< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور/أحکام المهر/تعيين الزمان في خيار الشرط

تناولنا في الجلسة السابقة ذكر استدلالات من ذهب إلى لزوم تعيين مدّة لخيار الشرط.

ولكنّ السيّد الخوئيّ قال في الإشكال على التمسّك بأدلة الغرر لإثبات لزوم تعيين مدّة لشرط الخيار: «هذا الوجه مبنيّ على رواية العلامة من أنّ‌ النبي(ص) نهى عن الغرر[1] [2] ؛ وأمّا بناءً‌ على ما هو المشهور في رواية الحديث من أنّه(ص) «نهى عن بيع الغرر»[3] فلا يصحّ الاستدلال على بطلان الشرط بحديث الغرر، إذ المفروض أنّ‌ المنهيّ عنه هو البيع الغرري لا مطلق الغرر حتّى يشمل الشرط فيما إذا كان غرريّاً.»[4]

وعليه فإنّه قال بجواز جعل الخيار إلى آخر العمر وقال: «لا فرق في صحّة اشتراط الخيار بين اشتراطه إلى زمان دون زمان واشتراطه إلى آخر العمر على نحو الإطلاق، ولم نر ولم نسمع من استشكل في صحّة اشتراط الخيار إلى الأبد ومادامت الحياة، بل هو واقع كما في بعض السجلات، حيث إنّه مثلاً يبيع ملكه ويشترط لنفسه الخيار مادامت الحياة، إلا أنّ‌ شيخنا الاُستاذ منع عن مثل هذا الاشتراط وذهب إلى بطلان جعل الخيار لنفسه إلى آخر الحياة من جهتين:

إحداهما: من ناحية الجهل بمدّة الخيار، لبداهة عدم العلم بزمان حياته ومقداره وأنّه إلى ثلاثة أشهر أو سنة أو سنوات، والجهل بالمدّة مستلزم للغرر وهو يوجب البطلان.

وثانيهما: أنّ‌ هذا الاشتراط مخالف لمقتضى العقد، حيث إنّ‌ لكل عقد دلالتان:

إحداهما: دلالته المطابقيّة على بيع كذا بكذا. وثانيهما: دلالته الالتزامية على أنّ‌ البائع والمشتري كلاهما ملتزمان بما عقداه.

فإذا جعل لنفسه أو لكليهما الخيار إلى مدة معيّنة كشهر أو شهرين ونحوهما، فمعناه أنّا غير ملتزمين بهذا العقد إلى ذلك الزمان، وهذا تقييد للمدلول الالتزامي، فلا بأس به وهو ظاهر. وأمّا إذا اشترط الخيار إلى آخر الحياة فمعناه إسقاط المدلول الالتزامي على نحو الإطلاق ومرجعه إلى أنّ‌ هذا العقد لا التزام فيه بمدلوله إلى آخر الأمد، وهو منافٍ‌ للمدلول الالتزامي، والشرط المخالف لما يقتضيه العقد باطل.[5]

أقول: أمّا ما أفاده في الجهة الاُولى فيدفعه: أنّ جعل الخيار إلى آخر الحياة الذي مرجعه إلى جعل العقد جائزاً إلى الأبد ممّا لا يستلزم الغرر الذي هو بمعنى الخطر. نعم، الجهل بالمدّة موجود إلا أنّه لا يترتّب عليه خطر أبداً؛ أفيمكن أن يقال: إنّ‌ الهبة غرريّة لأنّها جائزة إلى آخر الحياة ومدّة الجواز مجهولة...

وأمّا ما أفاده في الجهة الثانية فقد ظهر وجه المناقشة فيه ممّا أسلفناه آنفاً وقلنا: إنّ‌ اشتراط عدم المخالفة لمقتضى العقد ممّا لا دليل عليه إلا استحالة اجتماع النقيضين، وعليه فلابدّ من ملاحظة أنّ‌ اشتراط الخيار مادامت الحياة هل يناقض البيع والمعاملة حتّى يستحيل اجتماعهما أو لا؟ ولا ينبغي الاشكال في أنّ‌ بيع شيء وجعل الخيار لأحد المتبايعين إلى آخر الحياة ليسا من المتناقضين والمتضادّين، إذ لا مانع من أن يكون المشتري مالكاً للمبيع ويكون البائع قادراً على إرجاعه إلى نفسه.

وعليه فاشتراط الخيار إلى آخر الحياة ممّا لا محذور فيه.»[6]

أقول: أمّا بالنسبة إلى دعوى الميرزا النائينيّ الأُولى فالأفضل أن يقال في جوابه أنّ الغرر في الشرط لا يسبّب غرراً في المشروط، ولا دليل ينهى عن الغرر مطلقاً بحيث يشمل الشرط الغرري أيضاً.

وأمّا إشكال دعواه الثانية فهي ـ كما قال السيّد الخوئي ـ أنّ اللزوم والجواز ليسا من مقتضيات ذات المعاملات، وإنّما هي أحكام تترتّب على موضوع المعاملات، ولذلك فإنّ الهبة إلى ذوي الرحم لا تختلف ماهيّةً عن الهبة إلى غيرهم، وإنّما الحكم المترتّب على الموضوع الأوّل هو اللزوم والحكم المترتّب على الثاني هو الجواز.

وأمّا بالنسبة إلى الإبهام في مدّة الخيار، فقد قال فيه: «يعتبر فيه أن لا يكون مجهولاً مطلقاً ومبهماً من جميع الوجوه بأن يجعل لنفسه الخيار في ساعة ما فقط من غير تعيين لتلك الساعة، فإنّه يبطل لعدم قابليّته للجعل باعتبار أنّه لا واقع له ولا تعيين حتّى في علم الله سبحانه. وأمّا لو كان معيّناً نوع تعيين ولو بجعله إلى الأبد وماداما حيّين، فلا مانع من الالتزام بصحّته من دون اعتبار لتحديده زماناً بحدّ معين ومضبوط.»[7]

والأفضل هنا أيضاً أن يقال: إنّه كما تقدّم فإنّ دليل الغرر غير جارٍ في الشروط، وكلّما كان الشرط عرفيّاً في مورد جرت فيه أدلّة لزوم الوفاء بالشرط، وإن كان الشرط غير عرفيّ فلا تجري الأدلّة.

ومن هنا فإنّ الوجه في عدم صحّة شرط الخيار الذي ذكر الزمان فيه مبهماً ـ كما لو قال: «أن يكون لي خيار الفسخ إلى وقت ما» ـ فهو أنّ هذه الشروط ليست عرفيّة.

فالنتيجة أنّه إذا تمّ بيان الزمان بنحو يتقبّله العرف ـ كما لو قال: إلى قدوم الحاجّ أو أوّل مطرة خريفيّة ـ فلا وجه لفساده على خلاف ما ذهب إليه الشيخ الأنصاريّ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo