< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / شرط عدم الاستمتاع الاّ الوطي

 

إذا تنازل المشروط له بعد العقد عن شرطه، فلن يلزم بعدئذٍ امتثال الفعل أو الترك الذي لزم المشروط عليه بواسطة الشرط، والدليل عليه أنّ الشرط لا يسبّب ارتفاع المقتضي للفعل أو الترك وإنّما يوجب المانع له على الرغم من وجود المقتضي، فإذا تنازل المشروط له عن الشرط، ارتفع المانع وبقي المقتضي للتأثير من دون إشكال.

فإذا شرط ضمن العقد مثلاً أن لا يدخل الرجل بزوجته ثمّ أعرضت الزوجة عن شرطها بعد العقد وأذنت له بالوطء، فلا إشكال فيه، ودلّ عليه خبر إسحاق بن عمّار المتقدّم أيضاً.

علماً بأنّ الإشكال في سند رواية إسحاق بن عمّار إنّما هو على نقل الشيخ عنه لمكان «محمّد بن أسلم الطبريّ» الضعيف، ولكنّ الصدوق روى الرواية بعينها بإسناده الصحيح عن إسحاق بن عمّار، وبما أنّه فطحيّ ثقة فالرواية موثّقة.

ولكن قال العلامة في المختلف في الإشكال على دعوى الشيخ بالنسبة إلى جواز وطء الزوجة في صورة تنازله عن شرطها: «الشيخ عوّل على رواية عمّار بن مروان عن الصادق(ع)... والجواب: نحن نقول بموجب الرواية وأنّها لو شرطت عليه عدم الإتيان في الفرج لزم، ونمنع تسويغه بعد ذلك بالإذن.»[1]

وقال الشهيد الثاني: «في جواز الوطء بإذنها وجه، لأنّ ذلك حقّها، فإذا أذنت جاز مع كونها زوجته. ويحتمل المنع، لأنّ العقد لم يتضمّن سوى ذلك العدد ولم يتشخّص إلا بما ذكر.»[2]

والواقع أنّ هذا إشكال على دعوى انعقاد العقد المقرون بمثل هذا الشرط بنحو مضيّق منذ البدء، ولذلك فهو يفتقد المقتضي لجواز الوطء، فلا يمكن لإذن الزوجة اللاحق أن يسبّب إيجاد المقتضي لجواز الوطء في العقد.

ويجاب عليه ـ كما تقدّم منّا ـ أنّ الذي تشترطه الزوجة على الزوج لا يسبّب تضييق المقتضي للعقد، وإنّما يقتضي عقد النكاح جواز جميع الاستمتاعات، وما يؤدّيه الشرط هو تضييقه بجعل مانع من تأثير المقتضي، فإنّ الشرط ضمن النكاح لا يختلف عن الشرط في سائر العقود من هذه الجهة، فكما أنّه في سائر العقود يسبّب الشرط تضييق إطلاق العقد من حيث عدم المانع من تأثير المقتضي ويمکن رفع التضييق بتنازل المشروط له عن شرطه فيما بعد، فكذلك في النكاح أيضاً. فمثلاً إذا شرط البائع على المشتري أن لا يبيع المبيع لمدّة محدّدة، فلا يعني شرطه تضييق اقتضاء البيع لملكيّة المشتري على المبيع، وإنّما يسبّب تقييد إطلاق جواز التصرّفات المالكيّة بإيجاد مانع من تأثير المقتضي فيها. ومن هنا قيل بأنّ المشتري إذا تخلّف عن الشرط فباع المبيع، فمعاملته غير فاسدة، ولكن يثبت للبائع خيار في فسخ المعاملة الأُولى، بينما لو كان الشرط سبباً لتضييق مقتضي الملكيّة، لبطلت المعاملة الثانية أيضاً.

وكذا فيما نحن فيه حيث يقال: حتّى لو لم تتنازل الزوجة عن شرطها وجامعها الزوج قهراً، فهذا الوطء ليس بزناً والولد ـ إن وجد ـ فهو يلحق الزوج وإن كان الزوج مذنباً في فعله بواسطة التخلّف عن الشرط، كما في الوطء حال الحيض حيث يذنب الزوج من غير أن يكون زانياً.

نعم، لو كان عدم الوطء مأخوذاً في العقد بنحو القيد لا الشرط، صحّ حينئذٍ دعوى تضييق العقد من حيث المقتضي، لأنّ أخذ القيد يعني وجود التزام تعلّق بالمقيّد، وبما أنّ المقيّد يرتفع برفع القيد، فلا يبقى التزام، على خلاف الشرط، حيث يكون الالتزام به غير الالتزام بالعقد، وبانتفائه أيضاً يمكن بقاء الالتزام بالعقد، وتكون وظيفته حينئذٍ تقيد إطلاق العقد من حيث آثاره بإيجاد مانع من تأثيره.

وبناءً على ما تقدّم من أنّ صحّة شرط عدم الوطء ولزومه مبنيّ على القاعدة وأنّ الروايات تؤيّد هذه القاعدة، فيمكن ادّعاء أنّ جواز مثل هذا الشرط لا ينحصر في شرط عدم الوطء، بل يشمل شرط عدم كلّ استمتاع.

وقد يظنّ أنّه لو شرط عدم الاستمتاع مطلقاً فهذا الشرط يخالف مقتضى ذات العقد ممّا سوف نتطرّق إليه في الجلسة التالية إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo