< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/10/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم و النشوز و الشقاق / القسم / وجوب حقّ القسم على الصغير والمجنون

 

المطلب الخامس: وجوب حقّ القسم على الصغير والمجنون

إذا كان الزوج صغيراً أو مجنوناً، فهل يجب عليه مراعاة حقّ القسم؟ وعلى ذلك فهل يجب على وليّه أن يأخذه إلى زوجته أو زوجاته ويهيّأ له المبيت عندهنّ؟

قال الشيخ في المبسوط في المجنون: «إذا كان له أربع زوجات فلا يخلو حاله من أحد أمرين: إمّا أن كان قد قسم لواحدة في حال إفاقته أو لم يقسم.

فإن كان قسم لواحدة فإنّ الولي يقسم للبواقي، لأنّه منصوب للمصلحة وهذا من المصلحة، لأنّه حقّ لهنّ. وإن كان لم يقسم أصلاً فإن رأى الوليّ المصلحة في القسمة قسم لمثل ذلك.

فإذا طاف فإن شاء طاف به عليهنّ، وإن شاء استدعاهنّ إليه. ولا يجوز له أن يجور، لأنّ الوليّ بمنزلة العاقل وليس للعاقل الجور في قسم زوجاته، ولا تفضيل بعضهنّ على بعض.

وإن جار وقسم لإحداهنّ أكثر فإنّه آثم، فإذا أفاق لزمه أن يقضي ما نقص من حقّها وحقّ بواقيهنّ، والوليّ في حقّ المجنون كالعاقل في حقّ نفسه إلا أنّ له أن يعمل ما يعود بمصلحته لا غير، دون ما لا يعود.»[1]

أمّا الشهيد الثاني فإنّه قال في لزوم القضاء على المجنون: «ولو قيل بعدم وجوب القضاء على المجنون وبقاء الحقّ‌ في ذمّة الوليّ‌ كان وجهاً، لأنّ المجنون غير مكلّف والقضاء تابع للتكليف بالفعل أو ثابت بأمر جديد، وهو منتفٍ هنا.»[2]

كما تردّد كاشف اللثام في لزوم القضاء على المجنون بعد إفاقته.[3]

وقد أشكل صاحب الجواهر على دعوی الشهيد الثاني قائلاً: «فيه: أنّ قضاء ذلك من تأدية الحقّ الثابت في ذمّة المجنون بحكم خطاب الوضع، كالدين ونحوه.»[4]

أمّا الذي يمكن الالتزام به في المسألة أنّ البلوغ والعقل من شروط التكليف العامّة، فلا وجه لتوجّه تكليف المبيت عند الزوجات إلى الصغير أو المجنون، وبما أنّ توجّه التكليف إلى الوليّ فرع لتوجّهه إلى المولّى عليه، فالوليّ غير مكلّف في هذا الشأن أيضاً. نعم، إذا توجّه إلى المولّى عليه حكم وضعيّ بحيث أدّى إلى شغل ذمّته وكونه مديوناً، فعلى وليّه أن يهيّأ موجبات فراغ ذمّته؛ مثلاً لو أضرّ المولّى عليه بأحد فعلى وليّه أن يجبر الخسارة من أموال المولّى عليه. كما يجب على الولّي أن يمنع المولّى عليه من تضييع حقّ ثابت للغير، فيمنع الصغير أو المجنون مثلاً من أن يضرّا بأموال الآخرين ونفوسهم.

إذن يتوقّف توجّه التكليف إلى الوليّ على أن نقول مثل صاحب الجواهر بأنّ حقّ القسم سبب لشغل ذمّة الزوج وليس مجرّد حكم تكليفيّ.

لكنّ الحقّ أنّه لا وجه لشغل الذمّة في غير الحقوق الماليّة وهي إنّما مجرّد تكاليف يجب أداؤها على من عليه الحقّ، فإذا لم يقم بها فلا يتوجّه إليه تكليف على الرغم من تحقّق المعصية حال العلم والعمد.

ونظير المسألة في الحقوق غير الماليّة الثابتة للوالدين على الأولاد أو للمؤمنين على بعضهم، ولا فرق من هذه الجهة بين حقّ القسم وهذه الحقوق.

حتّى أنّ هناك من الحقوق الماليّة ما يكون كذلك مثل نفقة الأقارب.

إذن لا دليل على وجوب تهيئة الوليّ لأسباب مبيت المولّى عليه لدى زوجته أو وجوب قضاء حقّ القسم على المولّى عليه بعد الكبر أو الإفاقة.

ولذلك قال صاحب الجواهر في تكليف الوليّ: «انتقال الحكم التكليفي إلى الولي في الزوج والزوجة على وجه يجب عليه أن يطوف به وأن يأتي بالزوجة على وجه لا نقصان فيما يمكن من الاستمتاع بها وغير ذلك من الأحكام التي سمعتها، فلا دليل عليه. نعم، لو كانت له مصلحة في الطواف به ـ كما لو فرض نفعه بذلك أو منعه من الفساد به أو نحو ذلك من المصالح ـ كان على الوليّ حينئذٍ مراعاتها.»[5]

ولكن من الغريب أنّه على الرغم من القول بعدم توجّه تكليف إلى الوليّ ـ وهو الصحيح ـ فقد اعتبر ذمّة الزوج مشغولة بحقّ الزوجة في القسم، والحال أنّه إذا اشتغلت ذمّة الصغير أو المجنون بزوجتهما، فعلى الوليّ أن يمهّد لإبراء ذمّتهما، كما هو الحال في إبراء الدين.

وللعلامة في قواعده مقال في الجنون الأدواري، ممّا سنذكره في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo