< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/10/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم و النشوز و الشقاق / القسم / جواز المبيت عند الزوجات أكثر من ليلة

 

ذكرنا في الجلسة السابقة قول الشيخ في المبسوط بأنّ للزوج أن يقسّم الليالي بين أزواجه ليلتين أو ثلاث لكلّ منهنّ، ولكنّ الزائد عليه محتاج إلى إذنهنّ. وفي مقابله العلامة في التحرير الذي ذهب كالمحقّق الحلّي إلى أنّ التقسيم على الأزيد من الليلة لكلّ منهنّ محتاج مطلقاً إلى إذنهنّ.

وقال الشهيد الثاني في المسالك مستشكلاً على استدلال العلامة: «فيه نظر، لما تقدّم من أن فعل النبيّ‌(ص) كان على وجه الاستحباب، ولا شبهة في رجحان كونه ليلة، ولا يدلّ‌ على المنع من الزائد. ولحوق الضرر بالزيادة عن الليلة مطلقاً ممنوع، بل ربما كانت الزيادة عنها بمثل الليلتين والثلاث أنسب بحالهنّ‌ وأقرب إلى مطلوبهنّ‌. وحصول العارض المانع من إكمال القسمة مشترك بين الليلة والأزيد. ولو سلّم أمكن تقييد الجواز بما لا يوجب الضرر عادة.

وعلى القول بجواز الزيادة هل يتقدّر بقدر؟ ليس في الأدلّة ما يقتضي الحصر في عدد، إلا أنّ المدّة الطويلة كالسنة ممتنعة قطعاً، من حيث انتفاء المعاشرة بالمعروف معها، وبالإضرار بها غالباً. وفي المبسوط قدّرها بثلاث ليال واعتبر في الزائد عنها رضاهنّ‌. ويظهر من ابن الجنيد جواز جعلها سبعاً. وفي القواعد أطلق عدم تقديرها كثرة من غير تقييد برضاهنّ‌. وقد عرفت أنّه لا دليل على الحصر إلا من جهة العموم كالإضرار ونحوه، وإن كان الاقتصار على الليلة أولى، للتأسّي.

وموضع الخلاف مع تساويهنّ‌ في الاستحقاق، أمّا مع التفاضل فلا إشكال في جواز القسمة أزيد من ليلة.»[1]

لكنّ الحقّ أن الأخبار الدالّة على استحقاق الزوجة للقسم بالزواج في ليلة من كلّ أربع ليال ممّا تقدّم تفصيله، تقتضي أنّه إذا أراد الزوج المبيت عند زوجاته بحيث تُحرم به إحدى الزوجات من مبيته عندها ليلة من کلّ أربع ليال، فهذا محتاج إلى كسب رضاها.

غير أنّ صاحب الجواهر أشكل على هذا الاستدلال قائلاً: «النصوص مساقة لبيان مقدار الاستحقاق الذي هو أربع من لياليه على وجه لو أراد التفضيل بما زاد عنده من الأربع كان له، لا أنّ المراد منها بيان الاستحقاق المنافي لذلك كما لا يخفى على من تأمّلها. بل يمكن دعوى كون المراد منها بيان أقلّ أفراد القسمة، واحتمال وجوب وفائها حقّها مع المطالبة به يدفعه منع ثبوت الحقّ لها مع فرض كون القسمة على ذلك.»[2]

لكنّ الإنصاف عدم ظهور الأخبار المذكورة في ذلك كما في صحيحة محمد بن مسلم: «...فإن شاء أن يتزوّج أربع نسوة كان لكلّ امرأة ليلة...»[3] [4] الظاهرة تماماً في أنّ لكلّ زوجة حقّ القسم في ليلة من کلّ أربع ليال.

بل المتقدّم من أنّ المبيت ليلة من كلّ أربع ليال لدى الزوجة هو مصداق للمعاشرة بالمعروف بناء على الروايات، يقتضي بأنّ مخالفة ذلك مخالفة للمعاشرة بالمعروف الواجبة على الزوج.

وقد تمسّك بعض بموثّقة سماعة عن الإمام الصادق(ع) لضرورة كسب رضا الزوجات، وقد ورد فيها: «سألته عن رجل كانت له امرأة فيتزوّج عليها، هل يحلّ له أن يفضّل واحدة على الأُخرى؟ قال: يفضّل المحدثة حِدثانَ عرسها ثلاثة أيّام إذا كانت بكراً ثمّ يسوّي بينهما بطيبة نفس إحداهما للأُخرى.»[5] [6]

قال المجلسيّ في بيان معناها: «قوله(ع): «بطيبة»، لعلّ المراد: لتطيب نفسهما.

وقال الوالد العلامة برّد الله مضجعه: الظاهر سقوط «إلا»، أي: يسوّي بينهما إلا أن تهب إحداهما للأُخرى. ويمكن أن يكون متعلّقا بـ «يفضّل»، أي: يفضّل بثلاث إذا رضيت المحدثة، لأنّ لها سبع ليال؛ انتهى.

وقال بعض الفضلاء: أي متلبٍّ بطيبة نفس كلّ واحدة منهما للأُخرى، فإنّ هذه لازمة للتسوية عادة.»[7]

لكنّ الحقّ ـ بناءً على الأخبار المتقدّمة ـ أنّ الزوج إذا كان له زوجتان فمن الجائز أن يفضّل إحداهنّ على الأُخرى بمثل أن يبيت ليلة عند واحدة ويبيت ثلاثاً عند الأُخرى، فإذا اعتبرنا الرواية بمعنى أن لا يفضّل الزوج إحداهنّ على الثانية من دون كسب رضا أيّ منهما، فيجب حملها على الاستحباب.

وعلى كلّ فإنّ الأخبار المتقدّمة تدلّ على أنّ الزوج إذا أراد المبيت عند أزواجه بنحو أدّى إلى حرمان بعضهنّ من المبيت عندهنّ ليلة من کلّ أربعة ليال، فيجب كسب رضاهنّ بذلك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo