< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / الأقوال في الجمع بين النکاح والبيع

 

إذا قالت الزوجة: «زوّجتك نفسي وبعتك هذا الدينار بدينار»، فإنّ الشيخ قال في المبسوط في نظير المسألة: «إذا كان لبنته ألف فقال لرجل: «زوّجتك بنتي هذه ولك هذا الألف معاً بهذه الألف من عندك»، بطل البيع والمهر معاً، لأنّه رباً، وذلك أنّه فضّة وبضع بفضّة، فبقي النكاح بلا مهر.»[1]

ووجه كلامه أنّ ما يقع عوضاً عن المبيع بعد التقسيط، مجانس له وأقلّ منه، بينما المبيع من النقدين، فيكون البيع ربويّاً وباطلاً.

وأمّا وجه فساد المهر في كلمات العامّة أنّ المسألة من قبيل مسألة «مُدّ عجوة» فيفسد المهر أيضاً.

قال النوويّ في روضة الطالبين في قاعدة «مُدّ عجوة»: «في بيان القاعدة المعروفة بمدّ عجوة.

ومقصوده: أن يشتمل العقد على ربويّ من الجانبين ويختلف العوضان أو أحدهما جنساً أو نوعاً أو صفة؛ وهو ضربان:

أحدهما: يكون الربويّ من الجانبين جنساً، والثاني: يكون جنسين.

فالأوّل فيه تقع القاعدة المقصودة.

فمن صوره: أن يختلف الجنس من الطرفين أو أحدهما، كما إذا باع مُدّ عجوة ودرهماً بمدّ عجوة ودرهم، أو بمدّي عجوة، أو بدرهمين، أو باع صاع حنطة وصاع شعير بصاع حنطة وصاع شعير، أو بصاعي حنطة، أو بصاعي شعير.

ومن صوره: أن يختلف النوع أو الصفة من الطرفين أو أحدهما، كما إذا باع مُدّ عجوة ومدّ صيحانيّ بمدّ عجوة ومدّ صيحانيّ، أو بمدّي عجوة، أو بمدّي صيحانيّ، أو باع مائة دينار جيّدة ومائة دينار رديئة [بمائتي] دينار جيّد أو رديء أو وسط، أو بمائة جيّد، ومائة رديء، فلا يصحّ البيع في شيء من هذه الصّور ونظائرها. هذا هو الصحيح المعروف الذي قطع به الجمهور...

الضرب الثاني: أن يكون الربويّ من الطرفين جنسين وفي الطرفين أو أحدهما شيء آخر، فاختلفت علّة الربا، بأن باع درهماً وديناراً بصاع حنطة وصاع شعير، جاز...»[2]

فوجه فساد المهر على هذا المبنى هو أنّ العوض كان ألف درهم والمعوّض ألف درهم وبضعاً، فتفسد المعاملة المعاوضيّة كلاً ولا يمكن القول بصحّة جزء منها، فيبطل المهر أيضاً، ولكن أصل عقد النكاح صحيح لأنّه غير دخيل في المعاوضة.

بينما ذهب العلامة في القواعد إلى فساد البيع فقط وأنّه يجب تقسيط العوض وأنّ المقدار الذي يجعل مهراً منه فهو صحيح.[3]

وقال الشهيد الثاني في المسالك توضيحاً لكلام العلامة: «لأنّ الدينار في مقابلة الدينار والبضع، فيكون لكلّ‌ منهما منه ما يقتضيه التقسيط كما هو شأن العقود المجتمعة في عقد واحد، واللازم من ذلك بطلان الصرف خاصّة وصحّة النكاح بما يقتضيه تقسيط الدينار على مهر مثلها وعلى الدينار. فلو فرض مهر مثلها ديناراً، كان ما يخصّ‌ المهر منه نصف دينار، لاتّفاقهما على جعله في مقابلة دينارين، ويبطل البيع في نصف الدينار بالدينار الذي يقابله.

ولو فرض مهر مثلها عشرة دنانير، قسّم الدينار على أحد عشر جزءاً وكان المهر عشرة أجزاء من أحد عشر جزءاً من الدينار، فيلزم فيه، وبطل البيع في جزء من أحد عشر جزءاً من دينار.

ومثل هذا آتٍ في كلّ‌ مختلفين جمعا في عقد واحد بعوض واحد، ولا يلزم من بطلان الربا بطلان الأمرين، لوجود المقتضي للصحّة وانتفاء المانع.»[4]

ولکن أشكل صاحب الجواهر على هذا المقال قائلاً: «وفيه: أنّ عقد المعاوضة واحد، إلا أنّ عدم بطلان النكاح من جهة عدم اعتبار العوض فيه، وإلا فلا ريب في بطلان «بعتك الفرس والدينار بدينار» بل «وبعتك الفرس ووهبتك الدينار بدينار» بناءً على جريان الربا في سائر المعاوضات.»[5]

ويشكل كلامه بأنّ العقد إن كان واحداً، ففساده يعني عدم إيجاد مفاد العقد، ولا يختلف الحال بين أن يكون العوض دخيلاً في تحقّق النكاح أو لا يكون، لأنّ العوض وإن لم يكن ركناً في عقد النكاح ولكنّه ركن في العقد الذي أفاد البيع إضافة إلى النكاح.

فالواقع أنّ كلام العلامة والشهيد الثاني مترتّب على ما ذكرناه سابقاً من أنّه لا يمكن أن يكون مفاد العقد الواحد بيعاً ونكاحاً، وهذا العقد حقيقته عقدان، أحدهما نكاح والآخر بيع، وفي هذه الصورة، فإنّ فساد عقد البيع لربويّته لا يؤدّي إلى فساد عقد النكاح، وهو الحقّ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo