« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 تتمّة الإشكالات – وجوب نفقة الزوجة علی الزوج الصغير/ النفقات /النکاح

الموضوع: النکاح / النفقات / تتمّة الإشكالات – وجوب نفقة الزوجة علی الزوج الصغير

 

تتمّة الإشكالات الواردة على الاستدلالات المطروحة في الجلسة السابقة في مسألة عدم استحقاق الزوجة الصغيرة للنفقة هي على النحو الآتي:

ثالثاً: إنّ القول بأنّ التمكين المشروط في وجوب النفقة إنّما هو التمكين في غير الموارد التي نهى الشارع عن التمكين فيها، قول صحيح في نفسه، إلا أنّ ما ادّعي من أنّ استثناء شرطيّة التمكين في الموارد التي لا أهليّة للزوجة للتمكين فيها غير معلوم، دعوىً غريبة، لأنّ العلّة التي تسقط شرطيّة التمكين في الفرض الأوّل ـ أعني: عدم توجّه أمر التمكين إلى الزوجة ـ هي بعينها تقتضي سقوط شرطيّة التمكين في الفرض الثاني أيضاً، لأنّ عدم توجّه الأمر إلى من لا قدرة عقليّة له على الامتثال، أوضح من عدم توجّهه إلى من لا قدرة شرعيّة له عليه.

رابعاً: لا وجه لاختصاص الحكم في كلمات الشهيد الثاني بالصبيّة غير المراهقة، بل هو مخالف لإطلاق كلمات الأصحاب ـ كما أفاده صاحب الجواهر ـ ووجه هذا التفصيل في کلماته أنّ الاستدلال الذي ذكره في المقام، لا يشمل الصبيّة المراهقة. ولذا يعدّ هذا قولاً ثالثاً في المسألة ولا يکون ما أفاده استدلالاً علی ما ذهب إليه المشهور.

خامساً: إنّ ما ادّعاه صاحب الجواهر من الشكّ في شمول إطلاقات أخبار النفقات للزوجة الصغيرة ـ والذي يفضي إلی القول بعدم وجوب نفقتها حتّى على مبنى مانعيّة النشوز ـ غير مقبول، إذ لا وجه للشكّ في شمول عمومات وإطلاقات تلك الأخبار للزوجة الصغيرة، وإلا لکان مقتضاه عدم شمول عمومات وإطلاقات سائر أدلّة النکاح أيضاً لها، إذ لا فرق بينها وبين أدلّة النفقات حتّی يقال بعدم شمول أدلّة النفقات للزوجة الصغيرة مع شمول سائر الأدلّة لها.

فالنتيجة أنّه حيث تکون غاية ما تقتضيه الأدلّة هو مانعيّة النشوز عن استحقاق النفقة لا اشتراط التمكين فيها والصغيرة لا يصدق عليها أنّها نشزت من حيث عدم تمکينها للزوج، فوجوب نفقتها أمر قطعي لا إشكال فيه.

بل حيث إنّ أدلّة وجوب التمكين من الزوج لا تشمل الزوجة الصغيرة ولا دليل على خروجها عن عموم أدلّة وجوب نفقة الزوجة على زوجها، فحتّى على فرض القول باشتراط التمكين في وجوب النفقة، تبقى نفقة الزوجة الصغيرة واجبة على الزوج بلا تردّد.

الرابعة: إذا كان الزوج صغيراً والزوجة كبيرة، فهل تستحقّ الزوجة النفقة؟

قال الشيخ في المبسوط: «إذا كان الزوج صغيراً وهي كبيرة، قال قوم: لها النفقة. وقال آخرون: لا نفقة لها؛ وهو الأقوى عندي. والأوّل أصحّ عند المخالفين.»[1]

وذهب ابن البرّاج وابن سعيد إلى هذا القول أيضاً. [2] [3]

بل يفهم من ظاهر كلام ابن إدريس أنّه قائل بعدم وجوب النفقة في هذا الفرض حيث قال: «إذا کانا صغيرين لا نفقة لها»[4] ، وبما أنّه قد ذهب إلى وجوب نفقة الزوجة الصغيرة، يستفاد من کلامه أنّ عدم وجوب نفقة الزوجة في فرض صغر الزوجين إنّما هو عنده ناشئ عن صغر الزوج.

إلا أنّ العلامة نقل عن ابن الجنيد قوله: «والتي يمكن وطؤها لبلوغها فلها النفقة، سواء كان الزوج غير بالغ أو بالغاً ممتنعاً من الوطء، إلا أن يكون وليّها شرط أن لا نفقة عليه حتّى يبلغ إلى حال يصحّ‌ وطؤه.»[5]

ثمّ إنّ الشهيد الثاني قال في بيان أدلّه مختار الشيخ والإشکال عليها: «وجه ما ذهب إليه الشيخ عدم إمكان الاستمتاع بها بسبب هو معذور فيه، فلا يلزم غرماً. ولأنّه بعدم أهليّته لا أثر للتمكين في حقّه، فإنّ التمكين شرطه الإمكان وإلا لم يتحقّق. ولأنّ الامتناع من جهة الفاعل أقوى من جهة القابل، فإذا أسقط الثاني أسقط الأوّل.

وفيه نظر، لمنع تأثير العذر من جهته مع اجتماع شرائط الوجوب من قبلها، لما بيّنّاه سابقا. ولأنّ المعتبر في التمكين رفع المانع من جهتها، والأصل عدم اشتراط أمر آخر، وبه يفرّق بين عجز الفاعل والقابل، لأنّ الشارع رتّب إيجاب النفقة على أسباب، فإذا حصلت وجب أن يثبت الوجوب، والمعلوم منه العقد مع بذل المرأة نفسها أو مع عدم المن

فالقول بالوجوب أقوى.»[6]

ولکن قال کاشف اللثام تأييداً لما ذهب إليه الشيخ: «فيه: منع تحقّق التمكين، لما ذكرنا من أنّه لا يتحقّق بدون التمكّن، ومنع عموم الأدلّة، لما عرفت من إجمالها.»[7]

ونتابع بقية المطالب في الجلسة القادمة إن شاء الله.

 


logo