< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / شرط العقد و شرط المهر

 

تقدّم في الجلسة السابقة اختلاف شرط أصل عقد النكاح عن شرط المهر المسمّى.

لكن ينبغي الالتفات إلى أنّه لا يراد بذلك أنّ الشرط المتعلّق بالمهر ليس شرطاً ضمن عقد النكاح، لأنّه يكون في هذه الحالة شرطاً ابتدائيّاً لا يجب الوفاء به بناءً على رأي أكثر الأصحاب، بل المراد منه أنّ المشروط في الشرط الواقع ضمن النكاح، هو مقدار المهر لا أصل الزوجيّة.

والفرق بين شرط أصل عقد النكاح وشرط المهر أنّه إذا تعلّق الشرط بأصل النكاح، فإن حصل تخلّف عنه فقد أجمعوا على عدم استحقاق المشروط له أن يأخذ بالخيار ويفسخ العقد، وليس للمشروط له أن يراجع الحاكم إلا لمطالبة إلزام المشروط عليه بمراعاة الشرط، فإذا لم يمتثل المشروط عليه أو لم يمكن إلزامه بذلك، فلا يترتّب عليه إلا حكم الحرمة التكليفيّ على فعله دون حكم وضعيّ.

وبسبب أنّ المشروط له لا يمكنه الأخذ بالخيار في عقد النكاح في صورة تخلّف المشروط عليه عن الشرط، ذهب جماعة إلى فساد أصل الشرط في النكاح وعدم إمكانيّته، لأنّ مقتضى الشرط في العقد هو أن يتمكّن المشروط له من عدم الالتزام بالعقد في صورة تخلّف المشروط عليه عن الشرط، بينما دعوى الضرورة الشرعيّة لالتزام المشروط له بالعقد على الرغم من تخلّف المشروط عليه عن الشرط، تقتضي أن يكون الشارع قد ألزم المشروط عليه بشيء لم يلتزم به هو حين العقد، وهذه الدعوى تفتقر إلى الدليل.

ولكن يجاب على هذه الدعوى بأنّه ـ وكما تقدّم سابقاً في كلمات الشيخ الأعظم والمحقّق الاصفهانيّ ـ إذا اعتبرنا الشرط ضمن العقد التزاماً في التزام، فمعناه أنّ الالتزام العقديّ تحقّق في رتبة سابقة على الالتزام بالشرط، وما يلزم المشروط له في النكاح مع عدم التزام المشروط عليه بالشرط أن يبقى على الالتزام العقدي السابق على النكاح، ولا تصحّ دعوى منافاة الإلزام الشرعيّ للمشروط له بالعقد مع التزامه، إلا إذا كان الشرط مأخوذاً في العقد بنحو القيد.

وبعبارة أُخرى: فجواز عدم التزام المشروط له بالعقد في صورة تخلّف المشروط عليه عن الشرط، هو من الآثار المترتّبة على الشرط وليس مقتضى ذات الشرط، فليس مقتضى ذات الشرط إلا التزام المشروط عليه بالشرط في قبال المشروط له.

وأمّا إذا لم يكن الشرط متعلّقاً بالعقد بل كان متعلّقاً بالمهر، ففي هذه الصورة يمكن الأخذ بالخيار وفسخ المهر في العقد، لأنّه لا دليل على عدم إمكان فسخ المهر المسمّى في العقد.

وأمّا إذا فسخ المهر المسمّى بالأخذ بخيار تخلّف الشرط، فما حكم المهر؟

للمسألة حالتان:

1 ـ أن يذكر ضمن الشرط أنّه لو تخلّف عن الشرط، يكون المهر المسمّى قدر كذا، فمع تخلّف المشروط عليه عن الشرط، كان للمشروط له أن يفسخ المهر المسمّى ويختار المهر المسمّى الآخر، أو أن يقبل بالمهر نفسه كمهر مسمّىً.

وقد وردت فيها رواية وهي حسنة عليّ بن رئاب عن أبي الحسن موسى(ع)، قال: «سئل ـ وأنا حاضر ـ عن رجل تزوّج امرأة على مائة دينار على أن تخرج معه إلى بلاده، فإن لم تخرج معه فإنّ مهرها خمسون ديناراً إن‌ أبت أن تخرج معه إلى بلاده؟ قال: فقال: إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد الشرك، فلا شرط له عليها في ذلك ولها مائة دينار التي أصدقها إيّاها، وإن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين ودار الإسلام، فله ما اشترط عليها، والمسلمون عند شروطهم، وليس له أن يخرج بها إلى بلاده حتّى يؤدّي إليها صداقها أو ترضى منه‌ من ذلك‌ بما رضيت، وهو جائز له.»[1] [2]

علماً بأنّ هناك بحث في دلالة هذه الرواية بين الأعلام ممّا سنتعرّض إليه في المسألة اللاحقة إن شاء الله.

2 ـ لم يعيّن ضمن الشرط المذكور للمهر، المقدار المطلوب كمهر مسمّى في صورة التخلّف عن الشرط، كما لو شرطت الزوجة على الزوج أن يكون مهرها المسمّى 100 دينار مشروطاً بأن يرسلها إلى الحجّ.

ففي هذه الصورة، إذا أخذ العرف مبلغاً من المال مهراً مسمّى في صورت التخلّف عن الشرط ـ كما لو طالبت الزوجة مقداراً أقلّ من مهر مثلها لوجود الشرط والعرف يعتبر مهرها في صورة التخلّف عن الشرط بمقدار مهر المثل ـ فإذا تخلّف المشروط عليه عن الشرط، كان للمشروط له أن يطالب بذلك المقدار تحت عنوان المهر المسمّى، لأنّ ذلك يؤدّي إلى ادّعاء أنّ العقد قد بني ارتكازاً على أن يكون ذلك المقدار مهراً مسمّى في صورة التخلّف عن الشرط.

وأمّا إذا لم يكن مثل هذا الارتكاز ـ مثل أن تجعل الزوجة أكثر من مهر مثلها مهراً مسمّى على الرغم من الشرط ـ فإذا أخذ المشروط له بالخيار وفسخ المهر المسمّى، فستكون بحكم مفوّضة البضع، إذ لن يوجد هذه الصورة ثبوتاً أيّ مبلغ من المال تحت عنوان المهر المسمّى حتّى يبحث إثباتاً عن طريقة إثبات المدّعي لدعواه، بداهة أنّ مجرّد أخذ المشروط له مبلغاً من المال بعين الاعتبار ولو حين العقد، لا يجعله مهراً مسمّى للعقد ما لم يتّفق عليه الطرفان ولو بالارتكاز العرفيّ.

ويجري الحكم نفسه فيما إذا شرط أصل وجود المهر المسمّى في العقد بشرط وذلك في صورة أخذ المشروط له بالخيار عند تخلّف المشروط عليه عن الشرط.

ولكن بالنسبة إلى النكاح المؤقّت، فبما أنّ افتقاده للمهر يؤدّي إلى فساد العقد، فإذا أدّى أخذ المشروط له بالخيار إلى افتقاد المهر المسمّى، لكانت النتيجة عدم إمكان الأخذ بالخيار وفسخ المهر المسمّى، إذ يلزم منه فسخ العقد ممّا لا دليل على جوازه في النكاح، بل الدليل على خلافه.

وما يمكن ذكره مؤيّداً لإمكان الأخذ بالخيار في الشرط بخصوص مقدار المهر المسمّى هو ما سيأتي في المسألة الثانية عشرة من جواز شرط الخيار في المهر بلا خلاف.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo