهار النهي لكن بحثنا في المقام انه اذا فرغ عن كون النهي في الاقتران نهيا تكليفيا هل العقل يحكم باستلزام النهي الفساد الوضعي ام لا؟ بعبارة أخرى آن الاعلام في المسائل العقلية الخمس قالوا ان هذه دلالات عقلية متممة للدلالة اللفظية. سواء الملازمة مع شيء عقلي او الملازمة مع شيء شرعي. محل البحث في هذه المسألة هو هذا ان النهي التكليفي المحض يقتضي الفساد ام لا؟
نذكر الفهرسة ونختم ونواصل غدا.
هذا النهي قسمه الاعلام الى خمسة اقسام. نهي عن كل المركب سواء العبادي او المعاملي. ونهي عن جزء المركب العبادي او المعاملي ونهي عن الشرط ونهي تكليفي عن الوصف الملازم ونهي تكليفي عن الوصف غير الملازم بمعنى الوصف المقارن.
هل وتيرة البحث في هذه الأقسام الخمسة على وتيرة واحدة ام يختلف؟ هذا البحث بالدقة خلل الصلاة والخلل في الطواف والسعي ورمي الجمرات والخلل في المركبات العبادية او المعاملية تصحيحه هنا. ما وراء الدلالة اللفظية الدالة على ان النهي تكليفي محض هل العقل يستنتج الفساد الشرعي او العقلي ام لا؟ بحث الخلل في التطبيق وليس في التشريع واللطيف ان السيد الخوئي هنا يرد على كلام النائيني ويقول انه ربما نمنع عن شيء مع انه ليس كلاما آدمي وهو بالدقة يرد على فتوى نفسه رحمة الله عليه في بحث الشهادة الثالثة. سنذكر ان شاء الله.
المهم ان هذا البحث بالدقة بحث يعطيك صناعة الخلل في المركبات وهذه الصناعة غير اصل التنظير الكلي للموانع والاجزاء والشرائط تشريعا. بحث الخلل نوع من بحث الحلقات وارتباط الأجزاء في المركبات كيف تناسب بينها.
المرحوم العراقي يقول: من كان مجتهدا في العلم الإجمالي التنجيزي وخلل الصلاة ولاتعاد انا اعطيه جزما الاجتهاد. بحث الخلل صناعته في هذا البحث. هذا غير التشريع الكلي. يجب ان نتقنه.