< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / إشتراط عدم خروج الزوجة من بلدها

 

تردّد جماعة في صحّة الفرض الثاني الذي ورد في كلمات المحقّق ممّا أشرنا إليه في المسألة السابقة ـ على الرغم من وجود رواية معتبرة فيه ـ أو اعتبروه فاسداً.

قال الفاضل الاصفهانيّ في بيان الإشكال في مثل هذا الشرط ودفع الإشكالات: «فيه نظر؛ من عموم الوفاء بالشرط، واعتبار سند الخبر من غير معارض، وفتوى جمع من الأصحاب به.

ومن مخالفته للأُصول لجهل المهر، وللحكم بأنّ‌ لها الزائد إن أراد إخراجها إلى بلاد الشرك من غير خروج إليها، مع أنّه خلاف الشرط، وللحكم بأنّه لا يخرجها إلى بلاد الإسلام إلا بعد أن يوفّي لها مهرها الأزيد، مع عدم وجوب الوفاء بالمهر إلا بعد الدخول أو المطالبة مع التهيّؤ للتمكين، ولما في السرائر من لزوم إطاعة الزوج والخروج معه إلى حيث شاء.

ويندفع الكلّ‌ بأنّ‌ المهر هو المائة، وإنّما شرط عليها الإبراء إن لم يخرجها، فيجب عليه المائة إن أراد إخراجها إلى بلاد الشرك وإن عصته، لما عرفت من وجوب الهجرة، فالإخراج المشروط ينصرف إلى الجائز منه لئلاّ يخالف المشرو

والإطاعة إنّما تجب فيما ليس معصية لله.

وليس نصّا في وجوب إعطائها المهر قبل الإخراج مطلقاً، لاحتمال أنّه ليس له الإخراج حتّى يلزمه الأداء ولو بعده، أو حتّى يوطّن نفسه على الأداء، أو إذا طالبته وترضى من ذلك بما رضيت يشمل الرضا بالتأخير.»[1]

غير أنّ بعض الأجوبة التي طرحها في الردّ على الإشكالات غير تامّة ومن الأفضل أن يقال في جوابها: إنّ الذي قيل في مجهوليّة المهر بواسطة التعليق فيه، غير وارد لوجهين:

أوّلاً: لأنّ التعليق في المُنشأ كما لا إشكال فيه عقلاً في حدّ نفسه ـ غير الإجماع على عدمه الذي يشكل أصل وجوده وکذا حجّيّته مع التسليم إليه ـ فهو لا يؤدّي إلى عدم تعيّنه أيضاً، إذ ـ كما تقدم سابقاً ـ فشرط المهر أن يكون معيّناً ولا يجب معلوميّته للطرفين حين العقد، وبما أنّ مقدار المهر معيّن على كلا التقديرين، فلا إشكال فيه ولا يؤدّي الجهل بالواقع من بينهما في الخارج إلى عدم تعيّن المهر.

وبعبارة أُخرى: فإنّ تحديد آليّة تعيين المهر حين العقد تكفي في تعيّنه، ويؤيّده قبول الأصحاب بتعيين المهر على نحو «مفوّضة المهر»، بينما لا يُعلم حين العقد أنّه ما المقدار الذي سيعيّنه الذي أُوكل إليه تعيين المهر، ومع ذلك فإنّه لا يؤدي إلى عدم تعيّن المهر.

وثانياً: إنّ الذي ورد في الرواية لم يكن من أقسام التعليق، لأنّه لا يدّعی أنّ الزوج قال لزوجته: إنّ صداقك كذا في هذا التقدير وكذا على ذلك التقدير، وإنّما تمّ تعيين المهر منجّزاً غيرَ معلّق، غير أنّه اشترط ضمن العقد أنّ مقدار كذا من المهر مشروط بمرافقة الزوجة لزوجها وإلا ففضلاً عن معصيتها لمخالفة حكم الشرع بلزوم التمكين للزوج وكذا مخالفتها للشرط، فهي لا تستحقّ ذلك المقدار من المهر أيضاً، فيُجعل لها مهر غيره.

فمقدار المهر ليس معلّقاً وإنّما هو مشروط بعدم تخلّف الزوجة عن الشرط، ويؤيّده قول الإمام(ع) في ذيل الرواية من أنّه إذا أراد أن يخرج الزوجة من محلّها، فعليه أوّلاً أن يدفع إليه مهرها تماماً ثمّ يحقّ له إخراجها، بينما لو كان ذلك المقدار من المهر معلّقاً على خروجها مع الزوج، فما لم ترافقه في الخروج لم يجب عليه دفع المهر.

وأمّا ما ذكره كاشف اللثام في توجيه الرواية من أنّ الزوج اشترط على زوجته أنّها إذا لم ترافقه فقد أبرأته مقداراً من المهر، فهو لا يناسب ظاهر الرواية ولا قرينة على هذا الحمل.

وأمّا عدم حقّ الزوج لکي يخرج بزوجته إلى بلاد الشرك ووجوب دفع المهر الزائد عليه في هذه الصورة، فالوجه فيه أنّ حدود الشرط من حيث الصحّة واللزوم هي عدم مخالفة حكم الشرع، فبما أنّ ترك بلاد الإسلام والذهاب إلى بلاد الكفر من دون مبرّر شرعيّ غير جائز، فشرط مرافقة الزوجة للزوج لا يشمل الخروج إلى بلاد الكفر، إذ كما تقدّم فإنّ مقدار المهر مشروط لا معلّق، فعدم مرافقتها له لا يعدّ تخلّفاً عن الشرط وعلى الزوج أن يدفع إليها ذلك المقدار الزائد مهراً.

ويعلم ممّا تقدّم جواب إشكال ابن إدريس في خصوص مخالفة الشرط للكتاب والسنّة بسبب وجوب طاعة الزوجة للزوج[2] ، إذ كما تقدّم كراراً فإنّ الشرط الجاعل للمانع من تأثير المقتضي لحقّ الزوج ليس شرطاً مخالفاً للكتاب والسنّة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo