« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/11/12

بسم الله الرحمن الرحیم

جنون الأُمّ/ أحکام الحضانة/أحکام الأولاد

الموضوع: أحکام الأولاد/ أحکام الحضانة/ جنون الأُمّ

 

المورد الرابع: جنون الأُمّ

يقول الشهيد الثاني في بيان اشتراط العقل في حضانة الأُمّ: «المجنونة لا حضانة لها، لأنّ المجنون لا يتأتّى منه الحفظ والتعهّد، بل هو في نفسه محتاج إلى من يحضنه.

ولا فرق بين أن يكون الجنون مطبقاً أو منقطعاً، إلا إذا وقع نادراً ولا تطول مدّته، فلا يبطل الحقّ‌، بل هو كمرض يطرأ ويزول.

وفي إلحاق المرض المزمن الذي لا يرجى زواله ـ كالسلّ‌ والفالج ـ بحيث يشغله الألم عن كفالته وتدبير أمره به وجهان، من اشتراكهما في المعنى المانع من مباشرة الحفظ، وأصالة عدم سقوط الولاية مع إمكان تحصيلها بالاستنابة، وبه يفرّق بينه وبين الجنون.

ولم يعتبر المصنّف شرط العقل ولابدّ منه.»[1]

وقال كاشف اللثام: «وأمّا اشتراط الحرّيّة والإسلام والعقل في الأُمّ،‌ فلأنّها بانتفاء أحدها يخرج عن أهليّة الولاية... ولابدّ للمجنونة ممّن يحضنها؛ على أنّ‌ الأولى اشتراط الأمانة فيها كما اعتبره الشيخ وجماعة، ولا أمانة لكافرة ولا مجنونة.»[2]

لكنّ صاحب الجواهر بعد أن ادّعى عدم الخلاف في اعتبار العقل في حضانة الأُمّ[3] ، ناقش في وجه استدلال الشهيد الثاني بقوله: «فيه: أنّ الأدواري وإن لم يكن نادراً لا يمنع جريان حكم المعاملة حال عدمه، كما في نظائر المقام، لإطلاق الأدلّة.

بل قد يقال إن لم يكن إجماعاً: إنّ الجنون وإن كان مطبقاً لا يبطل حقّها من الحضانة وإن انتقل الأمر حينئذٍ في تدبير ذلك إلى وليّها كباقي الأُمور الراجعة إليها.

ولعلّه لذا ترك المصنّف اشتراطه، وكأنّ من اشترطه نظر إلى كون الحضانة ولاية والمجنون معزول عنها، وقد عرفت ما فيه.»[4]

ويرد عليه أوّلاً: أنّ الجنون ـ سواء كان أدواريّاً أم إطباقيّاً ـ مانع من الحضانة، لوضوح أنّ المحضون في فرض جنون الحاضن معرضاً للخطر. وكما تقدّم كراراً فبما أنّ منح حقّ الحضانة من قبل الشارع إنّما كان بلحاظ الامتنان على المحضون ورعاية مصلحته، فلا إطلاق في الأدلّة يشمل موارد لحوق الضرر بالمحضون أو تعرّضه لخطر جدّي.

وثانياً: لا وجه لمنح حقّ الحضانة لوليّ المجنون، فإنّه قد تقدّم أنّ منح حقّ الحضانة للأب أو الأُمّ لا يعني ثبوت حقّ نقل الحضانة إلى شخص آخر، بل المراد به استحقاقهما المباشرة بأنفسهما لحضانة الولد. وعليه فإذا كانت الأُمّ عاجزة عن مباشرة الحضانة بنفسها، فلا وجه لإثبات حقّ الحضانة لها أصلاً كي يقال بعد ذلك: إنّ وليّها يباشره عنها كسائر الحقوق التي تنتقل إلى الوليّ.

وثالثاً: من الغريب أنّ صاحب الجواهر مع أنّه في الموارد المماثلة كالكفر والرقّ استدلّ على سقوط حضانة الأُمّ بأنّ الحضانة لمّا كانت نوعاً من الولاية والكافر والرقّ لا ولاية لهما على المسلم والحرّ، فلا يثبت لهما حقّ الحضانة، لم يلتزم بهذا الوجه في مورد المجنون.

وبملاحظة ما تقدّم من الوجوه يتّضح أنّ الجنون كما يوجب سقوط حقّ الحضانة عن الأُمّ، كذلك يوجبه عن الأب أيضاً.


logo