< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / التنازع في المهر / نظر الاُستاذ في تقديم الظاهر على الأصل

 

بالنظر إلى ما تقدّم في الجلسات السابقة، يقال: إنّ محلّ الكلام في مقام تقديم الظاهر على الأصل هو أنّه لو وجد ظنّ نوعيّ بالنسبة إلى شيء ما بنحو لا يعتنى نوعاً باحتمال خلافه ولم يرد أيضاً دليل من الشارع لبيان اعتبار مثل هذا الظنّ، فهل يقدّم ذلك على الأصل أم لا؟

مقتضى التحقيق في المقام أنّه لا دليل على اعتبار الظنّ النوعيّ المذكور على نحو مطلق ولو اعتبرنا الظنّ حجّة مطلقاً، فإنّ المعتبر منه هو الظنّ الشخصيّ، إذ من المعلوم أنّ اعتبار الظنّ ليس بأكثر من اعتبار العلم، وكما يجب في اعتبار العلم أن يحصل للشخص ولا حجّيّة لعلم سائر الأفراد عنده، فالأمر أولى بالنسبة إلى الظنّ والاطمئنان.

غير أنّه يقال في الظنّ الشخصيّ بأنّه إذا ارتقى إلى حدّ الاطمئنان، فيمكن إلحاقه بالعلم واعتباره، والمراد من الاطمئنان هنا هو أن لا يعتني من حصل له مثل هذا الظنّ باحتمال الخلاف.

ولكن هل يمكن القول بأنّ الاطمئنان شخصيّ؟ بمعنى أنّه لو لم يعتن الفرد حسب حالاته الخاصّة باحتمال الخلاف الموجود في المسألة، فهل أنّ الاطمئنان الحاصل له معتبر وحجّة حتّى وإن كان يرى العرف ذلك الاحتمال بدرجة يعتنى بها؟

الظاهر ممّن قال باعتبار الاطمئنان أنّه يشترط فيه فضلاً عن أن يكون شخصيّاً أن يكون نوعيّاً أيضاً، وما لم يحصل الاطمئنان نوعاً فلا دليل على اعتباره، إذ حتّى لو حملنا العلم في الأدلّة الشرعيّة على الاطمئنان، فينبغي حمله على الاطمئنان العرفيّ لا الاطمئنان الذي لا يعترف به العرف، إذ من المعلوم أنّ اعتبار الاطمئنان كالعلم ليس ذاتيّاً حتّى لا يكون لطريق حصوله دخل في اعتباره، واعتباره إنّما ناشئ من حمل العلم في الأدلّة الشرعيّة على الاطمئنان، والقدر المتيقّن منه هو فيما اعتضد الاطمئنان الشخصي بالاطمئنان العرفيّ أيضاً.

فيمكن القول: إذا اطمأنّ الشخص في مورد ما وكان اطمئنانه مطابقاً لظاهر الحال أيضاً، فيمكن عدّه معتبراً ومقدّماً على الأصل. إذن يتوقّف تقديم ظاهر الحال على الأصل على إيجاد اطمئنان شخصي مطابق له، وإن كان المقدّم على الأصل في هذه الموارد ـ كما ذكرنا ـ هو الاطمئنان الموافق لظاهر الحال لا ظاهر الحال الداعي للاطمئنان.

والحاصل أنّ الفرق بين تقديم ظاهر الحال على الأصل في غير الموارد المنصوصة وبين تقديمه على الأصل في الموارد المنصوصة ـ كقاعدة اليد وقاعدة السوق ـ يكمن في أنّ تقديم ظاهر الحال على الأصل في المنصوصة لا يتوقّف على وجود الظنّ المطابق لمفاد القاعدة، فضلاً عن أن يحتاج إلى الاطمئنان الموافق له، بينما في غير المنصوصة، يستلزم تقديم ظاهر الحال على الأصل إلى وجود اطمئنان شخصيّ بمفاده.

ولكن يلزم من البيان الآنف في هذه الموارد، عدم بقاء موضوع للأصل مع وجود ظاهر الحال، ويكون تقديم ظاهر الحال على الأصل في الواقع للورود لا التعارض بين ظاهر الحال والأصل ثمّ تقديم أحدهما على الآخر.

هذا بالنسبة إلى تقديم ظاهر الحال على الأُصول التي أُخذ في موضوعها الشكّ.

وأمّا تقديمه على الأمارات، فهو لعدم بقاء مورد للتمسّك بالأمارة مع وجود العلم، وبما أنّ الاطمئنان بالشروط المذكورة ملحق بالعلم، فلا يبقى مورد للتمسّك بالأمارة بوجود ظاهر حال داعٍ إلى الاطمئنان الشخصيّ بمفاده، علماً بأنّ مجرّد ظاهر الحال الذي لا يطمئنّ بمفاده لا يوجب رفع اليد عن الأمارة.

هذا بالنسبة إلى ما لم يكن هناك نزاع في البين وأهمّنا اعتبار ظاهر الحال من حيث التکليف الشخصيّ للمكلّف فقط.

وأمّا إذا كان المورد من موارد النزاع، وكان الأصل مطابقاً لقول أحد أطراف النزاع وظاهر الحال مطابقاً للآخر، فللمسألة تفصيل سيأتي في الجلسات القادمة إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo