< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء

إجزاء الاضطراري في بعض الوقت ثبوتا

 

الكلام وصل بنا الى أن المجيء والإتيان بالمأمور به الاضطراري الواقعي هل هو مجزئ عن المأمور به الأولي التام؟ وينقسم هذا البحث الى الاضطرار في تمام الوقت والاضطرار في بعض الوقت عندما يرتفع العذر في أثناء الوقت بحيث يمكنه المجيء بالمأمور به التام فهل وجود العجز في بعض الوقت يشرّع الاضطرار ويكون هذا المأمور به الاضطراري مجزئ عن الواقع أم لا؟ في هذا الفرض، فرض الاضطرار غير المستوعبة وقع عند الاعلام فيه جهتان او جهات.

الجهة الأولى: هل شرع الاضطرار لبعض الوقت أم لم يشرع بالأدلة العامة او بالأدلة الخاصة؟ ثبت العرش ثم انقش يعني أولا اصل الفرض وهو المأمور به الاضطراري واقعي يعني مشروع؟ ثم يأتي الكلام عن الجهة الثانية وهي ان المأمور به الاضطراري مجزئ أم لا؟ فهذه هي الجهة الأولى هل شرع الاضطرار لبعض الوقت أم لم يشرع؟ بحسب الأدلة العامة او الأدلة الخاصة.

هذه الجهة في الحقيقة يمكن التعبير عنه بعبارة أخرى عند الفقهاء بجواز البدار الواقعي. يعني أنه إذا شرّع فمبادرة المكلف إليه جائز واقعا باعتبار أنه مشروع في قبال ما إذا لم يشرّع الاضطرار هكذا واقعا فلامحالة إنما يرخص فيه ترخيصا ظاهريا كما إذا شك المكلف أن العجز سيبقى ام لا. بالتالي يستصحب بقاء العجز وإن انكشف له ان العجز لم يستوعب فيكون الاضطرار لبعض الوقت اضطرارا ظاهريا في بعض الوقت. فيدور أمره بين أن يكون واقعيا إذا شرع بحسب الأدلة وإذا لم يشرع بحسب الأدلة. إذاً لابد أن يكون الاضطرار لكل الوقت. فيجوز البدار بذريعة الأدلة الظاهرية مثل استصحاب بقاء العجز. طبعا هذا التقدير الأخير مجزئ أم لا يندرج في القسم الثالث إجزاء الظاهري عن الواقعي بينما هذا البحث إجزاء الاضطرار الواقعي عن الاولي التام الواقعي.

إذاً لكي نحرر ويتقرر موضوع الشق الأول من القسم الثاني وهو الاضطرار لبعض الوقت لابد من إحراز تشريع الاضطرار لبعض الوقت إما من الأدلة الخاصة او الأدلة العامة. حينئذ يتقرر موضوع البحث في هذا الشق الأول للقسم الثاني. وفي الحقيقة جهد الأعلام تركز على الجهة الأولى ثم على الجهة الثانية أن الأدلة هل هي دالة على شرعية الاضطرار لبعض الوقت ام لا؟

أيضا الاعلام بحثوا بحثا ثبوتيا لكي يرون الاثبات كيف هو. الثبوتي للجهة الثانية وأيضا تحرير الجهة الأولى. البحث الثبوتي يخدم الجهة الأولى ويخدم الثانية وبالذات الثانية. البحث الثبوتي كإمكان. ذكر الاعلام هكذا ان المجيء بالمأمور به الاضطراري الواقعي على فرض تشريع الشارع له في بعض الوقت من جهة وفائه بالملاك يتصور بأربع صور رئيسية. الصورة الأولى ان يكون وافيا بتمام الملاك فهو يقتضي الإجزاء والصورة الثانية أن يكون وافيا لبعض الملاك ولا يمكن المجيء ببقية الملاك وهذا أيضا يقتضي الإجزاء وإن لم يفي كل الملاك. في الصورة الأولى جواز البدار لا اشكال فيه وفي الصورة الثانية إن كان المكلف يعلم أن الاضطرار لبعض الوقت وافيا لبعض الملاك المبادرة اليه مشكل مع أنه يمتنع المجيء ببعض الملاك الباقي. البدار جائز أو لا؟ قد يقال جائز لأن الاضطرار مشروع وواقعي. من هذه الجهة شرعي لكنه من جهة أخرى غير مشروع لأنه يمتنع الوفاء بباقي الملاك. الصورة الثالثة أن يكون الاضطرار لبعض الوقت يفي لبعض الملاك ولا يمتنع المجيء بباقي الملاك بتكرار المأمور به الأولي وإعادته لكن بنحو الاستحباب لأن الذي تبقى من الملاك ليس بالمقدار الإلزامي بل مقدار شبيه بالندبي. في هذه الصورة هل البدار جائز ام لا؟

الصورة الرابعة أن يأتي ببعض الملاك ووافيا لبعضه ويبقى البعض بنحو إلزام ويجب ان يتداركه فيجب الإعادة. إذاً أربع صور. هذه الصورة الرابعة جملة من الاعلام منهم النائيني والسيد الخوئي يقولون ان الاضطرار فيها غير مشروع فالبدار أيضا غير مشروع لأن البدار تابع لمشروعية الاضطرار.

قالوا لعدة وجوه. وجه أنه أي تصوير للواجب هنا؟ هل هو اقل واكثر؟ يعني المأمور به الواقعي التام لابد ان يأتي به لماذا يأتي بالاضطراري مع انه لازم ان يعيد؟ هل لابد ان يأتي بالاختياري وغير الاضطراري بمفرده او يأتي بالاضطراري مع الاختياري؟ هذا تخيير بين الأقل و الأكثر والتخيير بين الأقل والأكثر كثير من الاصوليون قالوا باستحالته لان الأقل هو اللازم والأكثر مستحب فقالوا الاضطرار هنا غير مشروع او ممتنع التصور. في هذه الصورة هو ملزم بالاختياري إما لجبران نقص الاضطراري في الملاك او لكونه هو بالأصل واجبا حتى لو لم يأت بالاضطراري. إذا كان مأمورا به فلم يأمر بالاضطراري؟ من ثم بنى السيد الخوئي الميرزا النائيني وتلميذه السيد الخوئي على أن الاضطرار الواقعي في بعض الوقت لامحالة يلازم الإجزاء وجواز البدار. لأن الصورة الرابعة قالوا باستحالته ومقتضاها عدم الإجزاء وعدم الاكتفاء والكفاية. فلا محالة تكون الصور ثلاثة. فلذا قالوا ان الاضطرار الواقعي في بعض الوقت اذا كان واقعيا يستلزم الإجزاء وجواز البدار فضلا عن الاضطرار في كل الوقت ونفس الكلام يجرونه الى الاضطرار لكل الوقت. أربعة صور في الاضطرار لكل الوقت اذا لم يبق من الملاك او بقي مقدار يمتنع الاتيان به او لا يجب الاتيان به او بقي بمقدار يلزم الاتيان به. لذا قالوا الاضطرار الواقعي لا محالة يلازم الأجزاء ثبوتا.

لكن في الاثبات بين النائيني والسيد الخوئي خلاف. النائيني اتبع المشهور من الفقهاء والسيد الخوئي خالف المشهور. فاذا في الثبوت قالوا بإمكانية الصور الثلاث وصحتها اما الصورة الرابعة ممتنعة

لكن الجواب أن الصورة الرابعة ليست ممتنعة. كشخص أكل أكلا غير شهي مع أنه يسد الجوع يبقى مقدار ملزم من شبع الانسان. فيأكل أكلا لذيذة. ربما يعلم من الأول انه سيصل الى الاكلة اللذيذة لكن يأكل هذا الأكل كي يسد الجوع فسيأكل الاكلة اللذيذة. فالملاك استوفي بعضه بالأكلة غير الشهية. او من يصلي بالتيمم في اول الوقت ويعيد الصلاة في آخر الوقت بالوضوء ما الامتناع في ذلك؟ خيار أن يأتي فقط بالاختياري وخيار ان يأتي بالاضطراري والاختياري لا سيما أن اول الوقت لها مزية كالوجوبية. سيما أن الاضطراري مع أنه ناقص الاستيفاء لكنه يستوفي بعض الملاكات الندبية الاكيدة. ما المانع في ذلك؟ ودعوى أنا لا نتصور التخيير بين الأقل والأكثر الا ان يرجع الى المتباينين وليكن، يرجع الى المتباينين يعني الاضطراري والاختياري يباين الاختياري بمفرده. الاضطراري بمعية الاختياري يباين الاختياري. لأن الاختياري بمفرده يستوفي كل الملاك بينما الاختياري بمعية تقدم الاضطراري يستوفي بعض الملاك وهذا ليس أقل أكثر بل متباينان. الصورة الرابعة غير ممتنعة من جهة الإمكان العقلي مجرد كون الاضطرار الواقعي لبعض الوقت او حتى كل الوقت عقلا امكانا لا يستلزم الإجزاء. نعم بحسب الأدلة مستبعد ان لا يجزئ. لكنه غير ممتنع بل ممكن. هذا بحسب الثبوت. فجواز البدار لا يستلزم الإجزاء الا في ثلاث صور. يبقى الجهة الثانية ما هو مقتضى الأدلة العام او الخاصة؟ سنرى انها تقتضي الصور الثلاث ولا تقتضي الصورة الرابعة. كما ذهب الى ذلك المشهور. وهذا محل الابتلاء. البحث اثباتي وليس ثبوتيا. المشهور قسموا الاضطرار لبعض الوقت الى صور عديدة. الصور الأربعة كانت بلحاظ الغرض الان تقسيم الصور لا بلحاظ الغرض. تارة المكلف يعلم ان الاضطرار مستوعب لكنه يخطأ وعلمه جهل مركب. والصورة الثانية انه يائس أن يرتفع عذره لكن الاضطرار يرتفع. الصورة الثالثة من الاضطرار لبعض الوقت بحسب علم الله تعالى وهي انه يشك او يظن ان الاضطرار مستوعب او يظن انه لبعض الوقت. او يمكن ان يقال ان الصورتين الاولين العلم واليأس صورة واحدة. والصورة الأخيرة هي العلم بالارتفاع يعلم بانه سيرتفع الاضطرار في الوقت. المشهور قالوا أن الأدلة دالة على ان الاضطرار في الصورة الأولى بل حتى الثانية واقعي وليس ظاهريا. اثباتا الاضطرار في بعض الوقت في الصورة الأولى العلم واليأس والصورة الثانية الشك والظن واقعي اما الاضطرار في الصورة الثالثة الاضطرار غير مشروع الا اذا يدل عليه دليل كالحج او التقية. التقية مجزئة حتى اذا تعلم انها مرتفعة داخل الوقت. البحث هذا اثباتي والدليل الاثباتي للمشهور في قبال السيد الخوئي ماذا لابد ان نحرره.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo