< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/10/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / القسم والنشوز والشقاق / وقت المبيت

 

كان بحثنا في ما يجب على الزوج بسبب حقّ القسم وقلنا: إنّه لا يسبّب وجوب المواقعة على الزوج، وحتّى لو واقع بعض زوجاته في لياليهنّ الخاصّة، فلا يجب عليه مواقعة البواقي أيضاً.

ويدّعي الشهيد الثاني أنّ الواجب علی الزوج هو مجرّد المضاجعة، ويقول في معناها: «المراد بالمضاجعة أن ينام معها على الفراش قريباً منها عادة، معطياً لها وجهه دائماً أو أكثريّاً بحيث لا يعدّ هاجراً وإن لم يتلاصق الجسمان أو بعضهما.»[1]

والحقّ ما ذهب إليه في أصل المطلب، إذ ـ كما تقدّم منّا ـ المستفاد من الأخبار أنّ المبيت لدى الزوجة في ليلة من أربع ليال يعدّ من مصاديق معاشرتها بالمعروف التي أمر به الشارع، فينبغي إذن مراعاة المعروف في كيفيّة هذه المعاشرة وكيفيّة قضاء الليلة معها أيضاً. فإذا اشتغل الزوج في الليلة التي بات فيها لدى الزوجة بالعبادة أو المطالعة ولم يلتفت إليها، فإنّه لم يراع حقّها. لكن لا يجب على الزوج أن يقضي لديها جميع المدّة ويلتفت إليها وإنّما يجب أن تكون معاشرتها بنحو يطلق عليه عرفاً معاشرة الزوج واهتمامه بها بالقدر اللازم.

فلا يمكن اعتبار المبيت مجرّد المضاجعة بل ربّما احتاجت الزوجة أن يتحدّث الزوج معها مدّة من الزمان أو يشتغل بأُمور كأكل الطعام معها أو التعاون في القيام ببعض شؤون البيت، وإن كانت المضاجعة أيضاً قد تکون من الأُمور الدخيلة في صدق المعاشرة بالمعروف.

إذن يكون تعيين كيفيّة قضاء الليلة لدى الزوجة ملقىً إلى العرف فيختلف بحسب العادات والآداب والتقاليد وكذا حاجات الأشخاص.

المطلب الرابع: وقت المبيت

قال الشيخ في المبسوط في الزمان الذي ينبغي للزوج أن يقضيه لدى الزوجة: «القسمة يجب أن تكون بالليل. فأمّا بالنهار فله أن يدخل إلى أيّ امرأة شاء، لحاجة أو سبب، لأنّ الإيواء للسكن إليهن، بدلالة قوله: ﴿لِتَسْكُنُوا إِلَيْهٰا﴾[2] والليل موقع السكن لقوله تعالى: ﴿لِتَسْكُنُوا فِيهِ‌ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ‌ فَضْلِهِ﴾[3] يعنى: الليل والنهار...

قد بيّنّا أنّ القسم يكون ليلاً، فكلّ امرأة قسم لها ليلاً فإنّ لها نهار تلك الليلة، فإن أراد أن يبتدئ بالنهار جاز، وإن أراد أن يبتدئ بالليل جاز، لكنّ المستحبّ أن يبتدئ بالليل، لأنّه مقدّم على النهار، ولأنّ الشهور تورّخ بالليل، لأنّها تدخل بالليل.»[4]

وقال العلامة في التحرير: «النهار تابع للّيلة الماضية، فلصاحبتها نهار تلك الليلة، لكن له أن يدخل فيه إلى غيرها لحاجة، كعبادة أو دفع نفقة أو زيارتها أو استعلام حالها، أو لغير حاجة، وليس له الإطالة، والأقرب جواز الجماع. ولو استوعب النهار قضاه لصاحبه الليلة، وكذا لو جار في القسمة، فإنّه يقضي.

ولو جامع في الليل غير صاحبة الليلة، لم يقض الجماع، وكذا في النهار.

وليس له الدخول ليلاً إلى غير صاحبة الليلة إلا لضرورة، فإن استوعب الليلة قضى، ولو دخل لغير حاجة لم يطل، فإن جامع في الزمان اليسير لم يقض الجماع ولا الليلة.»[5]

فالنهار بناءً علی كلام العلامة وإن كان متعلّقاً لحقّ الزوجة ولكنّه يختلف عن الليل بأنّ الزوج لا يحقّ له أن يترك زوجته ويذهب إلى سائر زوجاته في الليل إلا لضرورة، بينما يحقّ له ذلك في النهار إلا إذا كان بحيث يقال إنّه ترك الزوجة صاحبة الحقّ مدّة طويلة.

لكنّه قال في القواعد: «أمّا الزمان: فعماد القسم الليل، وأمّا النهار فلمعاشه. وقيل: يكون عندها ليلاً ويظلّ‌ عندها صبيحتها، وهو مرويّ. ولو كان معاشه ليلاً ـ كالوقّاد والحارس والبزّار ـ قسم بالنهار والليل لمعاشه.»[6]

كما قال في المختلف: «المشهور أنّ‌ القسمة تتناول الليل دون النهار. وقال ابن الجنيد: «العدل بين النساء هو إذا كنّ‌ حرائر مسلمات لم يفضّل إحداهنّ‌ على الأُخرى في الواجب لهنّ‌ بين مبيت بالليل وقيلولة صبيحة تلك الليلة، سواء كان ممنوعاً من الوطء أو لا.» لنا: الأصل براءة الذمّة.»[7]

ولكنّ المستفاد من أخبار حقّ القسم أنّ حقّ الزوجة يخصّ الليل ولا دليل على ثبوت حقّ لها في النهار. نعم، ورد في خبر إبراهيم الكرخيّ ـ الذي طرحناه في الجلسة السابقة ـ أنّ على الزوج أن يقضي النهار لديها علاوة على الليل، غير أنّه فضلاً عن ضعفه السندي، فقد أعرض عنه المشهور ولم يفت به بدعوى العلامة. على أنّ مقتضى الاعتبار أيضاً أن لا يكون للزوجة حقّ في النهار، وإلا لم يكن لصاحب الأربع وقت للكسب وتدبير سائر شؤونه.

على أنّ الشهيد الثاني قال في الإشكال على دعوى ابن جنيد: «في دلالة الرواية على مذهب ابن الجنيد نظر، لأنّ الصبيحة تطلق لغة على أوّل النهار، والقيلولة التي أوجبها ابن الجنيد تكون في وسط النهار، لأنّها لغةً النوم نصف النهار ومع ذلك ليس في كلام ابن الجنيد أن يكون معها في الصبيحة بل في القيلولة خاصّة، وهذا بخلاف ما في الرواية.

والأولى حمل الرواية على الاستحباب، لقصورها عن إفادة حكم الوجوب من حيث السند، والأمر في الاستحباب أسهل، وكذا الحكم في بقيّة النهار.»[8]

والحقّ في هذه الدعوى ما ذهب إليه الشهيد الثاني.

ولکن قد ورد في حقّ القسم أخبار يظهر منها ثبوت حقّ للزوجة في النهار أيضاً، ممّا سنتحقّق منها في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo