< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/03/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ مقدمة الواجب

 

كان الكلام في ثمرات مقدمة الواجب وثمرة اجتماع الامر والنهي وبناء على وجوب المقدمة يمكن تصوير اجتماع الامر والنهي. طبعا بحث تنوع القيود سواء قيود الوجوب او قيود الواجب وطبعا في ما نحن فيه قيود الواجب.

اشكل صاحب الكفاية على هذه الثمرة بان عنوان المقدمية هنا اذا اجتمع الحرمة والوجوب على المقدمة، حيثية تعليلية وليس حيثية تقييدية. واللازم في المسألة ان تكون الحيثية تقييدية اما اذا لم تقييدية فليست من موارد اجتماع الامر والنهي.

رد هذا الاعتراض السيد الخوئي بانه وان كانت الحيثية في المقدمة تعليلية وليست تقييدية لكن مع ذلك نلتزم بمسألة اجتماع الامرو النهي بدليل ان المقدمة دائرة الوجوب فيها مع دائرة الحرمة عموم وخصوص من وجه. فحينئذ يدلل على ان حيثية الوجوب تختلف عن حيثية الحرمة. مثلا في موارد كون المقدمة موصلة فليس في البين حرمة او في موارد كون المقدمة غير الموصلة تكون حرمة بلا وجوب او لعل الحرمة أوسع حتى فيما لم تكن مقدمة. فبالتالي اذا دائرة الحرمة نسبتها مع دائرة الوجوب عموم وخصوص من وجه. من اين اتى اختلاف الدائرة؟ اختلاف الدائرة يقتضي ان حيثية المتعلق في الوجوب تختلف عن حيثية المتعلق في الحرمة. هذا جواب السيد الخوئي..

يمكن رد اعترض صاحب الكفاية بتقريب آخر وان كان كلام السيد الخوئي جيدا للرد على اعتراض صاحب الكفاية لكن يمكن بيان آخر او وجه آخر. علاوة ان الحيثية التعليلية والتقييدية في مسألة اجتماع الامر والنهي ليست لاصل المسألة بل لتنقيح ان المورد جواز اجتماع او ان المورد مورد الامتناع.

بعبارة أخرى: تارة يراد تنقيح وتصوير مسألة اجتماع الامر والنهي كمقسم اعم من صور الجواز وصور الامتناع حينئذ ليس ضابطة مسألة اجتماع الامر والنهي حيثية التقييدية في قبال التعليلية. واذا كان المراد به صورة من مسألة اجتماع الامر والنهي صورة الجواز كلام صاحب الكفاية له وجه. ان الجواز مبتن على الحيثية التقييدية بينما مآل الحيثية التعليلية يكون امتناع الاجتماع. هذا ينبه عليه المظفر عن اساتذته ان الامتناع لا يعني ان المسألة ليست مسألة اجتماع الامر والنهي غاية الامر هي مسألة اجتماع الامر والنهي مقسم لصورتين وشقين. صورة فيه الجواز وصورة فيه الامتناع. كانما صار خلطا بين موارد احد الشقين وهو الجواز وبين موارد الامتناع باعتبار ان الامتناع يعدي الى التعارض وبالتالي التعارض يكشف عن تواجد الحكمين كليهما في المورد بل احدهما. فكانما شق الامتناع هو نوع من تحرير المورد إخراجه عن مسألة اجتماع الامر والنهي. كانما صورة امتناع الاجتماع مآلا اخراج لصورة الامتناع عن موضوع المسألة. هكذا يمكن تقريبه لصاحب الكفاية لا انه خارج عن المقسم الاعم من الصورتين. هكذا يمكن توجيه كلام صاحب الكفاية. وهكذا قال المظفر ان القائلون بالامتناع او في بعض الصور في مورد الامتناع مآل امتناع الاجتماع يعني عدم وجود الحكمين لانه ممتنع فواحد من الحكمين موجود وفي صورة الامتناع كانما الامتناع المحمولي كاشف عن ثنائية الموضوع. اذا ليست من مسألة اجتماع الامر والنهي. بهذا البيان صح والا اذا اريد من مسألة اجتماع الامر والنهي بعنوان المقسم اعم من الممتنع والجائز وليكن ليس في البين في صورة الامتناع حيثية تقييدية. بالتالي هو مورد من المسألة كمقسم لا من مورد المسألة كالجواز. ففيه خلط بين شقي المسألة وبين اصل مقسم المسألة في كلام صاحب الكفاية. هذه نكتة مهمة ذكرها المظفر عن الكمباني وغيره من الاعلام والنائييني.

يمكن بيان آخر لرد اعتراض صاحب الكفاية وهو انه على الصحيح كما سيأتي حتى الامتناع والجواز لا يبتني على الحيثية التعليلية والتقييدية وان كان التقيييدية الجواز أوضح لكن حتى موارد التعليلية يمكن جواز اجتماع الامر والنهي. هذا بحث سيأتي في محله.

المهم في هذه الثمرة ان عنوان المقدمية ليس حيثية تقييدية بل حيثية تعليلية وهذا من تنوع القيود وقد يؤثر هذه الحيثية وقد لا يؤثر لكن لازم ان يلتفت اليه الباحث.

قد يكون القيد تعليليا وليس تقييديا وبالعكس، سواء قيد الواجب او قيد الوجوب. الواجب يعني متعلق الحكم يعني ان الحكم يتعلق به غير قيود الوجوب وهو الموضوع.

بين القوسين ان الحيثية التعليلية والتقييدية هناك اصطلاح اصولي فقهي وهناك اصطلاحات أخرى في الفلسفة والمنطق والعرفان. يعني ان التعليلية لها خمسة معان وفي قبالها التقييدية لها خمسة معان. بحسب اصطلاحات العلوم. لكن اصطلاح الاصولي هو المعهود في ذهن الاخوة وهو ان التعليلي لايكون مركب الحكم بل مركب الحكم شيء آخر. على كل تعليلية القيد او تقييدية القيد يفيد في أبواب كثيرة فقهية او أصولية وقد تكونان باصطلاح آخر في العلوم العقلية ويستخدمها الاصوليون. ما اريد ان ادخل في المعاني الأخرى لانها قليلا مغلقة سيما الفلسفية منها.

الثمرة الثانية التي ذكرت غير مسألة اجتماع الامر والنهي وذكرت في وجوب المقدمة ثمرتها صحة العبادة. ماذا ربط صحة العبادة بوجوب المقدمة؟ تقريب الكلام اذا بنينا على وجوب المقدمة والمقدمة كانت من العبادات وبنينا على وجوب المقدمة بنطاق ضيق وهو الموصلة وكانت المقدمة محرمة ففي ما كانت المقدمة موصلة فتصح العبادة باعتبار ان المقدمة اهم من حرمةا لمقدمة وفي موارد وجوب المقدمة لا تكون المقدمة محرمة فتصح العبادة بخصوص الموصلة. اما اذا لم يقرر الوجوب ربما يلتزم حينئذ بحرمة المقدمة الا بتوسط التزاحم او شيء آخر. والا لن تكون صحيحة.

ولكن هذه الثمرة هي مبتنية على ان التزاحم بين حرمة المقدمة ووجوب المقدمة اما اذا صورنا التزاحم بين حرمة المقدمة ووجوب ذي المقدمة والصلاة فالتزاحم ليس بين حرمة المقدمة ووجوب المقدمة بل بين حرمة المقدمة ووجوب ذي المقدمة فاذا قلنا بوجوب المقدمة او لم نقل فتصوير الصحة مبتن على علاج التزاحم بين حرمة المقدمة ووجوب ذي المقدمة ان ايهما اهم. فهذه الثمرة محل التأمل.

ثمرة أخرى: ذكره الاعلام انه بناء على وجوب المقدمة يحرم اخذ الأجرة على المقدمة بناء على قاعدة ان الواجبات لا يجوز اخذ الأجرة عليها. هذه أيضا اشكل عليها بان قاعدة حرمة اخذ الأجرة على المقدمة الاقوال فيها كثيرة. قسم منهم مثل السيد الخوئي مثل استاذه الكمباني ولعله الصحيح لا يقول بحرمة اخذ الأجرة على المقدمة بحسب القاعدة. ولا تبطل ايجاره الا في مورد يرد النص الخاص الدال على ان هذا الواجب مجاني. حينئذ لا يجوز اخذ الأجرة مثل القضاء ورد النصل انه لا يجوز اخذ الأجرة على القاضي مثل الاذان ودفن الميت وتعليم الاحكام الشرعية سواء من قبل رجال الدين او غير رجال الدين لا يجوز اخذ الأجرة عليه. اما الخطباء فالاجرة ليست على تعليم الاحكام الشرعية انما على شيء آخر. فما فيه اشكال ذكره الاعلام او الرواديد. ولذا قال الفقهاء في دفن الميت مع انه مجاني ان المفروض ان تأخذ الأجرة على المقبلات الموجودة في غسل الميت وتجهيز الميت يعني ما يكتنفه من الأمور المستحبة وغير الواجبة والتي مهمة عند الناس. اجمالا فهذه الثمرة في وجوب المقدمة ليست مسلمة ثم لو سلمت فسلمت في العبادات لا غير العبادات.

ثمرة أخرى: هي بر النذر يعني النذر وهذه ثمرة كما يقولون ثمرة ان التوصل بها ليس جديا انما من باب عدم خوائل المسألة بتاتا. لان النذر تابع للقصد بتاتا.

ثمرة أخرى ذكروها ذكر صاحب الكفاية هو نفس الوجوب الشرعي للمقدمة باعتبار ان مسألة مقدمة الواجب مسألة أصولية بالدقة ليس وجوب المقدمة بل الملازمة بين وجوب ذي المقدمة ووجوب المقدمة. المسألة الأصولية الاصلية بالذات ليست هي الوجوب الشرعي الغيري للمقدمة بل المسألة الاصلية الأصولية هي الملازمة بين الوجوب الشرعي الغيري للمقدمة مع وجوب ذي المقدمة. الملازمة ليس حكما شرعيا فقهيا بل هي تستطيع ان تقول طبيعة أصولية علمية يستنتج منها حكم شرعي فقهي فرعي. مثل امتناع اجتماع الامر والنهي وجواز الاجتماع ظاهرة عقلية تكوينية ثم يستنتج منها وتستثمر في الفقه بحكم شرعي فرعي. فهي مسألة أصولية يستنبط منها حكم شرعي غيري فرعي. فاصل المسألة هي الملازمة اما نقول بها او لا نقول. حينئذ يستنبط منها حكم شرعي غيري. فاذا اصل المسألة ضابطة أصولية يستنبط منها حكم شرعي. بهذا المقدار ثمرة لا اشكال فيه.

الا ان هناك اعتراض من النائيني والسيد الخوئي ان هذه الثمرة لابد ان ينضم اليها ضمائم أخرى أصولية وبالتالي لم تكن مسألة أصولية مسألة الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذي المقدمة نفسها. لذلك المظفر تبعا لاستاذه الكمباني يعبر عن مسألة المقدمة او الضد او اجتماع الامر والنهي او ان النهي يقتضي الفساد وتبعا لكثير من الأصوليين قبل الكمباني يعبر بالملازمات العقلية غير المستقلة. يعني بالدقة ان البحث ليس في وجوب المقدمة بل البحث المركزي في نفس الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذي المقدمة. فلذلك يسمونها الملازمات العقلية لان العقل يدركها وغير المستقلة لان الوجوب الغيري لا يتولد من الملازمة فقط بل لابد من ضميمة وجوب ذي المقدمة. كذلك في الملازمات الخمس. هناك مسائل عقلية بحثها الاصوليون في أبواب الالفاظ وهي هذه المسائل الخمسة وهناك مسائل عقلية بحثها الاصوليون في الحجج. مثلا ما الفرق بين المسائل العقلية في الالفاظ والمسائل العقلية في الحجج. في الالفاظ هذه المسائل العقلية الخمس كما ذكره الكمباني والمظفر تلك مسائل العقل النظري اما المسائل العقلية في الحجج مسائل الحكم العقل العملي وهذا ينبه على ان حجية العقل عند الأصوليين لا تختص بحكم العقل العملي الحسن والقبح بل تشمل احكام العقل النظري. التقسيم والتنويع أيضا الذي ذكره الكمباني بحسب غالب البحث والا في الالفاظ مسائل عقلية كثيرة وليس خصوص الخمس ملازمات. وهذه المسائل العقلية في الالفاظ جملة منها احكام العقل العملي وليس فقط احكام العقل النظري. كما ان في مسائل الحجج عمدة الابحات مسائل العقل العملي والا هناك مسائل العقل النظري أيضا. نعم التابع الغالب صحيح. ان هناك في الالفاظ نظري وفي الحجج عملي. اذا مراد الأصوليين عندما يقولون كلما حكم به العقل حكم به الشرع أي عقل؟ العملي او نظري؟ الصحيح ان كليهما صحيح.

اجمالا هذه المسألة متينة واشكال السيد الخوئي والنائييني انه لابد من ضميمة المسائل الأخرى الأصولية. ففي الحقيقة ضابطة المسألة الأصولية لانتفق مع مدرسة النائيني انه لابد ان تكون المسألة الأصولية التي يستنبط منها الحكم هي المسألة الأخيرة في الاستنباط اما ما دونها من المسائل التي لا يستنبط منها الحكم الشرعي مباشرة بل بواسطة او واسطتين ليس من المباحث الأصولية. هذا الشرط وهذا القيد ما انزل الله بها من السلطان. نعم مسائل الرجال وعلم الحديث وعلم اللغة لا تدخل لانها بوسائط عديدة. كلامنا في الوسائط القريبة. اشتراط أصولية المسألة ان تكون المسألة الأخيرة في الاستنباط هذا لا نرتضيه من النائيني وتلاميذه منهم السيد الخوئي.المهم الوسائل القريبة في الاستنباط. هذه ثمرة لا بأس بها

ان شاء الله بقية الثمرات في البحث اللاحق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo