< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور/أحکام المهر/شرط ضمان الأب و الإشکال فيه

 

تقدّم في الجلسة السابقة أنّ شرط ضمان الأب هو فقر الصغير عندما يجب على الصغير دفع المهر.

ولكن قد يشكل على هذه الدعوى بأنّه لو كان للصغير حين النكاح أموال يستطيع دفع المهر بها وكان المهر مؤجّلاً ثمّ افتقر عند حلول الأجل، فيضمن الأب المهر في هذه الصورة علی هذا المبنی، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به.

والجواب أنّا نلتزم بهذا ودعوى عدم إمكان الالتزام بالحكم المذكور باطلة.

بل هو المستفاد من خبر عليّ بن جعفر عن أخيه(ع) حيث ورد فيه: «سألته‌ عن‌ رجل‌ زوّج‌ ابنه‌ وهو صغير فدخل‌ الابن‌ بامرأته‌، على مَن‌ المهر؟ على الأب‌ أو على الابن‌؟ قال: المهر على الغلام‌، وإن‌ لم‌ يكن‌ له‌ شي‌ء‌ فعلى الأب‌، يضمن‌ ذلك‌ على ابنه‌ أو لم‌ يضمن‌، إذا كان‌ هو أنكحه‌ وهو صغير.»[1] [2]

فوجوب دفع المهر على الأب بعد دخول الزوج بالزوجة ـ المتحقّق بعد بلوغه ـ متوقّف في هذه الرواية على فقد «الغلام» للمال، والمراد منه الكبير لا الصغير ـ بقرينة أنّه(ع) قال قبل ذلك: «المهر على الغلام» وكذا في ذيل الرواية: «إذا كان‌ هو أنكحه‌ وهو صغير» والضمير المفعوليّ وكذا الضمير في مبتدأ العبارة راجع إلى الغلام ـ وهو ظاهر في فعليّة فقره ولو كان غنيّاً في الماضي.

بل ادّعى بعض اللغويّين أنّ الغلام يصدق على الشاب لا الصبيّ.

قال الخليل فی العين: «غَلِمَ يَغْلَمُ غَلَماً وغِلْمَةً، أي: غلب شهوة... وغُلام: بيّن الغُلوم والغلاميّة، وهو الطارّ الشارب.»[3]

و«الطارّ الشارب» هو الذي نبت شاربه حديثاً.

نعم، قد ادّعى بعض أنّه يطلق على الصبيّ أيضاً. فقال ابن منظور فيه: «الغلام: الطارّ الشارب، وقيل: هو من حين يولد إلى أن يشيب.»[4]

وعلى كلّ حال ففي الرواية قرينة تكفي لحمله على الكبير، والحاصل أنّه يمكن استفادة ما ذكرناه من الرواية، وهذا ممّا يؤيّده.

وأمّا في خصوص الفرع الثاني ـ أي ما إذا كان إنكاح الصغير من قبل الفضوليّ ثمّ أمضاه وليّه ـ فقد يقال أيضاً: إنّ إجازة الوليّ لا تسبّب إسناد التزويج إليه، بل حتّى بعد الإجازة يقال: إنّ الفضوليّ هو الذي أنكح الصغير، وبما أنّ المفروض في جميع الأخبار الدالة على ضمان الأب هو أنّه الذي زوّج، فلا دليل على ضمان الأب في هذا الفرض.

بل ما ورد في صحيحة محمد بن مسلم: «سألت‌ أبا جعفر(ع) عن‌ الصبيّ‌ يتزوّج‌ الصبيّة؟‌ قال: إذا كان‌ أبواهما اللذان‌ زوّجاهما، فنعم‌، جائز، ولكن لهما الخيار إذا أدركا، فإن‌ رضيا بعد ذلك‌ فإنّ المهر على الأب...»[5] [6] قد يدلّ على أنّ ضمان المهر على الفضوليّ مطلقاً ـ سواء كان الصغير فقيراً أو لم يكن، وسواء أجاز الوليّ أم لا ـ لأنّ هذه الصحيحة جعلت ضمانه مطلقاً على عهدة وليّه ولو برضا الزوج لاحقاً بعد كبره، وإذا ضمن الوليّ مطلقاً على الرغم من أنّ فعله مبنيّ على ولايته، فضمان الفضوليّ أولى.

لا يقال: إنّ الأصحاب أعرضوا عن مضمون الرواية ولم يفت به المشهور.

لأنّ الجواب أنّ عدم عمل المشهور بمضمون الخبر من جهة، لا يسبّب انتفاء اعتبار دلالته من سائر الجهات، إلا إذا اعتبرنا إعراض المشهور مسقطاً لاعتبار صدوره ـ وهو الحقّ ـ لا مستلزماً لسقوط اعتباره الدلاليّ، حيث لا يمكن التمسّك به مطلقاً في هذه المسألة.

وسنتابع بيان المسألة في الجلسة اللاحقة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo