< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / التنازع في المهر / تقدم قول الزوج في استحقاق المهر بعد الدخول

 

يقول الشهيد الثاني في الإشكال على كلام العلامة في التحرير: «وفيه نظر من وجوه:

أحدها: أنّ الاستفسار إنّما يجب مع عدم إفادة الكلام فائدة بدونه، وقد عرفت أنّ مجرّد الاعتراف بالنكاح مع الدخول له حكم يترتّب عليه، فلا يجب الاستفسار وإن كان جائزاً.

وثانيها: تقديم قوله لو ادّعى التسمية؛ ولا يخفى ما فيه، لأنّ الأصل عدمها، فكيف يقدّم قوله فيها؟ وإنّما هو بالنسبة إليها مدّعٍ لا منكر، فلا يكون القول قوله.

وفي القواعد أطلق تقديم قول الزوج في التسمية أيضاً ولم يذكر ذلك غيره، وعموم: «اليمين على من أنكر» ينفيه.

وثالثها: حبسه إذا لم يجب حتى يبيّن؛ فإنّه تعجيل عقوبة لا سبب لها، لما ذكرناه من أنّ الدخول يقتضي حكماً فيحكم بما يترتّب عليه، لأنّ إقراره بالزوجيّة والدخول يستلزم إقراره بالحقّ‌ حيث ينتفي عنه الاحتمالان النادران، فلا وجه لحبسه.

ثمّ‌ إن كان الواقع خلاف ما يحكم به عليه، فعليه أن يبيّنه ويدّعيه، وإلا فإنّا نحكم بالظاهر وبما يطابق القواعد الشرعيّة، والله يتولّى السرائر.»[1]

كما قال في الإشكال على دعواه في القواعد: «القسم الأوّل منه لا إشكال فيه.

وأمّا الثاني ـ وهو إنكاره الاستحقاق ـ فهو أصل المسألة، لأنّ القسم الأول ـ وهو إنكاره التسمية ـ مسألة أُخرى لا إشكال في قبول قوله فيه.

ثمّ‌ على تقدير عدم سماع دعوى عدم الاستحقاق لم يبيّن ما ينبغي من الحكم؟ هل يثبت عليه شيء أو يطالب بجواب آخر؟ وعلى تقدير المطالبة هل يضيّق عليه لو لم يجب أم لا؟

ومع ذلك بقي قسم آخر، وهو ما لو ادّعى قدراً وإن قلّ‌، كما ذكره غيره، وذكره هو في غيره. ولا يغني عنه ذكر اختلافهما في القدر وأنّه راجع إليه، لأنّ تلك مسألة أُخرى غير هذه، إذ أصل هذه دعواها عليه أصل المهر، فيقرّ منه بدرهم مثلاً، وتلك فرضها دعواها قدراً واعترافه بأقلّ‌ منه.

ويمكن أن يقال: إنّ دعوى أصل المهر غير مسموعة، بناءً على عدم سماع الدعوى المجهولة، فلابدّ من تحريرها بالقدر، فيرجع جوابه بالقدر إلى الاختلاف فيه.

وعلى هذا فيكون تركه أجود من قوله في التحرير بعد ذلك: «ولا إشكال لو قدّره بأقلّ‌ ما يصلح أن يكون مهراً» وقول المصنّف: «لو قدّر المهر ولو بأرزّة».»[2]

أمّا ما نُسب في كلمات بعض الأصحاب إلى الشهرة ونُسب في كلمات بعض آخرين إلى الشيخ وأتباعه من أنّ المقدّم في دعوى استحقاق المهر بعد الدخول هو قول الرجل مطلقاً، فهو لما ورد في كلام الشيخ في النهاية: «متى ادّعت المرأة المهر على زوجها بعد الدخول بها، لم يلتفت الى دعواها. فإن ادّعت أنّها جعلته ديناً عليه، كان عليها البيّنة وعلى الزوج اليمين.»[3]

وتبعه فيه بعض الأصحاب مثل ابن البرّاج.[4]

ومستند الفتوى بعض الأخبار المتقدّمة الدالّة على لزوم إقامة الزوجة للبيّنة على مدّعاها إذا ادّعت المهر بعد الدخول؛ مثل ما ورد في صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج: «سألت‌ أبا عبدالله(ع)... قال: إذا أُهديت‌ إليه‌ ودخلت‌ بيته‌ ثمّ‌ طلبت‌ بعد ذلك‌ فلا شي‌ء‌ لها...»[5] [6]

ولكن من الواضح أنّ هذه الأخبار إنّما وردت فيما إذا كان النزاع على استلام المهر المسمّى من قبل الزوجة، وإليه يستند ما تقدّم عن العلامة في التحرير من تقديم قول الزوج بعد دعوى الزوجة والاستفسار من الزوج بالنسبة إلى تعيين المهر المسمّى وإقراره به.

كما يؤيّد حمل كلام الشيخ في النهاية على الاختلاف في قبض المهر المسمّى ما ورد عن أبي الصلاح الحلبي في الكافي حيث قال: «إذا صحّ التسليم وحمل الزوج الصداق، كان له نقل الزوجة إلى بيته ولم يكن لها خيار، ولها الامتناع والتمكين ما لم تقبض جميعه، وإذا سلّمت نفسها وقد قبضت شيئاً لم يكن لها غيره إلا أن توافقه على الباقي وتشهد عليه به، فإن ادّعت باقياً ولم تكن لها بيّنة فعليه اليمين.»[7]

ولكنّ الشيخ قال في المبسوط: «إذا اختلف الزوجان في قبض المهر فقال: «قد أقبضتك المهر» وقالت: «ما قبضته» فالقول قولها، سواءً كان قبل الزفاف أو بعده، قبل الدخول بها أو بعده، وفيه خلاف، وروي في بعض أخبارنا أنّ القول قوله بعد الدخول.»[8]

ويقول ابن حمزة فيه: «إذا تنازعا في إقباض المهر فالبيّنة على المدّعي في كلّ حال.»[9]

وقد تبيّن ممّا تقدّم منّا أنّه ينبغي حمل الأخبار المذكورة على ما وافق ظاهرُ الحال فيه قبضَ المهر المسمّى قبل تحقّق الدخول.

وعلى كلّ حال، فهذه الأخبار لا تمتّ إلى مسألة الاختلاف على استحقاق المهر بصلة، بل تتعلّق بمسألة الاختلاف على قبض المهر المسمّى.

وسيأتي في الجلسة القادمة إن شاء الله الجواب على هذه المسألة والتعريف بالمدّعي والمنكر فيها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo