< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / عدم وجوب المتعة في الفسخ أو الخلع

 

الفرع السادس: عدم وجوب المتعة في الفسخ أو الخلع

إذا اختلعت مفوّضة البضع، أو فسخ الزوج النكاح أو فسخته، فهل يجب دفع متعة إليها أم لا؟

قال الشيخ في المبسوط: «الفراق على أربعة أضرب: إمّا أن يكون من جهته أو من جهتها أو جهتهما معاً أو جهة أجنبي.

فما يكون من جهته بطلاق ولعان وردّة وإسلام، فإن كانت بالطلاق، فلها المتعة لعموم الآية، وإن كان باللعان أو الارتداد أو الإسلام، قال قوم: يجب المتعة، لأنّ الفراق من قبله، وهو الذي يقوى في نفسي، ولو قلنا: لا يلزمه متعة، لأنّه لا دليل عليه، لكان قويّاً.

وأمّا من جهتها ـ مثل: ارتداد، أو تسلم، أو تعتق تحت عبد فتختار نفسها، أو تجد به عيباً فتفسخ، أو يجد هو بها عيباً، فإنّه وإن كان الفاسخ هو فهي المدلّسة ـ فالكلّ من جهتها ولا متعة لها في كلّ ذلك.

فأمّا امرأة العنّين فلو شاءت أقامت معه، وقال قوم لها متعة، وقال آخرون: لا متعة لها، وهو الصحيح.

فأمّا إن جاءت الفرقة من جهتهما معاً وهو الخلع، فالخلع كالطلاق والمتعة تجب لها.

فأمّا إن جاءت الفرقة من جهة أجنبيّ مثل أن كانت زوجته صغيرة فأرضعتها أُمّه أو قرابة له رضاعاً يحرّم مثله فصارت له محرماً وقعت الفرقة، وكانت كالخلع المغلب فيها حكم الزوج، لأنّه يعود إليه بها قبل الدخول نصف المهر، فكأنّه طلّقها هو، فعليه المتعة.»[1]

وقال العلامة بعد نقل کلام الشيخ في المبسوط: «هذا الكلام يدلّ‌ على تردد الشيخ في إيجاب المتعة باللعان وشبهه.

والوجه عندي الوجوب، وكذا في زوجة العنّين، لما تقدّم في الأوّل، ولوجوب نصف المهر في الثاني، فكذا تجب المتعة.»[2]

ولکن قال الشيخ في الخلاف: «كلّ فرقة تحصل بين الزوجين ـ سواء كانت من قبله، أو من قبلها، أو من قبل أجنبي، أو من قبلهما ـ فلا يجب بها المتعة إلا الطلاق فحسب...

دليلنا: أنّ المتعة أوجبها الله تعالى في المطلّقات، فمن أوجبها في غيرهنّ فعليه الدلالة، وإلحاق غير الطلاق بالطلاق قياس ونحن لا نقول به.»[3]

والحقّ أنّه لا دليل على وجوب المتعة في غير الطلاق. اللهمّ إلا أن يقال: يستفاد من بعض الأخبار السابقة عدم انعقاد النكاح من دون مهر إلا أن يدفع الزوج مالاً للزوجة، ولكن حتّى لو سلّمنا بدلالة تلك الأخبار على ذلك، فغاية ما يجب بها على الزوج هو بذل أقلّ ما يتموّل به للزوجة، لأنّ تلك الأخبار لا تدلّ على وجوب المتعة.

على أنّه في بعض الموارد مثل طلاق الخلع وردت نصوص على عدم وجوب المتعة.

منها: موثّقة عبدالله‌ بن سنان عن أبي عبدالله(ع)، قال: «عدّة المختلعة عدّة المطلّقة وخلعها طلاقها. قال: وسألته: هل تمتّع بشيء؟ قال: لا.»[4] [5]

منها: معتبرة الحلبيّ عن أبي عبدالله(ع)، قال: «لا تمتّع المختلعة.»[6] [7]

ومنها: معتبرة الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه(ع)، قال: «قال عليّ(ع): لکلّ مطلّقة متعة إلا المختلعة.»[8] [9]

ومنها: خبر أبي البختريّ‌ عن‌ أبي عبدالله‌(ع)،‌ قال:‌ «قال‌ أمير المؤمنين(ع): لكلّ‌ مطلّقة‌ متعة‌ إلا المختلعة‌، فإنّها اشترت‌ نفسها.»[10] [11]

ومنها: مرسلة الصدوق، قال: «سئل (أبو عبدالله(ع)) عن المختلعة، ألها متعة؟ فقال: لا.»[12] [13]

فالحقّ أنّه لا وجه لوجوب المتعة في غير المورد الذي ورد في الآية الشريفة.

نعم ذهب جماعة إلى استحباب دفع المتعة في الصور المذكورة.

قال الشهيد الثاني في الروضة: «لا متعة لغير هذه الزوجة ـ وهي المفوّضة لبضعها المطلّقة قبل الدخول والفرض ـ لكن يستحبّ لو فارقها بغير الطلاق من لعان وفسخ، بل قيل بوجوبه حينئذٍ، لأنّه في معنى الطلاق. والأوّل أقوى، لأنّه مدلول الآية، وأصالة البراءة في غيره تقتضي العدم.»[14]

ولكن لا دليل على استحبابه بعنوان المتعة، وإن شملته عمومات أدلّة استحباب الإنفاق.

 

الفرع السابع: جريان حكم مفوّضة البضع في المهر الفاسد والمهر المفسوخ بالخيار

تقدّم سابقاً جريان حكم مفوّضة البضع في بعض موارد فساد المهر حيث قال جماعة: إنّه لو شرط مقدار المهر بشرط ثمّ فسخ المهر بخيار تخلّف شرط قبل الدخول، فيجري فيه حكم مفوّضة المهر.

قال الشهيد الثاني في الروضة: «أُلحق بهذه من فرض لها مهر فاسد، فإنّه في قوّة التفويض، ومن فسخت في المهر قبل الدخول بوجه مجوّز.»[15]

ولکن قال صاحب الجواهر بعد نقل کلام الشهيد الثاني: «قيل: وفيه منع، لـ ]عدم[ دخولها فيها موضوعاً بعدما عرفته، فلا دليل على ثبوت حكمها لها، واحتمال كونها التي لم يذكر لها مهر صحيح لا دليل عليه؛ فتأمل.»[16]

لكنّ الحقّ أنّه فيما بطل المهر ولم يكن بنحو يرجع إلى المثل أو القيمة، فذكر المهر في العقد بمثابة عدم ذكره، فلا إشكال في جريان حكم مفوّضة البضع فيه. ولكن إذا فسخ المهر بالخيار، فبما أنّ الفسخ يؤثّر من حين الفسخ ولا يجب منه خلوّ العقد من مهر صحيح، فلا وجه لجريان حكم مفوّضة البضع، وتفصيل الكلام فيه سيأتي في بحث الاشتراط ضمن المهر إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo