< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / التنازع في المهر / إختلاف الزوجين في المواقعة

قال المحقّق الحلّي: «الثانية: إذا خلا بها فادّعت المواقعة، فإن أمكن الزوج إقامة البيّنة ـ بأن ادّعت هي أنّ المواقعة قبلاً وكانت بكراً ـ فلا كلام، وإلا كان القول قوله مع يمينه، لأنّ الأصل عدم المواقعة وهو منكر لما تدّعيه.

وقيل: القول قول المرأة عملاً بشاهد حال الصحيح في خلوته بالحلائل؛ والأوّل أشبه».[1]

 

إذا خلا الزوجان ببعضهما ثمّ ادّعت الزوجة المواقعة وأنكرها الزوج، فقد احتمل المحقّق الحلّي صورتين للمسألة:

الصورة الأُولى: تظهر القرائن عدم المواقعة، كما لو ادّعت الزوجة الوطء في القبل وتبيّن أنّها باكرة.

ذهب فيها المحقّق إلى اعتبار القرائن بيّنةً، فيُقبل قول الزوج.

ومثل هذه القرائن إذا كانت مفيدة للاطمئنان فلا إشكال في دعواه، وإلا فإنّ قبولها بيّنةً مبنيّ على أن تكون البكارة مذكورة في الأدلّة الشرعيّة بعنوان بيّنة على عدم الدخول.

وقد ورد في بعض الأخبار ما قد يُتصوّر بأنّه دالّ على كون البكارة بيّنة على عدم الدخول، کمعتبرة إسماعيل‌ بن‌ أبي زياد (السکوني) عن‌ أبي عبدالله‌ عن‌ أبيه‌ عن‌ عليّ(ع): «أنّه أُتي بامرأة‌ بكر زعموا أنّها زنت فأمر النساء فنظرن‌ إليها، فقلن:‌ هي‌ عذراء، فقال عليّ(ع): ما كنت‌ لأضرب‌ من‌ عليها خاتم‌ من‌ الله، وكان يجيز شهادة النساء في مثل هذا.»[2] [3]

ولكن من الممكن أن يكون عدم إجراء الحدّ في هذا الفرض لدرء الحدود بالشبهات لا لكون البكارة بيّنة على عدم الدخول، ويؤيّده أيضاً أنّ من ادّعى تحقّق الزنا في الرواية لم يدّع وقوعه في القبل، والبكارة حتّى لو اعتبرت بيّنة على عدم الدخول في القبل فإنّها لا تنفي تحقّق الزنا بالوطء دبراً.

يقول كاشف اللثام في توجيه كلام المحقّق ثمّ نقده: «لبعد احتمال عودها، إلا أن تدّعيه وتقيم البيّنة بالمواقعة أو بالزوال سابقاً. ويرد عليه أنّ‌ الختانين يلتقيان ولا تزول البكارة.»[4]

ويرد إشكاله على كلام المحقّق أيضاً، ويمكن إضافة إشكال آخر من أنّه من الممكن في بعض النساء تحقّق الدخول من دون زوال بكارتهنّ.

ولكنّ الشهيد الثاني قال في تعليل دعوى المحقّق: «إن كانت بكراً فلا إشكال، لإمكان الاطّلاع على صدق أحدهما باطّلاع الثقات من النساء عليها، وذلك جائز لمكان الحاجة، كنظر الشاهد والطبيب.»[5]

وقال صاحب الجواهر مستشکلاً علی کلامه: «فيه: مضافا إلى ما عرفت أنّ رؤياها ثيّباً لا دلالة فيه على صدق دعواها، لاحتمال زوال بكارتها بغير وقاعة، كما أنّ كونها بكراً لا يوجب تمكينها من نفسها للاطلاع على معرفة حالها، خصوصاً مع حرمة النظر إلى العورة وما فيه من المشقّة، لمنافاته الحياء، فلها المطالبة حينئذٍ باليمين أو يكون القول قولها على اختلاف القولين.

اللهمّ إلا أن يقال: إنّه يظهر من بعض النصوص السابقة في العيوب أنّ للحاكم تعرّف نحو ذلك بنحو ذلك، فله الإلزام في مقام قطع الخصومة وتبيّن صحّة الدعوى من فسادها.»[6]

ولكنّ الحقّ عدم اختلف الحال في المسألة بين البكر والثيّب، والمسألة دائرة مدار أنّه هل يستطيع أهل الخبرة ـ كالطبّ الشرعيّ ـ أن يشخّصوا وقوع الدخول أو لا، لأنّ تشخيصه من قبلهم غير متوقّف على البكارة، بل يمكنهم التشخيص حتّى في الثيّب بل وفي الوطء في الدبر أيضاً.

والحاصل أنّه إذا أمكن الخبراء إبداء الرأي في ذلك وأفاد رأيهم الاطمئنان، فيمكن فصل الخصومة بقولهم من دون الحاجة إلى البيّنة أو اليمين، لأنّ الحقّ أنّ للحاکم أن يحكم حسب علمه فيما إذا كان لعلمه منشأ عرفيّ.

أمّا عدم وجوب تمكين المرأة الخبراء من فحصها وإن كان صحيحاً في فرض المسألة ـ لأنّ الذي أقام الدعوى هي الزوجة ولها أن تترك إقامة الدعوى ـ ولكن إذا أُقيمت الدعوى من قبل الزوج فيلزمها التمكين من الفحص لما ذكره صاحب الجواهر.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo