47/04/29
بسم الله الرحمن الرحیم
الإشکال علی مدّعى الشيخ الطوسي _ نفقة المطلّقة الرجعيّة/ المقدمات /النکاح
الموضوع: النکاح / المقدمات / الإشکال علی مدّعى الشيخ الطوسي _ نفقة المطلّقة الرجعيّة
آخر نقد يوجّه إلى مدّعى الشيخ الطوسي هو أنّه قد ادّعى بطلان اعتكاف الزوجة أو إحرامها للحجّ مع عدم إذن الزوج إذا كانا من باب الاستحباب، ونتيجة ذلك عدم سقوط نفقتها.
وهذه الدعوى مبنيّة على افتراض أنّ عدم إذن الزوج أو نهيه يستلزم كون عبادة الزوجة منهيّاً عنها، مع أنّ هذا غير صحيح؛ إذ ليس للزوج إلا حقّ الاستمتاع ولا دليل على أنّ مشروعيّة عبادات الزوجة موقوفة على إذنه.
وعليه فإنّ الزوج إن منع زوجته من الاعتكاف أو الإحرام لأجل إرادته الاستمتاع بها، كان ذلك من باب تزاحم الواجب ـ وهو التمكين من الزوج ـ مع المستحبّ ـ وهو العبادة ـ ولا شكّ في تقديم الواجب حينئذٍ، إلّا أنّه إذا خالفت الزوجة الواجب وأتت بالفعل المستحبّ، فيمكن تصحيحه بالتمسّك بالملاك أو بالأمر الترتّبي ـ على القول بمعقوليّته ـ لأنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ.
قال المحقّق الحلّي: «وتثبت النفقة للمطلّقة الرجعيّة كما تثبت للزوجة.
وتسقط نفقة البائن وسكناها، سواء كانت عن طلاق أو فسخ.»[1]
دليل عدم سقوط نفقة المطلّقة الرجعيّة ـ مضافاً إلى كونها زوجةً أو بحكم الزوجة، فيشملها إطلاق أدلّة النفقات ـ وكذلك دليل سقوط نفقة المطلّقة غير الرجعيّة، هو الأخبار الخاصّة التي ستأتي الإشارة إليها لاحقاً:
1 ـ صحيحة سعد بن أبي خلف، قال: «سألت أبا الحسن موسى بن جعفر(ع) عن شيء من الطلاق، فقال: إذا طلّق الرجل امرأته طلاقاً لا يملك فيه الرجعة، فقد بانت منه ساعة طلّقها وملكت نفسها ولا سبيل له عليها وتعتدّ حيث شاءت ولا نفقة لها. قال: قلت: أليس الله عزّ وجلّ يقول: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ﴾[2] ؟ قال: فقال: إنّما عنى بذلك التي تطلّق تطليقة بعد تطليقة، فتلك التي لا تخرج ولا تخرج حتّى تطلّق الثالثة، فإذا طلّقت الثالثة فقد بانت منه ولا نفقة لها. والمرأة التي يطلّقها الرجل تطليقة ثمّ يدعها حتّى يخلو أجلها، فهذه أيضاً تقعد في منزل زوجها ولها النفقة والسكنى حتّى تنقضي عدّتها.»[3] [4]
2 ـ خبر زرارة عن أبي جعفر(ع)، قال: «المطلّقة ثلاثاً ليس لها نفقة على زوجها، إنّما ذلك للّتي لزوجها عليها رجعة.»[5] [6]
3 ـ موثقة سماعة، قال: «قلت: المطلّقة ثلاثاً، ألها سكنى أو نفقة؟ فقال: حبلى هي؟ فقلت: لا. قال: ليس لها سكنى ولا نفقة.»[7] [8]
4 ـ خبر زرارة عن أبي جعفر(ع)، قال: «إنّ المطلّقة ثلاثاً ليس لها نفقة على زوجها، إنّما هي للّتي لزوجها عليها رجعة.»[9] [10]
5 ـ موثّقة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(ع)، قال: «سألته عن المطلّقة ثلاثاً على السنّة، هل لها سكنى أو نفقة؟ قال: لا.»[11] [12]
6 ـ مرسلة أبي بصير عن أبي عبد الله(ع): «أنّه سئل عن المطلّقة ثلاثاً، ألها سكنى ونفقة؟ قال: حبلى هي؟ قلت: لا. قال: لا.»[13] [14]
7 ـ صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله(ع): «أنّه سئل عن المطلّقة ثلاثاً، ألها النفقة والسكنى؟ قال: أحبلى هي؟ قلت: لا. قال: فلا.»[15] [16]
8 ـ صحيحة رفاعة بن موسى عن أبي عبدالله(ع): «سأله عن المختلعة، ألها سكنى ونفقة؟ فقال: لا سكنى لها ولا نفقة.»[17] [18]
إلا أنّه في مقابل هذه الأخبار، توجد روايتان أُخريان:
1 ـ صحيحة ابن سنان، قال: «سألت أبا عبدالله(ع) عن المطلّقة ثلاثاً، على العدّة لها سكنى أو نفقة؟ قال: نعم.»[19] [20]
قال الشيخ في توجيه هذه الرواية: «فإنّه محمول على الاستحباب. ويحتمل أن يكون المراد به إذا كانت المرأة حاملة.»[21]
2 ـ خبر علي بن جعفر عن أخيه موسی بن جعفر(ع)، قال: «سألته عن المطلّقة، لها نفقة على زوجها حتّى تنقضي عدّتها؟ قال: نعم.»[22] [23]
وقد خصّص صاحب الوسائل هذه الرواية بالمطلّقة الرجعيّة.
ولا بأس بحملهما لهاتين الروايتين بقرينة ما ورد في الأخبار السابقة.
وأمّا المرأة التي فسخ نكاحها من قبل الزوج أو فسخته هي أو انفسخ نكاحها بنفسه، فالدليل على عدم وجوب نفقتها هو أصالة البراءة، إذ لا يصدق عليها عنوان الزوجة، ولا يوجد دليل يدلّ على وجوب نفقتها بعنوان آخر.
وعليه فبمقتضى الأدلّة المتقدّمة لا إشكال في ثبوت النفقة في العدّة الرجعية وسقوطها في غيرها.