« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

 اختلاف آثار الصحة العقلية والشرعية/النهي عن العبادات والمعاملات/النواهي

الموضوع: النواهي/النهي عن العبادات والمعاملات/ اختلاف آثار الصحة العقلية والشرعية

 

كان الكلام في معاني الصحة والفساد العديدة فهناك صحة عقلية وصحة شرعية وفي مقابلهما الفساد العقلي والفساد الشرعي. انه في موارد الفساد العقلي قد يكون قابلية للعلاج والتدارك بخلاف الفساد الشرعي وسيأتي مزيد من التدقيق في الفارق بينهما. بعبارة أخرى تارة الخلل بحسب المراحل الانشائية والتشريع وتارة الخلل بلحاظ مراحل التطبيق والامتثال وبين هذين المقامين فرق سيأتي مزيد من البيان.

أيضا من معاني الصحة والفساد في المسبب هو الوجود والعدم ذكروه في مبحث الصحيح والعدم. تارة الصحة بمعنى تمام أجزاء المركب والفساد يعني النقص في أجزاء المركب «﴿اتممت عليكم نعمتي﴾» وتارة بلحاظ الماهية كالبيع الانشائي المسبب الذي لا يتصور فيه التركيب الخارجي حيث يقال فيه النقص والتمام بل انما يدور مدار الوجود والعدم وهنا الصحة بمعنى الكمال. فالمركب الخارجي تستطيع ان تقول فيه الوجود الناقص والوجود التام اما المسبب المعنوي مثل الطهارة المعنوية فهي اما موجودة او معدومة وليس كأجزاء الوضوء التي يمكن التعبير عنها التامة والناقصة. كما ان الصحيح عند المشهور ان الإحرام سبب ومسبب فعندنا إحرام خارجي والتلبية وعندنا إحرام معنوي ومسببي وهو إما موجود او غير موجود ولا معنى للتمام والنقص لان هذه الماهية المعنوية تركيبها عقلية وليست خارجية وهناك فرق دقيق بين المركب الخارجي والمركب الماهوي العقلي. في المركب العقلي الماهوي لا يقال التمام والنقص بل يعبر عنه بالوجود والعدم. اذا هذان معنيان آخران للصحة والفساد التمام والنقص والكمال والعدم.

الفرق العقلي اللغوي بين «﴿أكملت لكم دينكم﴾» وبين «﴿اتممت عليكم نعمتي﴾» قد يثبت نعمة الأمان وشببه للاسلام الصوري او الهدنوي او الانتحالي تسعة اقسام للاسلام في الأبواب المتعددة اما الإسلام الواقعي والدين المرضي عنه الذي اكمل فهو ليس له التمام والنقص بل هو هوية واحدة. فالشهادة الثالثة دخيلة في اصل وجوده غير الإسلام الذي يشير اليه في آية أخرى «﴿لاتقولوا في من القى اليكم السلم لست مؤمنا﴾» وغير الإسلام الذي يشير اليه القرآن الكريم «﴿ان جنحوا للسلم فاجنح لهم﴾» وكذلك غير الإسلام الذي يشير اليه القرآن الكريم في المنافقين الذي يشهدون بالشهادة «﴿والله يشهد ان المنافقين لكاذبون﴾» في نفس الإسلام. ربما عشر آيات تصرح بنفي الإسلام «لا الايمان» عن المنافقين. فاي اسلام ينفى عن المنافقين مع انهم يحكم بحفظ أموالهم ودمائهم. فهو اسلام واقعي. فلا يظنن جملة من الاعلام ان الإسلام لا يؤخذ فيه الايمان باهل البيت. هذا مناف للتبع للابواب والأدلة والروايات والآيات واقوال الاعلام. الإسلام الصوري الظاهري احكامه كاحكام اهل الذمة. «لا تصلي على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره» هذا ليس اسلاما واقعيا.

فاليوم أكملت ورضيت بين الوجود والعدم لا انه ناقص وتمام والولاية مأخوذة بنص آيات المائدة «﴿ان لم تفعل فما بلغت رسالته﴾» نفي مطلق وكذلك اية المودة وكثير من ايات الولاية تبين اصل الإسلام فضلا عن الروايات. على كل توهم جملة من الاعلام ان الإسلام لم يأخذ فيه الولاية ليس في محله. بل فرق بين الإسلام الواقعي والإسلام الظاهري.

اذا عندنا في الصحة والفساد سواء في العقيدة او الفروع في المركب الخارجي فيه التمام والنقص لكن في المركب المعنوي إما موجود او معدوم. اما تدريجية بيان الرسول لاصول الدين امر بديهي كما ان اول ما دعا الرسول اليه هو الشهادة الأولى والشهادة الثالثة دعا اليه الرسول في بداية الإسلام في الأيام الأولى لكن لخصوص بني هاشم او الخواص ثم شيئا فشيء لسائر الامة بكناية في التعابير والتأويل في الآيات المكية وأما النطق الصريح التنزيل في أواخر السور المدنية في النصف الثاني الأخير من العهد المدني لسيد الأنبياء بدء التصريح في التنزيل فالبيان تدريجي فدعوى الاعلام «لو كان لبان» دعوى عجيبة وليس في محله. لو كان دعوة ظاهرة وبارزة لأغرّ المنافقون واختطفوا كما ان النبي صلى الله عليه وآله في آية الغدير يعصمه الله من الناس في أواخر عهده. قالوا في الأيام الأخيرة للرسول انه ليهجر العياذ بالله. كفروا بنبوة النبي جهارا. في أواخر سنين الرسول صلى الله عليه وآله مرات عديدة اغتيل بنص آيات القرآن ومنهم من يساور الرسول. فكيف بك بالشهادة الثالثة. كما ان بروز الولاية في الفروع كان على عاتق الأئمة. لذلك الحلبي الفقيه في زمن الامام الصادق عليه السلام وصاحب الكتاب الذي كان يعمل به اربع قرون وسئل السيد المرتضى عن العمل بكتاب الحلبي وقال بالجواز وفيه روى هل اذكر أسماء الائمة عليهم السلام في الصلاة؟ روايتان. رواية سمهم جملة. هذا فقيه ويسأل عن ذكر الائمة ويرويه الصدوق. ورواية أخرى قال اجملهم. هذا الكلام موجود لكن في زمن الرسول ما بين كل احكام الشريعة للناس. قال ائتوني بكتاب ودواة وصار لغط وفوضة وتمردوا على الرسول ونبذوا الرسول بانكار النبوة. اصل العقيدة بالنبوة كان فيه مشكلة بين الناس في ابراز الولاية في العقيدة لا الفروع والله يعصمك من الناس. ما كانوا يتحلمون. نفس الكلام في الصحة في الإسلام.

نرجع الى المطلب اذا احد معاني الصحة هو الوجود والعدم. ان شاء الله تطبع رسالة في الإسلام ان فيه تسعة معاني بذكر الاعلام في الأبواب المتعددة. ولا تغتر باقوال الاعلام في باب واحد بل يلزم استقصاء الأبواب المتعددة للاطلاع على مبانيهم. في ابن الزنا مثلا في كل الأبواب يقولون انه ليس ابنا وليس نسبا لكن في باب واحد او بابين يقولون ان مقصودنا من عدم النسب أي النسب الطاهر او النسب الحلال. هكذا بحث الإسلام وبحث الايمان اياك ان تنغر بكلام المشهور او الأدلة في باب واحد. لذلك قالوا ان المخصص الواحد يخصص عشرات العموم.

الاقوال: القول بان الصحة والفساد مجعولان وقول بان الصحة والفساد غير مجعولين وقول السيد الخوئي بان الصحة في المعاملات مجعولة شرعية والصحة في العبادات غير مجعولة لان الصحة في المعاملات هي الصحة بمعنى امضاء الشارع والمسبب واعتباره الوجود. اذا اعتبره موجودا فهوصحيح واذا لم يعتبره موجودا فهو فاسد. فادلة الصحة الشرعية «احل الله البيع» بمعنى وجود المسبب. «لا تأكلوا الربا» يعني الفساد وعدم الوجود عند الشارع. في المعاملات يبني على ان الصحة والفساد شرعيان خلافا للعبادات لان الصحة في العبادات تطابق الامتثال الخارجي مع المأمور الخارجي وان تطابق ينتزع العقل الصحة فهو عقلي انتزاعي.

قول المرحوم الاخوند كالتفصيل عند السيد الخوئي لكنه يقول في المعاملات الكلية الصحة والفساد مجعولان لا الافراد الجزئية. فالفساد والصحة في المعاملات الجزئية انتزاع عقلي.

الشيخ الانصاري عنده عموما الاحكام الوضعية تكوينية انتزاعية. ظاهر كلام الشيخ في تنبيهات الاستصحاب ان الاحكام الوضعية منها الصحة الفساد ليست مجعولة اعتبارية وانما هي تكوينية انتزاعية. نعم في الاحكام الظاهرية الصحة والفساد مجعولة. هذا كلام الشيخ والنائيني.

أي الاقوال تام؟ والثمرة ان نعرف الصحة العقلية والصحة الشرعية. الفساد الشرعي قد يمكن تداركه بخلاف الفساد الشرعي غالبا. كما ان الصحة الشرعية يحتاج الى جعل وكذلك الفساد اما الصحة والفساد العقلي لا يحتاج الى جعل. اذا فيه ثمرات وفروق متعددة بين الصحة العقلية والصحة الشرعية.

فاذا كانت الصحة انتزاعية عقلية لا تطالب عن دليل الصحة لان العقل يدركه من تحديد المأمور به. ما يحتاج الى دليل الصحة بل لابد من تحديد الامر. هذه ثمرة مهمة. طبعا ليس حكم العقل مستقلا بل تبع لحدود الامر وانتزاعي. في الأقل والأكثر الارتباطي والشك فيه فالجزء المشكوك او الشرط المشكوك وجوبه تجري البراءة عن الزائد فيه. فيه اشكال عويص ومعقد. كل حاولوا ان يجابوا في اجراء البراءة الشرعية عنه وهذا الاشكال سبب ان الاخوند ما قال بالبراءة العقلية. هذا الاشكال مربوط بقضية الصحة العقلية والشرعية.

اذا أجريت البراءة عن الجزء المشكوك ما الذي يثبت ان الباقي هو الصحيح؟ لازم ان آتي بالعبادة الصحيحة. البراءة تقول انت لست بالجزء المشكوك لكن من اين نثبت هذا الأقل صحيح. عندنا امر يقيني واشتغال يقيني ومن اين نثبت الفراغ اليقيني عن الذمة. من اين تحرز ان الأقل صحيح كالشك في الموانع عن الصوم او شروط الطواف او شروط الحج فمن اين تحرز ان الباقي صحيح. الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ ا ليقيني. الاشكال عويص.

السيد محمد الروحاني قال ان السيد الخوئي وافاه الاجل عدة مرات. وفي بعض المرات في المستشفى عند انشاءه الوصية قال أقول لكم حل علاج المشكل في الأقل والأكثر الارتباطي حتى تعلموا اني على وعي.

الجواب دقيق: اذا كانت الصحة مجعولة شرعا هنا في العبادات فطالبني بدليل اما اذا كانت الصحة عقلية لانحتاج الى دليل في الصحة بل الصحة تنتزع لمطابقة العمل مع المأمور به. ليس شيء وراء مطابقة المأتي به مع المأمور به والمطابقة موجودة قطعا. لو كانت الصحة مجعولة فلابد من دليل فيها واجراء البراءة لا يثبت الصحة. اذا في موارد الصحة العقلية الأصل فيها الطابق وليس شيء وراءه اما في موارد الصحة الشرعية الأصل العدم.

logo