< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / أدلة عدم تمليک المهر بعقد النکاح

 

يوجد في قبال الروايتين المتقدّمتين في الجلسة السابقة الدالتين على ملكيّة الزوجة للنمائات منذ العقد، رواية أُخرى ظاهرة في خلافه وهي صحيحة أبي بصير عن‌ أبي عبدالله(ع)،‌ قال‌: «سألته‌ عن‌ رجل‌ تزوّج‌ امرأة‌ على بستان‌ له‌ معروف‌ وله‌ غلّة‌ كثيرة‌ ثمّ‌ مكث‌ سنين‌ لم‌ يدخل‌ بها ثمّ‌ طلّقها؟ قال:‌ ينظر إلى ما صار إليه‌ من‌ غلّة‌ البستان‌ من‌ يوم‌ تزوّجها فيعطيها نصفه‌ ويعطيها نصف‌ البستان‌، إلا أن‌ تعفو فتقبل‌ منه‌ ويصطلحان‌ على شي‌ء‌ ترضى به‌ منه‌، فإنّه‌ أقرب‌ للتقوى‌.»[1] [2]

فظاهرها أنّ الطلاق كاشف عن عدم ملكيّة الزوجة لنصف المهر منذ البدء، إذ لا وجه في غير هذه الصورة لتنصيف غلّة البستان بين الزوج والزوجة، بل جميعه ملك لها منذ العقد إلى حين الطلاق.

ولكن تقدّم أنّ كاشف اللثام قال في مقام توجيهها: «يجوز أن يكون الغلّة من زرع يزرعه الرجل، وأن يكون الصداق هو البستان دون أشجاره، وعلى التقديرين فليست الغلّة من نماء المهر فيختصّ‌ بالرجل، فالأمر بدفع النصف منها محمول على الاستحباب كما يرشد إليه قوله(ع): فإنّه أقرب للتقوى، ولعلّه عوض عن أُجرة الأرض.»[3]

كما يحتمل أن يكون تنصيف غلّة البستان بسبب أنّ البستان كان في يد الزوج ولم يسلّمه للزوجة، فتنصيف الغلّة إنّما هو للعمل الذي قام به خلال المدّة في البستان.

كما هناك روايات أُخرى تدلّ على توقّف ملكيّة المهر على الوطئ:

منها: موثّقة يونس بن يعقوب عن أبي عبدالله(ع)، قال: «لا يوجب المهر إلا الوقاع في الفرج.»[4] [5]

ومنها: موثّقة محمّد بن مسلم، قال: «سألت أبا جعفر(ع): متی يجب المهر؟ فقال: إذا دخل بها.»[6] [7]

ومنها: حسنة الحلبي عن أبي عبدالله(ع): «في رجل دخل بامرأة، قال: إذا التقی الختانان وجب المهر والعدّة.»[8] [9]

ولكنّها توجّه بأنّها ليست بصدد نفي استحقاق الزوجة لجميع المهر بالعقد، وإنّما هي في مقام نفي استحقاق المهر بمجرّد الخلوة، وهو رأي بعض العامّة.

قال وهبة زحيلي في نقل آرائهم: «مذهب الحنفية والحنابلة: الخلوة كالوطء في تكميل مهر، ولزوم عدّة، وثبوت نسب، وتحريم أُخت، وأربع سواها حتّى تنقضي عدتها. ويعدّ اللمس والتقبيل بشهوة عند الحنابلة كالدخول أيضاً. وعليه يكون الطلاق بعد الخلوة الصحيحة طلاقاً بائناً، تترتب عليه الأحكام التالية:

1 ـ ثبوت كامل المهر: فلو طلّقها بعد الخلوة الصحيحة استحقّت كلّ المهر المسمّى، ومهر المثل إن لم تكن التسمية صحيحة.

2 ـ ثبوت النسب: فلو طلّقها بعد الخلوة الصحيحة وجاءت بولد، ثبت نسبه منه إن جاءت به لأكثر من ستّة أشهر بعد الخلوة.

3 ـ وجوب العدّة: فإن طلّقها بعد الخلوة ولو كانت فاسدة عند الحنفية، وجب عليها العدة المقرّرة بعد الدخول والفرقة.

4 ـ لزوم نفقة العدّة على الزوج المطلّق: وهي الطعام والسكنى والكسوة.

5 ـ حرمة التزوّج بامرأة محرم لها أو بأربع سواها مادامت في العدّة، أو التزوّج بخامسة في عدّتها إذا كانت رابعة، كما يحرم الزواج خلال العدّة من طلاق بعد الدخول.

6 ـ تطليقها في الطهر: إذا أراد الزوج طلاق الزوجة بعد الخلوة الصحيحة، لزمه مراعاة وقت الطلاق، وهو كونه في طهر، كالمقرّر في الطلاق السنّي بعد الدخول.

والخلاصة: أنّ ثبوت المهر والعدّة من أحكام الخلوة المحضة، وأمّا ثبوت النسب فهو عند الحنفية من أحكام العقد مطلقاً، وأمّا بقية الأحكام فهي من آثار العدّة.»[10]

4 ـ الأخبار الدالّة على أنّ الزوجة لا يحقّ لها مطالبة المهر بعد الوطء، وقد تقدّم أنّها تدلّ على أنّ الوطء قرينة على استلام الزوجة كامل المهر ثمّ رضاها بالوطء، والحاصل أنّها تدلّ على ثبوت ملكيّتها على جميع المهر وإلا لم يحقّ لها المطالبة.

منها: صحيحه عبد الرحمن‌ بن‌ الحجّاج‌، قال: «سألت‌ أبا عبدالله(ع) عن‌ الزوج والمرأة‌ يهلكان‌ جميعاً فيأتي ورثة‌ المرأة‌ فيدّعون‌ على ورثة‌ الرجل‌ الصداق‌؟ ...قلت: فمتى حدّ ذلك‌ الذي إذا طلبته‌ كان‌ لها؟ قال: إذا أُهديت‌ إليه‌ ودخلت‌ بيته‌ ثمّ‌ طلبت‌ بعد ذلك‌ فلا شي‌ء‌ لها، إنّه‌ كثير، لها أن‌ تستحلف‌ بالله‌ ما لها قِبَله‌ من‌ صداقها، قليل‌ ولا كثير.»[11] [12]

ولكن قد يقال في الجواب: إنّ جواز مطالبة جميع المهر لا ينافي أن تكون ملكيّة الزوجة لنصف المهر مشروطة بالوطء اللاحق على نحو الشرط المتأخّر، وجواز مطالبة جميع المهر قبل الدخول إنّما هو للارتكاز العرفيّ حين العقد في زمن صدور الرواية من أنّها يحقّ لها الامتناع عن التمكين الخاصّ ما لم تستلم جميع المهر.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo