« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موارد تقدّم حضانة الأب/ أحکام الحضانة/أحکام الأولاد

الموضوع: أحکام الأولاد/ أحکام الحضانة/ موارد تقدّم حضانة الأب

 

المقام التاسع: موارد تقدّم حضانة الأب

قد يتقدّم حقّ الأب في الحضانة على حقّ الأُمّ في بعض الموارد، مع أنّ الولد يكون في السنّ الذي تكون فيه الحضانة حقّاً للأُمّ بحسب الأصل؛ منها:

المورد الأوّل: نكاح الأُمّ

إذا افترق الأبوان وتزوّجت الأُمّ من رجل آخر خلال مدّة استحقاقها لحضانة الولد، فإنّ الأب يتقدّم عليها في الحضانة ويسلّم الولد إليه لذلك.

وقد صرّح الشهيد الثاني في الروضة بهذا الحکم بقوله: «لو تزوّجت الأُمّ بغير الأب مع وجوده كاملاً، سقطت حضانتها، للنصّ والإجماع.»[1]

وإنّما قيّد بعبارة: «بغير الأب» للإشارة إلى وجود خلاف في المسألة بين سقوط الحضانة في مطلق نكاح الأُمّ أو في خصوص نكاحها بغير أبي الولد، وسنتناول هذا الخلاف لاحقاً إن شاء الله تعالى.

كما أنّ تقييده بوجود الأب «كاملاً» يشير إلى أنّ سقوط حقّ الأُمّ لا يكون إلا إذا توفّرت في الأب شروط الحضانة.

وأمّا المراد من النصّ في کلامه فهو ما ورد في مرسلة المنقريّ ومعتبرة داود الرقّي، فقد ورد في الأُولى: : «...المرأة أحقّ بالولد ما لم تتزوّج»[2] [3]

وفي الثانية: «سألت أبا عبدالله(ع) عن امرأة حرّة نكحت عبداً فأولدها أولاداً ثمّ إنّه طلّقها فلم تقم مع ولدها وتزوّجت. فلمّا بلغ العبد أنّها تزوّجت أراد أن يأخذ ولده منها وقال: «أنا أحقّ بهم منك إن تزوّجت». فقال: ليس للعبد أن يأخذ منها ولدها وإن تزوّجت حتّى يعتق، هي أحقّ بولدها منه مادام مملوكاً، فإذا أُعتق فهو أحقّ بهم منها.»[4] [5]

ويستفاد منها أنّ تقدّم الأب على الأُمّ في الحضانة عند زواجها أمر مفروغ عنه، وأنّ المانع من ذلك في مورد الرواية هو رقّيّة الأب، ولذلك صرّح الإمام(ع) بأنّه إذا أُعتق كان أحقّ بالحضانة منها.

غير أنّ دعوى الإجماع في المسألة غير تامّة، فإنّ بعض الأصحاب وإن قالوا بسقوط حضانة الأُمّ بنكاحها لكنّهم لم يقدّموا الأب، بل جعلوا الحضانة لغيره.

قال الشيخ في المبسوط: «إذا تزوّجت المرأة، سقط حقّها من الحضانة وزال التخيير.

وإن كان له أُمّ أُمّ لا زوج لها، قامت مقامها، وإن كان لأُمّها زوج هو جدّ هذا الطفل، قامت مقامها، وإن كان أجنبيّاً فالأب أحقّ به.»[6]

أقول: لعلّ وجه هذا القول أنّ الأخبار إنّما دلّت على سقوط حضانة الأُمّ بنكاحها لا على أحقّيّة الأب مطلقاً، فحينئذٍ تنتقل الحضانة إلى الأقرب فالأقرب من جهة الأُمّ، كأُمّ الأُمّ ما لم تتزوّج هي أيضاً برجل أجنبي عن الولد، وإلا تكون الحضانة للأب عندئذٍ.

لكن يمكن الإشكال على هذا الوجه بأنّ ظاهر الأخبار أنّ الحضانة حقّ مشترك بين الأبوين وأنّ الترجيح لأحدهما يكون بلحاظ أقوائيّته التي تستلزم وجود مانع عن حقّ الآخر. فمتى سقط حقّ أحدهما ارتفع المانع عن حقّ الآخر وانتقلت الحضانة إليه. وعليه لا وجه لإيداع الولد عند غير أبيه في فرض سقوط حضانة الأُمّ بسبب نكاحها.

وقد ذكر العلامة في المختلف وجهاً آخر لسقوط حضانة الأُمّ بنكاحها فقال: «لأنّ‌ الحضانة جعلت إرفاقاً بالصبيّ، فإذا تزوّجت الأُمّ، خرجت باشتغالها بزوجها وحقوقه عن الحضانة للطفل، وربما منعت الزوج بعض حقوقه لو حضنته، فلهذا سقطت.»[7]

وقال الشهيد الثاني في المسالك: : «لو نكحت سقط حقّها من الحضانة، للأخبار الدالّة عليه... ولأنّ النكاح يشغلها بحقّ‌ الزوج ويمنعها من الكفالة.

ولا أثر لرضا الزوج كما لا أثر لرضا السيد بحضانة الأمة، لإطلاق النصّ، وقد يرجعان فيتشوّش أمر المولود.

ولا فرق عندنا بين تزويجها بقريب الزوج وغيره عملاً بإطلاق النص.»[8]

إلا أن صاحب الجواهر أشكل على هذا الاستدلال وسيأتي بيان كلامه في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.


logo