< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، انقلاب النسبة، الوجه في اعراض الشيخ و الآخوند عن انقلاب النسبة

مر بنا هذه النقطة أن الشيخ الانصاري و صاحب الكفاية يستشكلان في انقلاب النسبة في العلاج والتكييف بين الأدلة والملاؤمة والتوليف بين الأدلة لأنهما يعتمدان علی الظهور التفهيمي في ملاحظة الأدلة بين بعضها البعض ولايلاحظان الظهور الجدي، بل المدار عندهما الظهور التفهيمي و يقولان أن الظهور التفهيمي لايتغير ولاينقلب، فالنسبة تبقی علی حالها، يعني المخصصات المنفصلة لاتحدث شيئا ولاتغلب الموازنة بين الأدلة فلاتقلّب الأدلة عما هي عليه. باعتبار أن غالب انقلاب النسبة لايرتضيه هذان العلمان.

المبنی الأخر مبنی الميرزا الناييني أن التعارض بين الأدلة والعلاج بين الأدلة هو بما هو حجة وليس هو بما هوهو. يعني أن هذا البحث مثل تعدد الدال والمدلول لأن المهم في الدلالة التفهيمية أو الإستعمالية المهم في الدلالة التصورية هي الدلالة الإستعمالية و المهم في الدلالة الإستعمالية يعني مااستعمل فيه اللفظ وإلا المفهوم اللغوي ليس كل شيء، نعم له حصة من الدلالة والتأثير والكاشفية لكن كل الدلالة مرهونة بالإستعمالية لذلك إذا أتت قرائن الإستعمال تحدد وتوجب تحويل المدلول التصوري إلی المدلول الإستعمالي الآخر، مجازيا أو كناييا أو إستعاريا وان كان للمدلول التصوري سهم وافر وأساسي في الدلالة، لكن يبقی أن الدلالة النهايية في الاستعمالي هي مجموع الدلالة التصورية بضميمة زوائد وهذه الزوائد ليست في التصور بل هذه الزوائد قرائن إستمالية، كذلك لمّا نأتي في المرحلة الدلالة الإستعمالية في الحكاية عن الدلالة التفهيمية، الدلالة الإستعمالية وعناصر الدلالة الإستعمالية لها دور مهم وسهم وافر وكبير لكن يبقی المدلول التفهيمي وليس محبوسا علی عناصر الدلالة الاستعمالية يعني قرائن الدلالة التفهيمية لابد أن تضم إلی عناصر الدلالة الإستعمالية، الكلام الكلام في الدلالة التفهيمية و الإنتقال إلی المدلول الجدي.

مثلا العموم الان مع المخصص المنفصل هل يعمل بالعموم في منطقة الخاص؟ ما أحد يقول به. لأن المدلول التفهيمي ليس كل شيء لابد أن يضم إليه قرائن أخری قرائن الجد بالإطباق و اليقين والبداهة. ليس بضروري أن تكون قرائن متصلة بل قد تكون قرائن منفصلة فبالتالي للوصول إلی المدلول الجدي نضم إليه القرائن المنفصلة وإلا لايمكن أن يعمل بالمدلول التفهيمي بشكل مبعثر لابد أن يضم الأدلة المنفصلة، هي تكون بمثابة قرائن الجد. إذاً لابد للوصول إلی المدلول الجدي لابد بالأخذ بالقرائن المنفصلة.

اذا كان الحال كذالك فلم لاتتبدل النسبة؟ صحيح، قد مر الأمس بنا أنه قد يكون التعارض في مستوی المرتبة التصورية فضلا عن بعده أو قد يكون التعارض في المرتبة الإستعمالية دون التصوري وقد يكون التعارض في المرتبة التفهيمية فضلا عما بعده لكن العمدة في بقاء التعارض هو المدلول الجدي يعني وصول التصوري أو الإستعمالي أو التفهيمي إلی الجدي، هوالذي يسبب التعارض. فلامحالة الإرادة الجدية لها دور.

إذا كان الحال كذلك فبالتالي إذا علمنا أن العام سواء العام التصوري أو الاستعمالي أو التفهيمي ليس مرادا جدا لايبقی علی عمومه بماهو حجة لما مر من أن الدلالة التفهيمية حجيتها اقتضائية و ليست حجيتها فعلية تامة، يعني لابد أن تضم إليها الأجزاء الأخر من الحجية كي تكون فعلية، إذا كان الحال كذلك ما المانع أن نقول حسب التفهيمية لاتنقلب النسبة هذا نعترف به بلحاظ التفهيمي المفروض انه قرينة منفصلة، لكن بلحاظ الدائرة الجدية و دائرة الحجية الفعيلة تنقلب النسبة، فكيف لاتتغير النسبة بينها؟ المدار كل المدار علی الجدية وليس علی خصوص التفهيمية، فالدلالة التفهيمية ليست حجيتها فعلية بل حتی تصل إلی الدلالة الجدية فالدلالة الجدية لاتتم بمجرد الدليل منفردا بل بانضمام منظومة الأدلة. هذا التصوير من ملاأحمد النراقي و الميرزا الناييني من أن الدائرة تجب ان تلحظ بلحاظ المراد الجدي.

مرت الإشارة بهذاالمطلب وعند الآخوند أيضا موجود، أن المراد الجدي فيه مراتب جدية وبالتالي الحجية الفعلية مرهونة بالمراد الجدي و المراد الجدي مرهون بالحجية الفعلية و ليست التفهيمية هي تمام عناصر الحجية بل هي حجية إقتضائية.

ببيان آخر: مر بنا أن الحجية فيها الحجية الاقتضائية و الفعلية. لماذا ميز الأعلام بين الفعلية و الاقتضائية؟ مرادهم من الحجية الإقتضائية يعني تصل إلی الحجية إذا لم تزاحم أو تمانع بحجية أخری أو إذا لم تتصرف فيها حجية حاكمة أخری. تصرف الحجية الحاكمة الأخرى ليس بالضروري أن يلقي المحكوم بل قد يضيّق أو يوسّع المحكوم المهم يتصرف في المحكوم كما يتصرف الخاص في العموم. فما أبعد بين كلام الشيخ الأنصاري وصاحب الكفاية و القدماء. القدما عندهم المخصص المنفصل يتصرف في المدلول الإستعمالي لاأقول كلهم أو المخصص المتصل. الشيخ الأنصاري وصاحب الكفاية يقولان المخصص المنفصل لايتصرف في الجدي أيضا.

هنا تسائل ننصف الشيخ الأنصاري وهذا التسائل ليعمّق مبنی الناييني و العراقي و غيرهما من الأعلام .

قبل أن ندخل كلام الأعلام إذاً خلاصة الكلام أن انقلاب النسبة يعتمد علی المخصص المنفصل وفيها صور عديدة وحالات عديدة. هذه عمدة ركازة كل باب انقلاب النسبة وأساس فكره الجامعة أن المخصص المنفصل يغير النسبة. وأن المقارنة والمناسبة بين نسب الأدلة العمدة فيها الملاحظة بحسب المراد الجدي و التعارض بحسب المراد الجدي. وإن كان القول الثاني يقر أن التعارض علی مراتب، تارة تصوري و تارة إستعمالي وتارة تفهيمي وتارة في الجدي. التعارض له مراتب من الموضوع هذا صحيح لكن بالتالي المخصص المنفصل له دور في الحجية الفعلية و إنما تناسب و تقارن وتلاحظ الأدلة مع بعضها البعض بلحاظ المرادالجدي وبلحاظ القرائن المنفصلة. هذا محصل المبنی الجامع في انقلاب النسبة علی خلاف القول بان الأدلة تلحظ علی صعيد الدلالة التفهيمية فقط.

فيه تسائل نساند فيه كلام الشيخ و الاخوند ولكن هذا له جواب: التسائل يقال: أن المفروض في بحث انقلاب النسبة أن عندنا كثرة الأدلة ثلاثة فمافوق، والمفروض علی مبنی العراقي و الناييني يلاحظون المراد الجدي. فالسؤال لماذا يلاحظ النسبة بين بعض الأدلة وبعضها بشكل اسبق ثم تلاحظ النسبة بين بعضها الآخر بين الدليل الثالث و الرابع. لم لاتلاحظ النسبة مجموعيا وهم في عرض واحد. يعني كأنما هذا التساؤل علی أن الدلالة التفهيمية ليس كل موضوع الحجية و يتنازل عن كلام الشيخ والاخوند شيئا ما بل لابد من ضميمة الأدلة المنفصلة باعتبار أن المنفصل لايتدخل في تركيب الدلالة التفهيمية تركيب الظهور التفهيمي لايتدخل فيه الدليل المنفصل وان يتدخل في الحجية الفعلية و المراد الجدي. فالمنفصل عنصر في المدلول الجدي و ليس عنصرا في الدلالة التفهيمي. هذا التساؤل يقول: لماذا نلاحظ بعض الأدلة قبل بعضها الآخر؟ لأن عمدة النكتة هي التقدم و التاخر، أولا نلاحظ بعض الأدلة مع بعضها ثم نلاحظ النتيجة التي تستخلص من دليلين مع الثالث وهلم جرا. لماذا هذا السبق و اللحوق؟ بأي وجه؟ سلمنا ان المدار علی المراد الجدي. لم المراد الجدي الملاحظة فيه تكون ترتبية؟

نستطيع أن نطرح هذا التساؤل بسياقة أخری، افترض أن عندنا ثلاث أدلة، نلاحظ الأول و الثاني ثم نلاحظ النتيجة بين الأول و الثاني مع الثالث. لماذا؟ المفروض أن الأول و الثاني ليسا حجتين فعليتين. الدليلان من الثلاثة من الحجية الفعلية أو الحجية الإقتضائية؟ ليسا حجتين فعليتين. لأن بعدهما ثالثا وما وصلنا اليه فإقتضائية أيضا، فلما تكون حجة اقتضائية هذه الحجية الإقتضائية كيف له نصيب غير المدلول التفهيمي؟ لاحظوا الخطوات، كل دليل بمفرده له دلالة تفهيمية والمفروض هذه حجية اقتضائية. لكن نريد الحجية الفعلية وهي المدلول الجدي. هذه الخطوة الوسط بأن نلاحظ بعض الأدلة مع البعض ثم نلاحظ المجموع هذه الخطوة الوسطية هي مدلول تفهيمي أو مدلول جدي؟ لاتقدرون أن تدعون أنها مدلول جدي لأنها ثلاثة أدلة منفصلة عن بعضها البعض. ماذا هذا المدلول الثالث؟ مدلول جدي أو مدلول تفهيمي أو مدلول معلق أو مدلول جدي وسط الطريق؟ هذه الحجية إقتضائية أو فعلية ؟ المفروض ان الحجية ليست فعلية لانه سنعاود و نلاحظ محصل الدليلين مع الدليل الثالث.

المهم دليلان من الثلاثة تلاحظ أولا ثم تلاحظ محصل هذين الدليلين مع الدليل الثالث وتلك تكون المراد الجدي النهايي و الحجية الفعلية. من قال هذا ليس تصوريا و استعماليا و تفهيميا و لاجديا نهائيا؟ هذه الدلالة أي شيء هي و أي مرتبة من الدلالة؟ تساؤل مهم و قويم ولكن الجواب اكثر قوة. هذا الترتيب في القرائن الموجود ليس في الجدي فقط هذا الترتيب في القرائن يكون في التصوري أيضا و الاستعمالي و التفهيمي. لمّا يقال المدلول التفهيمي لاتظن أنه مرتبة واحدة بل التفهيمي أيضا له مراتب. حتی الإستمعالي أيضا مراتب. حتی التصوري مراتب.

الان نشرح مثالا يسير ذكروها في البلاغة في التركيب الناقص في الجملة الناقصة، هذا التركيب الناقص ماذا؟ خطوة أولی المفردات وبعد ذلك يصير تركيبا ناقصا ثم بعد ذلك يصير تركيبا تاما. مثلا جملة الشرط وجملة الجزاء.
«إن خفي الاذان فقصر». «خفي» مفردة،
«الاذان» مفردة،
«خفي الأذان» جملة تامة، لمّا تقول
«إن خفي الأذان» رددت الجملة التامة إلی الجملة المعلقة فقصر، بالفاء ربطت الجملتين، أنظر المراتب، علی صعيد التصوري كم مرتبة؟ علی صعيد الإستعمالي كم مرتبة و علی صعيد الجدي أيضا كم مرتبة؟ حتی في التفهيمي. فرق بين المضاف و المضاف اليه و بين المضاف بمفرده و بين المضاف إليه بمفرده ثم المضاف والمضاف اليه يجعل في جملة تامة يختلف، هذا ليس فيه مانع إن كل مدلول له عناصر متراتبة. أنت لازم أن تحرز المبتدأ وتحرز الخبر و بعده تحرز النسبة بينهما، الهيئة بين المبتدأ و الخبر متأخرة عن المبتدأ و الخبر نفسهما و متأخرة عن القرنية الحالية التي تنضم إلی الجملة. مافيه مانع. في نفس المرتبة الواحدة فيها مراتب بحسب عناصر الدلالة والظهور. هكذا الحال في المراد الجدي، يكون قرينة مقدمة وقرينة مؤخرة، شيء طبيعي، حتی في التفهيمي أيضا هكذا، فيه قرينة مقدمة و مؤخرة مثل ما مر بنا في الأمثلة، ان الأمثال والتراكيب قد تتعاقب إلی الثلاث أو اربع أو اكثر مراتب في المدلول التفهيمي بمفرده أو الإستعمالي بمفرده. هذا البحث ذكره في القوانين في بحث الألفاظ حتی في البلاغة يعبرون عنه القرينة المركبة. ذي القرينة هو مركب والقرينة أيضا مركب، ذات أجزاء إذا تجمع تصير قرينة، قضية المراتب في بنيان الظهور تصورا و استعمالا و تفهيما و جدا مر متصور و ما فيه أي استبعاد.

ماسياتي في الصور الحالة الأولی والثانية والثالثة من انقلاب النسبة، ما يأتي من كل حالة و صورها هو عبارة عن تثبيت القرائن الصغروية للتقديم و التأخير. قرائن صغروية بلحاظ الكبری هي أن في الوصول إلی بنيان المراد الجدي يجب أن تلحظ الترتيب لذلك، فتنقلب النسبة. ما الموجب لهذا الترتيب؟ ما الموجب لهذا القرائن المنفصلة و المتصلة؟ سياتي، لكن أصل الفكرة صحيحة.

أولا الأدلة إنما يؤول عليها في الحجية الفعلية بلحاظ المراد الجدي لاالتفهيمي ثم تلاحظ النسب فيها ثم هذا المراد الجدي عناصر الدلالة فيه و المنفصلات بينها تقدم و تأخر و سيشرح في كل شاهد شاهد في كل صور، إذاً كبرويا و كليا الفكرة ان شاءالله صار واضحا.

الخلاصة: إن الأدلة تتعارض بلحاظ المراد الجدي و ليس بلحاظ المراد التفهيمي، التفهيمي خطوة من النهاية وليس هو النهاية فالعمدة إذاً الأدلة تتنافی بما هي تقترن الحجية الفعلية، كذلك لاتلاحظ بالمرادالإستعمالي مع أنه حجة إقتضائية لأنه لابد أن تلاحظ الحجية الإقتضائية التي هي أكبر منه و هي المراد التفهيمي وكذلك التفهيمي تلاحظ مع الحجية الأقوی التي بعده وهي مراتب المدلول الجدي. فأوضحه النراقي و الناييني في محله.

إن شاءالله نتعرض في الصور المتعددة في الحالات الثلاث و الشاهد الصغروي في كل صورة صورة الذي يوجب التاخر والتقدم في ملاحظة الأدلة. العمدة هذه النكات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo