< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / التنازع في المهر / مقدار المهر الواجب دفعه على الزوج

المقام الثاني: مقدار المهر الواجب دفعه على الزوج

قال الشيخ في المبسوط: «إذا ثبت أنّه يلزم النكاحان فالأولى أن نقول: إنّه يلزمه المهران معاً. وقال بعضهم: يلزمه مهر ونصف، لأنّه يقول: «طلّقتها بعد الأوّل قبل الدخول، فعليّ نصف المهر، ثمّ تزوّجت بها يوم الجمعة»؛ وهذا أقوى. وعلى هذا لو قال: «طلّقتها بعد النكاح الثاني قبل الدخول»، لم يلزمه أكثر من نصف المهر فيه أيضاً.»[1]

وقال العلامة في المختلف بعد نقل كلام الشيخ: «هو يدلّ‌ على تردّده في ذلك، وكان والدي رحمه الله يقوّي الثاني، وشيخنا أبو القاسم جعفر بن سعيد يقوّي الأوّل، وهو الأقوى عندي، لاعتراف الزوج بثبوت الأوّل في ذمّته وقيام البيّنة عليه بالثاني.

وتعليل الشيخ ليس بجيّد، لأنّ‌ دعواه الطلاق المتخلّل بين العقدين ينافي دعوى التكرار، ولو ادّعى تخلّل الطلاق كان القول قوله مع اليمين.»[2]

يمكن الاستدلال على ثبوت مهرين للزوجة بأنّ الزوج إذا لم يدّع الطلاق قبل الدخول بالنسبة إلى النكاح الثاني، فعليه دفع مهرين للمرأة، لأنّ كلاً من النكاحين المحكوم بثبوتهما يستلزم ثبوت مهر مستقلّ إلا إذا تبيّن أنّ الفراق حاصل قبل الدخول، والحال أنّ الزوج لكونه يدّعي أنّ النكاح الثاني تكرار للأوّل فلا يمكنه ادّعاء حصول فرقة بعد النكاح الأوّل ثمّ وقوع النكاح الثاني، لأنّ هذا الادّعاء يخالف إقراره بكون النكاح الثاني تأكيديّاً. والنتيجة ثبوت المقتضي لثبوت تمام المهر ـ أي النكاح ـ وعدم ثبوت المانع ـ أي حصول الفرقة قبل الدخول ـ ومع عدم ادّعاء الزوج وقوع طلاق قبل الدخول بعد النكاح الثاني، فيلزمه المهران.

ولكنّ الشهيد الثاني قال في بيان مختاره في المسألة: «المختار أنّه إن أنكر الإصابة في زمان النكاح الأوّل، حلف ولزم مهر و نصف. وإن وافق على الإصابة في ذلك الزمان، فمهران قطعاً. وإن سكت حكم عليه بالمهرين، لوجوبهما بالعقد، ووقوع الشكّ في المسقط ويقوّى بسكوته، إذ لو كان لادّعاه، وكذا لو مات.

ولك أن تقول: يمكن لزوم مهر واحد لا غير، لأنّ من أسباب الفرقة ما لا يوجب مهراً ولا نصفه كردّتها وإسلامها، وفسخه بعيبها قبل الدخول، وفسخها بعيبه غير العنّة قبله، فحينئذٍ دعوى أحد هذه الأُمور يسقط المهر بكماله مع تمامها، وتجويزها ينفي القطع بالزيادة على المهر الثاني.»[3]

فإنّ وجه دعواه بأنّ الزوجة إذا حلفت على عدم الدخول فيما بين النكاح الأوّل والثاني فلا يجب لنكاحها الأوّل أكثر من نصف المهر، هو أنّه إذا ثبت عدم الدخول بين النكاحين فيتبيّن للقاضي إجمالاً بأنّ الزوجة لا تغرم الزوج مهرين، لأنّ النكاح الثاني إمّا أن يكون تأكيديّاً أو تأسيسيّاً، فعلى الأوّل يثبت لها مهر واحد وعلى الثاني فبما أنّ تأسيسيّة النكاح متوقّف على وقوع الفراق بعد النكاح الأوّل وافترض ثبوت عدم تحقّق دخول بين النكاحين، فلا يثبت مهر كامل للنكاح الأوّل. ولا يضرّ الاستدلال عدم سماع دعوى الزوج بالنسبة إلى وقوع الفراق بين النكاحين، لأنّ الذي ادّعاه الزوج ليس وقوع الفراق بين النكاحين وإنّما عدم وقوع الوطء بينهما، وبعد إثبات هذه الدعوى، فعدم ثبوت المهر الكامل للزوجة في نكاحها الأوّل ناشئ عن العلم الإجمالي للقاضي.

بل يمكن القول بأنّه كما لا يمكن للزوج أن يدّعي حصول الفراق بعد النكاح الأوّل، فكذلك ليس للزوجة بعد إثبات عدم تحقّق الوطء بين النكاحين أن تدّعي تمام المهر للنكاح الأوّل، لأنّ دعوى كون النكاح الثاني تأسيسيّاً يتضمّن الإقرار بوقوع الفراق بين النكاحين، وإذا ثبت عدم الدخول بعد النكاح الأوّل، لم يثبت به أكثر من نصف المهر للزوجة.

وسنبيّن وجه بقيّة المقال في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo