47/04/06
بسم الله الرحمن الرحیم
بقيّة أخبار الباب - مانعيّة النشوز عن وجوب النفقة/ النفقات /النکاح
الموضوع: النکاح/ النفقات / بقيّة أخبار الباب - مانعيّة النشوز عن وجوب النفقة
بقيّة أخبار الباب كما يلي:
4 ـ خبر ابن أبي عمير عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما(ع) أنّه قال: «لا يجبر الرجل إلا على نفقة الأبوين والولد. قال: قلت لجميل: فالمرأة؟ قال: قد روى أصحابنا عن أحدهما(ع) أنّه قال: إذا كساها ما يواري عورتها وأطعمها ما يقيم صلبها قامت معه وإلا طلّقها. قال: قلت لجميل: فهل يجبر على نفقة الأُخت؟ قال: إن أُجبر على نفقة الأُخت كان ذلك خلاف الرواية.»[1] [2]
5 ـ موثّقة إسحاق بن عمار، قال: «قلت لأبي عبدالله(ع): ما حقّ المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسناً؟ قال: يشبعها ويكسوها وإن جهلت غفر لها...»[3] [4]
6 ـ خبر عمرو بن جبير العزرمي عن أبي عبدالله(ع)، قال: «جاءت امرأة إلى النبي(ص) فسألته عن حقّ الزوج على المرأة فخبّرها، ثمّ قالت: فما حقّها عليه؟ قال: يكسوها من العُري ويطعمها من الجوع، وإن أذنبت غفر لها...»[5] [6]
7 ـ خبر يونس بن عمّار، قال: «زوّجني أبو عبدالله(ع) جارية كانت لإسماعيل ابنه فقال: أحسن إليها. فقلت: وما الإحسان إليها؟ فقال: أشبع بطنها واكس جثّتها واغفر ذنبها...»[7] [8]
8 ـ صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله(ع)، قال: «قلت له: من الذي أُجبر على نفقته؟ قال: الوالدان والولد والزوجة والوارث الصغير، يعني الأخ وابن الأخ وغيره.»[9] [10]
9 ـ حسنة شهاب بن عبدربّه، قال: «قلت له: ما حقّ المرأة على زوجها؟ قال: يسدّ جوعتها ويستر عورتها ولا يقبّح لها وجهاً، فإذا فعل ذلك فقد والله أدّى إليها حقّها.»[11] [12]
10 ـ خبر تحف العقول عن أبي عبدالله(ع)، قال: «...وأمّا الوجوه الخمس التي تجب عليه النفقة لمن تلزمه نفسه فعلى ولده ووالديه وامرأته ومملوكه، لازم له ذلك في حال العسر واليسر...»[13] [14]
أقول: يستفاد إجمالاً من مجموع هذه الأخبار ـ مضافاً إلى بعض ما تقدّم في تفسير الآيات الشريفة ـ ثبوت وجوب نفقة الزوجة على الزوج.
هذا، وقد مرّ في مطلع البحث أنّه قد ادّعي إجماع علماء الإسلام على سببيّة الزوجيّة في وجوب النفقة.
قال المحقّق الحلّي: «والشرط اثنان؛ الأوّل: أن يكون العقد دائماً.
الثاني: التمكين الكامل؛ وهو التخلية بينها وبينه بحيث لا تخصّ موضعاً ولا وقتاً. فلو بذلت نفسها في زمان دون زمان أو مكان دون مكان آخر ممّا يسوغ فيه الاستمتاع، لم يحصل التمكين.
وفي وجوب النفقة بالعقد أو بالتمكين تردّد، أظهره بين الأصحاب وقوف الوجوب على التمكين.»[15]
قد تقدّم في مبحث النكاح المنقطع أنّه لا تجب فيه نفقة الزوجة على الزوج. نعم، لو اشترطت الزوجة على الزوج دفع نفقتها، وجب عليه الوفاء بالشرط.
وأمّا في خصوص مانعيّة النشوز عن وجوب نفقة الزوجة، فقد استدلّ عليها ببعض الأخبار:
منها: معتبرة السكوني عن أبي عبدالله(ع)، قال: «قال رسول الله(ص): أيّما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتّى ترجع.»[16] [17]
لكن هذه الرواية لا تدلّ بأزيد من سقوط النفقة في صورة خروج الزوجة من منزلها بغير إذن زوجها، ولا يمكن التعدّي منها إلى مطلق النشوز ليكون سبباً في سقوط نفقة الزوجة.
للهمّ إلّا أن يقال: إنّ الخروج من البيت بغير إذن الزوج عنوان مشير إلى النشوز ولا خصوصيّة له في نفسه، غير أنّ هذه الدعوى بلا دليل.
ومنها: خبر تحف العقول عن النبي(ص) أنّه قال في حجّة الوداع: «...إنّ لنسائكم عليكم حقّاً ولكم عليهنّ حقّاً؛ حقّكم عليهنّ أن لا يوطئن أحداً فرشكم، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلّا بإذنكم، وألّا يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهنّ وتهجروهنّ في المضاجع وتضربوهنّ ضربا غير مبرّح، فإذا انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهنّ وكسوتهنّ...»[18] [19]
ولکنّه ضعيف سنداً.
إلا أنّ هذا الحکم قد ادّعي فيه عدم الخلاف[20] بل الإجماع[21] [22] .
وقال ابن قدامة الحنبلي: «اتّفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهنّ إذا کانوا بالغين إلا الناشز منهنّ.»[23]
فبناءً على ذلك يمكن ادّعاء إجماع الأُمّة على المسألة.
فالنتيجة أنّه يمكن الاستدلال على مانعيّة النشوز عن وجوب نفقة الزوجة بأنّه بعد كون المسألة عامّة البلوى، وانعقاد الإجماع على الحكم فيها عند العامّة، وعدم نقل مخالفة عن الأئمّة(ع) في ذلك، بل مع ورود بعض الأخبار المؤيّدة، ودعوى إجماع الأصحاب أيضاً عليه، يكون ذلك كاشفاً عن تقرير المعصوم(ع) لمانعيّة النشوز عن وجوب النفقة.