< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور/أحکام المهر/نقد ادلة السيّد الخوئي في فساد شرط الخيار

تقدّم في الجلسة السابقة أنّ السيّد الخوئيّ ذكر دليلين على فساد شرط الخيار في النكاح ممّا يمكن الالتزام بالأوّل منهما؛ إذ كما تقدّم في كلمات سائر الأصحاب أيضاً فشرط الخيار إنّما يمكن فيما إذا كان العقد قابلاً للإقالة وأمكن فسخه بتوافق من الطرفين، وليس النكاح كذلك، حيث يتوقّف زوال الزوجيّة بعد إيجادها بالعقد إمّا على أمر تكوينيّ كالموت ممّا يسبّب زوال موضوع الزوجية، وإمّا على سبب شرعيّ كالطلاق أو الفسخ بواسطة بعض العيوب أو التدليس.

وأمّا تنظيره المسألة في خاتمة كلامه بما شرط فيه الطرفان اللزومَ في عقد جائز، فليس تنظيراً تامّاً، إلا إذا وجد دليل شرعيّ في مورد ما بحيث يدلّ على جواز العقد مطلقاً لا في صورة إطلاقه.

وأمّا الدليل الثاني الذي أقامه فهو مشكل إذ ـ كما تقدم سابقاً ـ الفرق بين النكاح الدائم والمؤقّت يکون من ناحية المقتضي لا المانع، بمعنى أنّ النكاح الدائم هو النكاح الذي لا يقصر مقتضيه عن استمرار الزوجيّة وإن لم تستمرّ الزوجية الحاصلة عنه بواسطة مانع تكوينيّ كالموت أو مانع اعتباريّ كالطلاق. بينما النكاح المؤقّت هو الذي جُعل المقتضي لاستمرار الزوجية فيه مضيّقاً منذ البداية، وتحيّن الأجل دليل على نهاية المقتضي للزوجية المتحقّقة بعقد النكاح المؤقّت لا أن يكون مانعاً من استمراره.

وبالنظر إلى ذلك، يقال في الإشكال على استدلاله الثاني: إنّ جعل حقّ الفسخ في الخيار لأحد طرفي العقد، لا يؤدّي إلى خروج النكاح من أقسام النكاح الدائم ودخوله في أقسام النكاح المؤقّت، لأنّ جعل الخيار لأحد طرفي العقد لا يعني حصول التصرّف والتدخّل في مقتضي العقد لاستمرار الزوجيّة وحصول القصور في المقتضي من هذه الجهة، وإنّما معناه أخذ المانع من تأثير المقتضي لاستمرار الزوجية بعين الاعتبار، وهذا لا يسبّب تغيير ماهيّة النكاح الدائم.

ويؤيّده أنّه إذا شرط الزوج أو الزوجة ضمن عقد النكاح الدائم أن يطلّقها بعد مدّة معيّنة، فهذا لا يؤدّي إلى تبدّل النكاح الدائم إلى نكاح مؤقّت، لأنّ هذا الشرط لا ينافي اقتضاء العقد لاستمرار الزوجيّة من دون قصوره، وإنّما هو شرط لإيجاد المانع من استمرار الزوجيّة.

فإذا كان المراد من تحديد المُنشأ بواسطة جعل خيار الشرط إلى حين الفسخ هو التحديد من حيث المقتضي، فيقال: إنّ الشرط لا يسبّب مثل هذا التحديد. وإذا كان المراد منه تحديد استمرار المُنشأ إلى حين إيجاد المانع منه مع وجود المقتضي، فهذا صحيح ولكنّه لا يوجب عدم اتّصاف النكاح بالدوام وتبدّله إلى نكاح مؤقّت.

والنتيجة أنّ وجه فساد الشرط هو ما تقدّم من أنّ الموانع الاعتباريّة من استمرار الزوجيّة في النكاح الدائم ينبغي أن تكون ممضاةً من الشارع، وإلا فهي لا تؤثّر، وبما أنّه لا دليل على إمضاء الشارع لاعتبار شرط الخيار في النكاح، فيتحتّم فساد مثل هذا الشرط.

ولكن المشهور ذهب في خصوص فساد العقد بواسطة فساد شرط الخيار فيه إلى أنّ النكاح يفسد بشرط الخيار في ضمنه[1] .

قال الشيخ في المبسوط: «إذا شرطا في النكاح خيار الثلاث، نظرت، فإن كان في أصل العقد، فالنكاح باطل، لأنّه عقد يلزم بنفسه، فلا يصحّ خيار الشرط فيه.»[2]

كما قال المحقّق الكركيّ: «لا يصحّ اشتراط الخيار في نفس النكاح قطعاً، لأنّ في النكاح شائبة التعبّد وليس هو من عقود المعاوضات، فلو شرط فيه بطل الشرط والعقد عند عامّة الفقهاء، لأنّه يخرجه عن وضعه.»[3]

وقال صاحب الجواهر في الإشكال على كلام المحقّق في خصوص منشأ التردّد في صحّة النكاح أو فساده: «كان الأولى جعل منشئه التردّد في أنّ بطلان هذا الشرط لمخالفته مقتضى العقد أو لكونه غير مشروع، فيكون مخالفاً للكتاب والسنّة، فعلى الأوّل يتّجه بطلان العقد دون الثاني.»[4]

أمّا السيد الخوئيّ فإنّه يرى وجه فساد العقد ما تقدّم في تعليله الثاني في فساد شرط الخيار في النكاح، من أنّ شرط الخيار في النكاح يؤدّي إلى خروج النكاح من أقسام النكاح الدائم وتبدّله إلى نكاح مؤقّت، بينما الأجل مجهول وهذا يسبّب الفساد بسبب ركنيّة الأجل في المتعة.[5]

وفي المقابل، فإنّ ابن إدريس ذهب إلى صحّة العقد وقال: «لا دليل على بطلان العقد من كتاب ولا سنّة ولا إجماع، لأنّ العقود الشرعيّة إذا ضامّتها شروط غير شرعيّة بطلت الشروط وصحّت العقود، وهذا شرط غير شرعيّ.

والذي يدلّ على صحّة العقد قوله تعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾[6] ، وهذا عقد يجب الوفاء به.

والذي اختاره شيخنا تخريجات المخالفين وفروعهم، وهو مذهب الشافعي، وأحد من أصحابنا لم يذهب إلى ذلك، ولا ذكر المسألة في مسطور له، ولا وردت بها رواية من جهة أصحابنا، لا آحاداً ولا تواتراً، وشيخنا لمّا استدلّ على ما اختاره لم يتعرّض للإجماع، ولا للأخبار، بل لشيء أوهن من بيت العنكبوت، ولم يتعرّض لها في سائر تصنيفه إلا في هذين الكتابين، لأنّهما فروع المخالفين وتخريجاتهم[7]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo