< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور/احکام المهر/مهرية الزوجة عينٌ خارجيٌّ و في اختيار الاَب

 

إن لم يسلّم الأب المهر إلى زوجة ابنه بعدُ وكان المهر عيناً خارجيّة من أمواله أو ديناً اشتغلت ذمّة الأب بواسطته بزوجة الإبن ثمّ طلّق الابن زوجته بعدما کبر وقبل أن يدخل بها، فإنّ الشيخ قال فيه في المبسوط: «إن لم يكن الوالد أقبضها شيئاً فطلّقها الولد قبل الدخول، برئت ذمّة الوالد عن نصف الصداق وبقي نصفه عليه.

وأمّا إن كان الصداق عيناً قائمة أصدقها والده عنه ـ مثل أن قال: «زوّج ابني بنتك بهذا العبد من مالي» ففعل ـ صحّ، فإذا عاد إلى الولد بطلاقها قبل الدخول نصفه، فهل لوالده أن يرجع فيه‌؟ على ما مضى.»[1]

والحاصل أنّه قد فرّق بين ما إذا كان المهر عيناً وبين أن يكون ديناً، وقال في الأوّل بأنّ نصف العين في فرض الطلاق قبل الدخول يدخل في ملك الزوج، بينما قال في الفرض الثاني بأنّ ذمّة الأب تبرأ من نصف المهر وتملك الزوجة نصف المهر على ذمّته ولا ينال الولد شيئاً.

وقال العلامة في القواعد: «لو طلّق قبل أن يدفع الأب عن الصغير المعسر، سقط النصف عن ذمّة الأب والابن، ولم يكن للابن مطالبة الأب بشيء.»[2]

قال الفاضل الاصفهانيّ في تعليل دعوى العلامة وتوجيه كلام الشيخ في الفرض الأوّل: «لأنّه بضمانه تمام المهر للمرأة لا يثبت للابن عليه شيء وإنّما ينتقل إليه المهر بدفعه عنه إليها، كما أنّ‌ المديون لا يطالب الضامن عنه بشيء إذا أبرأه المضمون له.

نعم، إن كان المهر عيناً للأب، ملكتها المرأة بالإصداق وإن لم يقبضها، فإذا طلّقها يرجع إليه لا إلى الأب نصفها.»[3]

أمّا الشهيد الثاني فقد قال في هذا الشأن: «مقتضى قول المصنّف: «فلو دفع الأب المهر...» أنّه لو لم يكن دفعه لا يستحقّه الولد، بل تبرأ ذمّة الأب من النصف ويلزمه دفع النصف إلى الزوجة. و بهذا قطع الشيخ في المبسوط وبعده العلامة في القواعد. ووجهه ما سبق من أنّ دفع الأب المهر بمنزلة الهبة للولد، فبعد قبضها لا رجوع فيها، وقبله غير متحقّقة، فتبرأ ذمّته من النصف ولا يملكه الولد لعدم القبض.

وهذا يتمّ‌ لو كان الأب متبرّعاً بالدفع عن الصغير، كما إذا كان الصغير مؤسرا أو معسراً وقد شرط الأب في العقد عدم الضمان على ذلك القول. وأمّا إذا لزمه ابتداء ـ كما إذا كان الولد معسراً ولم يشترط عدم ضمانه ـ فإنّ المهر يلزمه بالعقد، سواء قبضته الزوجة أم لا، حتّى لو كان عيناً ملكت نماءها كما سلف، فلا يظهر الفرق بين قبضها وعدمه هنا. والتعليل بالهبة لا يظهر إلا مع التبرّع به لا مع لزومه ابتداء.»[4]

فحقيقة دعوى الشهيد الثاني هي أنّه لو فرض كون المهر ديناً لم يؤدّه الأب بعدُ، فبما أنّ الزوجة تملك ذمّة الأب بمقدار المهر ويملك الزوج بعد الطلاق الواقع قبل الدخول نصف ما كان ملكاً للزوجة تحت عنوان المهر، فإنّ كلاً من الزوجين يملك ذمّة أبي الزوج بمقدار نصف المهر ويجب عليه أن يبرئ ذمّته منهما.

ونظراً لما تقدّم يعلم عدم إمكان الالتزام بدعواه وأنّ الطلاق يسبّب فسخ ملكيّة الزوجة لنصف المهر منذ الطلاق، لا أنّه يملّك نصف المهر للزوج فيكونَ الطلاق من أسباب التمليك.

وأمّا إذا فرض كون المهر عيناً لم تقبض، فإنّ كلام الأعلام المذكور من أنّ نصفه يدخل إلى ملكيّة الزوج بعد الطلاق ـ على الرغم من قولهم بأنّ دفع أبي الزوج المهرَ للزوجة هو في حكم الهبة للزوج، وإذا لم يقبض فلم تتحقّق هبة أصلاً ـ هو أنّ قبض الهبة من قبل الصغير يتمّ بواسطة أبيه، فبمجرّد أن يُنكح الأب الصغيرَ الفقيرَ ويجعل مهر زوجته عيناً، فهذا في حكم الهبة للصغير وقد تحقّق قبضه من قبل الأب، إذن يكون مقتضي ملكيّة الزوج لنصف المهر موجوداً بعد الطلاق.

ولكن يشكل هذه الدعوى أيضاً بما تقدّم سابقاً، حيث قلنا: إنّه لا وجه لأن يدخل المهر في ملكيّة الصغير قبل أن يدخل في ملكيّة الزوجة، وينتج عنه أنّه بالطلاق قبل الدخول وفسخ ملكيّة الزوجة لنصف المهر، يدخل نصفه الآخر في ملك من خرج المهر من ملكه إلى ملكيّة الزوجة، أي أبي الصغير.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo