47/06/18
بسم الله الرحمن الرحیم
النقاط المتعلّقة بكلام الشيخ في المبسوط/ النفقات /النکاح
الموضوع: النکاح / النفقات / النقاط المتعلّقة بكلام الشيخ في المبسوط
بقيّة النقاط المتعلّقة بكلام الشيخ في المبسوط كما يلي:
الثاني: إنّ ما ذكره من أنّ الزوجة قد لا تكون لها شأنيّة الاحتياج إلى الخادم في حال الصحّة ولكن تحصل لها هذه الشأنيّة في حال المرض، كلام صحيح ومرجعه إلى نفس الملاك العرفي الذي تقدّم، فإنّ العرف يفرّق في حكمه بلزوم دفع ما تحتاج إليه الزوجة ممّا يقوّم به ظهرها وصلبها، بين أحوال الزوجات المختلفة.
والعجب أنّ الشيخ مع ذهابه هنا إلی وجوب تهيئة الخادم للزوجة في حال مرضها، لم ير وجوب دفع أُجرة تداويها علی الزوج[1] ، مع أنّ الملاك في الموردين واحد، ولا وجه للتفصيل بينهما بالحکم بوجوب تهيئة الخادم لها وعدم وجوب دفع ثمن الدواء وأُجرة الطبيب.
الثالث: إنّ عدد الخوادم اللائي تحتاج إليهنّ الزوجة يتعيّن بقدر احتياجها لهنّ.
إلا أنّه يثار هنا سؤال وهو أنّه إذا كان العرف السائد في بعض المجتمعات يقتضي أن يكون لبعض الأشخاص عدّة خدم وإن كان احتياجهم الفعلي في ترتيب أُمورهم يمكن أن يسدّه عدد أقلّ من الخدمة، فهل يجب في باب النفقة اتّباع هذا العرف، أم أنّ الملاك هو مجرّد سدّ الحاجة الفعليّة في ترتيب أُمور الزوجة وإنجاز شؤونها؟
ذهب الشيخ إلی کفاية تأمين ما يحتاج إليه الزوجة من الخادمة لترتيب أُمورها، وما زاد على ذلك فليس بواجب على الزوج.
وفيه: أنّ الحاجة لا تقتصر على مجرّد إنجاز أُمور الزوجة، بل قد يعدّ تعدّد الخادم نفسه من حاجاتها العرفيّة في بعض الأحيان.
فلذا قال صاحب المسالك: «يحتمل اعتبار عادتها في بيت أبيها، فإن كانت ممّن تخدم بخادمين وأكثر، وجب إخدامها بذلك العدد، لأنّه من المعاشرة بالمعروف.»[2]
نعم، إذا عدّ تعدّد الخادم إسرافاً، أمكن القول حينئذٍ بأنّه زائد على حاجة الزوجة ولا يجب على الزوج تهيئته، وإن كانت الزوجة في بيت أبيها معتادة على التمتّع بإمكانات تفوق حاجتها.
وأمّا إذا شكّ في أنّ تعدّد الخوادم إلى أيّ حدّ يعدّ من حاجة الزوجة العرفيّة، فمقتضى القاعدة الاكتفاء بالقدر المتيقّن والبراءة عمّا زاد عليه.
الرابع: إنّ ما ذهب إليه الشيخ من أنّ للزوج اختيار طريقة القيام بخدمة الزوجة، إنّما هو فيما إذا لم تكن بين تلك الطرق فروق تعتدّ بها بحسب شأن الزوجة. أمّا إذا كان من شأن الزوجة مثلاً أن تكون لها أمة مملوكة تخدمها، فلا يجوز للزوج الامتناع عن ذلك ولا الاكتفاء بطريقة أُخرى في خدمتها.
ثمّ إنّه قال الشهيد الثاني في خصوص قيام الزوج بخدمة الزوجة بنفسه: «هذا فيما لا تستحيي منه كغسل الثوب، واستقاء الماء، وكنس البيت، وطبخ الطعام. أمّا ما تستحيي منه ـ كالذي يرجع إلى خدمة نفسها من صبّ الماء على يدها، وحمله إلى الخلاء، وغسل خرق الحيض، ونحو ذلك ـ فلها الامتناع من خدمته، لأنّها تحتشمه وتستحيي منه، فيضرّ بحالها، وليس ذلك من المعاشرة بالمعروف.»[3]
ولكن ما عدّه من الأُمور التي لا يعدّ قيام الزوج بها موجباً لاستحياء الزوجة، خارج عن محلّ الكلام؛ لأنّ غسل الثياب واستقاء الماء وطبخ الطعام وتنظيف البيت ليست من واجبات الزوجة كي يكون قيام الزوج بها خدمة لها. اللهمّ إلّا إذا اشترط عليها ـ صراحة أو ارتكازاً ـ ضمن العقد القيام بهذه الأُمور، فعندئذٍ يصحّ عدّ قيام الزوج بها من باب خدمته لها.
وعلى كلّ حال فإنّ ما ذکره الشهيد الثاني من أنّ خدمة الزوج للزوجة لا ينبغي أن تكون على وجه يورث استحياءها وإلا كان لها أن ترفضها، کلام تامّ صحيح؛ وذلك لأنّ العمل المذكور لا يعدّ عندئذٍ من خدمة الزوجة عرفاً، بل يكون من قبيل إيذائها وإضرارها.
الخامس: في حال قيام الزوج بدفع مؤونة الأمة المملوكة للزوجة، قال الشهيد الثاني في ذلك ما نصّه: «إذا أخدمها بحرّة أو أمة مستأجرة، فليس عليه سوى الأُجرة. وإن أخدمها بجاريته فنفقتها تجب بحقّ الملك. وإن كان يخدمها بكفاية مؤونة خادمها فهذا موضع نفقة الخادمة. والقول في جنس طعامها وقدره كهو في جنس طعام المخدومة.
والأصحّ اعتبار قدر كفايتها كما مرّ. وكذا يجب لها الإدام المعتاد لأمثالها لا لجنس طعام المخدومة.»[4]
ولكنّ الحقّ أنّه يجب في تأمين نفقة الأمة المملوكة للزوجة مراعاة شأن الزوجة؛ لأنّ دفع نفقة الخادمة ليس واجباً على الزوج من باب الملك، وإنّما وجب عليه من باب وجوب دفع نفقة الزوجة. فكما يراعي شأن الزوجة فيما يعطيها من النفقة، كذلك يجب عليه مراعاة شأنها فيما يدفعه لنفقة أمتها.