< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / التنازع في المهر / الإشکال علی بيان السيّد الروحانيّ من وجود السيرة

 

قمنا في الجلسة السابقة بتوجيه أكثر الموارد التي طرحها السيّد الروحانيّ نقضاً على مدّعى السيّد الخوئيّ بالنسبة إلى شروط جريان أصالة الصحّة، وقلنا: إنّ تلك الموارد لا تنقض كلام السيّد الخوئيّ.

وأمّا ما ذكره السيّد الروحاني من وجود سيرة للتمسّك بأصالة الصحّة في موارد الشكّ في مجهوليّة الثمن والمثمن، فيمكن القول بأنّا إذا اعتبرنا مجهوليّة الثمن والمثمن مانعاً من صحّة المعاملة فيمكن إحرازه بأصالة العدم ـ ولو استصحاباً للعدم الأزليّ ـ ولن يتعارض معه أصل عدم المعلوميّة، إذ لا يترتّب على هذا الأصل أثر إلا بنحو المثبت، فلا حاجة في تصحيح المعاملة إلى التمسّك بأصالة الصحّة.

وأمّا إذا اعتبرنا معلوميّة العوضين شرطاً لصحّة المعاملة، فالحقّ ما ذهب إليه السيّد الروحانيّ في الإشكال، إذ لا أصل لإحراز معلوميّة العوضين، وليس من الجزاف دعوى وجود سيرة للتمسّك بأصالة الصحّة في مثل هذه الموارد.

اللهمّ إلا أن نقول في توجيه دعوى السيّد الخوئيّ: إنّ الشروط الشرعيّة التي يراها واجبة في جريان أصالة الصحّة، تتعلّق بركنيّة الركن العرفيّ، لا أيّ شرط مرتبط بالركن. وبعبارة أُخرى: فإنّ الذي يسبّب تماميّة ركنيّة الثمن والمثمن في البيع عرفاً هو ماليّتهما، فكلّ شرط شرعيّ مرتبط بماليّة الثمن والمثمن ـ كعدم الحريّة وعدم الخمريّة ـ لزم إحرازه في جريان أصالة الصحّة، وأمّا الشروط التي لا دخل لها في ماليّة الثمن والمثمن ـ كالمعلوميّة ـ لا يشترط إحرازها في جريان أصالة الصحّة. وهذا وإن لم يتوافق مع ظاهر كلام السيّد الخوئيّ غير أنّه صحيح يمكن الالتزام به.

إذن ينبغي أن يقال بأنّ شرط جريان أصالة الصحّة في المعاملات هو تماميّة الأركان العرفيّة للمعاملة وعدم الشكّ فيها وإمكان إحرازها ولو بالأصل أو الأمارة، وإذا كان الشرط الشرعي ناظراً إلى شيء دخيل في ركنيّة أركان المعاملة ـ بمعنى أن يكون بصدد تضييق دائرة الشيء الذي يراه العرف ملاكاً لتماميّة ركنيّة ركن تلك المعاملة ـ فكذلك يعتبر في جريان أصالة الصحّة فيه إحرازه كالأُمور العرفيّة.

ثمّ إنّ من جملة المباحث المهمّة جداً في جريان أصالة الصحّة أنّ الذي يُشَكّ في صحّة المعاملة من جهة فعله إذا ادّعى فساد عمله والحال أنّه لم يوثق ولم يطمئنّ بقوله، ففي هذه الصورة هل يمكن التمسّك بأصالة الصحّة؟ كما لو ادّعى الموجِب في العقد أنّه أجاب بغير العربيّة ـ على فرض القول بتوقّف صحّة العقد على العربيّة ـ ولكن لم يحصل اطمئنان بفساد العقد من قوله، فهل يمكن مع ذلك التمسّك بأصالة الصحّة وإحراز صحّة العقد؟ أو إذا ادّعى البائع بعد العقد أنّ المبيع لم يكن ملكاً له ولم تكن حين العقد أمارة على ملكيّته حيث أقدم المشتري على شراء المبيع بمجرّد الوثوق بقول البائع، فإذا شكّ في صحّة دعواه بعد العقد، فهل يمكن تصحيح البيع بالتمسّك بأصالة الصحّة؟

هذه المسألة وعلى الرغم من أهميّتها البالغة لم ترد في كلمات الأصحاب، ولكن بما أنّ مدرك أصالة الصحّة لبّي وليس لفظيّاً ويلزم في الأدلة اللبّيّة الاقتصار على القدر المتيقّن ولا يمكن الأخذ بإطلاقها، فيجب الالتزام بعدم الدليل على جريان أصالة الصحّة في مثل هذه الموارد. بل لا يبعد أن يدّعى أنّ هذه يوجد فيها سيرة على عدم الأخذ بأصالة الصحّة، كما هو الحال في أمارات كقاعدة السوق التي يعتبر فيها وجود ظاهر حال، بمعنى أنّ البائع إذا ادّعى أنّ المبيع غير مذكّى، فلا يمكن إحراز تذكية اللحم المشترى بالتمسّك بقاعدة السوق ولو لم يحصل للمشتري وثوق واطمئنان عن كلام البائع بعدم التذکية.

وينبغي الالتفات إلى أنّه لا علاقة لما تقدّم بحجيّة إقرار المُقرّ التي يؤخذ بها على الرغم من وجود بيّنة لصالح المقرّ، لأنّ الإقرار يُقدّم على البيّنة فيما إذا أقرّ المقرّ على نفسه، بينما الإقرار فيما تقدّم من الأمثلة على شخص غيره، فلا يكون حجّة في حقّ المُقرّ.

وسنتابع تكملة المطالب في الجلسة القادمة إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo