< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/08/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم، النشوز، الشقاق / القسم / جواز تفضيل بعض الزوجات على الأُخر في الأقلّ من الأربع

 

قلنا في الجلسة السابقة بأنّ حقّ القسم ثابت حتّى للزوجة الواحدة، ويجب على من تزوّج زوجة واحدة أن يبيت عندها ليلة من كلّ أربعة ليال.

بل لا يبعد ـ حسب الأخبار ـ أن يقال بأنّ لزوم المبيت ليلة من كلّ أربعة ليال لدى الزوجة هو من الأُمور التي تشترط في صدق المعاشرة بالمعروف.

فإن استشكل بأنّکم ادّعيتم سابقاً عند البحث في دلالة الآية أنّها لا تدلّ علی حقّ القسم، فكيف يقال الآن بثبوته منها؟

الجواب: أنّنا لا ندّعي أنّ حقّ القسم ثابت من مدلول الآية بل نلتزم بما قلناه سابقاً، ولكنّ المدّعى أنّ الأخبار الواردة في حقّ القسم تريد بيان مصداق من مصاديق المعاشرة بالمعروف، وإذا لم تكن هذه الأخبار فلا يمكن استفادة لزوم مراعاة الحقّ من الآية بمفردها بأن يلزم الزوج أن يبيت ليلة من كلّ أربعة ليال عند زوجته.

المطلب الرابع: جواز تفضيل بعض الزوجات على الأُخر في الأقلّ من الأربع

إذا كان للرجل أربع زوجات، فبما أنّ لكلّ واحدة منهن الحقّ في ليلة من كلّ أربع ليال، فمعلوم أنّه لا يمكنه أن يبيت عند إحداهنّ أكثر من ليلة من دون رضا الأُخر، لأنّ ذلك يستلزم تضييع حقوقهنّ فلا يجوز.

ولكن إذا كان له زوجتان أو ثلاث، فهل يجوز تفضيل بعضهنّ على الأُخر؟

ذهب العامّة فيه إلى الجواز.

قال ابن قدامة في المغني: «لا نعلم بين أهل العلم في وجوب التسوية بين الزوجات في القسم خلافاً.»[1]

وقال الشيخ في الخلاف: «كان له أن يبيت عند واحدة ثلاث ليال وعند الأُخرى ليلة واحدة. وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا: يجب عليه التسوية بينهما.

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم...»[2]

وادّعى ابن زهرة في الغنية الإجماع على المسألة.[3]

دليل قول العامّة هو التمسّك بإطلاق قوله تعالى: ﴿فَانْكـِحُوا مَا طَابَ لَكـُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَ ثُلَاثَ وَ رُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً[4] الدالّ على وجوب مراعاة العدل بين الزوجات وإطلاقه الشامل للقسم.

ولكن ـ بناءً على ما تقدّم ـ فحسب الأخبار الواردة عن الأئمة المعصومين(ع) فإنّ الآية الشريفة تختصّ بالنفقة ولا علاقة لها بلزوم مراعاة العدل في المبيت لدى الزوجات.

بل ورد في خصوص جواز تفضيل بعض الزوجات على الأُخر في الفرض المذكور أخبار:

منها: ما روي صحيحاً عن محمّد بن مسلم، قال: «سألته عن الرجل تكون عنده امرأتان إحداهما أحبّ‌ إليه من الأُخرى؟ قال: له أن يأتيها ثلاث ليال والأُخرى ليلة، فإن شاء أن يتزوّج أربع نسوة كان لكلّ امرأة ليلة، فلذلك كان له أن يفضّل بعضهنّ على بعض ما لم يكنّ أربعاً.»[5] [6]

ومنها: ما روي في النوادر صحيحاً عن الحلبي عن أبي عبدالله(ع): «أنّه‌ سئل‌ عن‌ رجل‌ تكون‌ عنده‌ امرأتان‌ إحداهما أحبّ‌ إليه‌ من‌ الأُخرى، أله‌ أن‌ يفضّل‌ إحداهما؟ قال:‌ نعم،‌ له‌ أن‌ يأتي‌ هذه‌ ثلاث‌ ليال‌ وهذه‌ ليلة،‌ وذلك‌ أنّ‌ له‌ أن‌ يتزوّج‌ أربع‌ نسوة‌ ولكلّ‌ امرأة‌ ليلة،‌ ولذلك‌ كان‌ له‌ أن‌ يفضّل‌ إحداهنّ‌ على الأُخرى ما لم‌ يكنّ‌ أربعاً...»[7] [8]

ورواه الشيخ أيضاً في التهذيب بسند صحيح عن الحلبيّ عن أبي عبدالله(ع)، قال: «سئل عن الرجل يكون عنده امرأتان إحداهما أحبّ إليه من الأُخرى، أله أن يفضّل إحداهما على الأُخرى؟ قال‌: نعم، يفضّل بعضهنّ على بعض ما لم يكنّ أربعاً...»[9] [10]

ومنها: خبر الحسن بن زياد قال: «قال أبو عبدالله(ع)‌: ...سألته عن الرجل يكون له المرأتان وإحداهما أحبّ إليه من الأُخرى، أله أن يفضّلها بشيء؟ قال: نعم،‌ له أن يأتيها ثلاث ليال والأُخرى ليلة لأنّ له أن يتزوّج أربع نسوة فليلتيه يجعلهما حيث شاء‌...»[11] [12]

ومنها: خبر علي بن عقبة عن رجل عن أبي عبدالله(ع): «عن الرجل يكون له امرأتان، أله أن يفضّل إحداهما بثلاث ليال قال: نعم.»[13] [14]

ومنها: خبر علي بن جعفر عن أخيه موسی بن جعفر(ع)، قال: «سألته عن رجل له امرأتان، هل يصلح له أن يفضّل إحداهما على الأُخرى؟ قال: له أربع، فليجعل لواحدة ليلة وللأُخرى ثلاث ليال.»[15] [16]

ومنها: خبر آخر لعلي بن جعفر عن أخيه موسی بن جعفر(ع)، قال: «سألته عن رجل له ثلاث نسوة، هل يصلح له أن يفضّل إحداهنّ؟ قال: له أربع نسوة، فليجعل لواحدة إن أحبّ ليلتين وللأُخريين لكلّ واحدة ليلة، وفي الكسوة والنفقة مثل ذلك.»[17] [18]

إذن تبيّن بأنّه لا إشكال في جواز تفضيل بعض الزوجات على الأُخر في فرض الكلام، وهذا يؤيّد ما سبق من أنّ حقّ القسم لا يمكن أن يستند فقط إلى لزوم مراعاة العدل بين الزوجات.

نعم، ورد في صحيحة معمّر بن خلاد: «سألت أبا الحسن(ع): هل يفضّل الرجل نساءه بعضهنّ علی بعض؟ قال: لا، ولا بأس به في الإماء.»[19] [20]

قال صاحب الوسائل في توجيه هذه الصحيحة: «حمله الشيخ على الكراهة، ويمكن الحمل على التفضيل في القسم الواجب إذا كنّ أربعاً.»

ولكن لا حاجة لهذا الحمل، لأنّ شمول الصحيحة لما نحن فيه يكون بإطلاقها، ومن المعلوم أنّه يمكن رفع اليد عن إطلاقها مقابل الأخبار المجوّزة للتفضيل في القسم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo