< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / جواب إشکالات الشهيد الثاني و صاحب الرياض

 

طرحنا في الجلسة السابقة إشكالات صاحبي المسالك والرياض على دعوى العلامة في القواعد من أنّه لو اشترط عدم الضمان من قبل الأب، فإنّ المهر لا يكون على عهدته ولو كان المولّى عليه فقيراً.

وأمّا جواب الإشكالات فأوّلاً ـ وكما قلنا وصرّح به السيّد العاملي في نهاية المرام[1] ـ إنّ النصوص المذكورة ليست مطلقة لتشمل المورد الذي تبرّأ فيه الأب من الضمان، فلا معارض لعموم أدلّة لزوم الوفاء بالشرط.

وثانياً: إنّ صحّة إنكاح الوليّ للصغير متوقّفة على وجود المصلحة، ولا يكفي فيها مجرّد عدم المفسدة.

وثالثاً: عندما نفترض أنّ الإنكاح كان من مصلحة الصغير أو لم يكن فيه مفسدة له، فهذا الحكم إنّما يكون مع أخذ جميع الظروف بعين الاعتبار ومنها أنّ المهر المسمّى سيكون على عهدة الصغير.

بل يمكن ادّعاء أنّه لا ضمان على عهدة الأب مطلقاً فيما إذا صرّح الأب بالبراءة من الضمان وقبلت الزوجة به ـ كما فعله صاحب الجواهر[2] ـ سواء كانت عالمة بعدم امتلاك الصغير مالاً أو لم تكن، إلا إذا أثبتت بأنّ رضاها بعدم ضمان الأب كان مقيّداً بامتلاك الزوج للمال.

والغريب قول كاشف اللثام في هذا الفرض حيث قال: «إن لم تعلم بالإعسار فحكم الضمان أيضا كذلك، لكنّها تختار في الفسخ على قول.

ويحتمل أن لا يكون كذلك، بناءً على أنّها إذا لم تعلم بالإعسار فلعلّها تظنّ‌ الإيسار، وأنّ‌ التبرّؤ تبرّؤ ممّا ليس عليه من الضمان فلذلك رضيت به، ولو كانت علمت بأنّ‌ عليه الضمان لم ترض بالتبرّؤ منه.»[3]

ويتّضح ممّا تقدّم الوجه في إشكال كلامه حيث إنّ مجرّد دعوى أنّ المرأة لو علمت بفقر الزوج لم ترض بعدم ضمان وليّه، فهذه الدعوى غير مسموعة ما لم تثبت.

على أنّه لا وجه لحقّ فسخ الزوجة للنكاح على فرض القول بعدم ضمان الأب، لأنّ رضا الزوجة بهذا الشرط إذا لم يكن مقيّداً بتمكّن الزوج، فالشرط صحيح ويجب الوفاء به ولا داعي إلى فسخ العقد، وإذا كان مقيّداً فغاية ما يمكن القول به هو أنّ الشرط كالعدم، ولا وجه لجواز فسخ العقد.

لكن إذا لم يصرّح بالشرط المذكور وكان الأمر مبنيّاً على الارتكاز العرفيّ فقط، فمعلوم أنّ لعلم الزوجة بفقر الزوج مدخليّة في وجود مثل هذا الارتكاز عند العرف.

فالحقّ في المسألة ما ذهب إليه العلامة في التذكرة حيث قال: «والوجه عندي أن نقول: المهر إن كان عيناً من مال الطفل، فلا ضمان. وإن كان ديناً، فإن كان الابن موسراً، فلا ضمان أيضاً إلا أن يصرّح بالضمان. وإن كان معسراً فإمّا أن يضمن الأب فيتعلّق به المهر قطعاً، أو يصرّح بنفي الضمان فلا ضمان، أو يطلق فيضمن أيضاً، للروايات الصحيحة في قولهم(ع) «ضمن أو لم يضمن»، ويحمل قوله(ع): «أو لم يضمن» على عدم اشتراط الضمان، لا على اشتراط عدمه.»[4]

وأمّا إذا لم يكن الصبيّ فقيراً بل كان له مال ولكنّه لا يبلغ تأدية المهر، فإنّ العلامة قال في هذا الفرض: «لو كان الولد معسراً بالبعض، ضمنه الأب خاصّة.»[5]

والضمير في «ضَمِنَه» عائد إلى «البعض»، فيكون معنى الكلام أنّ الأب لا يضمن إلا المقدار الذي ينقص عن المهر، والباقي على عهدة الولد.

أمّا الشهيد الثاني فقد تعرّض ضمن تأييده لهذه الدعوى إلى مسألة أنّه هل يستثنى من مال الصبي مستثنيات الدين عند النظر في امتلاكه للمال أو عدم امتلاكه، فقال: «إطلاق النصوص والفتاوى يقتضي عدم الفرق في مال الصبيّ‌ بين كونه ممّا يصرف في الدين على تقديره وغيره، فيشمل ما لو كان له دار سكنى ودابّة ركوب ونحو ذلك.

ووجه الإطلاق أنّ الحكم بوجوب المهر في ذمّته حينئذٍ لا يقتضي صرف ماله المذكور في الدين، وإنّما تضمّن ثبوته في ذمّته على هذا الوجه، ويبقى الحكم بوفاء الدين من هذه الأشياء أمراً آخر.

ومقتضى القواعد الشرعيّة أن لا يوفّى منها وإن طلبته الزوجة، ويبقى في ذمّة الولد إلى أن يقدر على الوفاء جمعاً بين الأصلين.»[6]

ولصاحب الجواهر إشكال على هذه الدعوى نذكره في الجلسة القادمة إن شاء الله.


[4] التذکرة، ج23، ص402.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo