« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/11/06

بسم الله الرحمن الرحیم

رجوع حقّ الحضانة الأُمّ/ أحکام الحضانة/أحکام الأولاد

الموضوع: أحکام الأولاد/ أحکام الحضانة/ رجوع حقّ الحضانة الأُمّ

 

المسألة الأُخرى المطروحة في سقوط حقّ حضانة الأُمّ بعد نكاحها هي أنّ الأُمّ إذا انفصلت عن زوجها، فهل يعود إليها حقّ الحضانة أم لا؟

قال الشيخ في المبسوط: «متى طلّقها زوجها، عاد حقّها على ما كانت. وقال بعضهم: لا يعود. والأوّل أصح عندي.

وإذا ثبت أنّه يعود، فلا فرق بين أن يكون الطلاق بائناً أو رجعيّاً. وقال بعضهم: إن كان بائناً عاد، وإن كان رجعيّاً لم يعد، لأنّها في حكم الزوجات، فهو كما لو لم يطلّقها؛ وهو الصحيح عندي.»[1]

ولكن ابن ادريس قال في خلاف ذلك: «إن تزوّجت سقط حقّها من حضانة الذكر والأُنثى. فإن طلّقها من تزوّج بها طلاقاً رجعيّاً، لم يعد حقّها من الحضانة، وإن كان بائناً فالأولى أنّه لا يعود، لأنّ عوده يحتاج إلى دليل.

وقال بعض أصحابنا: يعود حقّها من الحضانة، واحتجّ بأنّ الرسول(ص) علّق حقّها بالتزويج، فإذا زال التزويج فالحقّ باقٍ على ما كان.

وهذا ليس بمعتمد، لأنّ الرسول(ص) لمّا سألته المرأة عن الولد وأنّ أباه طلّقني وأراد أن ينتزعه منّي، فقال لها رسول الله(ص): أنت أحقّ به ما لم تنكحي.

وروى أبو هريرة عنه(ص) أنّه قال: الأُمّ أحقّ بحضانة ابنها ما لم تتزوّج.

فجعل(ص) غاية الاستحقاق للحضانة التي يستحقّها الأُمّ تزويجها، وهذه قد تزوّجت، فخرج الحقّ منها، ويحتاج في عوده إليها إلى شر

ولا خلاف أيضاً في أنّ المعتدّة عدّة رجعيّة لها السكنى على الزوج، ولا يحلّ له إخراجها من المنزل إلا أن تأتي بفاحشة مبيّنة، فإذا أتت بها أخرجها، فإذا أُقيم عليها الحدّ، لا يعود حقّها من السكنى بلا خلاف.

وكذلك إذا آذت أهل الزوج فله إخراجها، فإذا تركت أذاهم لا يعود حقّها إليها من السكنى بلا خلاف.»[2]

إلا أنّ العلامة أيّد في المختلف رأي الشيخ وقال: «الوجه ما قاله الشيخ، لأنّ‌ الحضانة جعلت إرفاقاً بالصبيّ، فإذا تزوّجت الأُمّ خرجت باشتغالها بزوجها وحقوقه عن الحضانة للطفل، وربما منعت الزوج بعض حقوقه لو حضنته، فلهذا سقطت. فإذا طلّقت زال المانع، فبقي المقتضي سليماً عن المعارض، فثبت حكمه.»[3]

ولكن يشكل علی هذه الدعوى أنّه وإن أمكن اعتبار بعض هذه الوجوه حكمة لسقوط حضانة الأُمّ عند زواجها ـ مثل أنّ النكاح يؤدّي قهراً إلى وقوع المحضون تحت كفالة الزوج الجديد وهذا ينافي حقّ أبي المحضون، لأنّه يستلزم إيجاد بديل له في ذهن المحضون، ولذلك سبق أنّ المحضون إذا فقد أباه فإنّ حقّ حضانة الأُمّ لا يسقط بنكاحها ـ إلا أنّ اعتبار هذه الأُمور عللاً شرعيّة للحكم بحيث يزول الحكم بزوالها، يحتاج إلى دليل صريح وليس في النصوص ما يدلّ عليه بوضوح.

وعليه فإنّ رجوع حقّ حضانة الأُمّ وعدمه بعد حصول الفراق مبنيّ على أن يكون المانع المستفاد من الأخبار بالنسبة إلى حقّ حضانتها هل هو مجرّد حدوث النكاح أو كونها متزوّجة؟ وهذا ما سنفصّل فيه الحديث إن شاء الله في الجلسة القادمة.


logo