< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:المهور/التنازع في المهر/موارد الأخذ بأصالة الصحّة في المعاملات

 

المقدمة الثانية: موارد الأخذ بأصالة الصحّة في المعاملات

المراد من الصحّة في هذا البحث ليس الصحيح الذي يقع مقابل القبيح حتّى تكون هذه القاعدة بمعنى حمل فعل المؤمن على الصحيح، بل المراد منها الصحّة التي مقابل الفساد وهي لا تختصّ في جريانها بالمؤمن أو المسلم، بل تجري في كلّ عمل يمكن اتّصافه بالصحّة والفساد ولو كان عامله غير مسلم، وتنتج ترتيب آثار الصحّة على العمل.

وما نريد البحث فيه في المقام هو جريان أصالة الصحّة في المعاملات.

وقد أسهب الأصحاب في البحث في شروط جريان أصالة الصحّة في المعاملات، ومنها: أنّه هل تجري أصالة الصحّة في الشك في وجود المانع أو تحقّق الشرط فقط، أم يمكن الأخذ بها فيما لو شكّ في قابليّة الفاعل أو المورد أيضاً؟ حيث ذهب جماعة منهم إلى أنّ أصالة الصحّة في المعاملات إنّما تجري فيما لو شكّ في تحقّق الشرط أو وجود المانع ولا تجري في موارد الشكّ في قابليّة الفاعل أو المورد، لأنّ جريانها متوقّف على إحراز الصحّة التأهّليّة والشكّ في الصحّة الفعليّة؛ وبعبارة أُخرى: لا يمكن التمسّك بها فيما لو شكّ في أركان المعاملة.

قال العلامة في باب الضمان من كتاب القواعد: «لا يصحّ‌ من الصبيّ‌ وإن أذن له الوليّ‌، فإن اختلفا قدّم قول الضامن، لأصالة براءة الذمّة وعدم البلوغ. وليس لمدّعي الأهليّة أصل يستند اليه، ولا ظاهر يرجع اليه، بخلاف ما لو ادّعى شرطاً فاسدا، لأنّ‌ الظاهر أنّهما لا يتصرّفان باطلاً.»[1]

وقال المحقّق الثاني في شرح دعوى العلامة: «فإن قيل: له أصالة الصحّة في العقود، وظاهر حال العاقد الآخر أنّه لا يتصرّف باطلاً.

قلنا: الأصل في العقود الصحّة بعد استكمال أركانها، ليتحقّق وجود العقد، أمّا قبله فلا وجود للعقد، فلو اختلفا في كون المعقود عليه هو الحرّ أم العبد، حلف منكر وقوع العقد على العبد، وكذا الظاهر إنّما يثبت مع الاستكمال المذكور لا مطلقاً.»[2]

وقال في مبحث الإجارة: «لا شكّ أنّه إذا حصل الاتّفاق على حصول جميع الأُمور المعتبرة في العقد من حصول الإيجاب والقبول من الكاملين وجريانهما على العوضين المعتبرين ووقع الاختلاف في شرط مفسد مثلاً، فالقول قول مدّعي الصحّة بيمينه، لأنّه الموافق للأصل، فإنّ الأصل عدم ذلك المفسد، والأصل في فعل المسلم الصحّة.

لا يقال: الأصل بقاء الملك على مالكه فيعارض الأصل المذكور.

لأنّا نقول: بعد صدور الإيجاب والقبول على الوجه المعتبر وعدم العلم بالمنافي لصحّتهما، المقتضي للحكم بصحّتهما عملاً باستصحاب الحال تحقّق السبب الناقل، فلم يبق ذلك الأصل كما كان.

أمّا إذا حصل الاختلاف مع الصحّة والفساد في حصول بعض الأُمور المعتبرة وعدمه، فإنّ هذا الاستدلال لا يستمرّ هاهنا، فإنّ الأصل عدم السبب الناقل؛ ومن ذلك ما لو ادّعى: أنّي اشتريت العبد، فقال: بل بعتك حرّاً.»[3]

وقد بيّن السيّد الخوئيّ دعوى العلامة والمحقّق الثاني بقوله: «إنّ‌ قابلية الفاعل إمّا عرفيّة، بمعنى اعتبارها في نظر العرف وأمضاه الشرع، ككون البائع مميّزاً، لعدم صحّة بيع الصبي غير المميّز عند العرف أيضاً، وإمّا شرعيّة، بمعنى اعتبارها بتأسيس من الشارع فقط، ككون البائع بالغاً...

وكذا القابليّة المعتبرة في المورد تارةً عرفيّة، ككون المبيع مالاً بناءً على‌ اعتبار الماليّة في البيع العرفي... وأُخرى شرعيّة، كعدم كون المبيع خمراً مثلاً...

ولا يصحّ حمل كلام العلامة والمحقّق الثاني على اعتبار إحراز القابليّة العرفيّة فقط في الفاعل والمورد في جريان أصالة الصحّة، وذلك لأنّهما مثّلا للشكّ في قابليّة الفاعل بالشكّ في البلوغ والتزما بعدم جريان أصالة الصحّة فيما إذا شكّ في صحّة عمل من جهة الشك في بلوغ العامل، ومن المعلوم أنّ اعتبار البلوغ شرعيّ على ما ذكرناه، فلابدّ في جريان أصالة الصحّة عندهما من إحراز القابليّة العرفيّة والشرعيّة في الفاعل والمورد.»[4]

ولكن للشيخ الأنصاري رأي آخر في المسألة ممّا سنطرحه في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالی.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo