« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/11/19

بسم الله الرحمن الرحیم

مراتب حقّ الحضانة عند الإماميّة و العامّة/ أحکام الحضانة/أحکام الأولاد

الموضوع: أحکام الأولاد/ أحکام الحضانة/مراتب حقّ الحضانة عند الإماميّة و العامّة

 

يتابع وهبة الزحيلي في بيان مراتب حقّ الحضانة عند العامّة فيقول: «إن لم يكن للمحضون أحد من النساء المذكورات، انتقلت الحضانة إلى الرجال على ترتيب العصبات الوارثين المحارم: الآباء والأجداد وإن علوا، ثمّ الإخوة وأبناؤهم وإن نزلوا، فالأعمام ثمّ بنوهم عند الحنفيّة وغيرهم على الصحيح عند الشافعيّة. ولكن لا تسلّم مشتهاة لذكر وارث غير محرم للمحضون كابن العمّ، فلا حقّ له في حضانة البنت المشتهاة اتّفاقاً تحرّزاً من الفتنة، وله حضانة الطفل.

ثمّ إذا لم يكن للصغير عصبة من الرجال، انتقلت الحضانة عند الحنفيّة لذوي أرحام، فتكون للأخ لأُمّ، ثمّ لابنه، ثمّ للعمّ لأُمّ، ثمّ للخال الشقيق، ثمّ لأُمّ؛ لأن لهؤلاء ولاية في النكاح، فيكون لهم حقّ الحضانة...

ورأى الحنفيّة أنّه إذا اجتمع اثنان في درجة واحدة من القرابة كعمّين، قدّم الأورع، ثمّ الأسنّ غير الفاسق والمعتوه وابن عمّ لفتاة مشتهاة وهو غير مأمون.

وقال المالكيّة: إن لم يكن واحد من الإناث السابقات، تنتقل الحضانة للوصيّ، ثمّ للأخ الشقيق أو لأُمّ أو لأب، ثمّ للجدّ لأب الأقرب فالأقرب، ثمّ ابن الأخ المحضون، ثمّ العمّ فابنه. ولا حضانة لجدّ لأُمّ ولا خال، ثمّ المولى الأعلى، وهو من أعتق المحضون، فعصبته نسباً، فمواليه، فالأسفل، وهو من أعتقه والد المحضون.

ويقدّم في المتساوين درجة ـ كأُختين وخالتين وعمّتين ـ بالصيانة والشفقة، فإن تساويا فالأسنّ.

وقال الشافعيّة: إن استوى اثنان في القرابة والإدلاء ـ كالأخوين أو الأُختين أو الخالتين أو العمّتين ـ أُقرع بينهما؛ لأنّه لا يمكن اجتماعهما على الحضانة، ولا مزيّة لإحداهما على الأُخرى، فوجب التقديم بالقرعة.

والأصحّ أنّه إن عدم أهل الحضانة من العصبات والنساء وللمحضون أقارب من رجال ذوي الأرحام ومن يدلي بهم ـ كالخال وأبي أُمّ ـ فلا حضانة لهم، لفقد الإرث والمحرميّة، أو لضعف القرابة، فلا حضانة لمن لا يرث من الرجال من ذوي الأرحام وهم ابن البنت وابن الأُخت وابن الأخ من الأُمّ وأبو الأُمّ، والخال، والعمّ من الأُمّ؛ لأنّ الحضانة لمن له قوّة قرابة بالميراث من الرجال، وهذا لا يوجد في ذوي الأرحام من الرجال.

ورأى الحنابلة كالحنفيّة أنّ الحضانة عند فقد العصبات تثبت لذوي الأرحام الذكور والإناث، وأولاهم أبو أُمّ، فأُمّهاته، فأخ لأُمّ، فخال، ثمّ الحاكم يسلّم المحضون لثقة يختاره.»[1]

وأمّا فقهاء الإماميّة فيقول الشيخ الطوسي: «إذا اجتمع نساء القرابة فتنازعن عن المولود، ففيها مسئلتان، إحداهما: إذا لم يكن معهنّ رجل، والثانية: إذا كان معهنّ رجل، فإذا كان معهنّ رجل فالكلام في ترتيب الأولى والأحقّ...

والذي عندي أنّ الأُمّ أولى من كلّ أحد، فإن لم تكن فكلّ امرأة كان أولى بميراثها فهي أولى به، فإن اجتمعا في درجة واحدة ولا مزيّة فهو بينهما، لقوله تعالى: ﴿وَأُولُوا الْأَرْحٰامِ‌ بَعْضُهُمْ‌ أَوْلىٰ‌ بِبَعْضٍ‌﴾ وذلك عامّ في كلّ شيء.

وعلى هذا الأُخت للأب والأُمّ أولى من الأُخت للأب ومن الأُخت من الأُمّ، لأنّها تدلي بسببين. فإذا لم تكن فالأُخت للأب أولى... فإن لم تكن أُخت من أب فالأُخت للأُمّ أولى، والخالة والعمّة عندنا في درجة... وعندنا إذا اجتمعا أُقرع بينهما.

فإذا ثبت هذا فالخلاف في ثلاثة مواضع: فيمن هو أولى بعد أُمّهات الأُمّ‌؟ الأخوات أو الجدّات‌؟ فعندي أنّهما سواء ويقرع بينهما، فمن خرج اسمه سلّم إليه، لأنه لا يمكن قسمته مثل الميراث...

الثاني: هل الخالة أولى من أُمّ الأب‌؟ ...عندي أنّ أُمّ الأب أولى.

والثالث: في الأُخت للأب مع الأُخت للأُمّ... وعندي أنّ الأُخت من قبل الأب أولى، وإن قلنا: إنّهما سواء ويقرع بينهما كان قويّاً. والعمّة مؤخّرة عن هؤلاء كلّهن...

وكلّ موضع اجتمع اثنتان أُختان أو خالتان وكان المولود طفلاً لا يعقل، أُقرع بينهما، فإذا بلغ حدّ التخيير خيّرناه بينهما.

أُمّ الأب له حقّ في الحضانة بوجه وكذلك أُمّ أبي الأُمّ، لأنّهما يرثان عندنا...

فأمّا إذا كان هناك رجال ونساء، فالأُمّ أولى من الأب ومن كلّ أحد على ما بيّنّاه ما لم تتزوّج، أو يكون الولد ذكراً ويبلغ سنتين، فيكون الأب أولى، فأمّا غير الأب فهي أولى به على كلّ حال.

فإن لم تكن أُمّ فالأب أولى من أُمّهات الأُمّ وإن علون... فإن لم يكن أحد من أُمّهات الأُمّ فالأب أولى من كلّ من يتقرّب به من الإخوة و الأخوات والجدّ والجدّة بلا خلاف.

وإن كان معه من يدلي بالأُمّ أُخت لأُمّ أو خالة وليس معه غيرهما، فالأب أولى عندنا...

وإذا ثبت أنّ الأب أولى منهما، فمادام هو باقياً فهو أولى، ثمّ أُمّه وأبوه في درجة، ثمّ جدّه وجدّته في درجة مثل الميراث عندنا سواء، للآية...

هذا إذا كان الأب موجوداً. فأمّا إن كان مفقوداً ميّتاً أو هالكاً، فعندنا أنّ كلّ من كان أولى بميراثه فهو أولى به، فإن تساووا أُقرع بينهم، فمن خرج اسمه سلّم اليه...

وكلّ من عدا الأب والجدّ ممّن يتقرّب بهما من الذكور، له حظّ في الحضانة عندنا، ويقومون مقام الأب والجدّ إذا كانوا أولى بميراثه، فان تساووا فالقرعة...»[2]

ونتابع بقيّة الكلام في الجلسة القادمة إن شاء الله.


logo