47/04/19
بسم الله الرحمن الرحیم
الإشکال علی عدم إستحقاق الزوجة الصغيرة للنفقة/ النفقات /النکاح
الموضوع: النکاح / النفقات / الإشکال علی عدم إستحقاق الزوجة الصغيرة للنفقة
قال الشهيد الثاني في تعليله لعدم استحقاق الزوجة الصغيرة للنفقة: «إنّ تمكين الزوجة للزوج من الاستمتاع لمّا كان معتبراً في وجوب النفقة ـ والمراد به ما كان مقصوداً بالذات وهو الوطء، إذ غيره من مقدّماته إنّما يقصد بالتبع ـ لم يتحقّق التمكين من الصغيرة التي هي دون التسع، سواء مكّنت منه أم لا، لتحريم وطئها شرعاً وعدم قبولها لذلك عادة، وبهذا يفرّق بينها وبين الحائض حيث شاركتها في تحريم الوطء. وأيضاً فالاستمتاع بالحائض ممكن حتّى بالوطء على بعض الوجوه، بخلاف الصغيرة، لعدم صلاحيّتها لذلك مطلقاً، فلا يجب على الزوج الإنفاق عليها ولا على وليّه ولو كان صغيراً، لفقد الشرط.
والمعتبر في الصغير هاهنا من لا يصلح للجماع ولا يتأتّى منه ولا يلتذّ به، والكبير من يتأتّى منه ذلك، لا ما يتعلّق بالتكليف وعدمه، فالمراهق كبير هنا.»[1]
وقال کاشف اللثام في هذا المجال: «الفرق بينها وبين الحائض أنّ الحائض أهل للاستمتاع بالذات، وإنّما المانع أمر طار، بخلافها، وأنّها ليست أهلاً للتمكين، لصغرها ونقصها.
ولا عبرة بتسليم الولي، لأنّها ليست مالاً، بخلاف الحائض، فإنّها مسلّمة لنفسها تسليماً معتبراً لكمالها، والإجماع على استثناء زمن الحيض ونحوه، فالتمكين التامّ في الشرع هو التمكين في غير هذه الأحوال، بخلاف حال الصغر، فإنّ استثناءه غير معلوم، والأصل البراءة من النفقة.»[2]
إلا أنّ صاحب جواهر قد أشکل علی هذه الاستدلالات فقال: «فيه: منع عدم صدق اسم التمكين منها مع فرض بذل نفسها نحو الكبيرة، وحرمة وطئها لا مدخليّة لها في صدق اسم التمكين منها المتحقّق عند المصنّف برفع المانع من جهتها كما تسمعه، وخصوصاً في المراهقة مع كبر الزوج أو كونه مراهقاً على ما هو مقتضي إطلاق المتن وغيره «الصغير» المعلوم إرادة ما قبل البلوغ منه على وجه يندرج فيه المراهق. وما سمعته من ثاني الشهيدين في تفسيره مجرّد اقتراح لا شاهد له من كلماتهم، وكأنّ الذي دعاه إلى ذلك أنّه لا وجه لعدم كونه تمكيناً من المراهقة...
وبالجملة لا يخفى على من لاحظ كلماتهم في المقام شدّة تشوّشها. وكأنّ السبب في ذلك عدم تحقيقهم كيفيّة اعتبار التمكّن في النفقة، وأنّه على وجه يشمل مثل الفرض كي يتمّ لهم تفريعه أو لا.
وقد عرفت أنّ الانصاف عدم دليل لاعتبار اشتراط التمكين بحيث يترتّب عليه عدم النفقة في مثل الفرض، ضرورة أنّ نصوص حقوق الزوج ونصوص النشوز وغيرها أجنبيّة عنه.
كما أنّ الانصاف الشكّ في تناول إطلاقات النفقة له إن لم يدّع ظهوره في غيره.
فالتمسّك حينئذ بأصل البراءة من النفقة لا بأس به. وعلى كلّ حال فلا وجه لتفريعه على ذلك الأصل الذي قد عرفت حاله.»[3]
أقول: إنّ الإشكالات الواردة على ما أفاده هؤلاء الأعلام هي على النحو الآتي:
أوّلاً: إنّ التفريق بين الصغيرة والحائض بدعوى أنّ الصغيرة لا أهليّة لها للتمكين بخلاف الحائض التي تملك هذه القابليّة، لا يقتضي أن يكون عدم التمكين من الصغيرة موجباً لسقوط النفقة، ومن الحائض غير موجب له، بل مقتضى القاعدة عدم سقوط نفقة الصغيرة بطريق أولی؛ لأنّ الصغيرة إنّما لا تمكّن لعدم قدرتها العقليّة على ذلك، بخلاف الحائض، فإنّ امتناعها ناشئ من النهي الشرعي لا من فقدان القدرة العقليّة. ومن الواضح أنّه إذا لم يکن فقدان القدرة الشرعيّة مستلزماً سقوط النفقة، فعدم القدرة العقليّة أولى بعدم التأثير في رفع وجوبها.
ثانياً: لا فرق أصلاً بين الحائض والصغيرة من حيث عدم الأهليّة للتمكين؛ فإنّ عدم قدرة الحائض عليه وإن كان مستنداً إلى النهي الشرعي في حين أنّ عدم قدرة الصغيرة ناشئ من المانع العقلي، إلا أنّ قاعدة: «الممتنع شرعاً كالممتنع عقلاً» تقتضي أن تكون الحائض أيضاً غير مؤهّلة للتمكين.
وأمّا سائر الإشكالات فسنطرحها في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.