< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / إبراء مهر المثل

 

قال المحقّق الحلّي: «الثالث: لو تزوّجها على مال مشار إليه غير معلوم الوزن فتلف قبل قبضه فأبرأته منه، صحّ. وكذا لو تزوّجها بمهر فاسد واستقرّ لها مهر المثل فأبرأته منه أو من بعضه، صحّ ولو لم تعلم كمّيّته، لأنّه إسقاط للحقّ، فلم يقدح فيه الجهالة.

ولو أبرأته من مهر المثل قبل الدخول، لم يصحّ، لعدم الاستحقاق.»[1]

 

الوجه في ذكر هذه المسألة هو أنّ الشيخ ذهب في المبسوط إلى فساد إبراء الذمّة المجهول مقدارها وقال: «إن أبرأته عن مهر المثل الواجب بالعقد نظرت، فإن كانت تعرف قدره ومبلغه فالبراءة صحيحة، لأنّها براءة عن أمر واجب معلوم، وإن كانت جاهلة بقدر مهر المثل فالبراءة باطلة، وهكذا إذا كان له على رجل مال مجهول فضمنه عنه ضامن كان الضمان باطلاً، فضمان المجهول باطل، والبراءة عن المجهول باطلة، فلا يصحّ ضمان المجهول ولا الإبراء عنه. وقال قوم: يصحّان معاً وهو الذي يقوى في نفسي.

فإذا ثبت أنّ الإبراء عن المجهول لا يصحّ فإن أبرأه عن مجهول لكنّه يتحقّق بعضه ـ مثل أن يعلم أنّ له عليه ديناً لكنّه يجهل مبلغه ويقطع أنّه لا يزيد على مائة فأبرأه عمّا له عليه ـ قيل: فيه وجهان:

أحدهما: يصحّ فيبرأ عن القدر الذي يتحقّق ولا يبرأ عن غيره.

والثاني: لا يصحّ، لأنّه لمّا لم يبرأ عن الكلّ لم يبرأ عن البعض؛ ألا ترى أنّه لو ضمن هذا الحقّ عنه لم يصحّ، لأنّه لمّا لم يصحّ ضمانه في الكلّ لم يصحّ في البعض.

فإذا أراد أن يصحّ الإبراء عن المجهول فالحيلة فيه أن يعطيها ما يقطع أنّها يستحقّه ـ مثل أن يجعل مهر مثلها فيقطع أنّه لا يبلغ مائة فيعطيها عشرة ـ ثم يقول لها: أبرئني من درهم إلى ألف، فيكون صحيحاً، لأنّها قبضت العشرة بحقّ قطعاً وأبرأته عن الزيادة.»[2]

غير أنّ المشهور لم يقبل بدعوى الشيخ من اعتبار العلم بمقدار شغل الذمّة في صحّة الإبراء، وقال الشهيد الثاني في تعليل دعوى المشهور: الوجه فيه أنّ إبراء الذمّة ليس من أقسام المعاوضة حتّى يشترط معلوميّة العوضين فيه وإنّما هو إسقاط، فكما لا مانع من صحّة هبة الشيء المجهول، فكذلك لا مانع من إسقاط المجهول.[3]

ثمّ أتبع كلامه قائلاً: «وإن أبرأته منه أو من بعض منه مشاع ـ كنصفه وثلثه ـ بعد الدخول، صحّ‌ وإن لم يعلم كمّيّته، بناءً على ما سلف من جواز الإبراء من المجهول.

ولو أبرأته من مقدار منه معيّن كعشرة دنانير مع جهلها بمجموعه صحّ‌ أيضاً، وهو جارٍ على القولين إذا علمت اشتمال مهر المثل عليه فصاعداً.

ويحتمل قويّاً عدم اشتراط ذلك، بل إن اتّفق كونه بقدرها وأزيد صحّ‌ الإبراء ممّا عيّنت، وإن كان أنقص لغا الإبراء من الزائد.

ومثله ما لو كان مهرها معيّناً في العقد لكن نسيت مقداره، وكذا غير المهر.»[4]

والحقّ في المسألة هو ما ذهب إليه، والمراد من «القولين» في كلامه هو القول بجواز إبراء الذمّة المجهول قدرها والقول بعدم جوازه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo